تأبين عمر العويفي الكاتب الإقليمي السابق لحزب التقدم والاشتراكية بالقنيطرة

في الذكرى الأربعينية لوفاته، وفي لحظة تأبين جمعت بين نوستالجيا الماضي القريب ولحظات من التأثر، أصر عدد من المتدخلين في لقاء تأبيني للراحل عمر العويفي الكاتب الإقليمي السابق لحزب التقدم والاشتراكية بالقنيطرة إلا أن يعود بعقارب ساعاتهم إلى الماضي، حيث كان الراحل يعمل وينشط في مجالات متعددة، مسجلين خصاله الطيبة وعمله المتواصل دون أن يعتقدوا حينها أنهم سيقدمون شهادة في وفاته بعدما غيبته الأقدار منتصف شهر غشت.
اللقاء الذي نظمه المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية يوم الجمعة الماضي عن بعد، شكل مناسبة لاستحضار مسار الراحل الذي غادر بشكل مفاجئ إلى دار البقاء وهو في عز عطاءه، حيث سجل عدد من معارف الراحل ورفاقه وعائلته، إصرار عمر على العطاء دونما اعتبار لمصلحته الشخصية وغيرها، حيث كان دائما مدافعا ومنافحا عن المصلحة العامة، وأساسا مصلحة مدينة القنيطرة وساكنتها.
في هذا السياق، افتتح محمد نبيل بنعبد الله الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية اللقاء بكلمة في حق الراحل جمع فيها بين عطاءه في مدينة القنيطرة ووسط عائلته وساكنته، وعطاءه داخل الحزب إلى جانب رفاقه ورفيقاته.
وقال بنعبد الله إن الراحل تميز بمجموعة من الخصال الجميلة والحميدة، حيث كان رحمه الله مخلصا لقضايا الوطن وقضايا العدالة والديمقراطية والحرية، مشيرا إلى أن انخراطه في الحزب كان التزاما منه لأداء هذه الرسالة النبيلة.
وأضاف بنعبد الله في اللقاء التأبيني الذي سيره المناضل أحمد بطة أن الراحل كان مثالا وقدوة بالنسبة لكن من جالسه وعاشره، و”كان بالنسبة لنا في حزب التقدم والاشتراكية رفيقا نموذجيا تأثرنا كثيرا عندما بلغنا خبر وفاته”، وفق تعبيره.
وأورد زعيم الحزب أنه عرف الراحل شخصيا في صفوف الشبيبة الاشتراكية والتي كانت تسمى الشبيبة المغربية للتقدم والاشتراكية، “حيث وجدت فيه الرجل المتواضع والشاب الطموح الذي يشتغل بكثير من روح التضحية وبعنفوان كبير، ودائما يضع تطلعاته الشخصية في مرتبة ثانية أمام المصلحة العامة للوطن وكذلك للمنظمة التي يشتغل لها والحزب الذي ينتمى إليه”، يقول المتحدث.
وزاد بنعبد الله أن الراحل الذي التحق بالحزب في منتصف التسعينيات سرعان ما تحمل مجموعة من المسؤوليات، وكان شابا مقتدرا يريد أن يكون له عطاء ويقدم خدمات، فأصبح بفضل تفانيه عضوا للمجلس المركزي للشبيبة الاشتراكية، وعضو المكتب التنفيذي لمنظمة الطلائع – أطفال المغرب، وعضو باللجنة المركزية للحزب لولايتين، كما تحمل مسؤوليات محلية وإقليمية بالقنيطرة بين 2011 و2018.
وشدد بنعبد الله على أنه في كل المعارك الانتخابية التي خاضها الحزب بالمدينة، كان الراحل عمر العويفي دائما في الصفوف الأمامية، حيث يضحي بقدراته الشخصية وإمكانيته المادية الخاصة وكان في الصفوف الأولى في الحملات الانتخابية، مبرزا أنه لم يكن يشتغل بالقنيطرة فقط وإنما بمحيطها على امتداد الغرب والشمال وجميع المناطق المجاورة للمدينة سعيا منه في توسيع نفوذ الحزب، كما شارك في عدد من التظاهرات الدولية باسم الشبيبة الاشتراكية.
وحتى بعد 2018، حينما توقف عن تحمل المسؤولية، أوضح بنعبد الله أن الراحل ظل متمسكا بحزبه وقناعاته ومبادئه، وكان دائما ما يناقش قضايا الوطن، ويسعى لإشاعة فكر الحزب في كل المحيطات سواء محليا بالقنيطرة أو بمحيط اشتغاله.
وبالموازاة مع مساره الحزبي والمهني، كشف بنعبد الله عن رغبة الراحل في أن يدرس ويواصل مساره، حيث حصل بذلك على الماستر وكان يشتغل قبل رحيله على إعداد الدكتوراه.
وبعدما جدد تقديم التعازي لعائلة الراحل ومعارفه، عاد بنعبد الله ليؤكد على خصال الراحل الذي كان وفيا لحزبه ومبادئه، مبرزا أن صورته ستظل راسخة في الأذهان، حيث قال “إن ما قدمه الفقيد عمر العويفي لحزب التقدم والاشتراكية سيظل خالدا ومرسوما في ذاكرتنا الجماعية”.
بدوره عبر عبد السلام الصديقي عضو المكتب السياسي عن حزنه لرحيل عمر العويفي، معتبرا أنه كان رفيقا من طينة خاصة.
