انفراج يخيم على سماء الخليج العربي

وقع قادة مجلس التعاون الخليجي، أمس الثلاثاء على بيان “قمة العلا” إيذانا بنهاية الأزمة، وببداية مرحلة جديدة، في العلاقة بين قطر من جهة والسعودية والإمارات والبحرين ومصر من جهة أخرى.
ووصف مراقبون القمة الخليجية الـ 41 المنعقدة، أمس الثلاثاء، في مدينة العلا الواقعة شمال غرب المملكة العربية السعودية، بالقمة “التاريخية” التي ستساهم في تصحيح مسار دول مجلس التعاون الخليجي الذي خيمت عليه الأزمة التي شلت مفاصله منذ سنة 2017، مؤكدين على أن التحديات التي تواجهها المنطقة خاصة على المستوى الأمني، فرضت على قادة دول مجلس التعاون الخليجي الجلوس على طاولة الحوار من أجل تعزيز العمل المشترك، وإعادة ترتيب البيت الداخلي، وبعث الروح من جديد في هذا التكتل الإقليمي، بالنظر إلى القواسم المشتركة بين أعضائه سواء كانت اقتصادية أو اجتماعية أو سياسية أو جغرافية.
ومن نتائج هذه القمة، حتى قبل انعقادها، الإعلان عن إعادة فتح الأجواء والحدود البرية والبحرية مع قطر بعد ثلاث سنوات من الحصار الذي كانت قد فرضته عليها كلا من السعودية والإمارات والبحرين ومصر، وهو ما يعكس حرص قادة هذه الدول على طي صفحة الماضي، وضمان نجاح القمة التي تنعقد في ظروف استثنائية.
وبحسب مصادر إعلامية، فإن “بيان العلا” الذي من المنتظر أن يوقع عليه قادة دول مجلس التعاون الخليجي عند اختتام هذه القمة، هو إعلان صريح من أجل إطلاق حوار واتخاذ خطوات ملموسة من أجل إعادة بناء الثقة في أفق بلورة اتفاق شامل وعودة العلاقات إلى طبيعتها في القريب من الأيام القادمة.
ووفق المصادر ذاتها، فإن القضايا والملفات التي كانت مطروحة على جدول أعمال القمة الـ 41 تكتسي طابعا استراتجيا، في مقدمتها تلك المرتبطة بتحصين البيت الخليجي من الداخل، وضرورة تقوية منظومة الأمن الخليجي أمنيا وعسكريا لمواجهة التحديات التي تفرضها المرحلة في سياق العلاقات الدولية المتناقضة.
وفي إشارة دالة على عودة الدفء للعلاقة بين قطر والسعودية، عانق ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، بحرارة أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد لحظة وصوله إلى مطار العلا، وهو ما اعتبره ملاحظون تعبيرا عن رغبة الطرفين في الطي النهائي للأزمة التي أضرت بمصالح دول مجلس التعاون الخليجي.
وقال ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، في بيان نقلته وكالة الأنباء السعودية “إن القمة الخليجية ستكون موحدة للصف وتترجم تطلعات لم الشمل”.
وتداول ناشطون عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مقاطع فيديو وصور تعبيرية أظهرت فرحة عارمة بعودة توحيد الصف الخليجي، وقرار السعودية فتح الحدود مع قطر. وكانت السعودية والإمارات ومصر والبحرين في يونيو 2017 قد قطعت علاقاتها مع قطر واتهمتها بدعم مجموعات إسلامية متطرفة، وهو أمر نفته الدوحة.
واتخذت الدول الأربع إجراءات لمقاطعتها، من بينها إغلاق مجالها الجوي أمام الطائرات القطرية، ومنع التعاملات التجارية معها، ووقف دخول القطريين أراضيها، مما تسبب بفصل أفراد عائلات من جنسيات مختلطة بعضهم عن بعض.

