المنظمة المغربية لحقوق الإنسان تثير الوضعية الحقوقية المقلقة التي تعيشها ساكنة تندوف

أثارت المنظمة المغربية لحقوق الإنسان، في تقريرها السنوي حول وضعية حقوق الإنسان بالمغرب، الوضعية الحقوقية المقلقة التي تعيشها ساكنة تندوف، محملة السلطات الجزائرية مسؤولية الانتهاكات الجسيمة التي ترتكبها مليشيات البوليساريو داخل الأراضي الجزائرية، ومطالبة من المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بإحصاء ساكنة هذه المخيمات لإعطائها الحق في اختيار مصيرها.
وطالبت المنظمة المغربية لحقوق الإنسان، من السلطات الجزائرية، الكشف عن مصير الخليل أحمد أبريه المختفي في ظروف غامضة بالجزائر منذ سنة 2009، وذلك استجابة لعائلة المختطف بالعيون ومطالبة الساكنة بتندوف، وأيضا استجابة لمناشدات الهيئات الحقوقية الدولية والمدنية.
وفي السياق ذاته، استعرض التقرير ما تم رصده من انتهاكات جسيمة، تقترفها مليشيات البوليساريو، والتي تشمل القتل، والاختطاف واعتقالات للمعارضين، علاوة على المس بحرية التنقل، وبحرية التعبير والصحافة، وكذا التجنيد القسري.
من جانب آخر، تناول التقرير السنوي للمنظمة الذي يرصد وضعية حقوق الإنسان بالمغرب، خلال سنة 2019، بعض الإشكالات التي وصفها ب”الخطيرة” والتي تابعتها المنظمة المغربية لحقوق الإنسان، وقالت “إنها عرفت تطورا واستفحالا مستمرا خلال السنة”، مشيرة في هذا السياق، إلى المواجهات بين مواطنات ومواطنين بجهتي سوس -ماسة،و مراكش -آسفي على مستوى إقليم آسفي، مع الرعاة الرحل الذين يأتون على المجال الغابوي والمزروعات التابعة لساكنة الجهتين المذكورتين من جهة، بالإضافة إلى الصراع حول الأراضي في جهة درعة تافلالت.
وأوصى التقرير بضرورة التدخل لإيجاد الحلول الواقعية والنهائية لهذه الإشكالية خاصة وأن أمن واستقرار الساكنة أصبح مهددا، مما أثر على عيشهم اليومي وعلى التعليم والصحة، يورد المصدر ذاته، بالإضافة إلى تهديد الحق في الحياة أمام المواجهات العنيفة بين الطرفين، مشيرا إلى أن تلك المواجهات بين الساكنة والرعاة الرحل أصبحت متواترة ولا تتوقف على فصل بعينه، متوقعا استفحالها أكثر مستقبلا نتيجة التغيرات المناخية.
إلى ذلك، تضمن التقرير السنوي للمنظمة المغربية، والذي وقف على حالة حقوق الإنسان بالمغرب، خلال السنة الماضية، 127 توصية وأزيد من 114 جدولا إحصائيا، محاولا ملامسة الحقوق الأكثر تداولا خلال تلك السنة، والتي طالتها اختلالات او انتهاكات، سواء من طرف السلطات العمومية، أو من الأفراد، ، مستبعدا القضايا التي كانت معروضة على القضاء، أو التي صدرت فيها أحكام، وكانت المنظمة حينذاك، قد عبرت عن موقفها منها.
وسجل التقرير، بروز أنماط جديدة من النضال المطلبي لم يعرفه المغرب من قبل، بالإضافة إلى رسائل للسلطات بخصوص الفقر والتهميش والخصاص في الماء في أكثر من منطقة، وانتشار الفساد ومكافحته.
