النقل السري.. القاتل الصامت

لا زال النقل السري مستمرا وبقوة في مختلف المدن والقرى المغربية، حيث تم التطبيع مع الظاهرة، وأصبح الركوب مع الخطافة أمرا عاديا، لاسيما في العالم القروي، حيث تنعدم وسائل النقل العمومي، أو بسبب قلته، وهو ما يحصل أيضا في الوسط الحضري، خصوصا أثناء فترات الذروة، أو في الأوقات المتأخرة من الليل.
وباستمرار النقل السري تستمر حوادث السير الخطيرة، إذ أن ضريبة استعمال هذه الوسيلة ثقيلة، خصوصا وأنها خارج القانون بلغة مدونة السير، الأمر الذي يجعل مصير ركابها فوق كف عفريت.
وفي هذا الصدد، تنقلت بيان اليوم بين مجموعة من المناطق الحضرية والقروية بالمغرب، متعقبة الآثار السلبية لهذه الوسائل التي يجمع كل مستخدميها على خطورتها، بالرغم من إيجابيات جد محدودة أمام قوة القانون الذي لا يعترف بهذا النشاط.

الله يسامح

يجتمع في الصباح الباكر مجموعة من العمال والتلاميذ والطلبة، مثنى، ثلاث ورباع، على طول الطريق المؤدي من دوار “اولاد عياد”، “اولاد بوصلاح”، “اولاد كير”، إلى “عين الشقف” أو وسط مدينة فاس.
هذه الدواوير الواقعة بهوامش العاصمة العلمية، لا تربطها وسائل النقل العمومي؛ سيارات الأجرة الكبيرة، أو الحافلات، أو النقل المزدوج، مما يجعل ساكنة هذه الدواوير، تقبل على الخطافة، وكذا الشاحنات الكبيرة التي تقوم مقام السيارات في الصباح الباكر.
أصحاب الشاحنات، أو بالأحرى السائقين الذين يشتغلون مع أربابها، يقفون بشكل يومي بمحاذاة الطريق لنقل العمال والتلاميذ والطلبة إلى وجهتهم التي يقصدونها كل صباح، “في تقليد تم الاعتياد عليه منذ سنوات طويلة”، كما قال إدريس (35 سنة، عامل مياوم) لبيان اليوم.
“لا يوجد بديل آخر للتنقل نحو المدينة في الصباح من غير هذه الشاحنات” يوضح إدريس للجريدة، حاكيا قصص مجموعة من الأشخاص توفوا بسبب هذه الوسيلة السرية، لاسيما وأن علو الشاحنات يتطلب من التلاميذ والشباب، وكذا الأشخاص المسنين قوة بدنية للركوب بها، وكذا التركيز أثناء السير، حيث غياب وسائل السلامة بها، لأنها شاحنات مخصصة لنقل الحجارة والرمل وسلع مواد البناء..
ويكفيك أن تقف بجانب الطريق لتنقل إلى وجهتك بدون أن تتحدث مع السائق، وبدون معرفة مسبقة بينكما، وهو ما حدث مع بيان اليوم ومرافقها الذي لم يسأله السائق عن هوية من معه.. “النقل للجميع”، ردد أحد الأشخاص متحمسا..
وفي الوقت الذي كانت فيه الأماكن المتواجدة في الأمام، أي قرب السائق، يشغلها أصدقاؤه الحميمين أو الأشخاص الذين التقاهم أولا، اضطر الجميع (ستة أشخاص) للركوب في “لابان” الشاحنة (المقطورة الخلفية)، خصوصا وأن مكان استراحة السائق “لاكابين” هو الآخر يتواجد به ثلاثة أشخاص.
ووصل في ذلك الصباح عدد الركاب في الرحلة المجانية بالشاحنة، إلى 12 شخصا بمن فيهم السائق، وهي مخاطرة يقدم عليها هذا الأخير عن وعي ودراية بالمغامرة، ولكن :”لا حل آخر يا صديقي أمامي فأنا أيضا مررت من نفس هذه التجربة ولا أستطيع أن أتخلى عن هؤلاء الناس الذين يذهبون للبحث عن رزقهم”، يوضح السائق المهني إبراهيم (29 سنة) في حديث مع بيان اليوم بعد نهاية الرحلة.
برد قارس يلفح الأيدي والوجوه، ورياح قادمة يمينا ويسارا تزيد من قوتها سرعة الشاحنة، والتي يطلب سائقها من الركاب التوازن والتركيز، مع تنبيه لهذا وذاك، “لأن السقوط من الشاحنة يعني الموت” بحسب علال، العامل المياوم بموقف حي النخيل بفاس.
علال الأربعيني قال للجريدة: “مسنون كثر وتلاميذ تعرضوا لحوادث سقوط من فوق الشاحنة أو “البيكوب” (سيارة نقل البضائع) بسبب ضعف التجربة في الصعود، أو فقدان التركيز خلال السير.. وعائلات هذه الضحايا تتنازل للسائقين لأن نيتهم حسنة والخير هو من يدفعهم إلى نقلنا”.
وبعدما سألت بيان اليوم علال عن العدد التقريبي للأشخاص الذين توفوا بسبب النقل السري، كان جوابه: “على حد علمي أكثر من تسعة أشخاص، هذا باستثناء حوادث الكسر أو الجرح..”.
من جهته، كشف إبراهيم: “أن جميع السائقين ينقلون أبناء الدوار رغم أن تأمين الشاحنة يخص ثلاثة أشخاص فقط –السائق ومرافقين له- لأنها مخصصة للأنشطة التجارية”، مردفا في اعتراف صريح: “نحن لا نحترم مدونة السير! أقولها بكل صراحة”.
وزاد السائق الذي انتقلت معه بيان اليوم من دوار “اولاد كير” إلى وسط مدينة فاس، أنه: “سبق لأحد التلاميذ أن سقط من أعلى الشاحنة، بعدما طلبت من الركاب النزول جميعا بسبب حاجز الدرك الملكي بمدخل عين الشقف، حيث أصيب بكسر في رجله اليسرى واضطررت لمساعدته ماديا، لتضاف هذه المصاريف إلى خمس مخالفات أديت ثمنها بسبب نقل الأشخاص”.

