الوردي: القانون المنظم لهيئة الصيادلة متجاوز ويتعين تحيينه

>  مبعوث بيان اليوم إلى طنجة: عبد العالي بركات

 تتواصل بمدينة طنجة فعاليات الدورة السابعة عشر للمهرجان الوطني للفيلم إلى غاية خامس مارس، وقد تميز حفل افتتاح هذه التظاهرة التي يسهر على تنظيمها المركز السينمائي المغربي، بتكريم ثلة من السينمائيين المغاربة الذين أغنوا ذخيرتنا السينمائية بإبداعاتهم المتفردة: المخرج لطيف لحلو والممثلين فاطمة الركراكي ومصطفى الزعري، كما تم استحضار أرواح السينمائيين الذين غادروا دنيانا خلال السنة الأخيرة والترحم عليهم، وإعادة إلى الأذهان مقتطفات من مسارهم السينمائي: الناقد السينمائي مصطفى المسناوي والممثلين فاطمة بنمزيان ولبنى فاسيكي والطيب الصديقي والمنتج السينمائي عمر جوال.
ووقع الاختيار على الفيلم القصير الدجاجة لعرضه في الحفل الافتتاحي، وهو من إنتاج المركز السينمائي وإخراج جان فيلشيه، ومن بين أبطاله الراحل الطيب الصديقي، ويعرض الفيلم مشاهد من الفلكلور المغربي. وهو يعد وثيقة هامة على اعتبار أنه صور في أواسط الخمسينات من القرن الماضي.
وتم خلال الحفل الافتتاحي كذلك استعراض تشكيلة لجنتي تحكيم أفلام المسابقة الرسمية، حيث تتألف لجنة الفيلم الطويل التي  يترأسها الناقد نور الدين أفاية من المخرجة فريدة بنليزيد والممثلة فاطمة خير والسيناريست فاطمة الوكيلي والمنتج إدريس المريني ومهندس الصوت فوزي ثابث والكاتب العام السابق للمركز السينمائي المغربي مصطفى استيتو.
أما لجنة تحكيم الأفلام القصيرة التي يترأسها هذه المرة المخرج السينمائي عبد السلام الكلاعي، فتضم كل من السيناريست بهاء الطرابلسي والمخرجة ليلى التريكي والصحفي علي حسن والكاتب المسرحي الزبير بن بوشتى.
 ولا شك أن المتتبع لمختلف دورات هذا المهرجان، سيلاحظ تطورا ملموسا وإيجابيا خلال هذه الدورة بالذات، ويتجلى ذلك في نقطتين أساسيتين: قرار مناقشة أفلام المسابقة الرسمية بعد عرضها مباشرة وليس في اليوم الموالي كما جرت العادة بذلك، ومن المؤكد أن هذا الأسلوب التنظيمي سيسمح بإغناء النقاش على اعتبار أن مشاهدة العمل السينمائي لا تزال حينذاك طرية.
 أما النقطة الثانية التي تشكل إضافة نوعية للمهرجان؛ فتتمثل في برمجة أربع ورشات: الإنتاج والتوزيع والاتغلال السينمائي، الكتابة السينمائية والإخراج السينمائي ودور وسائل الإعلام، التكوين والبنيات التحتية، النقد السينمائي والأندية السينمائية.
 وبمناسبة هذه الدورة، استعرض مدير المركز السينمائي المغربي صارم الفاسي الفهري بعض الأرقام الدالة على أن السينما المغربية قطعت أشواطا لا يستهان بها، حيث ذكر أنه منذ سنة 1958 التي أخرج فيها أول فيلم مغربي طويل، ويقصد هنا فيلم الابن العاق للراحل محمد عصفور، منذ ذلك الحين إلى متم السنة الماضية، تم إنتاج 325 فيلما طويلا، منها 194 فيلما في الخمسين سنة الأولى، أما 131 فيلما المتبقية، فقد أنتجت على مدى السبع عشرة سنة الأخيرة، أي أن ما يعادل 40 في المائة من مجموع الفيلموغرافية المغربية أنتج في ظرف سبع سنوات فقط.
 واعتبر صارم الفهري أن هذه الدورة مؤشر على أن السينما المغربية ما زالت في مفترق الطرق، وان الوقت قد حان بالنسبة لجميع المهنيين، لينكبوا بكل موضوعية وتجرد وبكثير من الهدور على مناقشة وضعية السينما المغربية في مختلف مكوناتها: الإنتاج والتوزيع والاستغلال، وكذا التكوين والصناعة السينمائية، والتساؤل حول واقع سينمانا وآفاقها ونقط قوتها وموطن ضعفها، والمكانة التي نريد لها أن تتبوأها بين سينمات العالم.
