النقاد خديجة توفيق ومنير عشقي ومحمد محي الدين يقاربون «الشعر والصوفية»

 نظمت دار الشعر بمراكش، ضمن سلسلة «ندوات» والخاصة ببرمجتها للموسم الرابع والتي تستقصي الخطاب الشعري، ندوة «الشعر والصوفية»، والتي عرفت مشاركة النقاد والباحثين: خديجة توفيق ومنير عشقي ومحمد محي الدين،للحوار والنقاش واستقصاء سمات هذا الحوار الدائم المفتوح بين الشعر المغربي والصوفية. واحتضن مقر الدار (بالمركز الثقافي الداوديات)، فعاليات هذه الندوة العلمية المهمة عصر يوم الجمعة 16 أبريل الماضي، في انطلاق هذه البرمجة الرمضانية والتي ستستمر من خلال تنظيم فقرات جديدة.
وتواصل دار الشعر بمراكش، من خلال هذه الندوة، استقصاء الخطاب الشعري استكمالا لسلسلة الندوات، التي برمجتها الدار خلال مواسمها السابقة.
وترى الناقدة والباحثة الدكتورة خديجة توفيق، أن
الارتباط الشعري بالتصوف، يحيل على ارتباط أسبق في اتجاه معكوس، يتجسد في عودة التصوف إلى ما سبقه من تراث شعري وعربي. التقارب بين التجربة الشعرية والتجربة الصوفية، ما يؤلف بين التجربتين من خصائص ومن أوجه التناظر، مع محافظة كل تجربة على تميزها وعلى إثراء خاص، كلاهما يعتمد على إدراك خيالي بل إن الخيال في الصوفية يتحول إلى حقيقة وجودية وقوة رؤياوية مؤسسة للفعل المعرفي.
واختار الناقد الدكتور منير عشقي، منظورا فلسفيا تحكم في رؤيته إلى علاقة الشعر والصوفية، إذ يرى تشابكا بين الخطابات الثلاث وتجاذبا، لا قطيعة بينهم. لذلك اختار مداخلة فلسفية، من خلال الاشتغال الفلسفي على التصوف يمكن أن يكون أرضية لفهم العلاقة بين (الشعر والتصوف)، وهو ما يضعنا أمام علاقة ثلاثية.. إذ لا تعارض، يرى الناقد عشقي، بين الفلسفة والتصوف، فالحاجة الى انعقال الفيلسوف وتعقل المتصوف، هو مدخل ممكن ليصبح الفيلسوف الحقيقي قادرا أن يعي حدود العقل، والانفتاح على الفضاء الرحب للتجربة الصوفية.
واتجه الناقد الدكتور محمد محي الدين إلى التوقف عند حضور الصوفية في الإبداع الإنساني، بحكم أن الصوفية تلهب خيال كل مبدع، في الرسم والنحت والموسيقى. والشعر العربي لا ينفصل على هذا المدد الغيبي والسماوي، منذ أن فتحت رابعة العدوية باب القول، إلى ابن عربي والحلاج والسهرودي. لقد استطاع التصوف أن يلهب ويلهم الشعر العربي، وشكل منبعا ثريا للعديد من التجارب الشعرية (الفيتوري، أدونيس، صلاح عبدالصبور، محمد السرغيني، أحمد الطريبق، آيت وارهام، أمينة المريني..). ويميز الناقد محي الدين، بين فئتين في الشعر المغربي، فئة عاشت تجربة دينية وروحية انعكست على إنتاجها الشعري (ايت وارهام الطبال والأمراني..)، وفئة ثانية لم تعشه كتجربة واستمدوا من الصوفية المعرفة الباطنية.
وترى الناقدة خديجة توفيق أن التجربة الصوفية تختص بالإنسان، إذ لا مناص اللجوء إلى الصوفية، أبعد من التجربة الشعرية، والتي تلقي التصوف كنص جمالي، انطلق هذا المنحى مع الرومانسية والتي اشتغلت على الذات. الممارسة النظرية تلبست أحيانا بالخطاب الصوفي، والشاعر عموما. فهناك من عضدها وهناك من قام بتقويضها. القسم الثاني من ورقتها خصصته الباحثة للتجربة الشعرية المغربية، بصيغة الجمع، حيث تتعدد الأجوبة والأمكنة وآفاق الانتظار، مع ضرورة الانتقال إلى تجارب خاصة للوقوف على تمثلها لتجربة التصوف. إن تلقي النص الصوفي، يقترن بميسم التشعب، واعتماد الشعر المغربي المعاصر على المتخيل الصوفي، من خلال إنشاء علاقة نوعية مع اللغة واعتماد رؤية متفردة للوجود، ومسألة الانفصام، انبنت عليها جل التجارب الصوفية، مع ميول للانعزال والرغبة إلى تحقيق الانفصال.

Related posts

Top