في كف عفريت

“أرواح في كف عفريت”، هذا أقل ما يمكن القول عن رحلة محفوفة بالمخاطر ويشتم منها رائحة الموت… الحديث هنا عن الركوب مع الخطافة، من تازة العليا إلى المنتجع السياحي الجبلي تازكة، حيث ندرة وسائل النقل العمومي المرخص لها من طرف وزارة التجهيز والنقل واللوجيستيك.
لا وسيلة يجدها السائح الذي يبحث عن هدوء الطبيعة بين أشجار الجبال غير الخطافة، ولا وجود لسيارة يمكن أن تثق في التنقل بها بأمان، خصوصا وأن الحالة الميكانيكية السيئة لتلك السيارات تبدو واضحة للعيان، وهو ما تأكد بعدما استقلت بيان اليوم السيارة من نوع (R12) في رحلة ثمنها 15 درهم، إلى جانب ثمانية أشخاص آخرين.
بعد اندهاش بيان اليوم من السيارة ومن الطريق الوعرة بمنعرجاتها المميتة ومنحدراتها القاتلة، قال “الخطاف” الذي اعتذر عن ذكر اسمه الحقيقي واختار من الأسماء المستعارة هشام: “بالرغم من أن العربة تبدو متواضعة من الخارج، ومن هذا الصوت الذي تسمعه، ولكن المحرك راه “نحيلة” (أي في حالة جيدة) !”.
على طول الطريق الرابط بين مدينة تازة وقرى جبال تازكة، توجد مشاهد طبيعية جميلة، غير أن سلوك السائق يفسد على الركاب الاستمتاع بهذه الرحلة، لاسيما وأن حالة السيارة متدهورة، كما أن عدد الأشخاص كثير، ناهيك عن حمله لقنينتي غاز وكيس دقيق، وهو ما كان يؤثر على توازن السيارة في المنعرجات الملتوية.
تهور السائق والحالة السيئة للسيارة وغياب رجال الدرك الملكي في الطريق لمراقبة مثل هذه التحركات غير القانونية، والتلاعب بأرواح المواطنين، دفع بيان اليوم إلى النزول في منتصف الطريق، وبالضبط في محطة رأس الماء لاسترجاع النفس، هذا مع الإشارة هنا، إلى أن ملاحظات وأسئلة الجريدة أثارت انزعاج السائق، وطالب بيان اليوم بالنزول مع إرجاع ثمن الرحلة.
وبهذه المناسبة، توجهت الجريدة صوب ساكنة المنطقة لاستقاء آرائهم في الموضوع، إذ عبر جزء كبير منهم عن استيائه من حالة الطريق، وكذا غياب وسائل نقل قانونية تحترم أرواح المواطنين، حيث طالب علي (32 سنة)، في هذا الصدد، بمنح رخص لسيارات الأجرة الكبيرة، أو النقل المزدوج.
وأشار علي في حديثه مع بيان اليوم إلى أن غياب نقل عمومي قانوني مؤمن يحترم أرواح المواطنين، ويضمن تنقلهم بسلام مع سائقين مهنيين يحترمون القانون، يجعل أيدي الساكنة دائما على قلوبهم، حاكيا سلسلة من حوادث السير التي تحدث بحسبه خلال فصل الشتاء بكثرة، بسبب عدم توفر الخطافة على مركبات تراقب حالتها الميكانيكية بشكل منتظم.
ونبه المتحدث نيابة عن الجماعة التي كانت بالقرب منه إلى أن: “جزءا كبيرا من الخطافة الذين ينشطون على مستوى هذا المقطع الطرقي لا يتوفرون على تأمين السيارة بمعنى ‘حراكة’، وفي حالة وقوع حوادث السير، يتم التراضي بشكل ثنائي بين السائق والعائلة، بما في ذلك الحوادث التي تزهق فيها الأرواح”.
وقدر علي عدد حوادث السير التي تحصل سنويا بهذا المقطع الطرقي، خصوصا في صفوف الخطافة، بثمانية حوادث: “كان آخرها حادث سير انقلاب في شعبة أدت إلى وفاة طفل رضيع” يقول ابن منطقة رأس الماء بتازة.
بيد أن عائلة الطفل الرضيع، لم تتنازل حبيا هذه المرة للسائق، والذي يقبع بحسب علي: “في السجن المحلي بتازة، حيث لا زالت أطوار المحاكمة جارية منذ شهر غشت الأخير”، مشيرا إلى أن: “ثقافة التسامح مع هؤلاء الخطافة والتساهل مع حوادثهم يشجع على المزيد من الحوادث التي لا تطلع السلطات المحلية على تفاصيل جزء كبير منها”.

