تشريف الأطر الطبية

استحسن كل المتتبعين الخطوة التي أقدمت عليها جامعة كرة القدم، بمنح الأطقم الطبية شرف إعطاء انطلاقة مباريات البطولة الوطنية الاحترافية لكرة القدم التي استؤنفت منذ نهاية الأسبوع بقسميها الأول والثاني.
والأكيد أن هذه المبادرة التي تابعها بصفة مباشرة، الآلاف من المشاهدين عبر قنوات الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، تحمل بعدا إنسانيا راقيا واعترافا قويا من طرف الوسط الرياضي عموما، وكرة القدم على وجه الخصوص، نظرا لقيمتها والظرفية المناسبة التي جاءت فيها.
وتعد هذه المبادرة التي أجمع الكثيرون على إيجابيتها، أقل شيء يمكن أن يقدم من طرف العائلة الرياضية اتجاه كل منتمي لقطاع الصحة بالمغرب، نظرا للمجهود الكبير الذي بذل طيلة شهور طويلة، ولازال في مواجهة كل المخاطر المحدقة جسديا ونفسيا وصحيا.
أطباء وممرضون وإداريون … الكل انخرط بتلقائية واضعين أنفسهم 24 ساعة على 24 ساعة، رهن إشارة المصابين والمرضى، دون ملل ولا كلل ولا تهرب من القيام بالواجب المهني، يقضون ليالي بيضاء بعيدا عن منازلهم وأفراد عائلاتهم، من أجل محاربة هذا الوباء الفتاك الذي هز العالم بأغنيائه وفقرائه.
والأكيد أن هذا المجهود الخرافي الذي بذلته مختلف الأطر المنتمية لوزارة الصحة بالمغرب، ساهم بقوة في تجاوز النقص الحاصل بهذا القطاع الحيوي على جميع المستويات، وبجل مناطق المغرب، وهذه حقيقة لا يمكن أن يجادل فيها أي أحد.
فهذا القطاع العمومي الهام، ورغم الهشاشة التي يعرفها تمكن من الصمود حتى الآن في وجه العاصفة، صمود بطولي جاء بفضل المجهود الذي بذل بكثير من السخاء وحب المهنة، وبدافع وطني كبير وشعور إنساني نبيل.
وما أقدمت عليه جامعة كرة القدم كانت مجرد التفاتة لحظية إلا أن الأطر الطبية تلقتها على ما يبدو بكثير من السعادة، وهذا راجع أيضا إلى تكوين شخصية المنتمي للمجال الطبي، والذي ينطلق عادة من الشعور الإنساني والتجاوب الوجداني مع كل الحالات التي يصادفها في عمله، بعيدا كليا عن حسابات الربح والخسارة، وطغيان الهاجس التجاري، كما هو حاصل للأسف بالنسبة للقطاع الخاص.
من هذا المنطلق لابد من الاهتمام بهذا القطاع الحيوي والهام، ليس فقط عن طريق التشريف والتكريم، ولكن أيضا بالرفع من ميزانية وزارة الصحة العمومية، والاهتمام بالجانب الاجتماعي للعاملين به، وتحسين جودة الخدمات والزيادة في عدد الوحدات الصحية، والمستشفيات بمختلف أصنافها، وتجهيزها بكل المتطلبات، وهذه الحقيقة أفرزتها وتفرزها الفترة العصيبة التي نعيشها يوميا.
فتحية عالية لكل العاملين بمجال الصحة العمومية، فمهما قدمنا لكم كشعب لن نستوفيكم حقكم، أمام المجهود الخرافي الذي بذل، رغم الخصاص، ورغم صعوبة المهمة، ورغم كل الأخطار المحدقة المحيطة بكم في كل يوم وليلة.
فتحية صادقة لكل العالمين بقطاع الصحة العمومية، وما على الدولة إلا استخلاص الدروس من المحنة المريرة التي نمر منها جميعا…

>محمد الروحلي

Related posts

Top