انطلاق الدورة العشرين لمهرجان خريبكة السينمائي

بإيقاعات مغربية تعج بغنى وتفرد فن العيطة الأصيل، محفوفة بإيقاعات إفريقية خالصة، افتتحت، مساء السبت الماضي بالمركب الثقافي بخريبكة، فعاليات الدورة العشرين لمهرجان السينما الإفريقية، المنظم بين 9 و16 شتنبر الجاري، تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس.
وتميز حفل افتتاح المهرجان، الذي تنظمه مؤسسة مهرجان السينما الإفريقية بدعم من المجمع الشريف للفوسفاط والمركز السينمائي المغربي، بتكريم الناقد السينمائي المصري الراحل سمير فريد.
ورسخ الناقد المصري الراحل، من خلال كتاباته، الكثير من الظواهر السينمائية التي تعتبر محطات أساسية في تاريخ الفن السابع.
وحضر فريد، النافذة التي أطل منها شباب الستينات والسبعينات على أكبر وأهم مهرجانات العالم مثل كان وبرلين وفينيسيا، إلى جانب مهرجان السينما الإفريقية بخريبكة في مناسبتبن. وقال مدير مؤسسة المهرجان، نور الدين الصايل، في كلمة بالمناسبة، إن استمرار مهرجان إفريقي طوال أربعين سنة هو قبل كل شيء شغف بالسينما والنشاط الثقافي، وتجسيد للإرادة المطلقة للمثقفين والسينمائيين المغاربة لخلق تظاهرة للفن للسابع تحتفي بزخم وعظمة الهوية الإفريقية.
وأضاف أن الانطلاقة انبثقت من الرغبة في خلق منصة للقاء والتبادل بين السينمائيين الأفارقة، باتت فيما بعد حدثا يبرز بحق التجربة الإبداعية بالقارة.
من جهته قال رئيس لجنة التحكيم عبد اللطيف اللعبي في كلمة مماثلة، “إن المهرجان يعزز انتماءنا الإفريقي، وقد عبرنا كجيل منذ أوائل الستينات بشكل قوي وواضح عن هذا الانتماء”. وجرى أيضا تقديم لجنة تحكيم المسابقة الرسمية التي يرأسها الشاعر والكاتب المغربي عبد اللطيف اللعبي، وتتكون من الممثلة رقية نيانك (السنغال)، والفنانة التشكيلية زليخة بو عبد الله (الجزائر)، والممثلة صونية عكاشة (المغرب)، والمؤلف والموسيقي راي ليما (الكونغو)، والمنتج والمخرج بيدرو بيمانتا (الموزمبيق)، إضافة إلى نيكو سيمون رئيس “أروبا سينما” باللوكسمبورغ.
كما تم تقديم أعضاء لجنة تحكيم جائزة “دون كيشوت” التي تمنحها الجامعة الوطنية للأندية السينمائية بالمغرب، والمكونة من ثلاثة أعضاء يمثلون ثلاثة نوادي سينمائية مغربية وهم، بوشعيب الجاموسي عن النادي السينمائي بالقنيطرة، وجيلالي بوجو من النادي السينمائي بالمحمدية، ثم خالد بنرشيد عن جمعية النادي السينمائي بخريبكة.
ويشارك في المسابقة الرسمية لهذه الدورة، التي تحتفي بالسينما الرواندية، 14 فيلما تمثل إلى جانب المغرب، كلا من غانا والسنغال وبوركينا فاسو والجزائر وتونس ومصر وجنوب إفريقيا وأوغندا والبنين والطوغو ورواندا والموزمبيق ومالي، تتنافس على مختلف جوائز المهرجان في مقدمتها الجائزة الكبرى “عثمان صامبين”.
وتشمل الأفلام المشاركة “أطفال الجبل” للمخرج بريسيلا أناني من غانا، و”فيليسيتي” للآن كوميز من السينغال، و”حدود” لأبولين تراوري من بوركينا فاسو و”بالتوفيق للجزائر” لفريد بنتومي من الجزائر، و” نحبك هادي” لمحمد بنعطية من تونس، و”يوم للستات” لكاملة أبو ذكرى من مصر، و”كالوشي” لماندلا والتر ديب من جنوب إفريقيا، و”تنظيم غير قابل للتحكم” لأرنولد أكانزي من البنين.
ومن بين الأفلام المشاركة أيضا “العاصفة الإفريقية قارة تحت التأثير ” لسيلفيستر أموسو من البنين، و”سوليم” لستيفان أموسو من الطوغو، و “البلجيكي الأسود” لجان لوك هابيار يمانا من رواندا، و”قطار سكر وملح” لليسينيو أزيفيدو من الموزمبيق، و” وولو” لداوودا كوليبالي من مالي، و” حياة ” لرؤوف الصباحي من المغرب.
ويمثل موضوع “قضية الهوية في السينما الإفريقية” محور الندوة الرئيسية لدورة هذه السنة التي ستنظم يوم عاشر شتنبر الجاري، وذلك باعتبار السينمائي عينا على المجتمع قادر على رصد نبضه برؤى فنية إبداعية.
وهي تجدد موعدها مع الدورة العشرين من مهرجانها السينمائي الأفريقي، تحتفي مدينة خريبكة بقصة حلم سينمائي عربي أفريقي يواصل الصمود منذ أربعين عاما.
في مدينة كانت على هامش الخريطة الثقافية والفنية للمغرب، يبدو اليوم من المستغرب كيف قدر لخريبكة، التي ظلت تعرف أساسا بوصفها عاصمة لإنتاج الفوسفاط، أن تنخرط ابتداء من 1977 في مشروع سينمائي أفريقي الهوية، وأن تنسج جسورا قوية بين صناع الفن السابع في المجال العربي الأفريقي.
اليوم، بات المهرجان أحد أهم التظاهرات المتخصصة في السينما الأفريقية إلى جانب مهرجان واغادوغو (بوركينا فاسو).
والحال أن الأمر يتعلق، كما يتذكر رئيس مؤسسة مهرجان السينما الأفريقية نور الدين الصايل، بنتاج فكرة شقت طريقها في حضن الجامعة المغربية للأندية السينمائية منذ 1973، وتبلورت في إطار لقاء سينمائي مغاربي عام 1974 بمدينة المحمدية، لتنضج أكثر في لقاء للسينما العربية عام 1976 بمكناس.
وهكذا انطلقت المغامرة بخريبكة عام 1977، ليترسم البعد الأفريقي كهوية قائمة منذ 1980. وبعد أن ظل المهرجان يقام كل عامين، اتخذ قرار باعتماده كتظاهرة سنوية انطلاقا من 2008، بتزامن مع إحداث مؤسسة مهرجان السينما الأفريقية.
وجدير بالذكر أنه، توثيقا لهذا المسار الحافل، صدر قبيل الدورة عن مؤسسة المهرجان كتاب أعده الناقد السينمائي أحمد بوغابة بعنوان “سفر في منعرجات تاريخ مهرجان السينما الأفريقية بخريبكة”، وهو قراءة استرجاعية في التحولات والأسماء والمحطات التي بصمت تاريخ المهرجان، فضلا عن شهادات فاعلين واكبوا هذا المشروع بنجاحاته وعثراته

سعيد الحبشي

Related posts

Top