رحلة بدون تأمين

وغير بعيد عن مدينة تازة، وبالضبط في منطقة “واد امليل” (Village) التابعة ترابيا لعمالة تازة، انتقلت بيان اليوم إلى وسط هذه المنطقة التي يتوافد عليها ساكنة جميع الدواوير المحيطة بها، يأتون للتسوق من محلاتها التجارية عن طريق استخدام وسائل النقل السري.
بمحطة وقوف السيارات والشاحنات، يوجد العديد من الخطافة، تجول أعينهم بين الغرباء الذين تطأ أقدامهم أول مرة المكان، قبل دعوتهم إلى الاستفادة من عروض النقل على متن سيارة محترمة ومريحة، مقابل أداء ثمن رحلات جميع الركاب (كورسة)، أو قبول الذهاب بالتعريفة العادية المتعارف عليها إلى جانب باقي الراكبين.
سيارات نقل الأجرة الكبيرة، أو النقل المزدوج، لا أثر لها بهذا المكان، ما عدا في بعض الخطوط حيث يتعايش الخطافة وأصحاب النقل المزدوج، لاسيما في الخط الرابط بين “واد امليل” و”أحد اولاد زباير”.
وتبقى الخطوط الأخرى الرابطة بين “واد امليل”، و”الكاعدة الحمراء”، “محطة القطار”، “سيدي عبد الله”، “بوحلو”، “المطاحن” و”القنطرة داعراب”.. تحت سيطرة الخطافة.
اختارت بيان اليوم التوجه نحو نقطة “المطاحن”، البعيدة عن “واد امليل” بحوالي 20 كلومترا، على متن سيارة لا يختلف اهتراؤها عن باقي السيارات الأخرى المحاذية لها. أدت بيان اليوم ثمن الرحلة المتعارف عليه بـ7 دراهم، وركب السائق ليقود المركبة نحو دوار “المطاحن” المعروف بنقطة تجمع معاصر الزيتون بالمنطقة.
وعند تأفف أحد الركاب من الازدحام في خلف السيارة حيث يركب أربعة أشخاص بالإضافة إلى طفلة صغيرة اختنقت من شدة الازدحام وبدأت تبكي في حضن أمها، طلب السائق منه أن ينزل للركوب بجانبه الأيسر، ليصبح بذلك عدد الراكبين في الأمام أربعة أشخاص!
اتجه سائق السيارة في البداية على الطريق الرئيسية المؤدية إلى الوجهة، قبل أن ينحرف لطريق آخر، هروبا من حاجز رجال الدرك الذين يتعقبون حركته منذ مدة، لأنه، كما يقول، “لم أجلب لهم قنينة ماء وكأس قهوة خلال يوم الثلاثاء الماضي، حيث كنت منشغلا مع السواقة (في إشارة إلى رواد السوق الأسبوعي)” يقول أحمد (38 سنة).
وفي دردشة ثنائية مع بيان اليوم، أشار أحمد إلى أنه لا يمكن أن يؤمن سيارته ضد حوادث السير، مشيرا إلى أن: “المسافات التي أقطعها قصيرة، وثانيا لا أشتغل خارج المنطقة”، موضحا أن: “هناك بعض ‘الخطافة’ من يتوفرون على تأمين ستة أشخاص، ولكنهم يذهبون في ‘كورسات’ (رحلة فردية) إلى مناطق ومدن بعيدة”.
ولم يخف أحمد رغبته في تأمين سيارته، غير أن هذه الخطوة مشروطة: “باقتناء سيارة أخرى، بالإضافة إلى توجيه النشاط السري نحو الاشتغال مع الطلبة والتلاميذ والعائلات التي تنتقل إلى مدينتي تازة وفاس، على اعتبار التأمين ضروريا في هذه الحالة، كما أنني سأعمل أيضا بواد امليل خلال أيام السوق، والمناسبات والأعياد”.
وأكد المتحدث بأنه على وعي بخطورة السياقة بدون وثائق تأمين، مرددا: “مادام المواطنون يقبلون على خدماتنا فنحن مستمرون في الاشتغال، وهم يقبلون بشكل اختياري الركوب معنا، وأثناء وقوع حوادث السير نحل مشاكلنا بشكل ودي دون تدخل رجال الدرك”.
وخلال هذا الحديث الثنائي بين السائق والجريدة، ووسط غبار متطاير بأحد المقاطع الطرقية غير المعبدة، تدخل أحد الركاب مقاطعا السائق ومعلقا على قوله: “قبولنا الركوب معكم سببه غياب وسائل نقل أخرى، وشخصيا دائما أبحث عن التنقل في سيارة مؤمنة من أجل الاحتياط من حوادث السير”.
واستطرد موضحا الراكب الشاب: “وهنا أحيلك على الحاج الذي توفي منذ أربع سنوات بسيارة “عبيط” (لقب السائق) مختنقا في الخلف من شدة الازدحام”، مشيرا إلى أن: “العائلة تنازلت للسائق بحجة قضاء الله وقدره وربي بغاه”.
وبما أن النقاش الجديد-القديم حول النقل السري لا ينتهي في ظل استمرار الظاهرة، فإن الموضوع جذب شهية باقي الركاب، حيث تدخل آخر، مذكرا بحادثة سير: “السرغيني الملقب بـ”مشيميمة” الذي توفي بعد اصطدام دراجته النارية بسيارة خطاف ‘ببوحلو’، إذ تم نقله على وجه السرعة إلى مستعجلات مستشفى البلدية بتازة قبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة”.
وأرجع المتحدث سبب هذا الحادث الأليم الذي اهتزت على وقعه الساكنة إلى “تهور السرغيني الذي كان في حالة سكر، وكذا سائق سيارة النقل السري الذي كان يسير بسرعة جنونية”، مسترسلا: “كانا يتسابقان على الطريق الوطنية الرابطة بين تازة وفاس قبل أن يتلقى راكب الدراجة ضربة قوية من صاحب العربة الذي لا يتوفر على وثائق التأمين”.
وأكد الراكب أن السائق حكم عليه بـ”خمس سنوات وهو يقضي مدته السجنية بسجن بوركايز بمدينة فاس”، أما السرغيني: “فترك من خلفه ثلاث بنات صغيرات”..

