تجارب في الكتابة

>  محمد توفيق أمزيان (صحافي متدرب)

 ما يميز شعر التبراع الذي ينتمي من حيث نشأته وامتداده إلى الجنوب المغربي الحساني، هو أن خاصية نظمه وإبداعه مقصورة على النساء الصحراويات فقط، بحيث تغازل الصحراوية فيه الرجال، إذ أنه شعر يتميز بنوع من الوضوح والمباشرة في التعبير عن العاطفة، وقد تتصف بعض قصائده بجرأة كبيرة، من هنا لا ينسب كثير من هذا الشعر إن لم يكن كله إلى شاعرات معروفات بقدر ما يبقى مجهول النسب ويتسم بالسرية، والتبراع حسب العالية ماء العينين هو شعر المرأة الحسانية ويتمتع بكونه يضم بيتا واحدا من الشعر، وتضيف الباحثة الأكاديمية ماء العينين خلال تسييرها لجلسة بقاعة فاطمة المرنيسي بالمعرض الدولي للكتاب بالدار البيضاء، أن التبراع متعلق بالغزل والجسد بحيث تتغزل النساء في الرجل دون ذكر اسمه وتكتفي بوصفه أو التلميح لوصف معروف به، مستحضرة تعريف التبراع عند الباحث أحمد باب المسكة، بأنه شعر تلقيه الفتيات العازبات بعيدا عن الناس، بحيث يتسم بطابع السرية، وأبرزت الباحثة الأكاديمية حدود شعر التبراع، بكونه لا يخص المرأة الصحراوية المغربية فقط وإنما يمتد من وادي نون وحتى نهر السينغال مرورا بموريتانيا التي تعتبر من الرواد في هذا الصنف من الشعر، إذ هناك العديد من الفنانات الموريتانيات في فن التبراع، كما ألقت العالية ماء العينين مجموعة من المقاطع الشعرية على الجمهور، مقدمة شرحا عن كل بيت شعري، كما تطرقت للتسمية التي تعود إلى البراعة والإبداع وبحكم اللهجة المحلية أصبحت تسميته التبراع.
 وفي ذات السياق أكدت الشاعرة خديجة العبيدي على أن شعر التبراع له رسالة كباقي أنواع الشعر الأخرى ويلعب دورا كبيرا في إعطاء المرأة الصحراوية قيمة في مجتمعها، وتحدثت الشاعرة عن عدة تجارب في التبراع خلال تسعينات القرن الماضي مع فنانات موريتانيات أخرجن التبراع من سريته إلى العلن، معرجة على تجربتها خصوصا في الجمع بين المدح والتبراع، حيث ألقت مجموعة من الأشعار التي ألفتها على مسامع الجمهور الذي استحسنها، كما تحدثت الشاعرة عن تأسيسها لجمعية وطنية تعنى بالتبراع باعتباره موروثا وطنيا، وذلك من خلال تنظيم مناسبات ومحافل للتعريف بهذا الجنس من الشعر، وكذا تشجيع للنساء الحسانيات والشابات الصحراويات على الالتفاتة لهذا الموروث الثقافي الوطني، منوهة بزميلتها العالية ماء العينين التي شرعت في أرشفة بعض الأشعار الحسانية وإضفاء البعد الأكاديمي على التبراع، خصوصا وأنها نشرت بحوثا حوله داخل المغرب وخارجه، ما جعله يعرف طفرة نوعية والتفاتة دولية.

Related posts

Top