وقال الصديقي إنه تعرف على الراحل في مدينة القنيطرة كمسؤول إقليمي، كما أنه سبق وأن حضر إلى جانبه اجتماعات متعددة، واستقبله مرات عديدة للاستشارة وتبادل الرأي، و”لمست فيه قوة وحماسة المناضل وشجاعته وتفانيه ووضوحه ووضوح أفكاره وقدرته على الإنصات”، يضيف المتحدث.
وأكد الصديقي أن الراحل عمر كان رفيقا ومناضلا له قدرة عالية على الإنصات، وناجحا في جميع الجوانب، مبرزا أن النجاح في مختلف المجالات والتوفيق بين الالتزامات المتعددة بما في ذلك الأسرية والعائلية أمر في غاية العبقرية، مشددا على أن عمر العويفي كان فريدا لتوفيقه بين جميع هذه المجالات.
وأوضح عضو المكتب السياسي أن مسار “عمر” عبرة للتأمل وموضوع للكتابة والدراسة لإبراز ما كان يتمتع به الراحل من كاريزما وإجماع على طيبوبته وكفاءته والتزامه، وهي الشهادة التي يقدمها الجميع بمدينة القنيطرة من زملائه في العمل ورفاقه وعموم من عرفه.
كما نوه الصديقي بروح الفقيد الذي كان دائما باحثا عن العلم ومجتهدا في عمله وإخلاصه لوطنه وحزبه وعمله، معتبرا أن صدقه وإخلاصه جعلاه لا يبحث عن المسؤوليات وإنما هذه الأخيرة هي من تختار عمر، حيث لم يسبق أن طلب منصبا للمسؤولية وإنما يجري التوافق حوله لما يتمتع به من خصال ومبادئ تجعل منه شخصا فريدا، مؤكدا أن حزب التقدم والاشتراكية مدين لهذا المناضل ولا يمكن أن ينساه.
من جهته، وفي كلمة له نيابة عن العائلة والأسرة، سجل شفيق العويفي أخ الراحل أن عمر العويفي آخر عنقود إخوته الذكور كان نشيطا ومنفتحا بروح تطبعها روح الإيجابية، والتعاون سواء في مساره المهني أو الجمعوي والسياسي، حيث كان شعلة من الحب والتطوع والتضامن والمساهمة والخدمة الصادقة.
وكشف شفيق العويفي أن أخاه عمر فتى أحب العلم ولم يتوقف عن طلبه، إذ وبعد أن تحصل على شهادة الماستر في الدراسات القانونية التحق بسلك الدكتورة قبل أن توقف الأقدار مساره النبيل في البحث العلمي.
وأضاف أخ الراحل أن “عمر” كان فعالا في مختلف المجالات، بما في ذلك المجال الرياضي الذي بصم فيه على مسار إيجابي وهو يشتغل داخل مكتب النادي القنيطري والذي ساهم خلال فترة اشتغاله في إعطاء إشعاع للنادي وصعوده إلى القسم الوطني الأول، مشيرا إلى أنه كان بنفس الحماس في مختلف المجالات والمستويات، بما في ذلك على مستوى عمله السياسي وتحمله المسؤولية السياسية بفرع مدينة القنيطرة.
من جانبه، قدم أحمد العوفي عضو اللجنة المركزية للحزب وأحد قدماء الحزب بمدينة القنيطرة نبذة عن مسار الراحل عمر العويفي، حيث ذكر بإبداعه في خلق دينامية في مدينة القنيطرة، سواء داخل التنظيم أو داخل الهياكل التي كان يشتغل فيها، بما في ذلك تدبير الشأن الرياضي والنشاط الجمعوي.
وبخصوص العمل السياسي، سجل العوفي أن الراحل عمر كان من القادة السياسيين الشباب الذين بصموا على تاريخ حافل في مدينة القنيطرة، خصوصا وأنه تقلد مجموعة من المسؤوليات محليا وإقليميا ووطنيا، معتبرا أنه كان يشكل نموذجا للقيادات الشابات.
وأورد العوفي أن عمر العويفي كان رفيقا فعالا وحيويا في تدبير الاختلافات وامتصاص الصدمات التي تفرزها الممارسات الميدانية، متمسكا بالمبادئ والعمل ونكران الذات، والعمل المتواصل وحسن تدبير هذه الاختلافات وتجاوزها خدمة لمصالح الحزب، مضيفا أنه كان يقوم بذلك بقيم الحب والمودة والتآزر والوفاء.
وأوضح العوفي أن الراحل ترك وراءه سمعة طيبة ومسارا زاخرا بالعمل الجاد والتضحية ومسارا يقتدى به ونموذجا للمناضل المخلص الحقيقي الذي لا ينضب عطاءه.
إلى ذلك، وفي كلمة له، أفاد حكيم دومو الرئيس السابق للنادي الرياضي القنيطري أن عمر العويفي شكل بصمة في المسار الرياضي للمدينة خلال فترة اشتغاله، مشيرا إلى أنه كان من بين أفضل الكتاب العامين الذين مروا في تاريخ النادي ومن بين أفضل المسيرين.
وأوضح دومو أن فترة اشتغال المكتب شكلت فترة ذهبية حيث صعد النادي في السنة الأولى من التسيير من القسم الوطني الثاني إلى القسم الأول، منوها بالمجهودات التي بذلها الراحل عمر داخل المكتب وكيف عمل على تدبير الأزمات والمشاكل التي كانت تعترض عمل الفريق.

< توفيق أمزيان

Related posts

Top