المهدي أخريف يتحدث لبيان اليوم عن موسم أصيلة الثقافي بعد أربعين سنة من انطلاقه

يعد الشاعر المهدي أخريف أحد الذين واكبوا موسم أصيلة الثقافي منذ انطلاقته قبل أربعين سنة، فهو بهذا المعنى يعد من بين المؤسسين والداعمين لهذه التجربة، وهذا ليس بغريب فهو ابن هذه المدينة الحاضنة للموسم، لا بل يعد أيقونة الشعر في أصيلة، إذ لا يمكن الحديث عن شعراء أصيلة دون أن يأتي في الصدارة وفي الريادة المهدي أخريف، وبمناسبة الدورة الأربعين لهذه التظاهرة الثقافية الدولية السنوية، كان لبيان اليوم لقاء مع صاحب “باب البحر”، للحديث بالخصوص حول موسم أصيلة الثقافي الدولي ومعنى الاحتفال بدورته الأربعين، وطبعا لم يكن مناص من التطرق إلى الحديث حول التجربة الشعرية المغربية الراهنة وعدة قضايا أخرى.
اعتبر المهدي أخريف استمرار موسم أصيلة الثقافي في الوجود حتى الآن تحديا، فقد “استطاع رغم العقبات وتوالي السنين وحدوث التحولات المغربية التي كان لها ما هو سلبي وما هو إيجابي، استطاع الصمود وتحقيق أهداف كبيرة حتى اليوم، فالاحتفال بمرور ذكرى أربعين سنة على التأسيس، هو بهذا المعنى حدث كبير بالنسبة للمغرب بصفة خاصة وللعالم العربي بصفة عامة، إنها تجربة الوصول إلى مدى زمني من الإنجاز وتتويج لعمل عظيم يقوم به الأمين العام لمنتدى أصيلة محمد بنعيسى، صانع هذه التجربة وراعيها وبجانبه مجموعة من المثقفين والجنود المجهولين، وطاقم كبير من العاملين في مجالات مختلفة، وقد كانت الإرادة القوية لنخبة من المثقفين خير داعم لهذه التجربة ونجاحها بعد أن كانت قوى اليسار من المشككين واللامبالين بقيمتها الثقافية، غير أنهم مع مرور السنوات اقتنعوا بجدوى موسم أصيلة الثقافي وإشعاعه العالمي بمعنى الكلمة، دون أن نغفل الإشارة إلى دعم المؤسسة الملكية منذ البداية، فلولا هذا الدعم ما كان لموسم أصيلة الثقافي الدولي أن يستمر ويصل إلى ما وصل إليه حتى الآن..”.
وفي تقييمه لهذه التظاهرة على امتداد وجودها، أقر المهدي أخريف بصعوبة ذلك، أخذا بعين الاعتبار أن “موسم أصيلة الثقافي له أوجه متعددة، ولنأخذ على سبيل المثال المجال المتعلق بالتشكيل، فهو يحمل في حد ذاته عبر إنجازاته الطويلة وتراكماته تاريخا خاصا به يتقاطع ويلتقي مع مجمل التجربة الفنية والتشكيلية بالمغرب، فتجربة التشكيل في موسم أصيلة بمفردها وانفتاحها منذ البداية على الفضاءات العمومية تعد ملائمة فعلا لإبراز دور الفن التشكيلي لأجل تربية الذوق الجمالي وبناء وعي فني وتربوي.. وأنا أذكر منذ 1978، كيف انطلق الموسم مع فنانين تشكيليين أساسيين من قبيل: فريد بلكاهية وميلود لبيض ومحمد القاسمي ومحمد المليحي ومحمد بناني وغيرهم، وظلت التجربة مستمرة وانفتحت على تجارب لاحقة من مختلف الأقطار والقارات، دون التخلف سنة واحدة، فهذه التجربة لوحدها في الرسم على الجدران تعد فريدة من نوعها، ساهمت في إعطاء المكان وظيفة بصرية جميلة ومتعددة على مر السنوات، وهذا الإنجاز لوحده يستحق القراءة والتأمل، وأعتقد أن صناع موسم أصيلة