 ودعا بهذا الصدد المهنيين للإجابة عن هذه التساؤلات، متجردين من كل استخفاف غير لائق، ودون ضرب بالسوط الذي لن يغني النقاش ولن يقدم أي إنتاج.
 وفي سياق وعي المسؤولين عن الشأن السينمائي ببلادنا، بمدى ضرورة الوقوف وقفة تأمل في الأشواط التي قطعها هذا الفن وفي المسار الذي يؤول إليه، خصوصا في ظل التحولات السريعة التي ما فتئت تطرح في المجالات المرتبطة بالقطاع السمعي البصري، والسينما جزء لا يتجزأ من هذا القطاع، تقرر أن يصب المحور الرئيسي  لجلسات النقاش المبرمجة ضمن الأنشطة الموازية،  حول سؤال كبير، وهو: أين هي السينما المغربية؟
وقد أعد رئيس الغرفة الوطنية لمنتجي الأفلام عبد الرحمن التازي بهذا الصدد أرضية للنقاش، يذكر فيها أنه في العديد من بلدان العالم، كانت السينما وسيلة لتصبح معروفة خارج حدودها، وأنها تظل واحدة من أفضل الطرق لتأكيد الهوية الثقافية الوطنية. كما يستحضر التازي التوصيات التي أتت بها المناظرة الوطنية الأولى مطلع التسعينيات من القرن الماضي من أجل تنمية وإصلاح القطاع السينمائي الوطني، في ما يخص الإنتاج والتوزيع والعرض والبنية التحتية والتكوين، وقد تمت بلورة بعض الحلول والمقاربات، منها ما تعلق بملاءمة التشريعات والقوانين مع الواقع الوطني، وخلق وتطوير بنية تحتية للإنتاج قابلة للبقاء، وإعفاء ضريبي نسبي.
 إلا أن القاعات ــ يضيف رئيس الغرفة الوطنية لمنتجي الأفلام ــ ما فتئت تقفل أبوابها، كما تقلص عدد المتفرجين لينتقل من 45 مليون في الثمانينات إلى أقل من 3 مليون في سنة 2015، وعزا الأسباب التي ألت إلى هذا الوضع إلى القدرة الشرائية للمواطنين والتكنولوجية المتقدمة وقوة الأنترنت والقرصنة في جميع أشكالها بالإضافة إلى عدم تشجيع المستثمرين في هذا القطاع.
 وأوضح أنه بالرغم من صندوق الدعم وبالرغم من تشجيع الدولة الكثير من الاستثمارات في صناعة السينما، وبالرغم من تضاعف عدد الأفلام المنتجة، فإن السينما المغربية لا تزال متعثرة، وهو إن كان لا ينكر أن وجود أفلام مغربية ذات جودة مقبولة من الناحية التقنية، غير أن هذه الأفلام لم تتمكن من التعبير عن المغربي في بيئته وثقافته بكيفية مميزة.     
وضمن الورشات التي برمجتها إدارة المهرجان، تم صباح السبت الماضي مناقشة الإشكالية المرتبطة بالإنتاج والتوزيع والاستغلال السينمائي، شارك فيها العديد من الفاعلين في المجالات المذكورة، ومن بين أبرز الخلاصات التي خرج بها المتدخلون أن العائق الذي تشكو منه السينما المغربية، يتمثل في غياب الجودة المرتبطة بالقضايا التي يتم معالجتها، إلى جانب عدم انخراط المستثمرين في هذا المجال، وغياب منتج حقيقي للفيلم المغربي، وأن كل ما هناك منتجون ينتظرون التمويل لتنفيذ إنتاجاتهم، بسبب انعدام مناخ سليم للاستثمار في الإنتاج السينمائي، وعجز الفيلم المغربي عن تحقيق مردودية مادية. وتمت بالمناسبة الدعوة إلى فرض تحفيز ضريبي في ما يخص الإنتاج.
 وتم التنويه في هذه الورشة بالشراكة التي أقامتها إدارة التلفزة المغربية مع المركز السينمائي المغربي، في ما يتعلق بالإنتاج السينمائي المشترك، وهو ما يشكل عنصرا هاما للنهوض بالسينما المغربية، وإن لم يتم إغفال الإشارة إلى أن التمويل المرصود من طرف التلفزة يظل جد محدود.