< محمد حجيوي

***

قمة لمجلس التعاون الخليجي على وقع إعلان فتح الحدود والأجواء بين قطر والسعودية

عقد مجلس التعاون الخليجي أمس الثلاثاء قمة في السعودية طغى عليها الإعلان عن فتح الأجواء والحدود بين السعودية وقطر بعد أكثر من ثلاث سنوات من قطع العلاقات.
ويتوقع أن تحذو مصر والبحرين والإمارات حذو الرياض، وأن تشهد القمة التي تعقد في منطقة العلا في المملكة العربية السعودية، مصالحة بين الدول الخليجية. وكانت ثلاث دول خليجية ومصر أعلنت في يونيو 2017 قطع العلاقات مع قطر، متهمة إياها بالتقرب من إيران ودعم مجموعات إسلامية متطرفة، الأمر الذي نفته الدوحة.
وجاء إعلان فتح المجال الجوي والحدود البرية أمام قطر الاثنين من الكويت التي تقوم بوساطة في الأزمة منذ بدئها.
وقال وزير خارجية الكويت الشيخ أحمد ناصر الصباح “تم الاتفاق على فتح الأجواء والحدود البرية والبحرية بين المملكة العربية السعودية ودولة قطر” اعتبارا من مساء الاثنين.
على الأثر، أعلن الديوان الأميري في الدوحة أن أمير البلاد الشيخ تميم بن حمد آل ثاني سيترأس وفد بلاده لحضور القمة الخليجية.
ويقول الأستاذ الجامعي المساعد في جامعة الكويت بدر السيف “بدأت إجراءات بناء الثقة على ما يبدو بين السعودية وقطر، ولكن الآخرين سينضمون لاحقا”.
ويضيف “أي خطوة في اتجاه المصالحة أفضل من عدم حصول أي خطوة على الإطلاق”، معتبرا أن “مجلس التعاون الخليجي يتطلب انطلاقة جديدة ويمكن أن يقدم أكثر بكثير مما عنده”.
ولم تعلق الرياض بعد على مسألة فتح الحدود، لكن وكالة الأنباء السعودية نقلت عن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان تأكيده أن القمة ستكون “جامعة للكلمة موحدة للصف ومعززة لمسيرة الخير والازدهار”، مشيرا إلى “لم الشمل والتضامن في مواجهة التحديات التي تشهدها منطقتنا”.
ولم يشمل فتح الحدود بعد الإمارات التي قال محللون إنها كانت الأكثر تحفظا بين الدول الأربع على إنجاز المصالحة، لكن وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش كتب على “تويتر” مساء أمس، “نحن أمام قمة تاريخية بامتياز في العلا نعيد من خلالها اللحمة الخليجية ونحرص عبرها أن يكون أمن واستقرار وازدهار دولنا وشعوبنا الأولوية الأولى”.
وأضاف “أمامنا المزيد من العمل ونحن في الاتجاه الصحيح”.

وكانت واشنطن كثفت ضغوطها على الدول المتخاصمة لحل الأزمة، مشددة على أن وحدة الخليج ضرورية لعزل إيران مع اقتراب ولاية الرئيس دونالد ترامب من نهايتها.
وأعلن مسؤول أميركي مساء الاثنين أنه سيتم توقيع اتفاق لإنهاء الأزمة الثلاثاء في السعودية بحضور مستشار الرئيس الأميركي وصهره جاريد كوشنر.
وقال المسؤول طالبا عدم نشر اسمه “سيجتمع قادة مجلس التعاون الخليجي إضافة إلى مصر لتوقيع اتفاق يضع حدا للحصار وكذلك للإجراءات القضائية بحق قطر”.
واتخذت الدول الأربع إجراءات لمقاطعة قطر، بينها إغلاق مجالها الجوي أمام الطائرات القطرية، ومنع التعاملات التجارية مع الإمارة ووقف دخول القطريين أراضيها، ما تسبب بفصل أفراد عائلات من جنسيات مختلطة عن بعضهم.
ويرى محللون أن الأزمة دفعت الدوحة إلى تقارب بشكل أكبر مع طهران، ومكنتها من تعزيز قدرات الاكتفاء الذاتي على الصعيد الاقتصادي.
وقال مستشار الأمن القومي الأميركي روبرت أوبراين في نونبر الماضي إن السماح للطائرات القطرية بالتحليق في أجواء السعودية مجددا من أولويات إدارة ترامب.
وعقب إغلاق السعودية مجالها الجوي، اضطرت الطائرات القطرية للتحليق فوق إيران، غريمة الرياض وواشنطن التقليدية، ودفع رسوم باهظة لطهران لذلك، (أكثر من مئة مليون دولار سنويا، وفق صحيفة نيويورك تايمز الأميركية).
ورحبت أنقرة الداعمة لقطر، بالانفراج. وقالت وزارة الخارجية التركية في بيان إن أنقرة “ترحب” بقرار إعادة فتح الحدود القطرية-السعودية وتعتبره “خطوة هامة نحو إيجاد حل للنزاع” وتأمل “بإيجاد حل كامل ودائم للنزاع على أسس الاحترام المتبادل لسيادة البلدين ورفع عقوبات أخرى مفروضة على الشعب القطري بأسرع وقت ممكن”.
وبعد قطع العلاقات، أصدرت الدول الأربع قائمة تضم 13 مطلبا من قطر تشمل إغلاق شبكة “الجزيرة” الإعلامية وخفض مستوى علاقات قطر مع تركيا. لكن الدوحة لم تستجب لأي من المطالب.
وأكدت قطر مرارا انفتاحها على محادثات غير مشروطة.
وفيما تقول مصادر خليجية إن الاجتماع قد يثمر اتفاقا على إطلاق حوار واتخاذ خطوات بناء ثقة مثل فتح المجال الجوي وتخفيف حدة لهجة قناة “الجزيرة”، يبدو أن الاتفاق الشامل لإعادة العلاقات إلى طبيعتها ليس جاهزا بعد.
ويرى المحلل المتخصص في الشرق الأوسط مايكل ستفينز أن هناك مزيدا من العمل يتعين القيام به من أجل رأب الانقسامات العميقة بين قطر وخصومها الإقليميين.
وقال “لا أعتقد أنه تم الاتفاق على أي شيء. هذه أخبار ايجابية. وخطوة كبيرة وخطوة أولى مهمة”.

< أ.ف.ب

Related posts

Top