تألق المسرح الأمازيغي وتداول في مستجدات المهنة

افتتاح، معارض، وتكريم
احتضن فضاء دار الثقافة مولاي الحسن بالحسيمة مساء الخميس 15 دجنبر الجاري افتتاح فعاليات مهرجان الحسيمة المسرحي في نسخته الثامنة تحت شعار: “جميعا لجعل الحسيمة منارة ثقافية متوسطية” من تنظيم مؤسسة الفضاء الأورومتوسطي لفنون الفرجة وفرقة الريف للمسرح الأمازيغي بالحسيمة بدعم من وزارة الثقافة.
وبعد قص شريط الدورة على أنغام معزوفات شعبية لفرقة الشيخ عيسى للتراث، قام السيد باشا المدينة والوفد المرافق له بزيارة معرض الفن التشكيلي للفنان شعيب والحاجي، ومعرض المنتوجات التقليدية لعدد من تعاونيات الصناعة التقليدية بالحسيمة. افتتحت الدورة بكلمات ترحيبية تناوب على تلاوتها رئيس المهرجان والمدير الإقليمي للثقافة وممثل المجلس الإقليمي، وممثلة الجماعة الحضرية لمدينة الحسيمة، الذين عبروا عن رغبتهم في المضي بالمهرجان بعيدا ليجد مكانته ضمن المهرجانات الوطنية الكبيرة، والدفع بقاطرة التنمية الثقافية والمسرحية التي أضحت تعرفها مدينة الحسيمة في السنوات الأخيرة والتي جعلتها تتبوأ مكانتها ضمن المدن المغربية التي تحتفي بالفن ورجالاته في شتى صنوف الإبداع.
وسيرا على نفس التقليد الذي سنته الدورات السابقة بإشاعتها لثقافة الاعتراف بالطاقات التي قدمت للعمل الثقافي والجمعوي بالمدينة الكثير من الخدمات والتضحيات، احتفت الدورة بالفاعل الجمعوي أحمد الشيخي كأحد رجالات المدينة الأبرار الذي كرس حياته لخدمة الشأن الثقافي والجمعوي بالحسيمة واستطاع على مدار أكثر من ثلاثة عقود أن يؤسس للفعل الثقافي الجاد المرتبط بهموم وانشغالات المواطن الحسيمي.
مسرحية “التعري قطعة قطعة” تناول ساخر لمفهوم الحرية ولإشكالاتها الفلسفية

وفي ختام اليوم الافتتاحي قدمت فرقة الريف للمسرح الحسيمي عرضها المسرحي الجديد “التعري، قطعة قطعة” / “ستريبتيز” للكاتب البولندي سلوفومير مروجيك، ترجمه للأمازيغية الكاتب العزيز الإبراهيم ووقع سينوغرافيته وإخراجه الفنان يوسف العرقوبي ولعب أدواره كل من طارق الصالحي ومحمد بنسعيد وحدوش بوتزكونت..
للإشارة فالعرض المسرحي “التعري قطعة قطعة” حضي بثقة لجنة الدعم المسرحي لسنة 2016 وقدم على هامش المهرجان المسرحي الوطني الثامن عشر الأخير الذي احتضنته مدينة تطوان ولقي تجاوبا كبيرا من جمهور مدينة المضيق.
تنبني حكاية العرض على شخصيتين زج بهما قهرا في مكان مغلق أشبه بزنزانة، يحاولان في كل مرة التفكير في صيغة لتجاوز حالة الإحباط التي بدأت تسكنهما، لكنهما دوما يواجهان بقوة رجلا غريبا يراقبهما من الخارج ويعد عليهما أنفاسهما وحركاتهما، بل ويمنعهما من مجرد التفكير في ما حدث.
شخصيتان، تتقاطعان وتنفصلان، بينهما الكثير من التشابه والاختلاف، كل منهما يحاول أن يتفاعل مع ما حدث بحسب طبيعته ونظرته الخاصة للعالم بلغة فيها الكثير من السخرية والضحك الأسود. حالة التضاد والتشابه هذه، والرغبة في تجاوز حالة الحصار تدفعهما إلى مواجهة بعضهما البعض وكأنهما مجرد شخص واحد يقف في مواجهة نفسه أمام مرآة تعري، وبشكل تدريجي، جبنه وخوفه وتقاعسه عن التصدي لمصيره. لينتهي بهما المطاف في الأخير إلى التعري النهائي من كل الأصباغ التي تخفي حقيقتهما فيجدان نفسيهما في الأخير مجبران على الركوع والاعتذار وتقبيل يدي الرجل الغريب..
عرض “التعري قطعة قطعة” تناول ساخر لمفهوم الحرية ولإشكالاتها الفلسفية بكثير من الغروتيسك والضحك المبكي، استطاع من خلاله المخرج المبدع يوسف العرقوبي أن ينقل عوالم مروجيك وتناقضاتها العبثية بنوع من البساطة التي لا تخلو من التعقيد أو من السهل الممتنع، مستكينا في اشتغاله الجمالي إلى الممثل وإمكانياته التعبيرية التي خلقتها حالة التضاد بين الشخصيتين، داخل فضاء استطاع أن يؤثته المخرج/ السنوغراف بمتواليات بصرية تمكنت من نقل عوالم الشخصية وتناقضاتها الداخلية  لتجد مكانها خارج الشخصية/ الجسد، وفي الوقت نفسه تقحم عوالم الخارج إلى داخل الفضاء المغلق باختيارات جمالية جعلت المتلقي يقف على حد التماس والتماهي مع الشخصيتين، الشيء الذي خلق نوعا من التفاعل الإيجابي مع التجربة التي لم تخل من مغامرة كسبت رهان انفتاح المسرح الأمازيغي الناطق بالريفية على تجارب المسرح العالمي، واستطاعت أن تمد جسور التواصل معه دون غربة أو انعزال. فالتجربة شكلت إلى حد ما منعطفا جماليا في تجربة المسرح الأمازيغي بالشمال سيكون لها انعكاسات إيجابية على مسار تجربة تخط طريقها بإصرار وثبات.

