انحطاط…

لم نجد أبلغ من كلمة «الانحطاط»، ويمكن أن نضيف لها: «السقوط» أو «الضحالة» أو مرادفات أخرى تعني الشيء نفسه، لتوصيف ما تقيأه الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون في حق المغرب والمغاربة، وخصوصا من خلال التصريحات التي نشرتها مجلة «لوبوان» الفرنسية.
لم يكن تبون في هذا الحوار الصحفي سوى مرددا لكلام مكرور سمعناه من قبل، ولم يكشف سوى ما نعرفه، أي الحقد الدفين للجينرالات تجاه المغرب.
وحده تبون وأسياده بقصر المرادية من يرون أن المغرب هو من «يهاجم يوميا» الجزائر، ولا يرون أن العكس هو الذي يحدث فعليا، وأن العدوانية الجزائرية تجلت في أكثر من مناسبة طيلة عقود، وأن النظام العسكري الجزائري هو من يرعى الانفصال ويموله ويسلحه، ويعادي «على مدار الساعة» الوحدة الترابية للمغرب.
كنا نعرف هذه العدوانية منذ سنوات، ويستمر المغرب في صموده ضدها، ويواصل حماية وحدته وسيادته وحدوده، ولكن الجديد في التصريحات التي عممتها الأسبوعية الفرنسية، أن تبون منح لباتولوجيته بعدا آخر، تجلى في مهاجمته للنظام السياسي المغربي، واستهدف الملك والمؤسسة الملكية، وبدا كما لو أنه معارض سياسي مغربي، أو كما لو أن الحجج انعدمت لديه، ولم يجد سوى طبيعة النظام السياسي المغربي ليقرنها بمآل النزاع المفتعل حول مغربية الصحراء.
هنا تبرز الضحالة جلية، ويفضح الكلام مستوى مطلقه، ويتأكد، من جديد، أننا أمام عقلية متكلسة وجامدة و… مريضة بعقدة المغرب.
عسكر الجزائر، الذين يبعثون الكلام من خلال فم تبون، واضح أنهم ماضون في انحدارهم نحو الأسفل في السياسة والديبلوماسية والأخلاق، ولا يستطيعون الرؤية حواليهم، وإنما عيونهم لا ترى سوى المغرب، ولم يعد لديهم أي انشغال لمصلحة بلادهم وشعبهم، سوى تصعيد العداء للبلد الجار.
وفِي الوقت الذي ما فتئ ملك المغرب يحرص على قواعد السلوك النبيل في التعامل مع المؤسسات الجزائرية، ومع تبون ذاته، فهذا الأخير لا يتردد في الدوس على أبسط شروط اللياقة والاحترام، وبدا، في مختلف التصريحات، كما لو أن الأمر يتعلق بفتيان الحواري أو كلام مراهقين، وليس خطابا سياسيا يفترض أن يلتزم به رئيس دولة.
هنا الفرق بين دولة ودولة. والمغرب، مرة أخرى، يسجل نقاطا لصالحه، وذلك بظهوره دولة حقيقية وعريقة، وحتى في أزمنة التوتر والنزاع، هي لا تفرط في التقيد بالقواعد والأصول التي يتعامل بها الكبار.
المغاربة لديهم أكثر من علاقة وصلة بالصحراء المغربية، وليس كما يتخيل تبون، وهي قضية المغاربة الأولى، وتحضى بإجماع وطني واسع، وهذه الجبهة الوطنية الداخلية المتراصة هي التي تكسرت عليها كل المخططات العدوانية منذ زمان، وهي التي تجسد العقدة الرئيسية لعسكر الجزائر.
اللف والتلميح هذه المرة للنظام السياسي المغربي من لدن الرئيس الجزائري هو ليس سوى  المعنى الحقيقي للابتذال والانحطاط، ومحاولة أخرى فاشلة لتغليط الجزائريين وغيرهم، وهروب يائس من مناقشة عمق الموضوع في هذا النزاع المفتعل.
لسنا في حاجة هنا لاستعراض علاقة الشعب الجزائري الشقيق بهذا الهوس المرضي الذي يلف النظام العسكري هناك، ولسنا في حاجة للتذكير بما يحس به الجزائريون حقيقة، وما عبروا عنه في أكثر من مناسبة، ولكن يكفي أن نعرف أن الحراك الشعبي الداخلي هناك لا يطالب سوى برحيل هذا النظام الماضوي الأعمى، وتحرير الشعب من قبضته، وهذا أبلغ جواب عن جنون تبون، وأقوى رد على كلامه المعتوه.
أما المغرب، فسيستمر في حماية سيادته الوطنية ووحدته الترابية، وهو أيضا يواصل إنجاز الإصلاحات الداخلية وتحقيق انتظارات شعبه في التنمية والديمقراطية، وبذلك هو يحدث الفارق يوميا على الأرض، ولا يبالي بشرود عسكر البلد الجار…
تصريحات تبون المتطاولة على الشأن السياسي الداخلي المغربي يسخر منها المغاربة، ويعتبرونها صبيانية وباتولوجية ومبتذلة و… منحطة.

<محتات‭ ‬الرقاص

[email protected]

الوسوم
Top