اليوم العالمي للمناطق الرطبة.. مستقبل العيش المستدام

> محمد التفراوتي

يحتفل العالم في الثاني من فبراير من كل عام بـ «اليوم العالمي للأراضي الرطبة» الذي يتم إحياؤه هذه السنة تحت شعار: تحت عنوان «الأراضي الرطبة لمستقبلنا… سبل العيش المستدامة»، بهدف التأكيد على أهمية الأراضي الرطبة باعتبارها ثروة اقتصادية واجتماعية وبيئية، تؤمن الفوائد للأجيال الصاعدة إذا ما تم تدبيرها بشكل مستدام.
وتعتبر الاتفاقية الدولية المعنية بحماية الأراضي الرطبة والمعروفة بـ «إتفاقية رامسار» (Ramsar) أقدم اتفاقية عالمية في مجال البيئة، وتم التوقيع عليها في الثاني من فبراير لعام 1971 في مدينة رامسار الإيرانية (جنوب بحر قزوين)، ولهذا تم اعتماد هذا اليوم من قبل الأمم المتحدة على أنه «اليوم العالمي للأراضي الرطبة». وتهدف الاتفاقية إلى حماية تجمعات الطيور المائية،  من خلال «حماية الأراضي الرطبة واستخدامها الرشيد عبر المبادرات الوطنية والتعاون الدولي كسبيل لتحقيق التنمية المستدامة في أنحاء العالم».
ويوجد حاليا 160 دولة ملتزمة بالمعاهدة مع 2000 موقع على مساحة 200 مليون هكتارا.. والأراضي الرطبة التي يراد حمايتها هي البحيرات الطبيعية والاصطناعية، الأنهار والمستنقعات الموسمية والدائمة وما شابه ذلك، خصوصا مواطن عيش وتكاثر الطيور المائية..
تحت شعار «المناطق الرطبة من أجل مستقبلنا، أنماط عيش مستدامة»، خلدت المندوبية السامية للمياه والغابات ومحاربة التصحر، أول أمس بمدينة أكادير، اليوم العالمي للمناطق الرطبة الذي يصادف 2 فبراير من كل سنة، وذلك بتعاون مع الوكالة الألمانية للتعاون الدولي.
وقال المندوب السامي للمياه والغابات ومحاربة التصحر عبد العظيم الحافي، في تصريحات صحفية بالمناسبة، إن حماية المناطق الرطبة تتوقف على ضمان تدبير معقلن يراعي خصوصية كل منطقة على حدة.
وشدد الحافي على ضرورة دراسة الإمكانات المتاحة لخلق أنشطة بديلة للساكنة المحلية التي توفر قوتها اليومي من الموارد الطبيعية لهذه المناطق، بالتنسيق مع التعاونيات المحلية وجمعيات المجتمع المدني، وذلك لتخفيف الضغط عليها والحد من استنزاف مواردها.
وأبرز أن تطوير نمط السياحة المستدامة بالمغرب رهين بحماية المناطق الرطبة، وذلك تماشيا مع رؤية 2020 لتطوير السياحة بالمغرب، ومع مخطط المندوبية السامية للمياه والغابات ومحاربة التصحر الرامي إلى توظيف هذه الموارد في مشاريع التنمية الشاملة.
وتميز هذا اللقاء التواصلي بالتوقيع على أربع اتفاقيات تهدف إلى تعزيز التعاون بين جميع الأطراف قصد تثمين المناطق المحمية والمحافظة عليها. وتهم الاتفاقية الأولى، التي تجمع بين المندوبية السامية للمياه والغابات ومحاربة التصحر ومرصد الساحل الفرنسي، تعزيز العمل وتبادل التجارب والاستفادة من الخبرات والأبحاث في كل ما يتعلق بتدبير الأراضي الرطبة. كما تشجع على تكثيف الهندسة البيئية في تدبير المناطق الرطبة. وتروم الاتفاقية الثانية، بين المندوبية السامية للمياه والغابات ومحاربة التصحر والوكالة الوطنية لتدبير الأحياء المائية (ANDA)، تعزيز وتنمية تربية الأحياء المائية في جميع الأوساط القارية والبحرية عن طريق تشجيع الاستثمار الخاص في هذا المجال وتبادل الخبرات بغية تحسين تدبيره، مع العمل على تنظيم أنشطة تساهم في