اليوم الوطني للمسرح.. الدورة 13 لمهرجان أماناي

الندوة الفكرية لمهرجان أمناي تنتصر لفنون القول بمقاربات متكاملة

< تقديم: ذ. لحسن احسايني

تمحورت الندوة الفكرية للدورة 13 لمهرجان أمناي بورزازات حول موضوع: «المسرح وفنون القول الشعبي… تخييل وفرجات»، وقد قام بالتنسيق العام لهذه الندوة الدكتور حسن يوسفي الذي أعد ورقة تأطيرية تلم وتحيط بالموضوع وأسئلته.
لم تكن الدورة الثالثة عشر من مهرجان أماناي الدولي للمسرح بورزازات كمثيلاتها من الدورات السابقة، إذ اقترنت بفقرات وبرنامج فني مكثف ودسم امتزج فيه الفني بالشعبي، والثقافي بالفكري، والاجتماعي بالإنساني، فقد أضفى الجانب الفكري للمهرجان صفة الإنسانية والحميمية تارة، والدقة والموضوعية تارة أخرى.
جاءت الندوة الفكرية لهذه الدورة كاحتفال بالتراث الشعبي وفن القول في علاقته بالمسرح، لذلك اختار منسق الندوة الدكتور حسن يوسفي «المسرح وفنون القول الشعبي.. تخييل وفرجات» موضوعا لها.
شهدت الندوة جلستين عرفتا مداخلات غنية ومتنوعة لمجموعة من الباحثين، وتأتي هذه الندوة كاستمرار للتقاليد العلمية التي رسختها جمعية فوانيس ورزازات، من كون المواضيع المقترحة لأشغال الندوات تكون امتداد للنقاشات الدائرة التي تشهدها الساحة النقدية، وباعتبار الجنوب الشرقي غني بفنون القول الشعبي وعلاقته بالمسرح. ويتضمن الجانب الفكري أيضا تقديم مجموعة من الإصدارات المسرحية الجديدة..
في الجلسة الأولى للندوة التي أدارها الأستاذ والفنان إسماعيل الوعرابي، الذي تفاعل مع معطى الحضور الوازن للمتدخلين بمرونة، مكنته من استيعاب فيض الحيوية الفنية والأكاديمية، والانتقال من متدخل إلى آخر، فضلا عن حضور متنوع لأساتذة باحثين وفنانين وطلبة باحثين، والجمهور الواسع الذي أثث فضاء قصر المؤتمرات، تحدث الدكتور خالد أمين مدير المركز الدولي لدراسات الفرجة في ورقته عن فنون القول التراثية وديناميات تحديث الفرجة المسرحية في المغرب، فيما تطرق الدكتور سعيد كريمي أستاذ التعليم العالي بالكلية المتعددة التخصصات بالرشيدية في مداخلته إلى التخييلي والفرجوي في بعض فنون القول بتافيلالت، واختار الحديث عن فن النكادي، أما الأستاذ عبد المجيد فنيش فقد تناول في ورقته فن الملحون وحضوره في المسرح المغربي من مسرحة القصيدة إلى مناظرة مضامينها، بدوره وفي الاتجاه نفسه ذهب الأستاذ سالم عبد الصادق للحديث عن فرجوية الملحون بين جمالية النص وإبداعية العرض، لتُختتم الجلسة الأولى بورقة الدكتورة فوزية لبيض التي تحدثت عن المسرح وتجليات بلاغة المتكلم، قبس من التراث الشعبي المغربي.
أما فيما يخص الجلسة الثانية والتي أدارها الدكتور حسن يوسفي أستاذ التعليم العالي بكلية علوم التربية، جامعة محمد الخامس بالرباط، فقد تناولت المداخلة الأولى للأستاذ محمد بهجاجي حضور فنون القول في تجربة مسرح اليوم، فيما ذهب الدكتور محمد جلال أعراب للحديث عن فن القول في تجربة محمد مسكين من خلال نصه المسرحي «اصبر يا أيوب»، أما المداخلة الثالثة للدكتورة بشرى السعيدي فقد تناولت فيها المسرح والتراث، شعر الملحون قراءة في عرض الساكن لحسن هموش، حيث وقفت في مداخلتها عند أهم الأبعاد الدلالية والجمالية لعرض الساكن، أما الدكتور عبد الله بريمي فقد تناول في ورقته فن الملحون معنونا مداخلته بـ: «إذا فزت بالخيال الشعبي فإنك ستفوز باللعبة» تحليل قصيدة الزطمة الجيلالي امتيرد، لتختتم الجلسة الثانية بمداخلة للدكتور يوسف أمفزع الذي ارتأى أن يتحدث عن فنون القول في الراب منطلقا من عرض «بريندا» حيث تحدث عن المسرح الشبابي المغربي والثقافة المضادة انزياحات جمالية وبراديغمات ثورية، مشيرا إلى أنه لا بد من إنتاج مسرح مغربي يواكب «العهد الجديد» بما فيه من تطلعات جمالية تلامس فئة الشباب.
وفي الأخير تفاعل الحضور مع جل المداخلات، تنوعت بين تساؤلات وإضافات لما جاء به المتدخلون في موضوع الندوة، حيث تفاعل الأستاذ عبد المجيد أوهرى مع موضوع مسرحة الراب، من خلال عرض بريندا، فيما تفاعل د. عبد الله المطيع مع ورقة د. بشرى السعيدي التي قدمت قراءة لعرض الساكن لمخرجه حسن هموش، إلى جانب تفاعلات أخرى جلها يصب في موضوع علاقة المسرح بفن الملحون.
وضمن المحور الفكري تحتفي هذه الدورة في حلقتين تعريفيتين الأولى لشخصية بارزة في المسرح المغربي يتعلق الأمر بالمبدع محمد قاوتي، عبر ماستر كلاس اختارت له إدارة المهرجان عنوان: «المسرحية وفنون القول.. تجربة مبدع». محمد قاوتي الحكاء المفوه، والمحدث النبيه، الزجال والمسرحي والفنان فوق العادة. فأماناي يجترح سبيلا سلسا لعبور واحاته الفنية والفكرية والتكوينية: المسرح والشعر: وهج المراقي وحدود التلاقي. الجلسة ادارها مدير المهرجان الأستاذ إسماعيل الوعرابي.
أما الحلقة الثانية في رحاب أسايس.. واحة أماناي، وبين ستارة تسدل وأخرى ترفع، دعوة لجلسة الإمتاع والمؤانسة في حضرة الذاكرة الحية للمسرح المغربي، خصصت إدارة المهرجان لقاء خاصا مع الإعلامي والمؤلف الحسين الشعبي، بعنوان بـ: «المسرح المغربي.. تراكمات وإكراهات»، أدار اللقاء الدكتور عبد المجيد أوهرى، الذي قدم ورقة تقديمية حول المسار الحافل للإعلامي والباحث الحسين الشعبي، لقاء عرف تفاعلا كبيرا من أصدقائه أو بتعبير الفنان محمد قاوتي أصحابه كله محبة وعرفان، ولحظة اعتراف بمسار باحث ونقابي ناضل من أجل الدفع بعجلة المسرح المغربي وتذويب جليد إكراهاته، واختتم اللقاء بحفل توقيع الكتاب الجماعي حول تجربة الحسين الشعبي، المعنون بـ: «الحسين الشعبي.. فواتح العرفان»، الذي أصدره المركز الدولي لدراسات الفرجة وأشرف عليه الكاتب المسرحي محمد قاوتي.
أَمَانَّايْ… فرصة أخرى لنلتقي، وخطوة أخرى لنرتقي، بالمسرح، هذا النبيل الذي سيظل يجمعنا، وعلى درب الفنون سائرون. هذه لسعة المسرح.. لوعة الفن… روعة الحياة. ولكم أن تضعوا من مفردات الجمال ما تشتهون…
فيما يلي تقرير مفصل عن أشغال الندوة صاغه وأعده الدكتور اسليمة امرز

