بوعياش تعلن قرب تفعيل الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب

أعلنت آمنة بوعياش، رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، عن إحداث الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب، والتي ستدخل المجال العملي في القريب العاجل، وذلك بعد أن تم توفير الإطار التشريعي المنظم لها والفضاء الذي سيتم هيكلته بشكل ملائم لاستقبال الآلية، وينتظر فقط اختیار أعضاء الآلیة من بین أعضاء الجمعیة العمومیة للمجلس الوطني لحقوق الإنسان.
آمنة بوعياش، في كلمة ألقتها في هذا اللقاء الذي نظم بمقر المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان بالرباط، وصفت الأمر بأنه “يمثل لحظة سياسية وحقوقية ذات رمزية، تعبر عن الإرادة المستمرة للسلطات المغربية وباقي الفاعلين والتزامهم بالانتقال من مناهضة التعذيب المنصوص عليها في مقتضيات الاتفاقية ذات الصلة إلى مرحلة الوقاية من التعذيب عبر القيام بزيارات ميدانية لكل أماكن الاحتجاز والاعتقال التي يتواجد فيها أشخاص محرومون من حريتهم وتقديم تقارير عن ظروفهم والمعاملة التي يتلقونها”.
وقالت إن “هذا اللقاء هو للتأكید على القطع مع مرحلة الانتهاكات، حیث يتطلع المغرب اليوم إلى الوقایة من الانتهاكات وضمان قواعد دولة الحق والقانون داخل مراكز الحرمان من الحریة”، مضيفة أن الإعلان عن إحداث الآلية يندرج ضمن تفعیل توصیات هیئة الإنصاف والمصالحة والمقتضیات الدستوریة، مذكرة، في هذا الصدد، بمضامين الفصل 22 من الدستور الذي ینص على أنه “لا یجوز المس بالسلامة الجسدیة أو المعنویة لأي شخص، في أي ظرف ومن أي جهة كانت خاصة أو عامة، ولا یجوز لأحد أن یعامل الغیر تحت أي ذریعة، معاملة قاسیة أو لا إنسانیة أو مهینة أو حاطه بالكرامة الإنسانیة”، معتبرة أن إحداث الآلية يشكل ترجمة عملیة لتوصیات مختلف الآلیات الأممیة المعنیة بمناهضة التعذیب والوقایة منه.
وجددت رئيسة المجلس الوطني، في هذا اللقاء، التأكيد على أن جميع الشروط الكفيلة بإنجاح مهام هذه الآلية تم تهيئها، وشددت في هذا الصدد على ضمان معيار الاستقلالیة الوظیفیة والمالیة للآلیة، مبرزة أن هذا الأمر هو قرار والتزام سیاسي ومعنوي، وأن هذه الآلية تستمد استقلاليتها من استقلالية المجلس الوطني لحقوق الإنسان، الذي يعتمد مبادئ باريس المنظمة للمؤسسات الوطنية لحماية حقوق الإنسان، مشيرة إلى أن اختيار أعضاء الآلية سيتم من بین أعضاء الجمعیة العمومیة للمجلس، وذلك ضمن مسطرة شفافة واضحة دون تدخل من أیة جهة، مع إعمال معاییر البرتوكول ذات الصلة بالأعضاء المتمكنین من معارف مهنیة وطبیة وقانونیة متصلة بالوقایة والمتوفرین على كفاءات وتجارب في مجال زیارة أماكن الاحتجاز ويتوفرون على خبرة في مجال إعداد التقاریر.
وشددت بوعياش على أن استقلالية الآلية ومسؤوليتها، تشمل القرارات التي ستتخذها وفي التقاریر التي ستنجزها، والمداولات التي ستقوم بها وفي الزیارات التي ستنظمها وخطة العمل والإستراتيجية اللتین ستعتمدها دون أي تدخل مهما كان نوعه ومن أي جهة كانت، مبرزة بشأن ميزانية الآلية أنه ستحدد كبند مستقل ضمن ميزانية المجلس، كما أنه، ضمانا للقيام بمهامها بكل استقلالية، سيتم تفویض الأمر بالصرف لمنسق الآلیة.
ولم يفت رئيسة المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، أن تنبه إلى أنه سيتم توفير الحمایة القانونیة لأعضاء الآلیة بمناسبة القیام بمهامهم من أي تدخل أو ضغط قد یتعرضون له، كما سيستفيد من الحماية، المقررة قانونا، الأشخاص الذاتیون والاعتباریون الذین قاموا بتبلیغ الآلیة بأي معلومات صحیحة، فضلا عن ضمان الحماية للمعطيات الشخصية المحصل عليها من لدن الآلية.
هذا واختارت رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، بالمناسبة توجيه دعوة لأمهات وعائلات معتقلي حراك الريف، من أجل الإنصات والتفاعل معهم، وكذا للفاعلین المدنیین على أن تعرض نتائج وخلاصات هذه الجلسات على الجمعیة العمومیة للمجلس التي ستتخذ الإجراءات الممكنة بخصوصها.
من جانبه، اعتبر، أحمد شوقي بنيوب، المندوب الوزاري المكلف بحقوق الإنسان، الإعلان عن إحداث الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب حدثا بالغ الأهمية في مسيرة دولة الحق والقانون والمؤسسات في المغرب، وأن هذا الإحداث “ما كان ليتحقق لولا الإرادة السياسية للدولة والتي عبر عنها جلالة الملك محمد السادس بصفة متواترة، بأن اختيار حقوق الإنسان اختيار لا رجعة فيه”.
وأكد المندوب الوزاري، أنه ينبغي خلال الإعلان عن إحداث الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب، استحضار روح الراحل ادريس بنزكري، رئيس هيئة الإنصاف والمصالحة، الذي قعد للتوصيات التي شملت الدعوة لإحداث هذه الآلية، والتي وفق تعبير المندوب الوزاري، “تعد ترجمة فعلية للالتزامات والتصريحات التي سبق للمغرب أن تعهد بها أمام مجلس حقوق الإنسان والآليات الأممية الخاصة بجنيف، وصرح بها كمندوب وزاري أمام هذه المكونات خلال لقائه بها في شهر فبراير” .
وأشاد بالمناسبة بمضامين التقرير الذي أعدته اللجنة الفرعیة الأممية للوقایة من التعذیب على إثر زيارتها الأولى للمغرب بين 22 و28 من شهر أكتوبر سنة 2017، معلنا الالتزام بمواصلة تفاعل السلطات المغربية مع اللجنة، كاشفا أن العمل التنسيقي بين القطاعات الحكومية والمؤسسات الأمنية ومؤسسة النيابة العامة، ينكب حاليا على دراسة التقرير بصفة متأنية وأنه لم يتبق سوى بعض الترتيبات الختامية التي تخص مواصلة التفاعل مع اللجنة الأممية الفرعية للوقاية من التعذيب، على مستوى النشر والرد في الشهور القادمة.
وأكد المندوب الوزاري على أن المغرب له توجه استراتيجي يخص الوقاية من التعذيب، وأن الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب تجيب على هذا التوجه الاستراتيجي، في أبعاده المؤسساتية والقانونية، منبها إلى أن تجربة الدولة الحقوقية أولت أهمية خاصة للوقاية من التعذيب في مناخ التوترات، التي تشكل في بعض الأحيان بعض السماد لادعاءات حصول التعذيب والتي تستغلها جهات في بعض المنظمات غير الحكومية الدولية لأغراض في نفسها.

< فنن العفاني

Related posts

Top