الوباء والغباء

 في الوقت الذي دخلت فيه حالة الطوارئ الصحية في المغرب حيز التنفيذ، سعيا وراء محاصرة تفشي فيروس كورونا المستجد من خلال تطبيق مجموعة من  الإجراءات الإلزامية التي تهدف إلى تقييد الحركة إلى أجل غير مسمى،  كقرار  يبقى وقائيا بالدرجة الأولى، لمواجهة الخطر المحدق باتخاذ تدابير احترازية لا محيد عنها.
في هذا الوقت بالذات، شهدت بعض المدن المغربية حالة من العصيان، إثر خروج مجموعة من  الأفراد في مسيرة عشوائية، جابت بعض الشوارع متجهة نحو نقط معينة، يرددون شعارات تحاول عنوة إقحام جوانب دينية في الموضوع، دون وجه حق. 
   هذا الخروج عن الإجماع الذي عبرت عنه كل فئات الشعب المغربي، وأشادت به مختلف وسائل الإعلام الدولية، يتطلب تدخلا حازما، و ذلك باتخاذ أقصى العقوبات في حق المخالفين، ومعرفة من نفذ، وحرض، وحرك، ونسق لهذا العصيان الذي أظهر ان هناك من لا تهمه مصلحة الوطن والمواطنين، تدخل حازم  حتى لا يتكرر مثل هذا التحدي الصارخ للإجراءات التي اتخذتها أجهزة الدولة، لمواجهة جهلة حتى على قلتهم. 
   فعندما يصل الوضع إلى حد تهديد سلامة البلاد والعباد، من المفروض المرور بسرعة الى درجة أقصى من الحزم والمواجهة الصارمة، وذلك بوضع تدابير أمنية وعقوبات جنائية نافذة تجاه من يخرق مقتضيات حالة الطوارئ التي تحولت من إجراء إداري إلى قانون، كما أعلنت عن ذلك وزارة الداخلية، وذلك بتمكين القوات العمومية، من صلاحيات التدخل  لفرض حالة الطوارئ، حتى ولو تطلب الأمر استعمال القوة اللازمة.
  فهل كان هذا العصيان بريئا وسلوكا عفويا؟ أم  أن هناك من حرك وعبأ ونسق، وحدد وقتا معينا لانطلاق هذا السلوك المشين الذي نددت به ورفضته كل فئات الشعب المغربي، والتي أعلنت جهارا رفضها لتعريض الأمة للخطر، بسبب الجهل الذي يعتبر أخطر من وباء كورونا.
    والعالم منشغل بمضاعفات الوباء وتوالي الأخبار السيئة من كل حدب وصوب، لاحظ الجميع حالتين منعزلتين، أولها نجاح في الصين في تطويق الوباء، والحد من انتشاره ومعالجة المصابين، والحالة الثانية تأتينا من إيطاليا، حيث أوصلها التهور والاستهثار  الى مرحلة العجز الكلي عن  مواجهة الوباء.
هذان درسان بليغان يجب استيعابهما جيدا والعمل بهما، فإما أن نكاثف الجهود ونساهم جميعا في تطبيق الإجراءات العاجلة التي تصدر عن أجهزة الدولة، أو يكون الخطر الذي يداهمنا جميعا.
والأكيد أن كل الشعب المغربي قمة وقاعدة في تناسق تام، مجند من أجل ربح هذه المعركة المصيرية، حتى ولو كره الكارهون..

محمد الروحلي

Related posts

Top