******

< تقرير: د. اسليمة امرز

احتضن بهو قصر المؤتمرات بورزازات، يومه 30 أبريل 2023، ابتداء من الساعة الحادية عشرة صباحا، ندوة فكرية نسق لها الدكتور حسن يوسفي، وتمحورت حول المسرح وفنون القول الشعبي، وذلك عبر جلستين فكريتين.
هذه الندوة التي أدار جلستها الأولى الباحث اسماعيل الوعرابي، وقام بتقرير أشغالها الدكتور اسليمة امرز، استهلت أشغالها بطرح إطارها العام من خلال إبراز علاقة المسرح بالتعبيرات القولية الفصيحة والعامية وإمكاناتها التخييلية التي أثرت المسرح المغربي، لتشيد جسور التفاعل والتواصل بين المسرح وفنون القول الشعبي، كالملحون والزجل وباقي الأنماط التعبيرية المرتبطة بمختلف الثقافات والجهات واللهجات، عربية كانت أو أمازيغية أو حسانية…

الجلسة الأولى

وقد عرفت الجلسة الأولى إلقاء خمسة أوراق بحثية هي:

جانب من الجلسة الأولى للندوة الفكرية

الدكتور خالد أمين: «فنون القول التراثية وديناميات تحديث الفرجة المسرحية في المغرب»