ومن أبرز التوصيات التي أوردها التقرير، في المحور المتعلق بالحقوق المدنية والسياسة، دعوة المملكة المغربية للتصويت الإيجابي على قرار الجمعية العامة المتحدة بوقف تنفيذ عقوبة الإعدام، وبالإلغاء التام للعقوبة بالمصادقة على البروتوكول الاختياري الثاني الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. بالإضافة إلى تعزيز المستشفيات الخاصة بالأمراض النفسية والأطر المتخصصة، والقيام بعملية التوعية والتحسيس داخل المؤسسات التعليمية ودور الشباب والمساجد والمعامل بخصوص ظاهرة الانتحار، إلى جانب وضع إستراتيجية وطنية للوقاية من نتائج الكوارث الطبيعية أمام تزايد أخطار التغيرات المناخية، والمصادقة على اتفاقية إسطنبول للحماية والوقاية من العنف ضد النساء والعنف المنزلي.
وبخصوص التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية، أو اللا إنسانية، أوصى التقرير بضرورة التفعيل السريع للآلية الوطنية للوقاية من التعذيب، مع تبني إستراتيجية وطنية لعدم الإفلات من العقاب، وضرورة التزام رجال الأمن عند تحييدهم للمعتدين عليهم أو على ا لمواطنات والمواطنين بإطلاق الرصاص نحو الأطراف السفلى لهؤلاء تنفيذا للقوانين السارية، علاوة على تمكين قوات الأمن والدرك بالمعدات الكفيلة بتحييد المعتدين بالأسلحة البيضاء وغيرها لتفادي استخدام الرصاص الحي، والعناية الكاملة بالأمنيين ورجال السلطة الذين يتعرضون للاعتداءات وبذويهم في حالات العجز أو الوفاة، بالإضافة إلى المطالبة بالإسراع لاعتماد قانون جديد حول السجون.
وبخصوص المحور المتعلق بالحريات الفردية، طالبت المنظمة المغربية لحقوق الإنسان، في تقريرها السنوي، بتعديل المقتضيات القانونية الواردة في القانون الجنائي بخصوص الإيقاف الإرادي للحمل، وبإلغاء تجريم العلاقات الجنسية الرضائية بين الأشخاص الراشدين، وعدم الإفلات من العقاب في حالات التشهير، بالإضافة لإلغاء الفصل 222 من القانون الجنائي الذي يجرم الإفطار العلني، وحماية المواطنات والمواطنين المغاربة من أي مس بحرياتهم الشخصية ومراسلاتهم. وكذلك تيسير الزواج المختلط بتبني الزواج المدني، في ضوء تزايد المواطنات والمواطنين المغاربة المتزوجين بالأجانب.
كما أكد التقرير على ضرورة التعجيل بسن القانون المنظم للهجرة والقانون المتعلق باللجوء، وعدم الالتجاء لاحتجاز المهاجرين غير النظاميين في مراكز غير قانونية، وتمكين الذين سويت وضعيتهم القانونية من وثائق تمديد الإقامة، ومراجعة العقوبات السالبة للحرية في مثل التدوينات التي يقوم بها التلاميذ والطلبة، وذلك بالاقتصار على الغرامات، وعدم تجريم نشر معطيات وأخبار صحيحة تهم الشأن العام، وضرورة العناية بالتربية على التسامح ونبذ التطرف والكراهية.
وأوصى التقرير أيضا، بمراجعة القانون التنظيمي للتجمع والتظاهر السلميين، بما يضمن التمتع بهذا الحق، إعمالا للمقتضيات الدستورية والاتفاقية الدولية ذات الصلة، مع تعليل أي قرار بالمنع، والفصل فيه من لدن القضاء الاستعجالي، إضافة لفتح نقاش عمومي حول التظاهر السلمي مع إلغاء العقوبات السالبة للحرية بخصوص التجمع والتظاهر السلميين، كما دعا الأشخاص المشاركين في الاحتجاجات والإضرابات، إلى التحلي بروح المواطنة من خلال التخلي عن كل ما يمكن أن يضر بمصالح المواطنات والمواطنين.
يشار إلى أن التقرير السنوي تضمن توصيات أخرى، في مجال الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، وأولى عناية خاصة للحقوق الفئوية، كالأطفال والمسنين والأشخاص في وضعية إعاقة، بالإضافة إلى بلورته لمجموعة من التوصيات المرتبطة بالحقوق البيئة.

 محمد حجيوي

Related posts

Top