تسليط الضوء على واقع مقاربة النوع داخل المؤسسات السجنية

قال محمد صالح التامك، المندوب العام لإدارة السجون وإعادة الإدماج، أول أمس الثلاثاء، بالدار البيضاء، إن تنظيم اللقاء الوطني لفائدة السجينات، تحت شعار “المرأة السجينة والتنمية المســــتدامة: الواقـــع والآفاق”، يصادف الحمــلة الـــدولية “16 يوما من العمل لمكافحة العنف القائم على النوع الاجتماعي” التي أعطيت انطلاقتها لأول مرة سنة 1991 من طرف القيادات النسائية العالمية.
وأضاف محمد صالح التامك، خلال مداخلة له، في الجلسة الافتتاحية، أن هذا اللقاء الوطني يروم تسليط الضوء على واقع مقاربة النوع داخل المؤسسات السجنية، وكذا استشراف السبل الكفيلة بتعزيز هذا الخيار الاستراتيجي الذي تبنته المندوبية العامة من خلال عقد جلستين، الأولى حول “دور السياسات العمومية في مكافحة العنف القائم على النوع الاجتماعي” والثانية ستحاول الإجابة على سؤال: “أي خطة للارتقاء بواقع المرأة السجنية”.
ويندرج هذا الملتقى الذي احتضن أشغاله السجن المحلي عين السبع 2 بالدار البيضاء، بحسب التامك، ضمن مقاربة مندمجة أعدتها المندوبية العامة تروم تهيئ نزيلات ونزلاء المؤسسات السجنية بجميع فئاتهم للإدماج بعد الإفراج، وذلك من خلال تثمين قدراتهم المكتسبة، وتمكينهم من مهارات نوعية تساعدهم على التفاعل بشكل إيجابي مع مستجدات الحياة اليومية.
وبالرغم من كون نسبة النزيلات من مجموع الساكنة السجنية لا تتجاوز 2.4%، عملت المندوبية العامة، حسب المندوب العام، على وضع برامج نوعية تراعي خصوصية المرأة النزيلة وتنهل من باقي البرامج التي يستفيد منها باقي النزلاء، وهي على سبيل الذكر لا الحصر، البرنامج الوطني للمسابقات الثقافية والرياضية والدينية، وبرنامج الجامعة في السجون، الذي عرفت دوراته الخمسة السابقة مشاركة وازنة للنزيلات المتابعات لدراستهن بالتعليم العالي واللواتي أظهرن عن علو كعبهن في الحوار والنقاش إلى جانب نظرائهن من الطلبة الذكور.
وأشار أيضا، إلى أن من بين التدابير التي أقدمت عليها المندوبية العامة لفائدة السجينات، إحداث دارين للأمهات المعتقلات بكل من السجن المحلي عين السبع 2 بالدارالبيضاء والسجن المحلي الأوداية بمراكش، روعي في تصميمهما المصلحة الفضلى للأم والطفل، حيث تشملان على كافة المرافق الكفيلة بتأمين السلامة والصحة سواء بالنسبة للنزيلات الحوامل أو المرافقات لأطفالهن.
من جهتها، قالت وزيرة الأسرة والتضامن والمساواة والتنمية الاجتماعية، نسيمة حقاوي، إن هذا اللقاء، يشكل التفاتة نبيلة ومبادرة مهمة تعكس مدى انفتاح المندوبية العامة على محيطها الخارجي، تماشيا مع الخيار الذي سلكه المغرب لتمكين المواطنين من حقوقهم الكاملة.
وأوضحت نسيمة الحقاوي أن هذه التظاهرة، المندرجة في إطار الحملة الدولية” 16 يوم من العمل لمحاربة العنف القائم على النوع الاجتماعي، تأتي في صلب المواضيع التي تنكب عليها الوزارة في علاقة بالتنمية المستدامة، مشيرة إلى أنه من حق كافة السجينات الانخراط في هذا النقاش العمومي، والتواصل مع كافة الفعاليات المشاركة من أجل المساهمة في بلورة استراتيجية وطنية ثانية لمناهضة العنف ضد النساء 2018-2030
وأشادت الوزيرة، بالمناسبة، بالمجهودات المبذولة من قبل المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، وذلك من خلال انخراطها في سلسلة من البرامج التنموية، منها عملية تنزيل السياسة العمومية المندمجة للمساواة “إكرام “، والتي ساهمت في إدماج السجناء في مختلف المهن الكفيلة بتسهيل اندماجهم في المجتمع عند انقضاء عقوبتهم الحبسية.
