تأخر توزيع المقررات المدرسية ينذر بتعثر الدخول المدرسي

تعتبر مهنة بيع الكتب المدرسية المستعملة من المهن الموسمية الأكثر انتشارا في المغرب خلال فترة العطلة الصيفية، لما تدره هذه المهنة على مزاوليها من الشباب العاطل بل والأطفال من أرباح مهمة. فعوض التخلص من هذه الكتب يفضل العديد بيعها والاستفادة من عائداتها إما في المصروف اليومي أو في شراء كتب الموسم الدراسي الجديد في عملية شبيهة بعملية المقايضة.

كريم، وهو فتى في ال13 من عمره، يقوم، كل سنة عند مشارف الدخول  المدرسي، بالتوجه إلى سوق القريعة بالدار البيضاء، ويجد لنفسه مكانا بين باعة الملابس أو باعة الخضروات، ثم يضع مقرراته التي استفاد منها هو في الموسم الدراسي المنصرم، ينتظر من يقبل عليها الآباء أو التلاميذ أنفسهم لاقتنائها استعدادا لبدأ الدراسة.

كريم ليس الوحيد هناك، فبمجرد أن تطأ أقدامك السوق في هذا الفترة من السنة إلا وتجد العديد من الشباب بل والأطفال يزاولون هذه المهنة الموسمية، طمعا في تحقيق أرباح وراء بيع تلك المقررات عوض إتلافها أو بقائها مركونة في إحدى زوايا البيت. مشاهد بيع وشراء المقررات المدرسية المستعملة تتكرر يوميا في هذا السوق وفي مناطق أخرى من المدينة بل وفي معظم المدن المغربية، حيث تلجأ آلاف الأسر إلى بيع الكتب المدرسية المستعملة مقابل اقتناء أخرى مستعملة أيضا في سبيل التقليل من مصاريف دراسة الأبناء.

كريم الذي سيلتحق هذا الموسم بالقسم الأخير لمرحلة الإعدادية يقول”أزاول هذه المهنة كل سنة، وها أنا اليوم ألج السوق من أجل بيع المقررات التي انتهيت منها” وعند استفساري لأسباب بيعه لها قال “أبيع هذه المقررات من أجل اقتناء مقررات للموسم الدراسي القادم “وأضاف “أنا بدوري لا أشتري المقررات من المكتبات، أكتفي باقتنائها هنا في السوق، وهناك حالات أقوم فيها بعملية المقايضة، بحيث أقدم كتبي لبائع في السوق مقابل المقررات التي أحتاجها أنا”.

مهنة بيع الكتب المستعملة لم تعد تقتصر على الأطفال والشباب الراغبين في تحصيل ما يشترون به الكتب الجديدة فقط، بل أصبحت مهنة الكبار أيضا منهم من يكتري محالات تجارية لهذا الغرض ويستعدون طيلة الصيف بدءا من انتهاء الموسم الدراسي عبر شراء المقررات من التلاميذ وتخزينها في انتظار بداية إقبال الأسر عليها خلال فترة الدخول المدرسي.

كما أن الآباء باتوا يشجعون أبناءهم على اقتناء الكتب المستعملة من أجل تخفيف العبء عليهم، خصوصا أولئك الذين لديهم عدد كبير من الأطفال، إذ تتطلب مصاريف الدراسة مبالغ مالية كبيرة لتلبية احتياجات الأبناء. خاصة مع ارتفاع أسعار العديد من المواد الأساسية، الشئ الذي خلف أضرارا ملحوظا على القدرة الشرائية للأسر المغربية. 

توافق يحسم الجدل

وخلال أسابيع قبل انطلاق الموسم الدراسي الجديد كان هناك جدل واسع على خلفية توقعات بارتفاع أسعار بعض المقررات الدراسية، بعد أن كانت الحكومة قد أكدت، في وقت سابق، توصلها بملتمس من الجمعية المغربية للناشرين من أجل مراجعة أثمنة الكتب المدرسية بسبب ارتفاع تكاليف الطباعة، موضحة أن هذه المراجعة همت 186 كتابا مدرسيا للمستويين الابتدائي والإعدادي.

وأكدت وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة في وقت سابق أنه تم عرض هذا الطلب على لجنة الأسعار المشتركة بين الوزارات لاستطلاع رأيها وعرض خلاصات أعمالها على الحكومة، التي لها السلطة التقديرية والتقريرية في اتخاذ قرار الزيادة من عدمه.

