انشغالات شعبنا في أفق رمضان..

ينشغل الناس هذه الأيام بما سيكون عليه الأمر خلال شهر رمضان القريب، وكيف سيكون توقيت الإغلاق والتوقف بالنسبة لمختلف المحلات والأنشطة التجارية، وأيضا كيف ستكون حركية التنقل الليلي….، وكل هذه الأسئلة متداولة اليوم بمختلف مجالس الحديث وسط شعبنا، وتمثل انشغالات حقيقية تفرضها أولا الظروف المعيشية والإجتماعية لفئات واسعة من المواطنات والمواطنين، وأيضا حالة الإعياء النفسي الناجمة عن ضغوط وتداعيات زمن كورونا.
نتفهم صعوبة اتخاذ قرارات واضحة على هذا المستوى والإعلان عنها من الآن، ونتفهم تعقيدات هذا الترابط بين القرارات الإدارية والتدبيرية من جهة وتطورات الوضع الوبائي وسير عملية التلقيح من جهة ثانية، ولكن في نفس الوقت يعتبر التواصل مع الرأي العام الوطني ضرورة، ومن شأنه تمتين ثقة الناس وطمأنينتهم، وأيضا جعلهم ينخرطون في مسار إنجاح التعبئة الوطنية لحماية صحة وسلامة شعبنا.
من جهة ثانية، واضح اليوم أن العالم يشهد حربا حقيقية للتزود باللقاح، وهناك سباق محموم بين الدول لا تحضر فيه دائما القواعد القانونية أو الحرص الأخلاقي، وهناك أيضا إكراهات موضوعية نجمت عن الحجم المهول للطلب مقابل حجم الإنتاج، وكل هذا يبقى غالبا فوق طاقة بلد مثل بلدنا، ولكن برغم ذلك، وداخل حرب اللقاح المشتعلة على الصعيد العالمي، لا يمكن إنكار ما حققته بلادنا بهذا الخصوص، ولا يمكن القفز على النجاح الباهر الذي تراكمه اليوم عملية التطعيم، وهو ما نوهت به العديد من الدول والهيئات عبر العالم.
المشكلة الرئيسيّة اليوم تكمن في التزود باللقاح، وهذا يرتبط بمعادلات دولية ضاغطة، ومع ذلك هناك جهود تبذل لتأمين انتظامية التزود ومواصلة السير العام لعملية التلقيح.
عدا هذا، تسجل السلطات الصحية والإدارية نجاحا لافتا في تدبير عملية التلقيح بشكل عام، وهذا لا يعني عدم تسجيل هفوات هنا أو هناك، أو غياب التجاوزات وتجليات النقص والضعف، ولكن السير العام لهذه العملية المعقدة والدقيقة يتم بشكل إيجابي جدا، ويبعث على الإعتزاز.
المطلوب اليوم هو أن ننجح كلنا في ايجاد الحل المناسب الذي من شأنه توفير بعض الإنفراج للناس ويتيح لهم حرية التنقل وممارسة أنشطتهم المختلفة، وفِي نفس الوقت مواصلة اليقظة الوبائية وتفادي أي تدهور على هذا المستوى، لا قدر الله، وهو الأمر الذي لا يعتبر سهلا على كل حال.
يمكن مثلا التفكير في بعض التخفيف على المستوى الإجتماعي وفِي الحياة اليومية، وما لا يؤخذ كله لا يترك جله، وبشكل متواز تقوية التواصل مع شعبنا عبر مختلف الوسائل، وتعزيز التوعية والتنوير بوجوب التقيد بتدابير وقائية واحترازية، وتحسيس الناس وتعبئتهم للإسهام الفاعل والمواطن في الجهد العام الذي تبذله بلادنا اليوم لكسب التحدي وهزم الفيروس وتحقيق المناعة الجماعية لشعبنا.
زمن كورونا أنتج عديد خيبات وسط الفئات الفقيرة من شعبنا، وفاقم مظاهر الفقر والهشاشة والخصاص، وهذا الواقع يجب الإنتباه إليه وعدم التغاضي عنه من لدن السلطات.
وبالرغم من كل الجهد المالي والتنموي والإجتماعي الذي بذلته الدولة طيلة الشهور الأخيرة، فإن الأوضاع الإجتماعية والمعيشية لشعبنا تسجل عددا من المعضلات، ويفرض ذلك الإقدام على بعض إجراءات التخفيف بمناسبة شهر رمضان، ولو بشكل جزئي، لضخ نفس محفز في الحركية الإقتصادية الوطنية، ولتقوية الإطمئنان لدى الأسر خلال الشهر الفضيل.
والأهم، في هذا الإطار، تفعيل تواصل حقيقي وناجع مع الرأي العام الوطني، وتفادي استمرار الصمت الحكومي، وترك الناس عرضة للشائعات، وللقلق.

<محتات‭ ‬الرقاص

[email protected]

Related posts

Top