***Sans titre-8المخرج السينمائي محمد اسماعيل: أهدي فيلمي إلى الذين يقاومون من أجل أن يجعلوا من الإحباط أملهم الوحيد

 الانطباع الأولي الذي خرج به العديد من متتبعي التجربة السينمائية للمخرج محمد اسماعيل، بعد مشاهدة فيلمه الطويل: إحباط، الذي يشارك ضمن المسابقة الرسمية للمهرجان، هو حصول تراجع في هذه التجربة، على اعتبار خلو شريطه الأخير، من التطرق إلى القضايا الكبرى التي طبعت أفلامه السابقة، من قبيل: وبعد، وهنا ولهيه، اللذين يعالجان مشاكل الهجرة، بشحنة عاطفية قوية، وكذلك قضية التطرف، وهجرة اليهود من المغرب في أفلامه الأخرى.
 وبخصوص الفيلم الذي يشارك به في هذه الدورة، هناك تناول لقضايا مستهلكة، خصوصا في الدراما التلفزيونية، مع الإشارة إلى أن هذا الفيلم تم الاشتغال عليه حسبما هو واضح، بتقنية التصوير التلفزيوني وليس السينمائي، مع أنه مصنف في خانة الأفلام السينمائية. من بين القضايا التي يتطرق إليها، الشباب والفراغ، وغياب فضاءات تساعدهم على بلورة قدراتهم وكفاءاتهم الفكرية والإبداعية،ولذلك نجد أن المشاهد التي تطغى على الشريط، تصب غالبا في التحرش وإشباع الغرائز الجنسية والعنف وما إلى ذلك. وحرصا من المخرج على أن يكون للفيلم خط درامي معين، ركز على المعاناة النفسية التي يشكو منها أحد أبطاله الرئيسيين، المترتبة عن صدمة ترجع إلى عهد الطفولة، حين أقدمت زوجة والده على اغتيال هذا الأخير، واضطراره إلى الهرب من البيت والتشرد، ومن حسن حظه أنه تم تخليصه من الشارع والاهتمام برعايته من طرف مؤسسة اجتماعية، ومتابعة مساره الدراسي بتفوق، حيث سيصير مهندسا، غير أن شبح اغتيال والده من طرف الزوجة في عهد الطفولة، ظل يطارده وجعله يعاني من الكوابيس باستمرار، وتجسدت عقدته بالخصوص في كراهيته للنساء، مهما كانت درجة لطفهن ورقتهن. وسيخضع تبعا لذلك لحصص علاجية في عيادة الطب النفسي، تنتهي به إلى التخلص من عقدته.
 سعى المخرج إلى تكسير رتابة الحكي السينمائي، من خلال اعتماده على نقل مشاهد راقصة لنساء محترفات للرقص، وكذا الأجواء التي تسود في النوادي الليلية، غير أن هذا النوع من المشاهد، بالنظر إلى تكراره، بدا أنه لم يكن لهم إسهام سوى في تمطيط المدة الزمنية للشريط، مع التذكير بأنه يستغرق مائة واثني وعشرين دقيقة.
عمل المخرج على تنويع الفضاءات التي تدور فيها وقائع الشريط، حيث هناك فضاءات داخلية: مقر العمل، البيت، العيادة الطبية، النادي الليلي.. وطبعا كل فضاء من هذه الفضاءات ينقل لنا وقائع مغايرة وحياة أخرى للمعيش اليومي. وهناك حضور كذلك لفضاءات خارجية: الشارع بارتباطه برمز التشرد والضياع، الشاطئ باعتباره رمزا للترويح عن النفس، إلى غير ذلك من الفضاءات، وهو ما جعل الشريط حافلا بالوقائع، وإن كانت هذه الوقائع ظلت مشدودة إلى محور مركزي، يتمثل في واقع نخبة من الشباب في مواجهة شبح كبير اسمه الفراغ، شباب يقاومون ــ كما جاء في إهداء الشريط ــ من أجل أن يجعلوا من الإحباط أملهم الوحيد.

***Sans titre-7المخرج السينمائي جيروم كوهن : شحنة عاطفية قوية في شريطه”أوركسترا منتصف الليل”

أصر مخرج فيلم أركسترا منتصف الليل جيروم كوهن، على القول إنه لم يهدف من وراء إخراجه لهذا الشريط أن يوصل رسالة معينة، سواء ذات بعد سياسي أو غيره، وإن كان شريطه يتناول وقائع لقاء يهودي بمسلم والسعي إلى جعلهما متكاملين.
 قصة الشريط بسيطة للغاية، تتمثل بإيجاز شديد، في سعي ابن المطرب اليهودي المعروف مارسيل بوطبول إلى جمع كافة أعضاء الفرقة الغنائية لوالده خصوصا بعد وفاته، ومن خلال ذلك ينقل لنا المآل السيء الذي آل إليه هؤلاء، حيث منهم من أصيب بالجنون، ومنهم من تشرد، مع ذلك سيتمكن من جمعهم مجددا وتحفيزهم على استعادة مجدهم الغنائي.
 غير أن من بين المؤاخذات التي سجلت على هذا الشريط، كونه لم يجعل للغناء اليهودي ذلك الحضور القوي المفترض سيما وأنه يستحضر روح المطرب اليهودي بوطبول.
 غير أن المخرج كان له رأي آخر، حيث أكد على أن هذا الشريط ليس خاصا بالتجربة الغنائية لبوطبول، وأنه تعمد تفاديها مخافة أن يؤدي به ذلك إلى تقليص عالم بوطبول في حد ذاته.
 وقد كان هناك اتفاق من طرف العديد ممن تتبعوا الشريط وناقشوه، على أن أهم ما فيه، يتمثل في كونه تمكن من إيصال شحنة عاطفية قوية.

Related posts

Top