بوجمعة محتات: رؤية التعليم 2015 – 2030 متقدمة جدا لكن يجب تنزيلها بشكل سليم

قال بوجمعة محتات، المنسق الوطني لفضاء التربية والتكوين التابع لحزب التقدم والاشتراكية، إن المضامين التي جاءت بها رؤية التعليم 2015 – 2030 متقدمة جدا من الناحية النظرية، مبديا تخوفا من ألا يتم تنزيل ذلك بالشكل الصحيح في الشق التطبيقي.
وأوضح بوجمعة محتات الذي كان يتحدث، يوم الجمعة الماضي، في ندوة حول التعليم نظمتها الشبيبة الاشتراكية على هامش الجامعة الصيفية، أن المغرب عرف مجموعة من الإصلاحات المهمة في مجال التعليم منذ ستينيات القرن الماضي لكنها لم تحقق نجاحات، «بالرغم من أنها كانت، كذلك، برامج قوية»، يقول المتحدث، مبرزا أن الإشكال يحدث دائما في الشق التطبيقي الذي يعنى بتنزيل القرارات على أرض الواقع.
وشدد بوجمعة محتات على أن الحل يكمن في تضافر الجهود بين جميع المكونات المجتمعية من أجل إصلاح التعليم ومواجهة التحديات المطروحة على المنظومة التربوية، ملخصا التحديات في تحديين اثنين أساسيين وهما: التحدي المادي، أي توفير الإمكانيات المالية للقيام بالإصلاحات على مستوى البنية التحتية، التجهيزات، النقل المدرسي، الموارد البشرية، وغيرها.
فيما رصد المتدخل التحدي الثاني في «تحسين جودة التعليم» من خلال إدخال إصلاحات مستمرة على المناهج والبرامج وتطويرها بشكل دائم بما يلاءم خصوصية كل مرحلة، وأيضا من خلال توفير الأطر والموارد البشرية، التي قال محتات إنه يجب أن يتوفر فيها ثلاث شروط وهي الشرط البيداغوجي الذي يجب أن يكون في مستوى تحديات المرحلة، ثم بعدها شرط التقدم التيكنولوجي، ثم من حيث الكم، إذ أن إصلاح التعليم في حاجة فعلية لأطر كافية قادرة على المساهمة بدورها في نجاح هذا الإصلاح.
كما اقترح بوجمعة محتات، الذي استنهل كلمته من وثائق حزب التقدم والاشتراكية وتوجهاته بشأن قضية «التعليم»، أن يتم التفكير في مخطط استعجالي لتنزيل هذه الرؤية الإصلاحية للتعليم في وقت وجيز من أجل إنقاذ ما يمكن إنقاذه اليوم، خصوصا بالمدرسة العمومية، التي تضمن لجميع الفئات الشعبية حقهم الأساسي والدستوري في التعليم بشكل مجاني.
وإلى جانب ذلك طرح المنسق الوطني لفضاء التربية والتكوين، مجموعة من الإشكاليات التي يجب الانتباه إليها خلال تنزيل مضامين رؤية 2015 – 2030 والتي تهم الفضاءات المدرسية، بحيث يجب إعادة تأهيلها وبناء وحدات إضافية أخرى لمواجهة ظاهرة الاكتظاظ وتوفير الطاقة الاستعابية بجميع المناطق، ودمقرطة الولوج إلى المؤسسات من خلال محاربة الفوارق المجالية، بحيث وجب تشييد وحدات مدرسية تتضمن نفس المرافق في جميع المدن والمناطق والقرى، مشيرا، في هذا السياق إلى أن هناك مدارس لا تتوفر على ملاعب على عكس أخرى، وإشكالات النقل المدرسي بالعالم القروي، وكثير من الإشكاليات المطروحة في هذا الجانب.
من جهة أخرى دعا محتات إلى ضرورة رد الاعتبار للأستاذ، مؤكدا على أن مدخل الإصلاح ينطلق برد الاعتبار للأطر التربوية وتغيير نظرة المجتمع إليهم والنهوض بوضعيتهم المادية والمهنية والاجتماعية والاعتبارية، من أجل أن يكون الأستاذ قائدا للإصلاح على اعتبار أن عمله يتجسد على أرض الواقع من خلال تفاعله مع التلاميذ.