سلطة الجماعة

من بين السلوكات الشائعة في المجتمع المغربي، نجد الخرق الجماعي للقانون، حيث تصبح سلطة الجماعة أقوى من القانون، وهو ما يظهر أثناء المناسبات، من قبيل حفلات الأعراس، وكذا مباريات كرة القدم.. حيث يتم استخدام وسائل النقل السري بشكل متهور وجنوني.
ويكفي المرء أن ينتقل إلى درب السلطان وبالضبط إلى شارع “بني مكيلد”، حتى يعاين الدراجات ثلاثية العجلات وسيارات النقل السري التي تصطف منتظرة تقاطر المشجعين عليها، لنقلهم نحو المركب الرياضي “دونور” لمشاهدة مباريات كرة القدم..
وأمام قلة النقل العمومي نحو المركب، ورفض أصحاب سيارات الأجرة الصغيرة والكبيرة التنقل باتجاه الملعب، يجد أصحاب الدراجات ثلاثية العجلات الفرصة مواتية لإنعاش الحركة الاقتصادية مع المشجعين الذين لا يبخلون على السائق بدراهم تضاهي ثمن رحلة بسيارة الأجرة حيث قد تتجاوز 15 درهم.
وأفاد مجموعة من المشجعين لبيان اليوم، بأنهم على وعي بخطورة التنقل نحو ملعب الكرة على متن الدراجات النارية ثلاثية العجلات، وكذا السيارات الكبيرة لنقل البضائع، مرجعين إقدامهم على هذه الخطوة إلى: “غياب البديل”.
وبهذه المناسبة، حكى مشجع الرجاء البيضاوي عبد السلام الملقب بـ”ياجور” للجريدة، واقعة حادث سير أدى فيه مشجع “رجاوي” الثمن، نتيجة سقوطه من فوق سيارة “مرسيدس207″، حيث أصيبت رجله اليمنى بكسر ألزمه الفراش ستة أشهر، في غياب تأمين من صاحب السيارة الذي تكفل بمصاريف علاجه.
وفي سياق آخر، تنتشر الفوضى أثناء حفلات الأعراس، حيث ينعدم احترام قانون السير، لاسيما في الشق المتعلق بعدد الركاب، وذلك من خلال تكديس السيارات بالأشخاص في مخاطرة بأرواح البشر.
وكثيرة هي الحالات التي تحولت فيها حفلات التهنئة إلى مآتم للتعزية، نتيجة سلوكات لا عقلانية، وجرعات زائدة من التهور والمبالغة في المغامرة.
ووقفت الجريدة على حالة نقل سري كان يحمل فيها سائق عربة “البيكوب” طفلة صغيرة أمامه، إلى جانب رجل شيخ وامرأة عجوز، فيما كانت المقطورة الخلفية للسيارة مملوءة عن الآخر بأفراد العائلة، مما جعل رجال الدرك يأمرون السائق بالتوقف بمنطقة “الضويات” بعين الله بفاس.
وعاينت بيان اليوم سحب رخصة السياقة من السائق، وتسجيل مخالفة على عدم احترام عدد الراكبين الذي يتجاوز 13 شخصا (عائلة كانت في حفل عرس بنواحي “المهاية” التابعة ترابيا لعمالة مكناس)، بالرغم من أن السيارة مخصصة للنشاط الفلاحي وليس لنقل الأشخاص.

