تصميم المناظر والملابس في السينما المغربية بين فن الاختراع والتكرار

ماذا لو رأيت نفس المنظر لمشهد فيلم سينمائي، في فيلم أو مسلسل تليفزيوني؟

وماذا لو رأيت نفس الملابس لمشهد فيلم تليفزيوني في سلسلة كوميدية أو في فيلم سينمائي؟

كيف ستكون ردة فعلك؟  وما نظرتك لهؤلاء المصممين ؟

قد نجد بعض المناظر و الملابس تتكرر بين مشاهد سينمائية وتلفزيونية، والحق أن الديكور والملابس من الأشياء الهامة التي تجعل المشهد السينمائي أو التلفزيوني جدير بالمشاهدة، شأنها شأن نور الشمس، والطعام الجيد والصحة والمال، فعندما تكون الملابس والمناظر في وحدة منظمة، داخل مشهد مشحون بالانفعال والوجدان، يكون تقديرنا له رفيعا، وصحيح أننا نستطيع استخدام الألفاظ الشائعة في كلامنا العادي عن المنظر، كقولنا: “منظر جميل” أو “منظر قبيح” أو ملابس جيدة أو سيئة حسب الأدوار، ولكن ماذا عسانا نقول إذا ما تكرر منظر في كذا فيلم أو نفس الملابس في عدة أعمال؟

“اللعنة، هل هناك من ينتبه أو يكتب عن هذا؟”.

إن  لفظ كلمة التكرار أكثر ما قد يؤلم مصمم الديكور أو الملابس، وهي كلمة مسيئة في حق المهنة كفن، كما تختلف تبعا لدلالتها على انعدام القيمة وطمس نوع القيمة أيضا، فحينما يتعلق الأمر بفن التصميم فهو يشير إلى مصممي المناظر والملابس معا، لماذا؟

لأن معاهد السينما العالمية تقوم بتدريس مادة تمسى “فن الديكور وتصميم الأزياء”، يتم فيها  تدريس المادة كفن أولا وهى من المواد الهامة والتخصصية جدا لما فيها من جوانب عديدة،  كرسم هندسة المناظر   وتصميم الأزياء، فكل شخصية ولها أسلوب وطريقة في اختيار الألوان وكل مشهد له منظر معين، وتختلف المناظر حسب وصفها في السيناريو تماما كما تختلف الملابس  حسب الأدوار.

ذكر”روبرت وجين بنديك  في كتاب “صنع الأفلام”   أن هؤلاء المصممين يتولوا الإشراف على جميع التصميمات الخاصة بالمناظر والملابس، متعاونين مع قسم الأبحاث للتأكد من صحة الطريقة التي فصلت بها الملابس، والمناظر بكل دقائقها”.

ويظهر من خلال هذا القول أن هناك قسما يراقب و يسهر على تجهيز المناظر بالأثاث اللازمة، من موائد ومقاعد ومصابيح وستائر وأحواض المطابخ، والأفران والسجاجيد ولوحات الرسم أو ما شابه ذلك من الأثاث التي يتم استعمالها في تصميم المناظر، كما يسهر على تنسيق الملابس. و لماذا سيقوم قسم بأكمله بهذه المهمة؟ سيكون الجواب أمامك، على أن لا يتم تكرار ملابس الممثلين من جهة والعمل على دقة الانسجام والتناغم بين الممثل والدور الذي يلعبه من جهة، وحتى لا يتكرر منظر معين في فيلم آخر من جهة أخرى.

(ولا ننسى أن الانسجام والتناغم بين مكياج الممثل والدور الذي يلعبه هو سؤال يجب الوقوف عليه في كل الأفلام المغربية أيضا).

أما هؤلاء الذين يضيفون اللمسات الأخيرة، كرسم المناظر والخلفيات والنقوش والرسوم فهؤلاء أهل الفن، و بالنسبة لأخصائيي الملابس، فدورهم صنع الملابس واختراعها، إذ لم تتوفر لديهم الملابس التي تناسب أدوار الممثلين، حتى لا يتم الوقوع في أخطاء قد لا يغفرها تاريخ هذا الفن في المغرب، فشكسبير عندما وضع الساعات الكبيرة في بعض مسرحياته التي جرت أحداثها في زمن لم يتم فيه اختراع الساعة بعد، اعتبر هذا خطأ كبيرا، ولكن هذا الخطأ هو نفس خطأ الملابس في فيلم المسيرة الخضراء للمخرج “يوسف بريطل ”  فهذه أخطاء موشوم عليها إسم المصمم ولو بعد مئة سنة، فكلنا نعمل من أجل لقمة العيش وكلنا في عجلة، وقد تدور علينا نفس العجلة عندما نرى أنفسنا في عمل كررنا فيه نفس المنظر أو نفس الملابس في عدة أفلام مختلفة.

(علينا أن نفكر في تلك اللحظة الذي سيكتشف فيها الجمهور هذه الأخطاء).

إن  الديكور فن رفيع له أهمية كبيرة في إظهار السياق الدرامي في السينما من خلال توظيفها في تجسيد الشخصية‏..‏ فهو من الأعمدة الرئيسية لنجاح أي فيلم‏ و ‏تساعد الملابس والمناظر سواء الداخلية أو الخارجية في خلق جو طبيعي يتمتع بالانسجام و التناغم مع المشاهد، وليس هذا فحسب بل يعمل الديكور على إظهار الجانب الإبداعي لكاتب السيناريو من جهة وللمخرج من جهة أخرى، فإذا وضعت منظر أو ملابس في غير محلها، فقد تكسر العمود الفقري لرؤية المخرج،  ولخيال السيناريست، وهذه أخطاء قد يستهان بها في مجال السينما و التلفزيون المغربي، ولكن التاريخ يسجلها.

 عبدالرحيم الشافعي

Top