استهلت هذه الورقة البحثية بالحديث عن المسرح وفنون القول الشعبي في المسرح المغربي من خلال تمفصلات العمل المسرحي المستهدف لمتلقي محدد المرجعية والخلفية الثقافية والاجتماعية، وربط الفرجة المسرحية بسياق الفضاء الركحي، المتمثل أساسا في التخلص من الهيمنة بشتى صنوفها، لينتقل الدكتور خالد أمين إلى الحديث عن عودة الطيب الصديقي إلى فرجة «سلطان الطلبة» الشعبية التي كان الطَّلبة يتسلَّوْن بها في حاضرتي فاس ومراكش وانطلاقًا منها قدَّم مسرحيته الرائدة (سلطان الطلبة) سنة 1965، كما اشتغل على سيرة أهم شاعر شعبي جوّال عرفه المغرب وهو الشيخ عبد الرحمان المجذوب ليؤلِّف انطلاقًا من أشعاره رائعته المسرحية (ديوان سيدي عبد الرحمان المجذوب) سنة 1967، ثم عاد إلى شعر الملحون الشعبي ومنه بَلور عمله المسرحي الأشهر (الحرّاز) سنة 1970؛ لأن هواجس التأصيل العربية أسرَت الصديقي خصوصا بعد النجاح الكبير الذي صادفَتْه عروضُه في عدد من العواصم العربية..
وقد استمر هذا الوصل، يؤكد المتحدث، بفنون القول الشعبي في التجارب المسرحية الشبابية المغربية من قبيل أمين غوادة ومسرحيته الرابوز، التي كانت ورشة تجريبية قائمة على سلطة المؤدي لصياغة شاعرية للارتجال. كما اتسمت تجربة محمد الحر باستحضار عنصر السرد في إعادة تشكيلة الفرجة المسرحية القائمة على آلية القول.
يرى المتدخل أن عنصر النسج في صياغة الحكاية في الفرجة المسرحية المغربية ناتج عن الحياكة والسيرورة العملية لتداخل الحكايات ضمن عملية الحكي الذي يرتبط بالذاكرة/ ذاكرة الشخصية / ذاكرة الشخصيات في تقاطعات تشكل الذاكرة الجماعية .

> الدكتور سعيد كريمي: «التخييل والفرجوي في فرجات درعة تافلالت»

ركز الدكتور سعيد كريمي، في مداخلته، على ثراء فرجات جهة درعة تافلالت والجنوب الشرقي وتنوعها بتنوع فضاءاتها الجغرافية والاجتماعية، إذ يرتبط هذا التنوع بالمجتمع الواحي شبه الصحراوي من خلال طقسنة كل مناحي حياته. فالشعر الأمازيغي بهذه الربوع محمل بالفرجة التي تقوم على القول الشعبي / لكلام وطريز لحروف

الحسين الشعبي ومحمجد قاوتي في توقيع فواتح العرفان

يرى الدكتور كريمي أنه من السهل مسرحة قصيدة الملحون الذي ظهر أولا في تافيلالت لينتقل إلى فاس وتارودانت (شعر لقريحة)، ليصل إلى مراكش. كما يتسم هذا الشعر الفيلالي المنشأ بشمولية مواضيعه وتيماته التي تجاوزت كل المواضيع المتداولة والمعروفة، فشعر الملحون شعر جمالي فلسفي يعتمد الانزياح والتخييل. كما يعتبر الدكتور كريمي أن الجنوب الشرقي عموما وجهة درعة تافيلالت خصوصا تعجان بالأنماط والأنساق التعبيرية والتمثلات الثقافية المفعمة بالفرجة، كنموذج الجرفي، نسبة لقبيلة اجرافة وهي من قبائل عرب الصبح المتواجدة نواحي أرفود.

> الأستاذ عبد المجيد فنيش: «شعر الملحون وموقعه في المسرح المغربي»

استهل الأستاذ عبد المجيد فنيش ورقته بالحديث عن مكانة فن الملحون في سياقات الثقافة المغربية منذ البدايات، إذ يرى أن الملحون لم يجد مكانته ءانداك في المسرح المغربي كون النخب السياسية في ذلك الوقت تمقت الدارجة. إلا أن الإرهاصات الأولى لانفتاح الفن المسرحي على الملحون تجلت في تجربة عبد الله شقرون مع الفرقة الوطنية للإذاعة، إذ قدمت مجموعة من الأعمال المسرحية الإذاعية بالدارجة المغربية مستثمرة بذلك ما يتيحه شعر الملحون من إمكانات فنية ذات حمولة ثقافية واجتماعية قريبة من الوجدان الجمعي المغربي.
فقد ساهمت تجربة المسرح الإذاعي في انفتاح المسرح على الملحون بعد الانبهار بالأعمال التي قدمتها الفرقة الوطنية للإذاعة، والقائمة على فن القول الشعبي، من خلال فتح مسارب البحث في هذا الشعر الشعبي، الأمر الذي مكن من ظهور مشاريع فنية قائمة على استلهام فنون القول من نظم ونثر وخصوصا مسرحية «الحراز» التي اشتغلت على فرجة الحلقة مع الطيب الصديقي، ومسرحة الملحون مع عبد السلام الشرايبي.

> الدكتور سالم عبد الصادق: «من جمالية النص إلى جمالية العرض»