نقل سري بين المدن

ورصدت بيان اليوم عن قرب التعايش الطبيعي بين سكان الدواوير وأصحاب النقل السري بمدينة تاونات، حيث غياب النقل العمومي المرخص له قانونا، فسيارة المرسيدس من نوع “207” و”210″، وبعض الأنواع الأخرى، هي المهيمنة على مشهد النقل بالمدينة الجبلية.
وفي زيارتها الميدانية اقتربت الجريدة عن كثب من واقع النقل وانتعاشه بهذه المنطقة المعروفة بأشجار الزيتون، حيث لا تجد ساكنة نواحي تاونات حرجا في ركوب عربة سرية بدون أوراق تأمين: “فالمهم هو الوصول إلى الفيلاج والعودة بسلام إلى الدوار بعد قضاء الغرض” يوضح بدر (25 سنة).
وقال بدر لبيان اليوم: “لا يوجد أي حل آخر أمام الساكنة بالرغم من ضريبة التنقل في هذه العربات السيئة، وفي شروط غير قانونية، خصوصا على مستوى التأمين، إذ العديد من الضحايا توفوا وهم بداخل سيارات الخطافة، أو سقطوا من فوق سطح العربة”.
وذكر مرافق بيان اليوم أن: “آخر حادث عاشته مدينة تاونات كان سقوط تلميذ (15 سنة) من أعلى سطح سيارة ‘207’ بدوار غفساي، غير أن العائلة تنازلت للسائق لأنه من أفراد العائلة، بعدما قضى شهرا واحدا بالسجن المحلي عين عيشة”.
ووقفت الجريدة على النشاط “الجيد” للنقل السري بين مدينتي تاونات والدار البيضاء، التي تعرف كل يوم أحد وخميس تنظيم رحلات تنطلق من تاونات باتجاه البيضاء، حيث تصطف العشرات من السيارات الكبيرة بوسط المدينة في انتظار الزبناء.
وكشف أحد السائقين أن الساكنة تقبل على هذه الوسيلة في السفر وهو ما يجعل هذا النشاط مستمرا، مشيرا إلى أن: “العودة لتاونات تكون من نقطة حي الرميلة بكازا (الدار البيضاء) حيث تنطلق الرحلة ليلا على أساس أن نصل صباح يومي الثلاثاء أو السبت إلى مدينة تاونات”.
وأكد المتحدث الذي رفض ذكر اسمه أن: “أصحاب هذه العربات يشتغلون بشكل دائم غير أنه في الأعياد والمناسبات الوطنية تكثر الطلبات”.
وفي جوابه عن وقوع حوادث السير بالنسبة لأصحاب النقل السري، كشف ابن مدينة تاونات: “وجود حوادث سير، بيد أنها قليلة نوعا ما، وعيا من السائقين بالمشاكل القانونية التي تواجههم، كما أن أغلب الحوادث يتم تدبيرها بشكل ثنائي بين المتضرر والسائق”.

طرف د الخبز

والنقل السري عبر السيارات والدراجات ثلاثية العجلات لا يقتصر على العالم القروي فقط، بل له ارتباط وثيق أيضا بالوسط الحضري، والذي جاء نتيجة الخصاص الحاصل في القطاع، أو سوء الخدمات المقدمة في الحافلات العمومية، كما أشار إلى ذلك، العديد من ساكنة البيضاء في حديثهم لبيان اليوم.

 


الخطافة على مستوى مدينة الدار البيضاء، ينشطون بكثرة في الهوامش والأحياء البعيدة عن وسط المدينة، “فوجودهم أملاه الازدحام الذي يتجدد كل صباح” وفق عز العرب الذي يتنقل بين حي”اسباتة” ووسط المدينة كل يوم.
وأشار عز العرب الذي يشتغل بأحد المحلات التجارية بـ”البرانس” أنه: “يقبل على الخطافة في الكثير من الأحيان نتيجة الازدحام الشديد على سيارات الأجرة الكبيرة، بالرغم من وعيي بخطورة الإقدام على هذه الخطوة”.
وأوضح المتحدث أنه سبق وأن وقعت حادثة سير لإحدى سيارات “الخطافة” بكراج علال، عندما كان متوجها نحو وسط المدينة، قبل أن يلوذ هاربا إلى جانب باقي الركاب، بعدما طلب منهم صاحب المركبة الإدلاء بشهادتهم في حادث الاصطدام بالدراجة النارية. وذكر عز العرب أنه لا مشكل لديه في التنقل مع “الخطافة” بوسط المدينة.
وأقدمت الجريدة على تجربة هذه المغامرة إلى جانبه، بعدما اتجهنا صوب “ادريجات” بحي “اسباتة”، منتظرين قدوم أحد الخطافة، حيث لم نتأخر في الوقوف، حتى قدمت إحدى السيارات من نوع “إكسبريس”، محملة بأربعة أشخاص آخرين.
ركبنا في الخلف إلى جانب شخصين آخرين، تأكد فيما بعد أن أحدهما مرافق السائق في الرحلات ومراقبة الشرطة، حيث قدم لنا كراسي صغيرة للجلوس، وانطلق سائق السيارة صوب وسط المدينة، بعدد ركاب يصل إلى ثمانية أشخاص.
سألت بيان اليوم السائق سعيد، عن سبب إقدامه على هذا النشاط في تلاعب بسلامة الراكبين، وكذا سلامته الشخصية، فكان جوابه: “الوقت ميتة وطرف د الخبز هو هذا، تابعينا عليه مزال ولا؟”، وزاد منزعجا من أسئلة الجريدة :”ننقذكم من الازدحام والانتظار وتردون لنا الجميل بالملاحظات، تكفينا مطاردات وملاحقات رجال الشرطة!”.
وظاهرة الخطافة منتشرة بمجموع المدن الكبرى، وتشهد مدينة سلا هي الأخرى كل صباح ازدحاما شديدا على سيارات الأجرة، خصوصا في الأحياء الشعبية التي لا تصلها عربات الترامواي.
وانتقلت الجريدة، في هذا الإطار، إلى الحي الشعبي “القرية” المعروف بكثافته السكانية بسلا، والذي تتقاطر ساكنته مطلع كل يوم على الرباط.
فلا الحافلات ولا سيارات الأجرة الكبيرة تستطيع نقل كل الموظفين والمستخدمين إلى العاصمة الإدارية، إذ يضطر أصحاب النقل السري للتدخل بسياراتهم لنقل الزبناء إلى وجهتهم، حيث ترابط “بباب القرية” كل صباح مجموعة من السيارات الكبيرة “207” و”210″ من نوع مرسيديس، توجد بها كراسي بلاستيكية صغيرة خاصة بجلوس الزبناء الذين يزيد عددهم عن الحمولة.
إقبال كبير على هذه السيارات من طرف الرجال والنساء الذين يبحثون كل يوم عن وسيلة تقلهم إلى أقرب نقطة لعملهم، متجاهلين خطورة هذا الإدمان على سيارات مخصصة لنقل البضائع والأنشطة الفلاحية والتجارية، وهو ما يعد مخالفة يعاقب عليها القانون بالنسبة لأرباب هذه السيارات.
وتوجهت بيان اليوم نحو السائق لاستفساره عن الإقدام على هذا النشاط الذي يعتبر خارج القانون، فرفض الحديث مع الجريدة، كما رفض أن ينقلها للضفة الأخرى (الرباط)، متمتما: “نحن على دراية بالقانون ولسنا في حاجة لنصائحكم الصباح هذا..”.