كما دعا محتات الذي سبق وأن تقلد مجموعة من المهام في وزارة التربية الوطنية، إلى ضرورة خلق تكوين فعال للأطر التربوية، بما فيهم الذين يشتغلون حاليا، وذلك من أجل تنزيل سليم للرؤية الجديدة وإنجاحها بالشكل المطلوب.
وأكد المتحدث على أن الإصلاح يجب أن يرتكز على أربع نقاط أساسية كذلك، وهي: أولا، الإرادة السياسية، ثانيا، توفير الإمكانيات المالية وثالثا الحكامة، بالنظر إلى لحاجة القطاع لهذه المسألة المهمة التي لها دور أساسي وجوهري في نجاح أي برنامج، ورابعا، التعبئة الوطنية والاجتماعية من أجل إصلاح منظومة التربية والتكوين، مشددا، في هذه النقطة، على ضرورة تضافر جهود جميع المكونات الشعبية، من حكومة وأحزاب سياسية ونقابات، مؤسسات، أكاديميات، مجتمع مدني، المواطنات والمواطنين، مجددا التأكيد على أن هذا الورش يحتاج إلى تعبئة وطنية شاملة.
هذا وكانت كلمة بوجمعة قد جاءت عقب كلمة عزيز قيشور، التي ألقى فيها عرضا حول رؤية التعليم 2015 – 2030، والتي بسط فيها أهم المضامين التي جاءت بها هذه الرؤيا.
وقدم قيشور الخطوط العريضة للإصلاح والتي حددها أولا، في إعادة النظر في مهن التربية والتكوين، في اتجاه تحسين معايير ولوجها وتجديد أدوارها ومهامها، وإتقان تكوين هيئاتها، وتأهيلها المستمر، وثانيا، إعادة النظر في المناهج والبرامج والطرائق البيداغوجية، في اتجاه تخفيفها وتنويعها، وتوجيهها نحو البناء الفكري للمتعلم والمتعلمة، وتنمية مهارات الملاحظة والتحليل والتفكير النقدي لديهما.
وعلى المستوى الثالث، أبرز قيشور أن رؤية التعليم الجديدة تهدف إلى اعتماد هندسة لغوية جديدة، ترتكز على التعددية اللغوية والتناوب اللغوي وتتوخى استفادة المتعلمين، بفرص متكافئة من ثلاث لغات في التعليم الأولي والابتدائي، هي العربية كلغة أساسية، والأمازيغية كلغة التواصل، والفرنسية كلغة الانفتاح، تضاف إليها الإنجليزية ابتداء من السنة الأولى إعدادي، ولغة أجنبية أخرى اختيارية منذ السنة الأولى ثانوي تأهيلي. فضلا عن تنويع لغات التدريس.
وفي الجانب الرابع تحدث المتدخل عن تثمين التكوين المهني، والتوسيع المستمر لطاقته الاستيعابية، والاعتراف بدوره ومكانته، باعتباره فضاء خصبا للمهارات الفردية الكفيلة بالاستجابة لمتطلبات النمو التنافسي للاقتصاد بصفة عامة، ولحاجيات المقاولة وسوق الشغل على وجه التحديد، كما جاءت بذلك الرؤية، التي وضعت، حسب المتحدث، نقطة خامسة تهم اعتماد قواعد الحكامة الجيدة المبنية على النجاعة والفعالية، التي ترتكز على ترسيخ المسؤولية لدى الفاعلين، والتقائية السياسيات العمومية، وترشيد الموارد والوسائل، ونهج اللامركزية في انسجام مع الجهوية المتقدمة.
وفي الجانب المرتبط بالجامعات المغربية، أشار المتحدث إلى أن الرؤية الجديدة تروم النهوض الفعال والمستمر بالجامعة وبالبحث العلمي والابتكار، وجعلهما في خدمة التنمية والانخراط في مجتمع المعرفة.

> محمد توفيق أمزيان

Related posts

Top