إلا أنه وبحسب وكالة المغرب العربي للأنباء فقد أكد الوزير المنتدب المكلف بالعلاقات مع البرلمان، الناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى بايتاس، أن أسعار الكتب المدرسية لن تعرف أي زيادة برسم الموسم الدراسي المقبل، مبرزا أن الحكومة ستعمل على إيجاد حلول مع الناشرين.

وفي تصريح له لجريدة بيان اليوم أكد السيد رشيد بناني رئيس جمعية الكتبيين بجهة الدار البيضاء سطات انه تم بالفعل حسم جدل الزيادة في أسعار الكتب المدرسية خلال الموسم الدراسي المقبل، بعدما تأكد بشكل رسمي، عدم إقدام دور النشر بالمغرب على الزيادة في أسعار المقررات المدرسية خلال الدخول المدرسي الجديد بعد توصلهم إلى اتفاق في هذا الشأن مع وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، باعتبارها ممثلة للحكومة.

وأضاف بناني أن الناشرين وافقوا على العرض الحكومي، رغم أنهم لم يصرحوا بشكل صريح حصولهم على دعم مباشر من طرف الدولة،رغم ما تناقلته وسائل إعلام عدة من أن الوزارة الوصية أعلنت عن تقديمها الدعم للناشرين شريطة الإبقاء على الأسعار المعمول بها حاليا.

إلا انه وفي تصريح لموقع القناة الثانية أكد حسن الكامون، رئيس جمعية الكتبيين المستقلين بالمغرب أنه بعد مفاوضات الوزارة الوصية مع الناشرين تم الاتفاق على تقديم الدعم المباشر للمهنيين بشرط عدم الزيادة في سعر المقررات الدراسية، مشيرا إلى أنه”تصل قيمة هذا الدعم إلى نسبة 20 بالمائة من قيمة الكتب المنشورة”.

وبهذا الصدد حاولنا التواصل مع السيد أحمد الفيلالي رئيس الجمعية المغربية للناشرين عبر الهاتف لإطلاعنا على مخرجات لقائهم مع وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، لكننا لم نتلقى الرد.

تعثر في إمداد المقررات الدراسية

هذا وتعرف عملية توزيع وإمداد المقررات المدرسية للمكتبات تأخرا بالمقارنة مع السنوات الماضية، حيث طالب العديد من المهنيين باتخاذ إجراءات عملية من شأنها تسريع عملية تزويد السوق الوطنية بالحاجيات من الكتب واللوازم المدرسية، كما ارتفعت مطالب برلمانية للحكومة لتسريع عملية تزويد السوق بالمقررات الدراسية، تفاديا لوقوع أي ارتباك من شأنه أن يؤدي إلى تأخر انطلاق الموسم الدراسي في أحسن الظروف، حيث وجهت نقابة الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب بمجلس المستشارين سؤالين كتابيين لوزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة ووزير التجارة والصناعة حول تسريع عملية التزويد هاته.

وأوضحت نقابة الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب على لسان المستشاران البرلمانيان خالد السطي ولبنى علوي، في سؤالين كتابيين منفصلين، موجهين إلى الحكومة، توصلت الجريدة بنسخة منهم، أنه “على بعد شهر من الدخول المدرسي مازالت المكتبات تنتظر تزويدها بالمقررات المدرسية علما أنه جرت العادة أن يتم ذلك قبل شهر غشت”.”، مشيرة إلى أن المكتبات تنتظر إجراءات استعجالية لتوفير الكتب المدرسية في أقرب الآجال، تفاديا لأي ارتباك في الدخول المدرسي المقبل.

وبناء على ذلك، طالبت النقابة من وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، شكيب بنموسى، بتقديم توضيحات حول الإجراءات المتخذة لتسريع عملية تزويد سوق الكتاب، فضلا عن الإجراءات التي يتم اتخاذها لمنع بين الكتب واللوازم المدرسية داخل فضاءات المؤسسات التعليمية الخاصة، مؤكدا أن هناك سلوكات تتعلق بتحويل بعض المؤسسات التعليمية إلى مكتبات تمارس عملية بيع المقررات المدرسية لفائدة تلاميذها في مخالفة صريحة للقانون 06.00 المنظم للتعليم الخصوصي المتعلق بالجانب التربوي دون التجاري. كما ساءلت النقابة وزير الصناعة والتجارة، رياض مزور، عن وضعية عملية تزويد السوق الوطنية بالحقائب المدرسية ومستلزمات الدخول المدرسي.