النقل المفضوح

ولمعرفة رأي المهنيين في القطاع من استمرار نشاط النقل السري، اتصلت بيان اليوم بعبد الرحيم امعياش، الكاتب العام الوطني للنقابة الوطنية لمهنيي سيارات الأجرة الذي وصف الظاهرة منذ سماعه الموضوع بـ: “النقل المفضوح وليس بالنقل السري”.
وأضاف عبد الرحيم امعياش كاتب النقابة المنضوية تحت لواء الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، في اتصال هاتفي أجرته معه الجريدة أنه: “على مستوى جميع عمالات مدينة الدار البيضاء توجد عربات ‘الخطافة’، وذلك، أمام أعين رجال الأمن، خصوصا خلال أوقات الذروة، حيث أصبح كل من يتوفر على سيارة عادية خطافا”.
وأرجع عبد الرحيم امعياش، انتعاش هذا النشاط: “إلى عدم الوعي بخطورته، سواء من طرف السائقين أو المواطنين الذين يقبلون عليه، لأن هذا الأخير عندما يركب في عربة سرية يجب أن يكون على دراية بأنه ليس مؤمنا، لاسيما وأن السيارات العادية يؤمن بها خمسة راكبين، بيد أن ‘الخطافة’ ينقلون ما بين ثمانية وتسعة راكبين في الرحلة”.
وأضاف امعياش أنه: “ببعض المناطق من المغرب تجد السائق يضع أربعة مواطنين في الكراسي الأمامية في تصرف متهور وخطير”، داعيا رجال الأمن إلى التعامل بصرامة مع مثل هذا السلوك.
وكشف المتحدث أن النقابة من جهتها: “قامت بجرد جميع الخطافة على مستوى عمالات البيضاء وسجلنا أرقام لوحاتهم في لائحات متفرقة وقدمناها لرجال السلطة ورؤساء أمن المناطق”.
وأشار إلى أن انتشار النقل السري بالمدينة يتركز بكل من؛ “حي الحسني، أنفا، عين الشق، حي البرنوصي، مولاي رشيد، اسباتة، حي المحمدي، عين السبع..”.
وقدر الكاتب العام الوطني للنقابة الوطنية لمهنيي سيارات الأجرة عدد العربات التي تنشط بالمدينة في النقل السري بين 500 و600 سيارة تم إحصاؤها بجميع النقط، متحسرا على عدم وجود: “صرامة مع هؤلاء الخطافة”.
وعن كيفية تعامل هؤلاء الخطافة مع حوادث السير، أوضح النقابي عن الكونفدرالية الديمقراطية للشغل أن :”حوادث النقل السري لا تصلنا أخبارها أبدا ولا نعلم بحدوثها، حيث يتعاملون معها بشكل سريع وسري، من خلال وساطات وترضيات بالأموال”.
وأكد عبد الرحيم امعياش أن: “مدونة السير متشددة في هذا الأمر، حيث يتوجب أن يتقدم الضحية بشكاية في الموضوع إلى جانب شهود عيان، حتى يتم تقديم السائق أمام وكيل الملك، وفي حالة توالي الحوادث؛ الأولى، الثانية.. يصبح من الضروري اعتقاله، وحجز سيارته، وهذه المسطرة نادرة ولا يتم الاشتغال بها من طرف رجال الأمن والدرك”.
وطالب امعياش: “بضرورة محاربة هذا النشاط، وكذا الأشخاص الذين يشتغلون به، والممتلكين لسيارات متدهورة، وغير مراقبة لا تقنيا ولا ميكانيكيا، بل وفي الكثير من الأحيان لا يملك أصحابها شهادة التأمين”.
ومن جهتهم كنقابة مهتمة بقطاع النقل، أبرز المتحدث أن: “الهيئة على اتصال دائم بوزارة الداخلية، حيث نضع بين أيديهم في اجتماعاتنا الشهرية بعض النقط السوداء والملفات السلبية في إطار الحوار الثنائي، للوصول في الأخير إلى تنظيم القطاع والاشتغال في ظروف قانونية”.
واعتبر الكاتب العام الوطني للنقابة الوطنية لمهنيي سيارات الأجرة، أن أصحاب سيارات النقل السري: “يتلاعبون بأرواح المواطنين في الطرقات، ويشكلون خطرا على مستعملي الطريق، بطريقة قيادتهم المتهورة”.
وقال عبد الرحيم امعياش: “إن من يجب أن يحارب ظاهرة النقل السري في الأول والأخير، هم رجال الأمن بالوسط الحضري، والدرك الملكي بالعالم القروي، وذلك من خلال وضع حواجز بجميع المقاطع الطرقية لمحاصرة التحركات المشبوهة لهذه العربات”.
ولم تفت امعياش المناسبة للإشارة إلى أن: “هناك بعض السيارات لشركات خاصة، يتم استغلالها من طرف سائقين في نقل المواطنين، حيث ينقلون بالصباح والمساء الناس إلى الأحياء التي يمرون عبرها، وهذا المشهد يتكرر بجميع المدن المغربية”.