استهل الباحث سالم عبد الصادق تدخله بالحديث عن فن الملحون ومكانته ضمن الثقافة المغربية، إذ يراه عمود هذه الثقافة ووعاءها الجامع لكل ما يرتبط بالإنسان المغربي وقيمه الحضارية، ليصيغ تساؤلاً حول الملحون إن كان يندرج في سياق الشعر الفصيح أو العامي، حيث يستدل على أنه خليط بينهما وإن ذلك يشكّل ميزة له، لكنه يقود إلى إشكالات في لغته بين المنشد والمتلقي. ويتتبع الدكتور عبد الصادق عدداً من نماذج القصائد التي يتناولها شعراء الملحون، سواء تلك التي تحوي مضامين دينية أو انتقادات سياسية أو تبحث في العلاقات الإنسانية، وكيف أنها تشكل أدباً خاصاً خارج المدونة الرسمية بما تقدمه من رؤى وأفكار… لينتقل المتدخل إلى استحضار التجارب النقدية المواكبة لمحطات من مراحل الفرجة المغربية التراثية، ابتداء بفرجة المنعطف أو منعطف الفرجة في تجربة الدكتور خالد أمين التي يراها المتدخل بأنها منعطف حقيقي في سبيل تطوير المسرح المغربي، وتجربة الدكتور حسن يوسفي في تشريح إشكالية التمسرح في شعر الملحون. ليختتم المتدخل ورقته بإقرار فن الملحون فرجة قائمة بذاتها تحوي كل مقومات المسرح ابتداء بالكتابة (كتابة القصيدة / كتابة النص الفرجوي) ووصولا للعرض عبر جماليات اللغة والتخييل. ليستدل على هذا التقارب بنماذج من شعر الملحون وظفت لفظة فرجة أو إحدى مشتقاتها من قبيل: لفراجة – فرجة – الفرجات….

> الدكتورة فوزية لبيض: «المسرح المغربي وبلاغة المتكلم: قبس من التراث المغربي»

استهلت الدكتورة فوزية لبيض ورقتها بالحديث عن المسرح المغربي وعلاقته بالتراث الفرجوي وفنون القول، حيث ترى المتدخلة أن المسرح المغربي من أكثر المسارح العربية استلهاما للتراث الشعبي بفعل التنوع الثقافي والحضاري الذي يزخر به المغرب، علاوة عن الثقافات التي تعاقبت على حكم المغرب وتعدد الفضاءات العامة التي تعرض فيها الفرجات الشعبية (الساحات – الأسواق – الواحات والقصور…)، كما عرجت المتدخلة على إشكالية المنهج التي تعتري عملية الاشتغال على التراث الشعبي. وعلاقة بالممارسة المسرحية المغربية قدمت المتدخلة كرونولوجية تاريخية عن بعض التجارب المغربية التي نهلت من معين التراث الشعبي، وفي مقدمتها تجارب كل من: الطيب الصديقي، عبد الكريم برشيد، احمد الطيب العلج، عبد المجيد فنيش، محمد قاوتي، إضافة إلى تجارب الجيل الجديد أمثال حسن هموش وغيره.

*****

الجلسة الثانية

وشهدت الجلسة الثانية التي أدارها الدكتور حسن يوسفي، وقام بإعداد تقريرها الدكتور اسليمة أمرز
مشاركة خمسة باحثين (ات) قاربوا محور الندوة من أبعاد جمة، وهي:

> الأستاذ محمد بهجاجي “المسرح وفنون القول الشعبي: تحليل وفرجات”

قدم الأستاذ محمد بهجاجي بانوراما عالمة لتقاطعات المسرح وفنون القول الشعبي من خلال أربعة مستويات، أوردها كما يلي:
• تبني المسرح للقصيدة الشعرية؛
• تمثل النص المسرحي للشكل الحواري للقول الشعري والمثل والحكاية؛
• حضور الأزجال في المسرح كتأثيث جمالي وفني؛
• اعتماد المسرح على القصائد الزجلية بشكل بنيوي.

محمد بهجاجي أثناء توقيع كتابه رفقة اسليمة امرز

كما تطرق الباحث إلى الاستدلال على هذه العناصر بأعمال من تجربة عبد الواحد عوزري من قبيل مسرحية “حكايات بلا حدود” التي اشتغل فيها على نصوص الماغوط بتصور تطغى عليه السخرية السوداء، ومسرحية “نركبو لهبال” التي اشتغل فيها على قصيدة احمد المجاطي.
واختتم المتدخل ورقته البحثية بالحديث عن مسرح اليوم الذي دشنه الأستاذ محمد بهجاجي مع عوزري وثريا جبران، كتجربة فارقة في المسرح المغربي من حيث العمق الإبداعي، كتابة وإخراجا وأداء، وما صاحبها من إشعاع إعلامي.
فهذه التجربة التي تمثل لدى بهجاجي «لحظة نضج» في مساره الإبداعي، باعتبارها تجربة أتاحت له العمل مع «بنت الدرب» ثريا جبران ومع ابن نفس الأفق السياسي والثقافي عبد الواحد عوزري قبل أن تبدأ علاقتهم المسرحية في 1998 والتي ستتوج بميلاد فرقة «مسرح اليوم»، التي قدمت للجمهور النوعي الذي واكب التجربة، روائع مسرحية من مثل: البتول، العيطة عليك، الجنرال، امرأة غاضبة… مسرحيات خرجت عن التصور التقليدي للفرقة المسرحية نحو آفاق تجريبية أخرى وبوعي جديد انفتح على القول الشعبي (الزجل، الرواية، الشعر)، كما مس هذا «الانقلاب الناعم» التسيير الإداري للفرقة بربط علاقات خاصة مع القطاع الخاص، وإحداث مسؤول عن التواصل بالفرقة لضمان إشعاع أكبر لما تقدمه، ما تمخض عنه تكوين جمهور خاص ونوعي كان يتابع أعمالها بشغف.
واليوم، يعتبر بهجاجي أن تجربة «مسرح اليوم» استنفذت مهامها، لكنها تجد نفسها في امتدادات أخرى وباجتهادات ربما أكثر في تجارب فرق مسرحية أخرى تعد بالكثير من خلال تتمة المسار والانفتاح أكثر على رؤى فنية وجمالية مختلفة.