أما محمد الصبار، الأمين العام للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، فاعتبر أن موضوع حماية الحقوق الإنسانية والأساسية للنساء والنهوض بها، شكل جوهر عمل المجلس الوطني لحقوق الإنسان كمؤسسة وطنية محدثة بموجب مبادئ باريس، حيث دأب المجلس، منذ تأسيسه، وفق الاختصاصات الموكولة له، على جعل موضوع المساواة ومناهضة التمييز المبني على الجنس ضمن أولوياته نظرا لما يشكله من أهمية بالغة في البناء الديموقراطي للمغرب والوفاء بالتزاماته الدولية في المجال، والذي يطرح بالتأكيد مجموعة من التحديات تتمثل أساسا في إعمال الالتزامات التي انخرطت فيها بلادنا على المستوى الدولي، ومواكبة إعمال المقتضيات الدستورية، ورصد السياسات العمومية ذات الصلة، وبناء فضاءات للنقاش العمومي حول مناهضة العنف والتمييز القائم على النوع الاجتماعي.
وهكذا عمل المجلس منذ سنة 2011، يضيف الصبار، على وضع خارطة طريق تلخصت أساسا في مواكبة تنزيل القوانين ذات الصلة بالحقوق الإنسانية للنساء، وهيئات الحكامة التي تعزز إعمال هذه الحقوق بما يتلاءم والاتفاقيات والصكوك الدولية التي صادق عليها المغرب في هذا المجال.
وأوضح في هذا الصدد، أن المجلس الوطني لحقوق الإنسان، قام بإنجاز دراسة حول التجارب الدولية والممارسات الفضلى حول مأسسة مكافحة التمييز؛ من خلال إعداد مذكرة ومذكرة تكميلية حول هيئة المناصفة ومكافحة جميع أشكال التمييز، ورأي في مشروع القانون الخاص بها؛ ومذكرة أخرى حول المجلس الاستشاري للأسرة والطفولة ومشروع القانون الخاص به.
وبعد أن وقف على حجم التحديات المطروحة، دعا الصبار، إلى تضافر جهود مختلف الفاعلين المعنيين بإعداد وإنفاذ القوانين، و الإسراع بإحداث المجلس الاستشاري للأسرة والطفولة كهيئة دستورية للتنمية المستدامة والديموقراطية التشاركية، والهيأة المكلفة بالمناصفة ومكافحة كافة أشكال التمييز وتعزيز صلاحياتهما، وإعطاء الأولوية للإصلاحات الكفيلة بتعزيز التحول الهيكلي للاقتصاد، وتشجيع خلق المقاولات الصغرى والمتوسطة بشكل يؤمن إعادة إدماج النساء السجينات في مسار التنمية المستدامة، وتوسيع نطاق الحماية الاجتماعية لتشمل العاملات من خلال تطوير أنظمة للحماية الاجتماعية غير ممركزة وقائمة على أساس جماعي، وحظر عمل الفتيات بالبيوت قبل سن 18 عاما، ومناهضة كافة أشكال التمييز ضد النساء العاملات، والنهوض بالمشاركة على أساس المناصفة في كل المستويات، والنص على عقوبات في حق الأطراف المعنية في حالة عدم احترام مبدأ المناصفة، وبلورة وتنفيذ خطط عمل للنهوض بالصحة الإنجابية للنساء.
وبعد الجلسة الافتتاحية لهذا اللقاء، الذي حضره منسق مؤسسة محمد السادس لإعادة إدماج السجناء، وممثلة برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، والممثلة الدائمة لمنظمة الأمم المتحدة المعنية بالمرأة في شمال إفريقيا، وعامل عمالة عين السبع الحي المحمدي، والوكيل العام لمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء، قام الحضور بزيارة استطلاعية لكل من دار الأمهات، ولورشات التكوين المهني، وكذا المقهى الثقافي الخاص بالنزيلات.
تجدر الإشارة، إلى أن اللقاء الوطني لفائدة السجينات بالسجن المحلي عين السبع 2 بالدار البيضاء، تنظمه لأول مرة المندوبية العامة ومؤسسة محمد السادس لإعادة إدماج السجناء بدعم من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي وبشراكة مع وزارة الأسرة والتضامن والمساواة والتنمية الاجتماعية والمجلس الوطني لحقوق الإنسان ومنظمة الأمم المتحدة المعنية بالمرأة.

حسن عربي

Related posts

Top