الثقافي، وعلى رأسهم محمد بنعيسى، لم ينسوا أن يخصوا هذا الجانب ما يراد له من توثيق عبر كتب رفيعة المستوى، يمكن العودة إليها، وهي تشكل جانبا من المكتبة الخاصة للموسم، دون نسيان المعارض التشكيلية بمساهمة فنانين من داخل المغرب وخارجه، والأوراش الكاليغرافية وأوراش النحت والحفر وغيرها.. وهي كلها يشرف عليها فنانون من نفس المستوى، وهذه التجربة فريدة في الثقافة المغربية الحديثة..”.
وطبعا لا يمكن الحديث مع محاورنا المهدي أخريف، دون التطرق إلى التجربة الشعرية المغربية على الخصوص، فكان سؤالنا إليه حول وضعها الراهن، فكان جوابه:
“التجربة الشعرية المغربية اليوم، بات من الصعب علي شخصيا، وعلي الاعتراف بذلك، تقديم انطباع منصف ومتكامل عنها، لست على معرفة كافية بالإصدارات الجديدة، قد يكون ذلك تقصيرا من جانبي أو من جانب الشباب، فما استطعت أن أطلع عليه محدود جدا، ربما لا توجد دور نشر في المستوى المطلوب على مستوى التوزيع، وقد يكون من أسباب ذلك، وضعية القراءة المزرية جدا، ووضعية الشعر الأكثر زراية، نحن بحاجة جميعا، وخصوصا نحن الشعراء إلى الكثير من المكابدة، ليس فقط في الكتابة، وإجادة كتابة القصيدة، بل كذلك في البحث عن أفضل السبل لإيصال هذا الشعر إلى القراء..”.
وعن مدى تأثير وسائل التواصل الاجتماعي الالكتروني على الإبداع الشعري، أقر بأنه لا علاقة له مطلقا بهذا العالم الافتراضي “أنا لا أستعمل الفايس بوك والأنترنت، أنا بعيد عن ذلك، أكتفي بالقراءة في الكتب الورقية، ربما فات الأوان، لقد كان ذلك نوعا من التهرب والتهيب أو التحصن، وأصبح في ما بعد نهائيا، لا أهدر وقتي في التواصل الافتراضي، وأكرسه للقراءة والكتابة..”.
وحول جديده الإبداعي، ذكر أن “أحدث إصدارته هو “عبارة عن دراسة بعنوان (المعمار والشعر) وهو يشكل الكتاب الخامس في إطار تجربة مشتركة مع المهندس المعماري عبد الواحد منتصر، دامت عشر سنوات، هذا الإصدار إذن هو احتفال بالذكرى العاشرة لهذه التجربة التي أسسنا لها معا، وهي تكريس للعلاقة القوية القائمة بين الشعر والمعمار، في حياتينا معا بصفته هو مهندس وأنا شاعر، في محاولة لتقديم شيء مفيد للثقافة المغربية، -يوضح بهذا الصدد في كتابه هذا- بين المعمار والشعر علائق عريقة وطيدة، معا يغترفان من منبع الخيال ومن الحس والحدس، يتبادلان المفردات والمصطلحات. المعماريون يتحدثون عن الكتابة المعمارية ويستخدمون عبارة بلاغة المعمار وشاعرية العمارة، كلما تعلق الأمر بتوصيف لأساليب معينة في استعمال امادة والضوء، كذلك يستعير النقد الشعري في مقارباته مصطلحات بنائية من قبيل معمار القصيدة، لنفس الغرض المقارباتي. التمثلات لا حد لها بين المعمار والشعر، مع مراعاة فارق النوع.
أما آخر إصداراتي الشعرية، فهو بعنوان (تمتع بالمحو)، وأنا عادة لا أكتب بكيفية مستمرة، فعندما يأتي الشعر، يأتي دفعة واحدة، ولهذا تجدني لا أنشر شعري في الصحافة، بل في أعمال مكتملة”.

> مبعوث بيان اليوم إلى أصيلة: عبد العالي بركات

Related posts

Top