> الدكتور محمد جلال اعراب: “استثمار الشعر والقول الشعري في المسرح.. نحو عوالم التخييل”

تضمنت ورقة الدكتور جلال أعراب ثلاث مستويات ترتبط بما هو نظري، حيث قارب المستوى الأول في مفهوم القراءة والتلقي للموروثات الشعبية، إذ يرى المتدخل أن الرغبة في تدوين القراءة من أكثر الرغبات إلحاحا عند ممارسة فعل القراءة. وهي رغبة تتوسل كل الآليات التي توفرها الكتابة. بمعنى أن بين الكتابة والقراءة علاقة إثبات وامتداد، وباقتصار العنصر الواحد على الثاني ضمن هذه العلاقة تتعطل عجلة الفكر والإبداع، فلا أحد يجرؤ على إلغاء تلازم هذين العنصرين والتحامهما. لذا يعتبر المتدخل أن أدنى فصل بينهما تواطؤ على إنتاج المعنى وإجهاض للدلالة.
أما المستوى الثاني فقد حاول فيه المتدخل، الوقوف عند كيفية حضور ظاهرة “عبد الله المكانة” في المسرح كآلية لتوظيف الشعر الشعبي في المسرح، فعبد الله المكانة شخصية واقعية معاصرة أرخت لاسمها بفضاء ساحة سيدي عبد الوهاب بمدينة وجدة، واستطاعت أن تضمن استمرار اسمها وذكرياتها وحكمها، وأقوالها التي تعد رصيدا ثقافيا شعبيا يحتل موقعا استراتيجيا في فضاء الثقافة الشعبية بالمنطقة الشرقية. وعبد الله المكانة كغيره من الرواد الآخرين الذين أكسبوا ذاكرة الجمهور القدرة الهائلة على التداول والترويج والتخزين والتواصل المعرفي، يرصد بطولات ملحمية تاريخية، وأساطير الأولين، ومكرمات الأولياء، وخوارق الصوفية والزهاد.

ماستر كلاس محمد قاوتي أداره إسماعيل الوعرابي

إن الموقع الذي يحتله عبد الله المكانة في الذاكرة الشعبية، وفي الثقافة الشعبية، وفي حياة الإنسان الشعبي، استهوى الكثير من المبدعين، استهوت طريقته في القص، وارتباطه بهموم الشعب، فدفع الكاتب المسرحي محمد مسكين ليحاوره ويقرأه وينقله بفعل القراءة إلى متن النص المسرحي.
واختتم المتدخل ورقته بالمستوى الثالث الذي توقف فيه عند كيفية تلقى محمد مسكين لظاهرة عبد الله المكانة في مسرحية “اصبر يا أيوب”. فحينما دون محمد مسكين تلقيه لظاهرة عبد الله المكانة الشعبية في مسرحية “اصبر يا أيوب” فقد منحنا مشروعية تحقق تعددية قرائية، إذ تنطلق من عبد الله المكانة باعتباره راويا داخل الحلقة، مرورا بتحقق هذه الشخصية داخل مسرحية “اصبر يا أيوب” وصولا إلى تلقي عبد الله بوصفه شخصية مسرحية في سياق العرض.

> الدكتورة بشرى السعيدي: “المسرح والتراث الشعري: مسرحية (الساكن) لحسن هموش نموذجا”