وأكد رشيد بناني لبيان اليوم، أن الناشرين بالفعل شرعوا في إمداد المكتبات الوطنية بالمقررات الدراسية، وذلك بشكل تدريجي بدأ من 7 غشت الجاري. مؤكدا بدوره ملتمسه اتخاذ إجراءات لمنع بيع المقررات والأدوات المدرسية داخل فضاءات المؤسسات التعليمية الخاصة، مشيرا إلى أن ذلك انتهاك للنصوص القانونية المعمول بها.

وفي تصريح لموقع الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة مطلع هذا الأسبوع، أكد عزيز بونو، رئيس جمعية اتحاد تجار ومهنيي درب عمر، أن هذه السنة شهدت عرقلة في عملية الاستعداد للدخول المدرسي، موضحا أن هذه العرقلة تهم تأخر التوصل بالكتب المدرسية فضلا عن المحافظ المدرسية.

وأوضح بونو في ذات التصريح، أن العديد من الكتبيين لم يتوصلوا بعد بالمقررات وبالحقائب المدرسية، لافتا إلى أن وزارة الصناعة والتجارة أصدرت مذكرة جديدة خاصة بالاستيراد ومراقبة جودة المحافظ، جعلت مجموعة من مستوردي الحقائب المدرسية يواجهون صعوبات في تعشيرها.

وأضاف أنه في العادة يشرع بائعو الجملة في بيع الكتب المدرسية ابتداء من شهر يوليوز إلى غاية شهر غشت، فيما تشرع المكتبات في هذه العملية من شهر غشت إلى شتنبر، إلا أن معظمها لم يتوصل لحدود الآن ببعض المقررات، مشيرا إلى أن العديد من الأسر تبدأ مبكرا في الاستعداد للدخول المدرسي، ما يستدعي تسريع هذه العملية.

قمنا مطلع هذا الأسبوع بزيارة استطلاعية لعدة مكتبات في مناطق ليساسفة، الولفة، الحي الحسني، بوركون، الحي المحمدي، وسيدي عثمان بالدار البيضاء، وجدنا أن المكتبات في هذه المناطق لم تتوصل بعد بالمقررات والأدوات المدرسية.

يقول عبدالله وهو كتبي بمنطقة الولفة:”ذهبت مرتين لسوق القريعة وسوق الحبوس من أجل اقتناء الكتب لكن المزودين الذين أتعامل معهم يقولون أنهم لم يتوصلو بالمقررات أيضا، ووعدوني بأنها ستكون متوفرة قريبا ” وأضاف “هناك بعض الأباء يحاولون اقتناء اللوازم الدراسية مبكرا تفاديا للزحام خلال فترة بداية شهر شتنبر لكنهم هذه السنة هم مضطرون للانتظار”.

هذا وسينطلق الموسم الدراسي الجديد يوم الخميس01 شتنبر 2022، وفق ما أعلنت عنه وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة في مقررها الوزاري، بحيث سيلتحق أطر وموظفو الإدارات التربوية وهيئات التفتيش والأطر المكلفة بتسيير المصالح المادية وهيئة التوجيه والتخطيط التربوي وهيئة التدبير التربوي والإداري والأطر الإدارية المشتركة بمقرات عملهم يوم الخميس فاتح شتنبر 2022، فيما سيلتحق أطر هيئة التدريس، بجميع درجاتهم، بمقرات عملهم يوم الجمعة 02 شتنبر 2022.

بينما ستلتحق التلميذات والتلاميذ بالأقسام الدراسية بشكل فعلي يوم الاثنين 05 شتنبر 2022، بالنسبة للتعليم الأولي والسلك الإبتدائي والسلك الثانوي الإعدادي، والثانوي التأهيلي وبأقسام تحضير شهادة التقني العالي، والاثنين 03 أكتوبر 2022 بالنسبة لأقسام التربية غير النظامية.

الحسين الزاعي (صحافي متدرب)

Top