تدبير جهة الرباط- سلا- القنيطرة تحت مجهر المجلس الأعلى للحسابات

يبدو أن الملاحظات التي سجلها التقرير السنوي الشامل للمجلس الأعلى للحسابات برسم 2016-2017، والذي تضمن أجزاء لتقارير أعدتها مجالسه الجهوية، تؤكد أن عنصر الحكامة والنزاهة والانضباط للقانون تبقى الحلقة المفقودة في تدبير عدد من القطاعات، بما فيها التدبير الذي تضطلع به الجماعات الترابية لعدد من المرافق والخدمات والقيام ببعض المهام أو تفويضها لأطراف أخرى من القطاع الخاص في إطار ما يسمى بالتدبير المفوض أو ما بات يعرف بالشراكة بين القطاع العام والخاص، لتقديم خدمات عمومية تهم المواطنين.
وتضمن الجزء الثاني لتقرير المجلس الأعلى للحسابات، قسما يهم ما رصده المجلس الجهوي للحسابات بجهة الرباط، سلا، القنيطرة، خلال عمله الرقابي الذي شمل الجماعات الترابية الواقعة بالنفوذ الترابي للجهة ومراقبة استعمال الأموال العمومية، وكذا مؤسسات عمومية محلية وشركات التنمية المحلية وشركات مفوض إليها تدبير بعض المرافق العمومية وعلى الخصوص مرافق الماء والكهرباء والتطهير السائل والنظافة وجمع النفايات المنزلية والنقل الحضري.
ففيما يتعلق بمرفق تدبير النفايات المنزلية، سجل تقرير المجلس الجهوي للحسابات لجهة الرباط، نقائص في مسطرة تقييم عروض المتنافسين، فالجماعة لم تقم بدراسة تلاؤم العروض التقنية المقدمة من طرف المتنافسين مع عروضهم المالية حتى تتمكن من ضمان إنجاز جميع الالتزامات المحددة في العرض التقني وبالتالي تفادي المساس بمبدأ المساواة بين المتنافسين، حيث تبين من خلال فحص كل من معايير الأهلية والعروض التقنية والعروض المالية للمفوض إليهم عدم صحة قيمة تكاليف الاستغلال المصرح بها من طرف المتنافسين التي تتجاوز أحيانا الأثمنة المقترحة في العروض المالية.
ووقف قضاة المجلس على جوانب أخرى تخص نفس المسطرة حيث لم يتم إقصاء جميع المترشحين الذين عرفت فترات تدبيرهم السابقة نقائص مهمة خلال عقد للتدبير المفوض سابق مع جماعة الرباط علما أن نظام الاستشارة المتعلق بطلب العروض ينص على وجوب إقصاء الشركات التي عرف تدبيرها السابق نقائص كثيرة.
وسجل التقرير ملاحظات تهم أساس التدبير المفوض لمرفق تدبير النفايات، حيث وقف على غياب المخطط الجماعي الخماسي المنصوص عليه في القانون 28.00 المتعلق بتدبير النفايات والتخلص منها، إذ كان من المفروض إعداد هذا المخطط نهاية سنة 2011، على أبعد تقدير ليعتمد كمرجع عند إعداد دفاتر التحملات يمكن من تحديد جميع العمليات المتعلقة بالجمع الأولي للنفايات المنزلية وجمعها ونقلها وإفراغها في المطارح المخصصة لذلك.
وما يمثل وجه الاستغراب، يشير المجلس على أنه رغم توقيع اتفاقية لإنجاز هذا المخطط ، بين كتابة الدولة المكلفة بالماء والبيئة سابقا وعمالات الرباط وسلا والصخيرات-تمارة، لكن لم يتم ذلك، كما سجل المجلس أنه لم يتم تهيئ المخطط المديري الجهوي الخاص بتدبير النفايات الصناعية والطبية والصيدلية غير الخطرة والنفايات النهائية والنفايات الفلاحية والنفايات الهامدة، برغم أهميته في توجيه اختيار المواقع الملائمة لإقامة منشآت لتخزين والتخلص من تلك النفايات لاسيما النفايات الناتجة عن عمليات البناء التي يتم إفراغها في مواقع مؤقتة وغير ملائمة.
كما رصد المجلس تأخرا على مستوى تعيين هيئة المراقبة التي ينبغي أن تقوم بمهامها عند بداية تنفيذ كل عقد، حيث تتولى مهامها وتراقب تنفيذ الخدمات واتخاذ القرارات اللازمة وتتدخل في حال صعوبة تطبيق أو تفسير بعض البنود التعاقدية من طرف المتعاقدين، غير أن هذه اللجنة لم يتم تشكيلها رغم توالي المشاكل مع المفوض إليهم بسبب النقائص الملاحظة من طرف الهيئة المكلفة بالمراقبة وتدني مستوى الخدمات، وهذا أدى إلى عدم تمكن الجماعة من تجاوز مجموعة من المشاكل مع الشركات المفوض إليها رغم تأثير ذلك على التوازن المالي للعقد و جودة الخدمات المتوخاة.
وسجل التقرير مجموعة من النواقص التي شابت تنفيذ عقد تدبير المفوض، من ضمنها عدم تثمين النفايات عن طريق إعادة استعمالها، اختارت الجماعة فصل النفايات المنزلية عن النفايات الخضراء والنفايات الناتجة عن عمليات البناء مع تثمين هذه الأخيرة لضبط التكاليف، غير أن هذه التجربة، التي أهملت إعادة تدوير النفايات الخضراء، لم تسفر عن النتائج المتوخاة نظرا لعدم قيام المفوض إليه بالاستثمارات اللازمة لتثمين النفايات الناتجة عن عمليات البناء.
كما أنه، ورغم تنصيص العقد على فصل جمع تلك النفايات عن النفايات الناتجة عن عمليات البناء إلا أنه لم تحدد منهجية تثمينها، خاصة العقود المبرمة خلال سنة 2015، وقد أدت هذه الوضعية، حسب ما رصده المجلس الجهوي للحسابات، إلى تحمل الجماعة تكاليف هامة نتيجة لفصل عمليات الجمع دون الاستفادة من ذلك، كما لاحظ قضاة المجلس عدم اعتماد الوسائل اللازمة لمراقبة وإشراك المواطن في العمليات المتعلقة بنظافة المدينة، مشيرين إلى أنه رغم تكرار شكايات المفوض إليهم من بعض سلوكيات المواطنين والمخالفات المسجلة ضدهم من طرف الشرطة الإدارية حيث سجل نحو 789 محضر سنة 2012، فإن الجماعة لم تضع أية مسطرة تمكن محضر من زجر تلك المخالفات.
هذا وأوصى المجلس في هذا الصدد لتدارك مختلف النقائص المسجلة، إلى تشكيل وتفعيل دور لجنة التتبع وفقا لمقتضيات دفتر التحملات، وتوضيح مسؤوليات أعضاء الهيئة المكلفة بالمراقبة والضبط وإعلام المفوض إليهم بها، فضلا عن استغلال جميع المعلومات المقدمة من طرف المفوض إليهم لتحسين تتبع ومراقبة العقود، مع العمل على التقييم السنوي لنجاعة عقود التدبير المفوض كما هو منصوص عليه في هذه العقود.

< فنن العفاني

Related posts

Top