استهلت الدكتورة بشرى السعيدي ورقتها البحثية بتأطير عام حول اشتغال المسرح المغربي الحديث على قضايا الإنسان بكل أبعادها الثقافية والحضارية والاجتماعية والسياسية نحو ملامسة الطابع الحديث للهوية المغربية عبر مختلف عصورها وأشكالها وتعالقها مع البيئة والمجال والآخر. لتنتقل المتدخلة إلى قراءة موضوعية وجمالية لمسرحية “الساكن” للمبدع حسن هموش، التي أنتجت عام 2017، ومزجت بين الغناء والاستعراض وبين الحوار في كوميديا، ووظَّفت الطرائف والمأثورات الشعبية والأمثال المغربية لإسقاطها على الواقع في مستوياته المتعددة الاجتماعية والثقافية والسياسية.
لتستند المسرحية إلى قصيدة “الدار” للشاعر المغربي الزجلي سيدي قدور العلمي (1742 – 1850) الذي يعد من أبرز شعراء الملحون والزجل، متميزاً بنزعته الفلسفية وحكمته التي بثها في قصائده، وانتقاداته اللاذعة لسلوكيات الناس التي تبتعد عن الفضيلة والمنطق. لتعكس القصيدة مقدار الظلم الذي تعرض له الشاعر، وبخلاف ذلك تتعرض المسرحية للحادثة بنوع من التهكم والسخرية من أجل إبراز التناقضات المتعددة التي يعيشها المجتمع، كما تتندر على المغفلين الذين يصبحون ضحايا لمن يخدعهم، وتنتهي المسرحية باسترداد ما نهب من العلمي بواسطة شقيقته وزوجها، اللذين ابتكرا عدداً من الحيل، وتمكنا في النهاية من استعادة المسروقات.
أما المستوى الجمالي فارتبط بتأثيث الفضاء بداية من الإضاءة وتوظيف القناديل، مرورا بالديكور البسيط المعبر، وصولا إلى السينوغرافيا المؤدية إلى غرض إكمال التأثير الدرامي. وقد جاءت سينوغرافيا العرض بسيطة توزعت على الخشبة، كحواجز من أعواد القصب مغطاة ببُسُط، ويمكن تحريكها على مساحة خشبة المسرح. ووزعت زرابي ملونة ذكرت بفنون النسيج الأمازيغي القديم، استخدمت فيها ألوان الطبيعة لتجميل الواقع، وأضافت إليه مسحة من البهجة. كما تم استخدام مؤثرات سمعية، من موسيقى وأغان أبدع ألحانها الفنان محمد الدرهم.
لقد استطاع المخرج هموش أن يمزج في العرض بين الأغنية الخفيفة والحوارات والمفارقات، لخلق الكوميديا. وقدم الممثلون أفضل ما عندهم من إمكانيات فنية، لإنشاء المزيج الدرامي الكوميدي، ولتصوير حياة الناس قبل قرن ونصف القرن. ومن الواضح أن الارتجال الجماعي للنص أضفى عليه الكثير من النكات والأمثال المغربية التراثية، والتعليقات المعاصرة، التي ذكرت الجمهور بما يحدث في الواقع الحالي، وما في الواقع من أشرار ومحتالين يستخدمون المكر، ويستغلون طيبة الناس وجهلهم بالقوانين، وشعارهم سيء الصيت “القانون لا يحمي المغفلين”، للحصول على ما ليس من حقهم.
كما ساهمت سناء شدال في إغناء العرض باختيارها للأزياء التراثية التي تحيل المتلقي إلى ماضي الإرث الحضاري وخصوصيات الثقافة المغربية.
وقد انتهت المتدخلة إلى كون مسرحية “الساكن” نموذجا جليا لمدى انفتاح المسرح المغربي على التراث الشعبي وصنوف القول الشعبي.

> الدكتور عبد الله بريمي: “إذا فزت بالخيال الشعبي .. فإنك ستغير اللعبة”

تركزت مداخلة الدكتور عبد الله بريمي على إبراز أهمية المخيال الشعبي في شعر الملحون الذي يسمه بالشاعرية وبلوغ جماليات النظم عبر الانزياح الدلالي عبر اختيار محمولاتها اللغوية التي تعد أداة شاعر الملحون في التعبير والبيان، والوسيلة الأولى للتوصيل، توصيل الأفكار والآراء، أو نقل الإحساس إلى الآخرين. كما انتقل المتدخل إلى ابراز العلاقة بين الثقافة الشعبية والحقل الأكاديمي، والإمكانات المعرفية التي تتيحها الجامعة لفهم وتثمين الثقافة العالمة، من خلال الاشتغال عليها ونقدها، لتخلص هذه الورقة البحثية إلى إبراز أدبية القول الشعبي من خلال عنصري التخييل واللغة وكشف تمثلات الخيال المجتمعي للجسد.

> الدكتور يوسف امفزع: “قراءة في مسرحية (بريندا) لمحمد أمين ساهل”

استهلت ورقة الدكتور يوسف أمفزع باستقراء الأبعاد الدلالية لمسرحية “بريندا” لمخرجها أحمد أمين ساهل، التي حظيت بتغطية واسعة عقب أول عرض لها. بل إنها أثارت الكثير من الجدل، بحكم ما تطرحه من قضايا وإشكالات ذات صلة بالمرأة المغربية وما يرتبط بها، من خلال فن الراب. ذلك أن تجربة أمين ساهل في كتابة هذا اللون الغنائي سابقة عن تجربته المسرحية. خاصة وأنه استوحى «بريندا» من مقطوعة غنائية للرابور الأمريكي توباك شاكور، فعمل على إعادة صياغتها وفق طريقة مسرحية مغربية، وإن وفق نفس تجديدي يقوم على استلهام الزجل والموسيقى والرقص داخل قالب مسرحي معاصر. ورغم أن المسرحية في أصلها عبارة عن بحث تخرج، إلا أن أمين ساهل استطاع تطويرها بطريقة فنية جعلتها تأخذ لها مكانة هامة داخل الساحة المسرحية.
وفن الراب المُستخدم في مسرحية «بريندا» جاء في الأصل لمعالجة طابوهات المجتمع والعمل على طرح أسئلة حقيقية تتعلق بالاغتصاب والتحرش، مُستخدماً وجوهاً شابة للتعبير عن فداحة الواقع.
ويرى المتدخل أن العرض المسرحي “بريندا” عمل فني أصيل قادر على خلخلة المسرح المغربي ومحاولة الخروج به من أزمة الشكل ومن قهر الموضوعات المكررة التي تطالعنا من مسرحيةٍ إلى أخرى. وبالتالي تعد أفقا جديدا وتجريبيا في المسرح المغربي المعاصر، إذ نهض العرض المسرحي الشبابي على الأداء التمثيلي الجماعي والكتابة النصية الجماعية، وتناول العرض في تيمته قضايا المرأة بمختلف أشكالها، ومنها التغرير بالقاصرات، والتحرش، والظروف السوسيوثقافية القاسية، التي تجعل من بعض الفتيات فريسة مستساغة سهلة الإيقاع بها، وقد لعب الثراء السينوغرافي دوراً مهماً، في المحمولات الدلالية للنص البصري، سواء على صعيد الأزياء، أو الإضاءة، أو الديكور، والنسق السمعي في النص الموسيقي الاحتفالي، بالإضافة إلى الحوارات، والمونولوجات، والأغاني والشعر، علاوة على تنوع مستويات النص اللفظية، بين الدارجة المغربية، والفرنسية، والعربية الفصحى.
وبعد اكتمال أوراق الجلسة الفكرية الثانية، تم فتح باب التفاعل مع مداخلات الجلستين ضمن نقاش بناء أشاد بنجاح الندوة الفكرية التي دامت زهاء الثلاثة ساعات ونصف.

