تخوفات من تفاقم الوباء في إفريقيا في ظل ضعف الأنظمة الصحية وقلة اللقاحات

اعتبر مدير برنامج الطوارئ في منظمة الصحة العالمية مايكل راين، نهاية الأسبوع الماضي، أن مسار الإصابات بكوفيد 19 في إفريقيا “مقلق جدا جدا”، مع انتشار نسخ متحورة معدية أكثر ومعدل تلقيح منخفض بشكل خطير.
وبحسب المعطيات التي جمعتها منظمة الصحة العالمية، سجلت في إفريقيا 116.500 إصابة جديدة في الأسبوع المنتهي بـ 13 يونيو، أي أكثر بـ 25500 إصابة من العدد المسجل الأسبوع السابق.
وأشار راين إلى أنه بالنظر إلى الوضع الإجمالي في إفريقيا، لا تبدو القارة السمراء في حال سيئة للغاية، إذ أن عدد الإصابات فيها لم يمثل سوى أكثر من 5 بالمائة بقليل من عدد الإصابات الجديدة المسجلة على مستوى العالم الأسبوع الماضي، وكذلك فإن عدد الوفيات فيها لا يشكل سوى 2.2 بالمائة من الوفيات على الصعيد العالمي.
لكن في بعض الدول تضاعف عدد الإصابات فيما سجل ارتفاعا بأكثر من 50 بالمائة في دول أخرى.
وسبق أن نبه مكتب منظمة الصحة العالمية في إفريقيا الى أن الموجة الوبائية الثالثة “تتفاقم وتتسارع” في القارة مع انتشار النسخ المتحورة من الفيروس، مطالبا بزيادة الإمدادات باللقاحات المضادة لكوفيد 19.
وعلى غرار مديرة منظمة الصحة العالمية في إفريقيا ماتشيديسو مويتي لفت راين إلى أن القارة أكثر عرضة للخطر لأنها تلقت عددا قليلا جدا من اللقاحات المضادة لكوفيد، فيما حصلت أوروبا والولايات المتحدة على أعداد لقاحات تمكنهما من العودة إلى الحياة الطبيعية مع انخفاض مذهل لأعداد الإصابات والوفيات.
وقال راين: “الحقيقة القاسية أنه في منطقة (تشهد تفشي) نسخ متحورة معدية أكثر ولديها على الأرجح تأثير أكبر، تركنا أعدادا كبيرة من السكان والشعوب الضعيفة في إفريقيا محرومة من حماية اللقاحات، علما بأن أنظمة الصحة هشة أصلا”.
وأضاف أنها “نتيجة توزيع ظالم للقاحات. في إفريقيا، لم يتم تلقيح سوى 1 بالمائة من السكان بشكل كامل”.
وكانت إفريقيا حتى الآن، أقل تأثرا جراء الوباء من مناطق أخرى في العالم لكن ذلك لا يعني أنها ستبقى كذلك.
وأكد الطبيب أنه “من المبكر جدا التفكير في أن الموجة المقبلة في إفريقيا ستكون مجرد مطر قصير وليس عاصفة”، مضيفا “أعتقد أن علينا أخذ ما يحصل في إفريقيا بجدية كبيرة جدا”.
في السياق نفسه، حذرت منظمة الصحة العالمية من أن عشرات الدول غير قادرة على إعطاء الجرعة الثانية من اللقاحات، بسبب النقص في أعداد الجرعات، ما قد يؤدي إلى اضطرابات في حملات التطعيم على المدى الطويل.
وقال بروس أيلوارد المكلف بمراقبة آلية كوفاكس لتوزيع اللقاحات في العالم، “لدينا عدد هائل من الدول التي اضطرت إلى تعليق حملات التطعيم للجرعة الثانية – 30 أو40 دولة – والتي كان من الممكن أن تتلقى جرعات ثانية من لقاح أسترازينيكا على سبيل المثال لكنها لم تكن قادرة على ذلك”.
وبحسب أيلوارد، فإن هذه الدول تقع بشكل خاص في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى وأميركا اللاتينية والشرق الأوسط وجنوب آسيا وهي خصوصا دول مجاورة للهند على غرار نيبال وسريلانكا.

