تداعيات كورونا تفاقم أزمة الصحة النفسية لدى الشباب الأمريكي

مع انتشار جائحة كورونا يزداد عدد الشبان الاميركيين الذين يعانون اضطرابات نفسية كالقلق والاكتئاب وحتى الانتحار، مما يدفع بالأطباء والأهل والأساتذة إلى دق ناقوس الخطر.
ويضطر ملايين الطلاب والتلاميذ الذين باتوا يدرسون من منازلهم عن بعد منذ مارس الماضي، إلى البقاء لساعات أمام جهاز الكمبيوتر ويغيب بذلك التفاعل الشخصي وممارسة التمارين الرياضية والفنية أو الموسيقية.
وتقول سارة فرانك (18 عاما) من تامبا في فلوريدا: «هناك أيام اشعر فيها بحزن كبير ويأس… كأنه كابوس لا ينتهي».
ولأن أفراد أسرتها يعانون مشاكل صحية وبالتالي هم معرضون للإصابة أكثر من غيرهم، باتت تلازم منزلها منذ مارس. وتضيف الشابة التي ساهمت الصيف الماضي في تأسيس «ستايت أوف مايند»، وهو موقع داعم للمراهقين، «هناك مشاعر وحدة بالنسبة لي وللمراهقين الآخرين».
وأوردت ديانا كابوتا وهي ام لولدين يتابعان منذ مارس الحصص الدراسية افتراضيا في مدرسة آرلينغتون العامة في فيرجينيا، علامات متزايدة تدل على الاكتئاب لدى ابنها البالغ العاشرة من العمر.
وتقول هذه الطبيبة النفسية لوكالة الصحافة الفرنسية: «كان يستيقظ صباحا ويعود لينام حتى الظهر. وكان يقول أمورا كلست ذكيا وإني فاشل». وتضيف: «كان يتأخر في واجباته المدرسية ويبكي كل الوقت (…) ويقول لي كل يوم اشتقت لأصدقائي». وتتابع «بالنسبة الى بعض الأولاد الأمر أسوأ. اسمع كل الوقت الآن عن أولاد يتناولون أدوية»، مشيرة إلى أنها لم تتمكن من إيجاد طبيب لمعالجة ابنها في ارلينغتون بسبب الطلب الكبير.
الوضع أصبح مقلقا «للغاية»

ليست هناك إحصاءات وطنية لعام 2020 عن ظاهرة انتحار المراهقين التي زادت في الولايات المتحدة منذ 10 سنوات. لكن بعض الحالات المحلية صادمة: في نيفادا أقدم 19 تلميذا على الانتحار منذ مارس أكثر بمرتين من عام 2019. وان لم يكن من الممكن نسب ذلك مباشرة إلى الجائحة، أعلنت السلطات التي باتت تحت ضغط كبير، إعادة فتح المدارس قريبا.
بالنسبة إلى كارلوس أربالو الطبيب المعالج في مدرسة لورنس في لوس انجليس التي باتت الدراسة فيها افتراضية تماما منذ مارس: «مستوى الأرق والاكتئاب كبير».
وتقول سوزان دافي الأستاذة في طب الأطفال والطوارئ في جامعة براون «إذا كان وباء كوفيد-19 بالنسبة إلى الراشدين أزمة صحية فإنه بالنسبة إلى الأولاد أزمة صحة نفسية».
ووفقا لمراكز الوقاية من الأمراض ومكافحتها فإن زيارات التلاميذ في الفئة العمرية بين 12 و17 عاما لوحدات الطوارئ المخصصة للأمراض النفسية زادت بنسبة 31% بين مارس وأكتوبر 2020، مقارنة مع الفترة نفسها في 2019. في حين زادت في الفئة العمرية من 5 إلى 11 عاما 24%.
وتختبر سوزان دافي ذلك بشكل مباشر في مستشفى ولاية رود ايلاند حيث تعمل. وتقول إنها «تلاحظ زيادة في محاولات الانتحار» كالكثير من زميلاتها. وتضيف «نرى عددا أكبر من الأولاد الذين يريدون إيذاء أنفسهم في ما يعتبر محاولات انتحار مبطنة وهذا أمر مقلق للغاية».
وأمام كل هذه البيانات المقلقة لا تزال معركة إعادة فتح المدارس على أشدها. وتقول دافي إن التلاميذ «يعانون غياب المدرسين أو الراشدين الحريصين عليهم خارج دائرة الأسرة والذين غالبا من يكشفون علامات خفية لوجود أزمة أو الاكتئاب أو القلق».
جدل حول إعادة فتح المدارس

في الولايات المتحدة يتوقف قرار فتح المدارس على كل منطقة. وحاليا 38% من المدارس الأميركية تقترح فقط التدريس عن بعد مقابل 62% في سبتمبر، وفقا لموقع بوربيو المتابع للملف.
وفي نهاية يناير شجع تقرير لمراكز الوقاية من الأمراض ومكافحتها على إعادة فتح المدارس لافتا إلى أن المدارس التي تلتزم التباعد الاجتماعي ووضع الكمامات والتدابير الصحية الأخرى لم تسجل تفشيا سريعا للفيروس.
لكن نقابات الأساتذة القلقة من العدوى تقاوم ذلك. ففي شيكاغو يدور اختبار قوة بين البلدية والنقابات مع تهديد بالإضراب، وفي لوس انجليس تطالب النقابات بتلقيح كل الأساتذة قبل إعادة فتح أبوابها.
وباتت إعادة فتح المدارس أكثر إلحاحا بعدما أدى التوتر الناجم عن الجائحة وزيادة البطالة والأوضاع الصعبة إلى زيادة حالات سوء المعاملة ضمن الأسرة الواحدة، وفقا لمراكز الوقاية من الأمراض ومكافحتها.
وتوضح كابوتو: «من يبلغون عن هذه الحالات هم عادة الأساتذة». وتوضح «عندما يشعر الأهل باليأس فان ذلك يؤدي إلى سلوك عنيف وإدمان الكحول والعنف الجسدي والنفسي» الذي يكون الأطفال أيضا عرضة له.

Related posts

Top