*******

أرضية ندوة أماناي : ” المسرح وفنون القول الشعبي: تخييل وفرجات “

 إعداد : د. حسن يوسفي

طالما شكل الأدب، بكل تعبيراته الفصيحة والعامية، معينا لا ينضب بالنسبة للمسرح منذ بداياته. ذلك أن خشبات المسرح عبر العالم كانت بمثابة فضاء لعرض قصص وروايات وحكايات وأشعار كتبها أدباء ونسج عوالمها مبدعون من مختلف الأجناس التعبيرية. وقد احتل الأدب الشعبي، محكيا وشعرا، مكانة مهمة في هذا السياق، بالنظر إلى ما أتاحه للمسرحيين من عوالم تخييلية نقلوها إلى الخشبة، وجسدوا من خلالها الوجدان الاجتماعي للناس وحياتهم العادية.
ويشكل الشعر الشعبي أو الشعر العامي (حسب اختلاف التسميات) جانبا مهما ضمن هذه العلاقة التي نسجها المسرح مع طرق القول المختلفة، وذلك باعتباره ذلك التعبير الذي يستمد كلماته وخطاباته وأساليب أدائه من الحياة الشعبية العامة للناس ومن لهجاتهم، ويصوغها بطرق مختلفة في القول يعبرون بواسطتها عن وجدانهم، وعن كل ما يعتمل داخل أنفسهم من مشاعر ورغبات ومعاناة وأحلام وتطلعات..
وفي سياقنا المغربي، طالما شيدت جسور للتفاعل والتواصل والاستيحاء بين المسرح والشعر الشعبي، ممثلا في فن الملحون والزجل وفنون القول البدوية المرتبطة بمختلف الجهات وبمختلف اللهجات المغربية، عربية كانت أم أمازيغية. لقد استمد المسرحيون من هذه التعبيرات عوالم تخييلية، وفضاءات للفرجة المسرحية متعددة التعبيرات والأشكال والحساسيات الفنية..
وطبيعي جدا أن يحدث ذلك بالنظر إلى ما يختزنه الشعر الشعبي المغربي بكل أصنافه من فنون القول ومن المحكيات ومن الأشكال الفرجوية، لاسيما وأن هذا الشعر يرتبط ارتباطا حميميا بطرق أدائه، غناء وإنشادا وتلحينا وترديدا. لقد عبر هذا الشعر الشعبي عن نفسه في أشكال غنائية لها موقعها القوي في الذاكرة المغربية، وأثرها البالغ في الذائقة الفنية الشعبية للمغاربة كالملحون والعيوط وأشكال الأداء الغنائي الفردي الجماعي في مختلف البيئات والمدن والبوادي المغربية، مما جعله قريبا جدا من الحياة العادية للناس في أحزانهم وأفراحهم، في احتفالاتهم المختلفة، وفي مناسباتهم الاجتماعية.
وعليه، فإن هذه الندوة تستهدف إلقاء الضوء على هذه العلاقة بين المسرح باعتباره أب الفنون، وبين فنون القول في الشعر الشعبي المغربي، وذلك من خلال استحضار التجارب المسرحية التي استلهمت هذه العلاقة وأغنت بها الريبرتوار المغربي، وإلقاء الضوء على مختلف الأبعاد الجمالية والفكرية التي تنطوي عليها هذه العلاقة وأثرها على الجوانب الفرجوية، سواء من جانب الإنتاج أو التلقي.

في هذا السياق تقترح الندوة المحاور التالية:
* المسرح المغربي والملحون
* المسرح المغربي والزجل
* المسرح المغربي وفنون القول المختلفة (العيطة ، البلدي…)
* مساءلة تجارب مسرحية استوحت فنون القول الشعبي (عبد السلام الشرايبي، الطيب الصديقي، الطيب لعلج، محمد قاوتي، عبد المجيد فنيش، حسن هموش…)

*****

في مستهل اللقاء المفتوح مع الحسين الشعبي

من جلسات القول الشعبي إلى مقام القوَّال الشعبي

< تقديم وتأطير: د. عبد المجيد أوهرى

د. عبد المجيد أوهرى والكاتب المسرحي الحسين الشعبي في اللقاء المفتوح

في بلاغة القول وبديع العرفان..

