تأملات حول..

حول الترجمة..
جزء كبير من إنتاجنا الأدبي والفكري لا يزال حبيس اللغة الأصلية الوحيدة التي كتب بها، وأغلب الإنتاج الذي نال حظه من الترجمة، عادة ما يكون ذلك نتيجة نيله جائزة رفيعة ما، من قبيل البوكر وغيرها، أو يكون قد خلف ضجة معينة، نستحضر بهذا الخصوص رواية الخبز الحافي التي يمكن اعتبارها الكتاب المغربي الذي ترجم إلى أكبر عدد من اللغات، مع أن هناك بكل تأكيد أعمالا أخرى لأدباء مغاربة آخرين تستحق هذه المكانة التي تبوأتها السيرة الذاتية المشار إليها.

***

حول الإلقاء..

إن الإلقاء الشعري والقصصي ليس مجرد تلاوة شيء مكتوب، إنه إحساس ومعاناة وتشخيص لصور وحالات اعتمادا على الطبقات الصوتية وحركات الجسد. ولذلك لا أتصور كيف يسمح بعض الشعراء والقصاصين لأنفسهم التقيد بالجلوس خلف طاولة فوقها ميكروفون عند لحظة الإلقاء، الأجدر بهم أن يتحرروا من هذه القيود ويتفاعلوا مع ما يتلونه، لكي لا تبدو قراءاتهم جامدة ومنفصلة عن أجسادهم وأرواحهم.
هكذا يمكن للمتلقي أن يستمتع بما يسمعه، أن يتلذذ بمتعة الإلقاء ولذة النص.
أعرف أحد الأصدقاء الأدباء الذي كان يمتنع عن المشاركة في القراءات القصصية، كان يبرر ذلك بأن النص القصصي يجب أن يقرأ، لا أن يلقى على مسامع الناس؛ لأنه ليس مجرد حكاية من الحكايات التي تروى في حلقات الساحات العمومية، بل هناك فقرات جد مكثفة تستدعي التركيز الشديد وقراءتها بجميع الحواس.
كان هذا الصديق يخشى أن يساء فهم كتاباته الإبداعية، وحين أتيحت لي الفرصة للاستماع إليه وهو يتلو أحد نصوصه القصصية في لقاء خاص جمعني به، قلت لنفسي إنه أحسن صنعا، كونه ظل يمتنع عن المشاركة في القراءات، لأن إلقاءه كان سيئا للغاية.
هناك بعض المبدعين الذين يحظون بإقبال كبير على الاستماع إليهم وهم يتلون نصوصهم الإبداعية، أستحضر بهذا الصدد على وجه الخصوص، الشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش، إن نجاح العديد من نصوصه الشعرية، يعود بالدرجة الأولى إلى طريقته الموفقة في الإلقاء، طريقة متميزة ومعبرة بجلاء عن مضمون النص. لم يكن درويش يعتمد على طبقة صوتية واحدة، بل كانت تتنوع وفق الحالة أو الصورة الشعرية التي يجسدها نصه.

***

حول الانضباط..

لم تترك إحدى اللجان المنظمة لنشاط ثقافي؛ كبيرة ولا
صغيرة، إلا أخذتها بعين الحسبان، هكذا يمكن لك أن تطلع ضمن البرنامج العام التفصيلي، على النموذج الآتي:

– الساعة العشرون وثلاثون دقيقة: وجبة العشاء.
– الساعة الثانية والعشرون: لقاء تواصلي مع المشاركين.
– الساعة الثالثة والعشرون وثلاثون دقيقة: النوم.
يا إلهي، حتى النوم لم يغفلوا الإشارة إليه في البرنامج الثقافي.

عبد العالي بركات

الوسوم ,

Related posts

Top