ندوة المستجدات القانونية في المجال الفني وأفق التنظيم المهني

في صبيحة اليوم الموالي كان جمهور المدينة وفنانوها مع ندوة فكرية نظمتها النقابة المغربية لمهنيي الفنون الدرامية بتعاون مع الجهات المنظمة للتظاهرة تحت موضوع “المستجدات القانونية في المجال الفني وأفق التنظيم المهني” أدار جلستها الدكتور محمد العزيز وشارك في تفكيك مضامينها كل من المؤلف والمخرج عمر جدلي عضو المكتب الوطني للنقابة، والمسرحي محسن زروال.
تناول عمر جدلي في ورقته التي عنونها بـ “النقابة المغربية لمهنيي الفنون الدرامية ـ محطات نضالية فارقة لمأسسة وتنظيم قطاع الدراما بالمغرب”، أبرز من خلالها دور النقابة المغربية لمهنيي الفنون الدرامية في هيكلة قطاع الثقافة والفنون بشكل عام والفنون الدرامية بشكل خاص، بدءا بإرساء قواعد وأسس الممارسة المسرحية الاحترافية، ومواكبة الدولة لابتداع صيغ معقلنة لتنظيم العلاقات الشغلية بين الفرق المسرحية والمقاولات الفنية والشركات والوكلاء الفنيين من جهة، والفنانين من جهة أخرى، والمساهمة في خلق نصوص تشريعية لتأطير عمليتي دعم وترويج الأعمال المسرحية، مرورا بإحداث التعاضدية الوطنية للفنانين المغاربة والمجلس الإداري للمكتب المغربي لحقوق المؤلف، وانتهاء إلى قانون الفنان في صيغتيه الأولى والمعدلة.
كما تعرضت الورقة لمختلف الأشواط التي قطعتها النقابة لتنظيم هياكلها وتطوير أساليب وطرق اشتغالها وتجويد خدماتها مواكبة للمستجدات التشريعية والحراك الفني الذي يعرفه القطاع، وانسجاما مع موقعها وأدوارها ومسؤولياتها كعضو فاعل في الفدرالية الدولية للممثلين، وكعضو مسؤول في مجلسها الإداري.
أما المسرحي محسن زروال فقد تناول في ورقته حول مستجدات قانون الفنان والمهن الفنية، أهم الأسباب التي دفعت المشرع المغربي إلى مراجعة قانون الفنان في صيغته الأولى والتي حددها في سببين أساسيين، يتعلق الأول بجوانب القصور والنقص التي شابت قانون الفنان وأعاقت تنفيذ بنوده، والثاني يرتبط بالإشارات الواضحة والقوية التي حملها دستور 2011 الذي أولى أهمية قصوى للفن من خلال تضمينه في أربع فصول. قبل أن يتحدث عن أهم المستجدات التي جاء بها القانون الحالي، والتي لخصها في عدد من النقط، تناول المتحدث ثلاثة منها بالعرض والتحليل، يتعلق الأمر بتعريف الفنان وتصنيفاته، وتقسيم الفنون إلى عائلات كبرى، إضافة إلى تنصيصه على المفاوضات الجماعية التي ستسمح بخلق اتفاقيات جماعية بين الفنانين والباطرونا سترسم معالم ممارسة فنية مبنية على التعاقد واحترام القانون مما سينعكس إيجابا على الممارسة الفنية بالمغرب بعد إخراج النصوص التنظيمية إلى حيز الوجود.
هذا وتواصلت فعاليات التظاهرة بتنظيم عرض فني للأطفال بحديقة 3 مارس لفرقة الضحك والمرح أمس الجمعة، وفي مساء نفس اليوم قدمت فرقة أريف للثقافة والتراث بالحسيمة بدار الثقافة الأمير مولاي الحسن مسرحيتها الجديدة “من أحرق الشمس”.
 وستشهد دار الثقافة صبيحة هذا اليوم دورة تكوينية في إعداد الممثل من تأطير الفنان محمد سلطانة.
 وفي مساء اليوم يقدم الفنان حفيظ بدري عرضه الفردي الجديد “وان مان شاو” بعنوان “هادا داداي” على الساعة الرابعة والنصف مساء.
 وخلال صبيحة غد الأحد تقدم جمعية الحياة للمسرح والتنمية الثقافية من جرادة عرضها الموجه للأطفال بعنوان “Lola et les fourmis” بينما تعرض فرقة مسرح أنفاس من الرباط مسرحية “خريف” من إخراج الفنانة أسماء هوري.. وتختتم فعاليات المهرجان برقص استعراضي  لفرقة الأحلام للرقص وبفقرات فنية قبل تقديم خلاصات وتوصيات الدورة من قبل إدارة المهرجان.

 الحسيمة:  بيان اليوم

Related posts

Top