***

إنشاء أول مركز لنقل تكنولوجيا اللقاحات في أفريقيا.. خطوة كبيرة للأمام

حذرت منظمة الصحة العالمية من أن الدول الأكثر فقرا لا تمتلك جرعات كافية لمواصلة التطعيمات. وقال مسؤول من منظمة الصحة العالمية، التي تشارك في إدارة برنامج كوفاكس لتوزيع اللقاحات المضادة لفيروس كورونا، يوم الاثنين الماضي، إن ما يزيد على نصف الدول الأكثر فقرا التي تتلقى الجرعات من خلال البرنامج ليس لديها ما يكفي من الإمدادات للاستمرار في حملات التطعيم.
وقال بروس أيلوارد كبير مستشاري المنظمة في إفادة صحفية إن ما يزيد بكثير عن نصف هذه الدول الثمانين “لا يوجد لديها ما يكفي من جرعات اللقاح لمواصلة برامجها في الوقت الحالي”، في إشارة إلى آلية التزام السوق المسبق نحو الدول ذات الدخول المنخفضة والمتوسطة.
وأضاف أن النسبة الفعلية ربما كانت “أعلى بكثير”. وتابع قائلا إن الجرعات لدى بعض تلك الدول نفذت بالكامل.
ويأتي النقص، الناجم جزئيا عن التأخر في التصنيع والإمدادات من الهند، تزامنا مع زيادة الإصابات والوفيات في جميع أنحاء أفريقيا في ظل موجة ثالثة من العدوى.
وفي هذا السياق، يأتي سعي منظمة الصحة العالمية لبلورة وتنفيذ خطط لدعم إنتاج اللقاحات في القارة السمراء، حيث احتفت المنظمة هذا الأسبوع بإحداث أول مركز لهذا الغرض ف يجنوب افريقيا.
وأكد مدير عام منظمة الصحة العالمية الدكتور تيدروس أدهانوم جيبرييسوس، أن إنشاء أول مركز لنقل تكنولوجيا تلقيح الحمض النووي المرسال المعروف اختصارا بالرنا المرسال في جنوب افريقيا، يعد “خطوة كبيرة للأمام” تدعم الجهود العالمية لمكافحة كوفيد 19.
وقال تيدروس في مؤتمر صحفي في جنيف، إن إنشاء هذا المركز يعد خطوة كبيرة إلى الأمام بالنسبة لجنوب أفريقيا، وللعالم.. مضيفا: “آمل أن تكون هذه لحظة رئيسية لزيادة الطاقة الإنتاجية في أفريقيا للقاحات كـوفيد 19 ولكن أيضا للقاحات في المستقبل”.
ويضم الاتحاد الجنوب أفريقي شركة تكنولوجيا حيوية تدعى “أفريغن للبيولوجيا واللقاحات”، وستعمل كمركز لتصنيع لقاحات(mRNA) وتوفير التدريب لمصنع آخر يسمى “بيوفاك”.
وبحسب مركز إعلام المنظمة الدولية، سيسمح هذا المركز الجديد للمصنعين من البلدان النامية بتلقي التدريب على كيفية إنتاج اللقاحات والحصول على التراخيص ذات الصلة للقيام بذلك، كجزء من الجهود العالمية لتوسيع نطاق الوصول إلى العلاجات المنقذة للحياة.
ويأتي هذا التطور بعد دعوة منظمة الصحة العالمية في أبريل الماضي إلى الشركات العامة والخاصة للتعبير عن اهتمامها بإنشاء مراكز نقل التكنولوجيا، حتى يتسنى للدول ذات الدخل المتوسط والمنخفض تلبية احتياجاتها الملحة من اللقاحات وسط وجود نقص حاد.
ويشمل دور منظمة الصحة العالمية وضع معايير نقل التكنولوجيا، وتقييم التطبيقات وتطوير المعايير، فيما ستوفر المراكز الأفريقية لمكافحة الأمراض والوقاية منها التوجيه من خلال “شراكة تصنيع اللقاحات الأفريقية” التي أطلقها الاتحاد الأفريقي في أبريل هذا العام لزيادة القدرة على تصنيع اللقاحات في أفريقيا.
وتواصل منظمة الصحة العالمية الضغط من أجل زيادة تبادل المعرفة والتكنولوجيا والتراخيص لتعزيز تصنيع اللقاحات، والتنازل عن حقوق الملكية الفكرية ذات الصلة.
وأعرب رئيس جنوب أفريقيا سيريل راموفوزا عن ترحيبه بهذه الخطوة المهمة لجعل أفريقيا أقل اعتمادا على اللقاحات التي يتم توريدها من الخارج. وقال راموفوزا “إنها لا تأتي أبدا. لا تصل أبدا في الوقت المحدد”. وأضاف أنه سيتم في المركز أيضا تدريب العمال المهرة اللازمين لإنتاج اللقاحات لمكافحة الفيروس.
كما قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عبر رسالة بالفيديو “هذه ستكون الأولى من مبادرات كثيرة سوف ندعمها.
وأوضحت سوميا سواميناتان الخبيرة بالمنظمة أن المركز يمكن أن ينتج باكورة لقاحاته ضد الفيروس في غضون 9 إلى 12 شهرا إذا ما سارت الأمور على ما يرام. وأضافت سوميا “منظمة الصحة العالمية تجري الآن محادثات مع عدد من شركات صناعة الدواء حول إنشاء المركز.
وسيتم تقديم نحو 14 مليون جرعة وهي 25 في المائة على أساس “مناطق لها الأولوية” تشمل كولومبيا والأرجنتين والعراق وأوكرانيا والمناطق الفلسطينية.

Related posts

Top