الترويج للصيد سواء بالمياه القارية أو البحرية. في حين تنشد الاتفاقية الثالثة، بين المندوبية السامية للمياه والغابات ومحاربة التصحر ومجموعة من الجمعيات المنضوية تحت لواء ما يطلق عليه بالرابطة المغربية في مجال تغير المناخ والتنمية المستدامة، إنشاء خلية عمل جهوية لتطوير مختلف وسائل التواصل وتعزيز جودة التكوين المتعلق بتدبير الأراضي الرطبة كي يستفيد منه كل المهتمين بمن فيهم الجيل الصاعد. أما الاتفاقية الرابعة فهي عبارة عن شراكة بين المندوبية السامية للمياه والغابات ومحاربة التصحر والجامعة الملكية للصيد الترفيهي من أجل تطوير هذا المجال وتحسينه وتشجيع السياحة البحرية، مع إجراء دورات تدريبية مكثفة للحراس لتنمية مهاراتهم.
وتعد المناطق الرطبة من المناطق الأكثر إنتاجية في العالم، وتساهم بما يناهز 14.000 مليار دولار سنويا على المستوى السوسيو-اقتصادي. ويعتبر المغرب من بين البلدان الأكثر غنى بالمناطق الرطبة مقارنة مع باقي الدول المغاربية، حيث تغطي الأنظمة الرطبة  مساحة إجمالية تقدر بأزيد من 200 ألف هكتار، يضاف إليها حوالي 3500 كلم من السواحل البحرية. وانخرط المغرب، مند توقيعه على اتفاقية (رامسار) سنة 1980، في سياسة المحافظة والتنمية المستدامة للمناطق الرطبة، عبر تضمينها في المخطط المديري للمناطق المحمية وتجهيزها بالآليات والأدوات اللازمة لتحقيق التدبير المستدام لهذه المناطق.
وتم تحقيق العديد من المنجزات من بينها صدور القانون المتعلق بالمناطق المحمية سنة 2010 التزم فيه المغرب بالحفاظ على النظم الإيكولوجية. وكذلك إتمام الجرد الوطني للمناطق الرطبة وبلورة الاستراتيجية الوطنية لحمايتها، ولمواجهة مخاطر الاستغلال المفرط لمختلف موارد المناطق الرطبة وتعرضها للاختلالات البيولوجية التي يعرفها العالم حاليا بسبب إشكالية التغيرات المناخية.
وتتلخص أهم منجزات المندوبية السامية للمياه والغابات ومحاربة التصحر في إخراج الجرد الوطني للمناطق الرطبة في المغرب، حسب أهمية وهشاشة الانظمة البيئية المتواجدة بها، الذي كشف عن 300 موقع على مساحة 400 ألف هكتار. كما تم وضع استراتيجية وطنية للحفاظ على المناطق الرطبة ستمكن على المدى الطويل من المحافظة على المناطق الرطبة بالمغرب في ظل التنمية البشرية المستدامة.وإدراج 20 موقعا جديدا على قائمة رامسار، ليصل بذلك العدد الإجمالي إلى 24. وكذا تطوير وتحديث استراتيجية تدبير المناطق الرطبة ذات الأولوية، حيث يتمركز  العديد منها بالمنتزهات الوطنية. ووضع استراتيجية تعليمية توعوية  وتحسيسية خاصة بالمناطق الرطبة، في إطار برامج التربية البيئية. وقد تم إنجاز عدة مشاريع تنموية بهذه المناطق، في إطار تشاركي مع فعاليات المجتمع المدني والساكنة المحلية، تهدف إلى تثمين هذه المنظومات ذات أهمية إيكولوجية وسوسيو- اقتصادية عالية، عبر تنمية السياحة البيئية وتنمية بعض الأنشطة المدرة للدخل. يشار أن  تخليد هذا اليوم عرفمشاركة والي الجهة زينب العدوي، وعامل اشتوكة آيت باها عبد الرحمان بنعلي، ورئيس الجهة إبراهيم حافيدي. ووزعت بالمناسبة معدات وبذلات على أعضاء جمعية «الواد» لمرافقي زوار المنتزه بمصب واد ماسة، وتم الوقوف على تجربة التعاونية النسوية للمنتجات البحرية بدوار «الدويرة»، بجماعة إنشادن.

Related posts

Top