بنشرقي والحافيظي ضمن اللائحة الأولية للأسود

يلاحظ في الآونة الأخيرة اشتداد “الحرب” الكلامية بين أنصار  فريقي الوداد والرجاء البيضاويين، وتداعيات هذه “الحرب” على مكونات الفريقين معا، وانتقالها إلى جوانب أخرى تجاوزت الإطار الرياضي الصرف.

   يعتبر مثل هذا الصراع و التنافس ودفاع كل طرف عن انتمائه، مسألة مسموحا بها بل مطلوبة لما لذلك من إثارة يتطلبها المجال الرياضي، ويزيد من شعبية الناديين ويقوي قاعدتهما الجماهيرية أكثر فأكثر.

وعلى امتداد التاريخ شكل التنافس الأزلي بين الحمراء والخضراء ملح كرة القدم الوطنية، كما ساهم في حدوث نوع من التطور في تركيبة الفريقين، وحافزا مهما  للمسؤولين من أجل تحقيق البطولات والألقاب والتباهي بذلك. 

   ولهذا الصراع الودادي ـ الرجاوي فصول وحكايات وأمثلة ونماذج توارثتها الأجيال، كما ارتبط بأسماء وشخصيات شكلت في مراحل متعددة من مسيرة الفريقين طرفا لا غنى عنه، بل هناك نماذج تحولت إلى  هوية بصرية أو علامة فارقة لا تخفى على أحد. 

من هذا المنطلق، فإن الصراع في بعده الرياضي والتنافسي الصرف، كان ولازال وسيبقى أمرا مقبولا، ولا يقتصر على المغرب فقط، ففي جل البلدان هناك أمثلة على مثل هذه الصراعات بين أقوى الأندية، وعلى سبيل المثال ففي إسبانيا هناك الريال والبارصا، وفي إنجلترا اليونايتد والأرسنال، وفي فرنسا مرسيليا وباري سان جرمان، وفي ايطاليا ميلانو والإنتر، وفي ألمانيا هناك البايرن ودورتموند، وفي مصر الأهلي والزمالك، وفي تونس الترجي ونجم الساحل، وفي السودان المريخ والهلال وغيرها من الأمثلة الحية والساطعة.

    وبما أن للوداد والرجاء معا قاعدتين جماهيريتين كبيرتين، فإن هذه الشعبية تضعهما دائما في مقدمة الأحداث، وبقدر ما تشكل هذه الشعبية الجارفة داخل المغرب وخارجه، قوة فإنها بالمقابل تشكل ضغطا رهيبا على مسؤولي الفريقين. 

فأي شخص يتحمل مسؤولية التسيير بهما يعرف ما ينتظره، فالرئاسة تعني جعل النادي دائما في القمة، ولا عذر له ولا تسامح في حالة أي إخفاق، فالوداد والرجاء بالنسبة لجمهورهما المؤمن بأن الفريقين خلقا ليكونا دائما في القمة، وليسا مجرد ناديين عاديين، بل هو هما انتماء وهوية.

إلا أن الملاحظ في الآونة ظهور نزاعات تصل إلى حد العدوانية والتشهير المجاني والضرب تحت الحزام، مع استغلال سيئ لوسائل التواصل الاجتماعي، وما يترتب عن ذلك من إساءة شخصية وتهييج تمتد أبعاده لكل الفئات خاصة الناشئة منها، والتي تجد نفسها فجأة وسط مستنقع، تنعدم فيه حالات التسامح والأخلاق والقيم المثلى التي تحمي المجتمع. 

على هذا الأساس، فمن المفروض الابتعاد عن المغالاة والمبالغة التي تصل لحدود التطرف الأعمى الذي يسعى لإلغاء الآخر، وفي الابتعاد عن كل ما هو سلبي استعادة لتلك الصور الجميلة واللحظات الرائعة لهذا الصراع الرياضي الصرف، والذي شكل على امتداد التاريخ عنصر قوة وغنى أكثر منه حربا أو هدما.

فكرة القدم الوطنية قوية بوجود الوداد والرجاء وبدونهما لا يستقيم الأمر، ولا أحد يتصور في يوم الأيام ممارسة كروية بدون اللونيين الأحمر والأخضر، لأن في امتزاجهما لون علمنا الوطني.

عدسة : مكاو عقيل

Related posts

Top