بحث عالمي: خصوبة الرجال في خطر!

قال باحثون إن عدد الحيوانات المنوية لدى الرجال من أمريكا وأوروبا واستراليا ونيوزيلندا تراجع أكثر من50 في المائة خلال أقل من 40 عاما.
وأضافوا أيضا أن معدل هذا التراجع لا يتباطأ. وتشير هذه النتائج التي جاءت في تحليل استخلاصي جمع معا نتائج دراسات مختلفة إلى انخفاض محتمل في صحة وخصوبة الذكور.
وبحسب البحث الذي انشغلت بنتائجه الأوساط العلمية في بريطانيا منذ أكثر من أسبوع، فإن معدلات الخصوبة عند الرجال في العالم الغربي انخفضت إلى النصف خلال العقود الأربعة الماضية.
ولم يبحث التحليل أسباب هذا التراجع لكن الباحثين قالوا إنه تم الربط سابقا بين تراجع عدد الحيوانات المنوية وعوامل مختلفة مثل الضغوط النفسية ومتاعب الحياة اليومية، فضلا عن
التعرض لمواد كيماوية ومبيدات حشرية معينة والتدخين والإجهاد والبدانة. وأضافوا أن هذا يشير إلى أن مقاييس نوعية السائل المنوي ربما تعكس تأثير الحياة العصرية على صحة الذكور وتعمل ” كإنذار مبكر للخطر” يشير إلى أخطار صحية أكبر.
وتحدثت الدراسات عن تراجع في عدد الحيوانات المنوية منذ أوائل التسعينات ولكن تم التشكيك في كثير منها، على اعتبار أنها لم تأخذ في الحسبان عوامل مؤثرة رئيسية محتملة مثل السن والنشاط الجنسي ونوعية الرجال الذين شملتهم الدراسات. وسهر على تجميع نتائج التحليل فريق باحثين في الولايات المتحدة والبرازيل والدنمرك وفلسطين وإسبانيا. وقام بفحص وتجميع نتائج 185 دراسة بشأن عدد الحيوانات المنوية خلال الفترة من 1973 حتى 2011 ثم أجرى بعد ذلك ما يسمى بالتحليل الاستخلاصي.
وأظهرت النتائج التي نشرت في دورية (هيومان ريبرودكشن أبديت) تراجعا بنسبة 52.4 في المائة في تركيز السائل المنوي وتراجعا بنسبة 59.3 في إجمالي عدد الحيوانات المنوية بين الرجال من أمريكا الشمالية وأوروبا واستراليا ونيوزيلندا .
وعلى العكس من ذلك لم يرصد تراجع كبير في الرجال من أمريكا الجنوبية وآسيا وأفريقيا. ولكن الباحثين أشاروا إلى أن دراسات أقل بكثير أجريت في تلك المناطق.
العقم مشكلة صحية عالمية

العقم مشكلة صحية ذات انتشار عالمي تؤثر على 15% من الأزواج في سن الإنجاب.
والعوامل الذكرية، بما فيها انخفاض جودة الحيوانات المنوية، هي المسؤولة بنسبة 25% إلى 40% تقريبا عن حالات العقم المسجلة في العالم.
وللوراثة تأثير في خصوبة الرجل وفي تعداد الحيوانات المنوية لديه، لكن العلماء يعتقدون أن العوامل البيئية لها أيضا تأثير. والملاحظ في السنوات الأخيرة أن نسبة كبيرة من الرجال في أنحاء العالم يتعرضون إلى تناقص مطرد في عدد الحيوانات المنوية. ويتزامن تراجع عدد الحيوانات المنوية لدى الرجال في جميع أنحاء العالم بارتفاع في نسبة سرطان الخصية والذي تضاعف خلال الثلاثين عاما الأخيرة، إضافة إلى بعدد من الاضطرابات الجنسية الذكورية الأخرى مثل عدم نزول الخصيتين، والتي تدل على تغير نمط مقلق، حسبما يقول العلماء.
وعلى الرغم أن ثمة دراسات عالمية تؤيد نظرية انخفاض عدد وحركة والشكل الطبيعي للحيوانات المنوية وتدني نسبة الخصوبة عند الرجال عبر السنين الماضية وتعزوها إلى التلوث البيئي ووجود بعض الهرمونات الأنثوية والكلور بمعدل مرتفع في دم بعض الرجال الذين يشكون من قلة عدد الحيامن وتباطؤ حركتها، إلا أن هناك أبحاثا من بعض الدول الاخرى ما زالت تشكك في تلك النظرية لا سيما أنها لم تظهر أية نقص في عدد الحيوانات المنوية وحركتها أو أي هبوط في نسبة الخصوبة والحمل في السنوات الماضية.
لكن الحقيقة الثابتة اليوم أنه يوجد رجل من كل 5 رجال (بين سن 18 و25) في أوروبا، على سبيل المثال، يعاني من ضعف في السائل المنوي. علما أن معدلات هرمون الذكورة (التيستوستيرون) وهو الهرمون الضروري لعملية الإنطاف، في تناقص مستمر، كما أن معدل سرطان الخصية والعيوب الخلقية في الجهاز التناسلي في ازدياد مستمر عند الرجل الغربي، كما تشير إلى ذلك معظم الأبحاث المختصة.
خصوبة الذكور والنظام الغذائي