***

3 أسئلة حسن عيشانو : النقل السري ظاهرة خطيرة على سلامة الركاب 

< ما هو موقف الجمعية من ظاهرة النقل السري ؟  < ما هو موقف الجمعية من ظاهرة النقل السري ؟  > بالنسبة لنا نحن كجمعية تشتغل في مجال السلامة الطرقية مع المجتمع المدني، موقفنا واضح من ظاهرة النقل السري أو ما يسمى بـ “الخطافة”، و”سراقين البلايص”، إذ نرفض استمرار هذا النشاط بجميع مناطق المغرب.والجمعية مع تطبيق قانون مدونة السير بـ 80 في المائة، أولا لأنه يضر بالمهنيين المشتغلين في القطاع بشكل قانوني ومنظم، لأنهم يؤدون صوائرهم لإدارة الضرائب، وصاحب “الكريمة”..و20 في المائة نتساهل مع “الخطافة” الذين يشتغلون بالقرى والجبال النائية، حيث نلاحظ مثلا في الجنوب الشرقي على الخصوص (ورزارات وزاكورة والراشيدية..)، أن أصحاب عربات النقل السري ينقذون مجموعة من الناس، على اعتبار سيارات الأجرة ترفض أن تقلهم إلى منازلهم البعيدة بحوالي 50 أو 60 كيلومترا عن المدينة أو “الفيلاج”.من هنا نجد أن النقل السري يؤدي وظيفة إيجابية في بعض المواقف، ويحل المشاكل في الكثير من الأحيان، لكن بالرغم من كل هذا فنحن مع تطبيق القانون، فباستمرار هذا النشاط نضر المواطنين ونعطي صورة سلبية عن مجتمعنا.وبهذه المناسبة، أود أن أحكي واقعة حدثت لنا في خيمة السلامة الطرقية بمدخل ورزازات خلال سنة 2015، أثناء حملة تواصلية وتوعوية، قمنا فيها بالتوجه نحو صاحب سيارة كبيرة للحديث معه حول الموضوع ونصحه بخطورة ما يقدم عليه، فإذا به ثار في وجهنا، ورفض أن نتحدث إليه.غير أن رجل الأمن الذي كان بجانبنا تدخل في النقاش، قبل أن يلاحظ وجود 17 شخصا في السيارة التي يقودها السائق، حيث استفسره الشرطي عن سبب نقل كل هؤلاء الأشخاص، وطالبه بتقديم وثائق السيارة والتأمين، ليجد بأن عدد المقاعد المؤمنة في السيارة لا تتعدى 7 مقاعد، بمعنى أن باقي الراكبين في وضعية غير قانونية. وبعد استنكارنا لهذا المشهد، قال لنا السائق بحنق شديد: “لمدة 10 سنوات وأنا أشتغل بهذه الطريقة، ولم يسبق لأي شخص أن أمر بتوقيف سيارتي، من أنتم !”.من هنا، تحدث معنا بأسلوب استهزائي ودوني.. غير أنني صراحة أعجبت بصرامة رجال الأمن في هذه الواقعة، حيث طبقوا القانون مع صاحب هذه العربة، بعدما أمروه بأن يعيد النقود للراكبين الذين كانوا متوجهين معه من نواحي ورزازات صوب مدينة الدار البيضاء، وتم حجز سيارته لمدة 15 يوما، وتم تقديمه أمام أنظار العدالة بالمحكمة الابتدائية بورزازات.وفي هذه الحالة تساءلنا عن جرأة هذا السائق في الإقدام على مثل هذا التصرف المتهور، إذ لم يبد طيلة هذه السنوات، أي خوف على سلامة الأشخاص الذين يسافرون معه، بالإضافة إلى أن حريته رهينة بحياة هؤلاء الزبناء، فبمجرد خطأ بسيط ستصبح أقدامه في السجن، ومن تم سيكون قد خسر كل شيء.< كيف تساهمون في القضاء على الظاهرة ؟ > إن الخطير في الأمر، هو أن النقل السري يتم في ظروف مزرية، حيث ينقل البشر فوق سطح السيارة، وكثير من الأشخاص توفوا بسبب الركوب بهذه الطريقة، خاصة في المنعرجات الخطيرة للجبال.ونحن في هذا الصدد، نتواصل بشكل خاص مع هذه الفئة التي توافق على الركوب مع هؤلاء السائقين، بحيث لا نتحدث نحن مع أصحاب النقل السري، بل نتوجه نحو المواطنين الذين يقبلون عليه، ويساهمون في انتشاره واستمراره، متسائلين معهم ومؤنبين ضمائرهم على استعمال هذه الوسيلة غير القانونية.بالإضافة إلى أننا نشتغل في الميدان مع الناس من خلال الاتجاه نحو المحطات لتوعيتهم وتحسيسهم بخطورة الظاهرة، وصراحة نجد بعض المشاكل أثناء هذه الأنشطة لأن هناك بعض من يرفض أن نتحدث معهم، أو نحذرهم من الإقدام على مثل هذه السلوكات، ورغم ذلك فنحن مصرون على أن نؤدي رسالتنا.< ما هي الحلول التي تقترحونها في هذا الصدد ؟> الحلول المقترحة في هذا الإطار، هو تطبيق القانون بحذافيره، إلى جانب التوعية والتحسيس، من خلال حضور رجال الأمن والدرك الذين يساعدوننا في الانتشار وأداء المهمة في الشارع بدون عراقيل.ونحن نميل بشكل كبير نحو القضاء على الظاهرة بالاستناد إلى النصح والإرشاد، لأن الزجر لا يمكن أن يحد من الظاهرة بشكل كبير، بالرغم من الغرامات والحجوزات.. فمن خلال التحسيس يمكن أن نشرح لهم بأن ما يقدمون عليه مخالف للقانون وله عواقب على أرواح وسلامة الناس.وتدوين المخالفات وحجز السيارات لا يكفي، لأن “الخطاف” يعود إلى نشاطه الطبيعي بمجرد أداء الغرامة.. من هنا، فالظاهرة معقدة ويتحمل مسؤوليتها الجميع؛ الدولة، المجتمع المدني، المواطن، رجال الأمن والدرك.. ونحن على دراية بضرورة التوعية والتأطير في هذا الإطار، كما أننا نضاعف مجهوداتنا للقضاء على الظاهرة، وندعو رجال الأمن والقضاء إلى الزجر وعدم التسامح مع المخالفين لقانون السير حتى يكونوا عبرة للآخرين الذين يستمرون في هذا النشاط. وأخيرا نتساءل: أين المشكل في أن يتقدم صاحب النقل السري إلى الجهات المعنية ويطلب ترخيص النقل المزدوج، والبطاقة المهنية، وباقي الإجراءات القانونية التي ستحميه وتحمي الراكبين معه ؟. *رئيس الجمعية الوطنية للتنشيط والسلامة الطرقية