في نشوة أماناي ومقاماته، وضمن واحة أماناي المعرفية للثقافة المسرحية، في أرض الفرجات ورحاب القصبة الموشومة.. ورزازات.. يتم نسج القول وتطريزه، ومن نفح طيب أهل المكان، يتجدد العرفان بمسار رجل المسرح المغربي (الحسين الشعبي).
جلسة الأنس هاته، هي من جنس مقامات المجالس، ذات الهيبة، التي ينثرها نثرا شيوخنا الأفاضل، الذين نقتفي خطواتهم، ونرصد آثارهم، ونتعلم من بلاغتهم في فن القول بيانا وتبيانا، في مقدمتهم شيخنا سيدي محمد قاوتي..

في باب بلاغة القول واختيار الكلام

وصلا ببلاغة المؤلف محمد قاوتي وقوله، وطرز الشيخ ونسجه، وفي باب البيـان، ومعـاني القـول وبديـع القوَّال..
يقول الجاحظ في بيانه وتبيانه: “اللهم إنا نعوذ بك من فتنة القول، كما نعوذ بك من فتنة العمل، ونعوذ بك من السلاطة والهدر، كما نعوذ بك من العي والحصر.”
فما بلاغة القول والقوّال؟
قيل لليوناني ـ يقول الجاحظ ـ ما البلاغة؟ قال: تصحيح الأقسام واختيار الكلام.
وقيل للرومي/ العجمي، ما البلاغة: قال: حسن الاقتضاب عند البداهة والغزارة يوم الإطالة.
وقيل للهندي  ما البلاغة؟ قال  وضوح الدلالة، وانتهاز الفرصة، وحسن الإشارة.
وقال معاوية ابن أبي سفيان لصحار بن عياش، ما البلاغة؟ فأجاب: الإيجاز.
وعلى وتري الاقتضاب والإيجاز، نؤسس لدردشتنا في هاته القصارة الشاخذة.

من جلسات القول الشعبي إلى مقام القوَّال الشعبي

في رحاب أسايس.. واحة أماناي، وبين ستارة تسدل وأخرى ترفع، دعوة إلى جلسة للإمتاع وللمؤانسة في حضرة الذاكرة الحية للمسرح المغربي، المؤلف والإعلامي والقيادي والنقابي، رجل المسرح المغربي الحسين الشعبي، كي يتقاسم معنا (ساروت) ذاكرته، فنرتشف من عيون أخباره، ومن ذخيرته، نلتقط نفح طيب مسرحنا، لنرصد، معه، حراكنا المسرحي، ومنعطفات خشباتنا بألقها وأضوائها، وهباء انكساراتها وظلام كواليسها.
الحسين الشعبي، ابن انزكان / أكادير، هناك، ارتشف أرائج الحياة، الستينيات من القرن الماضي، اشتغل بسلك التعليم في أول أمره، قبل أن يتفرغ للعمل الصحفي منذ منتصف تسعينيات القرن الماضي.. وهو اليوم، رئيس تحرير جريدة بيان اليوم. وبالأمس، أوقد أنوار سوس، لكي ينبعث حصن فونتي ومعه قلاع الانبعاث، لتتنفس مسرحا وإبداعا، وتشع ثقافة وأنوارا.. أنــوار سـوس العالمـة.
ومنذ أمس، خط الرجل مساره القيادي في النقابة المغربية لمحترفي المسرح / النقابة المغربية لمهني الفنون الدرامية اليوم، ليساهم في نحث مسارات المسرح المغربي، ويقف على ضفاف تراكماته، ويعمل على تذويب جليد إكراهاته.
الحسين الشعبي، الذي يصفه من خبر معدنه ومساره العلمي والعملي والإبداعي والشخصي، بالرجل العارف والوفي. فقد ظل وفيا لاسمه (الشعبي) اسما وثقافة وهوية وصحبة..

“أحــواش والْكــرّارَة،
وتيسكــوين وهــوارة،
الحــاج بلعيــد وألبنسيــر”..

الحسين الشعبي، هو نفسه شخصية (الساروت) الذي ظل هو الآخر في مسرحيته “الساروت” وفيا حتى “لعــوايــدو ونــاســو وبــلادو، وللبــرارك لي هـزموا الـزلـزال وفيهـم تـولـد”..

وظل وفيا لأزقة الطفولة وشغبها..

“آيـت ملــول وتالبــورجــت
وإنــزكــان وأمســرنــات.
بــويــزاكـارن وآيـت بـاعمــران”

وظل وفيا لعشقه الأول: للمسرح ولهمومه وللمسرح ولرجالاته.

“بــوجميـع ونـاس الغيــوان
رويشــة وعبـد الـرؤوف وقشبـال وزوال
تيمــود ومسكيــن وبــودلال”….

Related posts

Top