وفي العقود الأخيرة، أُجريت العديد من الدراسات أيضا على النمط الغذائي ومحتويات الغذاء وعناصره، كعوامل محتملة محددة لوظائف الحيوانات المنوية أو الخصوبة.
وحسب تقرير آخر نشره موقع النسخة الإسبانية من “هاف بوست” مؤخرا، فإن العديد من عيادات المساعدة على الإنجاب أضحت توصي بتغيير النمط الغذائي ونمط الحياة بشكل عام.
على سبيل المثال، من المهم زيادة النشاط البدني والعلاج السلوكي والاسترخاء للحد من التوتر، وتجنب تناول الكحول والحد من تناول الكافيين، ذلك أن استهلاك الرجال الزائد للكحول والكافيين واللحوم الحمراء والمصنعة، يؤثر سلبا على احتمالات الحمل والإخصاب في حالات الكثير من الأزواج.
وأظهرت النتائج فائدة اعتماد نظام غذائي غني بالعناصر الغذائية؛ مثل الأحماض الدهنية (أوميغا3) ، وبعض مضادات الأكسدة (فيتامين E وفيتامين C وبيتا كاروتين والسيلينيوم والزنك وكريبتوزانتين والليكوبين)، وغيرها من الفيتامينات (فيتامين D وحمض الفوليك).
كما يرتبط الاستهلاك المنخفض للأحماض الدهنية المشبعة والأحماض الدهنية غير المشبعة مع تحسن نوعية الحيوانات المنوية.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن الأسماك والمأكولات البحرية والدواجن والحبوب والخضراوات والفواكه ومنتجات الألبان قليلة الدسم، ترتبط أيضا مع تحسين نوعية السائل المنوي ونشاط الحيوانات المنوية.
وفي المقابل، فإن الاستهلاك المفرط للحوم الحمراء واللحوم المصنعة، والمنتجات الغنية بالصويا والحلويات والمشروبات المحلاة والحليب كامل الدسم، وتناول الكحول والكافيين، قد أظهرت نتائج هذه الدراسات وجود صلة بينها وبين انخفاض نوعية الحيوانات المنوية.
وخلص الباحثون إلى أن التزام الرجال ببرامج غذائية صحية، مثل البرنامج الغذائي للبحر المتوسط الذي يعرف باسم حمية البحر المتوسط، وهو نظام غذائي مستوحى من النمط الغذائي التقليدي لشعوب هذه المنطقة مثل الساحل الإفريقي الشمالي ومناطق اليونان وجنوب إيطاليا الساحلية.
ويعتمد هذا النظام المتوازن على استهلاك نسبة عالية من زيت الزيتون والفواكه والخضراوات والحبوب غير المكررة والبقوليات والمكسرات وكذلك الأسماك، والاعتدال في استهلاك منتجات الألبان وتجنب الكحوليات، والتقليل من استهلاك منتجات اللحوم الحمراء.
وفي سياق ذي صلة، وبعلاقة مع خلاصات نفس البحث العالمي حول الخصوبة عند الرجال، أوصى علماء التغذية في بريطانيا بتناول السلطة الخضراء وورق الخضار، خاصة نبات “البقلة”، من أجل رفع مستوى الخصوبة لدى الرجال.
ونقلت جريدة “ديلي ميرور” عن هؤلاء العلماء تأكيدهم إن “البقلة”، وهي ورق خضار شبيه بالنعناع والبقدونس والسبانخ، تعتبر مهدئا للإنسان. وكان هناك اعتقاد ساد طويلا بأنها تؤثر سلبا على الصحة الجنسية لدى الرجال، إلا أنها يمكن أن تؤدي إلى تخفيف التوتر بما يعزز الخصوبة لديهم.
وانتهى علماء التغذية في بريطانيا -بحسب ديلي ميرور- إلى توصية الرجال بالإكثار من تناول السلطات الخضراء وتضمينها ورق “البقلة” بعد أن وجدوا بأنها تؤدي إلى تخفيض الإجهاد والتوتر في الجسم وتساعد على إنتاج مزيد من الحيوانات المنوية لدى الرجال.
كما أشاروا أيضا إلى أن النظام الغذائي السيء والسمنة يؤديان إلى هبوط كبير في إنتاج الحيوانات المنوية عند الرجال، بينما يؤدي تناول السلطات الخضراء إلى مواجهة ذلك، خاصة تناول “البقلة” التي توضع عادة في السلطات.
وقال الدكتور مارك فوغارتي، وهو أستاذ ومحاضر في جامعة هول، إن “تناول الخضار ربما يكون العلاج التام لتراجع مستويات الخصوبة عند الرجال”.
وبحسب فوغارتي فإن “الإجهاد الجسدي الناتج عن التمارين الرياضية أو الأنواع الأخرى من الإجهاد بما في ذلك التي تنتج عن التلوث البيئي أو التدخين أو حتى التعرض لأشعة الشمس، كلها يمكن التغلب عليها ومواجهتها من خلال نظام غذائي صحي، خاصة تناول الخضار والسلطات وما شابهها”.

Related posts

Top