***

يد وزارة النقل الممدودة لتقديم الرخص القانونية

ووعيا منها بالظاهرة، مدت كتابة الدولة لدى وزير التجهيز والنقل واللوجستيك المكلف بالنقل، يدها إلى المشتغلين في القطاع بشكل سري، لمساعدتهم على الاشتغال بشكل قانوني، لاسيما في الوسط القروي، حيث كانت قد دعت العاملين بالقطاع إلى: “تقديم ملفاتهم الخاصة بالنقل المزدوج إلى الوزارة”.
وأشار كاتب الدولة المكلف بالنقل محمد نجيب بوليف، خلال جلسة شفهية بالبرلمان، بتاريخ 11 دجنبر 2017، إلى أن: “الحكومة تقدم وصولات مؤقتة للاشتغال بشكل قانوني ولكن يجب أن تتم تسوية الوضعيات القانونية بعد منح الوصل المؤقت”.
وكان محمد نجيب بوليف قد أعلن بالبرلمان، على أن الحكومة: “مستعدة لتقديم التراخيص لجميع الذين يتقدمون بطلبات على المستوى الإقليمي وكذلك الوطني للخروج من النوار إلى القانون”، منبها إلى أن: “البعض بمجرد ما تثقله مصاريف إضافية حتى يفضل الاشتغال خارج القانون”.
غير أن الكاتب العام المكلف بالنقل، لم يتحدث حينها عن النقل السري بالوسط الحضري، بالرغم من تحذيرات نواب الأمة من الموضوع.
وفي هذا الصدد، تحدثت بيان اليوم مع مجموعة من السائقين وأصحاب العربات خصوصا في العالم القروي، عن سبب رفضهم طلب رخصة النقل المزدوج، فكان جواب جلهم أن: “دفتر التحملات المتعلق باستغلال خدمات النقل المزدوج”، جاء بشروط قاسية وتعجيزية يصعب عليهم توفيرها وتنفيذها على أرض الواقع.

< إنجاز : يوسف الخيدر

تصوير: عقيل مكاو

Related posts

Top