تطبيق مدونة الشغل يحمي حقوق العمال والمقاولة ويقوي رصيد الشغل

ظل موضوع تطبيق مدونة الشغل يحظى باهتمام واسع من طرف الفاعلين الاجتماعيين والاقتصاديين والحقوقيين منذ الوصول إلى التوافق عليها، وقد سبق لي أن تناولت هذا الموضوع في العديد من المناسبات آخرها المقال الذي كتبته في بداية شهر ماي 2019 بعنوان : “مدونة الشغل بعد 16 سنة من التوافق عليها : تقييم اجتماعي واقتصادي” وقصد مواصلة النقاش في الموضوع أعيد نشر عرض بعنوان : “أهم المستجدات التي جاءت بها مدونة الشغل” لكون جل ما جاء به لا زال يحافظ على راهنيته ساهمت به بمناسبة مرور سنتين على التوافق عليها والذي تم على إثر اتفاق 30 أبريل 2003 بعد مرور سنة على بداية العمل بها في 8 يونيو 2004 حيث نظمت آنذاك النقابة الوطنية للنسيج والألبسة والجلد المنضوية تحت لواء الكونفدرالية الديمقراطية للشغل بتعاون مع نقابة C.S.C البلجيكية في الخامس من يونيو 2005 يوما تكوينيا لفائدة أعضاء المكاتب النقابية ومناديب العمال بالمركز التربوي الجهوي لمدينة مكناس والذي جاء على الشكل التالي :
شكل خروج مدونة الشغل التي جاءت بعد مخاض طويل ونقاشات ماراطونية بين الفرقاء وداخل قبة البرلمان حدثا هاما مكن من تحقيق ثلاثة أهداف : 

-1حماية حقوق العمال.
-2 حماية المقاولة.
-3 الحفاظ على رصيد الشغل وتقويته.
وأعتقد أن هذه الأهداف يمكن بلورتها على أرض الواقع إذا ما تم تطبيق جميع مقتضيات المدونة بشكل سليم وهو ما يتطلب تظافر جهود الجميع بنفس الإرادة التي تم بها التوصل إلى التوافق خاصة وأن طول مدة النقاش مكن الأطراف الثلاثة من معرفة كبيرة بقانون الشغل الذي كان جاريا به العمل والذي شكل الأرضية الأساسية للمدونة التي تتضمن 589 مادة تتوزع على ثمانية كتب بالإضافة إلى التصدير والديباجة.
الكتاب التمهيدي : يشتمل على 12 مادة من المادة 1 إلى المادة 12 حول مجال التطبيق.
الكتاب الأول : يتعلق بالاتفاقيات المتعلقة بالشغل ويتضمن 122 مادة من المادة 13 إلى المادة 134.
الكتاب الثاني : يتعلق بشروط الشغل وأجر الأجير  ويتضمن 261 مادة من المادة 135 إلى المادة 395.
الكتاب الثالث : يتعلق بالنقابات المهنية ومندوبي الأجراء ويتضمن 79 مادة من المادة 396 إلى المادة 474.
الكتاب الرابع: يتعلق بالوساطة في الاستخدام وتشغيل الأجراء ويتضمن 54 مادة من المادة 475 إلى المادة 529.
الكتاب الخامس : يتعلق بأجهزة المراقبة ويتضمن 19 مادة من المادة 530 إلى المادة 548.
الكتاب السادس : يتعلق بتسوية نزاعات الشغل الجماعية ويتضمن 36 مادة من المادة 549 إلى المادة 585.
الكتاب السابع : يتعلق بمقتضيات ختامية وتتضمن قائمة النصوص التي تم نسخها ابتداء من تاريخ تطبيق المدونة وتشمل 4 مواد من المادة 586 إلى المادة 589.
وباستعراضنا لجميع بنود المدونة يتبين أن العمل الأساسي الذي تم إنجازه هو تجميع نصوص قانون الشغل الذي كان جاريا به العمل ابتداء من 1913 عند صدور قانون الالتزامات والعقود ومرورا بمختلف مراحل فترة الاستعمار إلى بداية فترة الاستقلال وخاصة مرحلة 1956 إلى 1960 والتي عرفت كثافة في صدور العديد من القوانين مع إدخال التعديلات الضرورية على هذه القوانين انطلاقا من المواثيق الدولية ومن الأعراف والتقاليد التي تكرست بفعل الممارسة اليومية في المجال ومع الأخذ بعين الاعتبار قوانين الشغل في بعض الدول مع العلم أن بعض النقط ظلت محل خلاف بين الأطراف الثلاثة مدة طويلة استمر النقاش حولها عدة سنوات إلى أن تم التوصل إلى التوافق على جميع مقتضيات المدونة وكان الجميع مجبرا على تقديم تنازلات.
وقد سبق لي أن تناولت هذا الموضوع في السنة الماضية 2004 عند بداية العمل بالمدونة ضمن سلسلة مقالات قمت بنشرها تحت عنوان “من أجل أن يحقق خروج مدونة الشغل الأهداف المطلوبة” كما سبق لي أن تعرضت إلى هذا الموضوع في العرض الذي قدمته بدعوة من الاتحاد المحلي بمكناس بمناسبة التحضير للاحتفال بذكرى فاتح ماي 2004 بمقر جهة مكناس تافيلالت.
وسأقوم باستعراض هذه النقط وفق ترتيب مواد المدونة على الشكل التالي :
– إدخال أجراء القطاع العام الذين لا يسري عليهم أي قانون ضمن القطاعات التي تطبق عليها المدونة وفق ما تنص عليه المادة 3.
– إحداث قانون خاص بخدم البيوت.
– إحداث قانون خاص بالقطاعات التي تتميز بطابع تقليدي صرف والتي تشغل أقل من خمسة أجراء.
وفق ما تنص عليه المادة 4.
– منع كل مس بممارسة الحريات النقابية داخل المقاولة.
– منع التمييز بين الأجراء بجميع أشكاله.
– حذف المقتضيات المتعلقة بتخفيض الأجر بالنسبة للأطفال الذين تقل أعمارهم عن 18 سنة.
وفق ما تنص عليه المادة 9.
– منع تسخير الأجراء وفق ما تنص عليه المادة 10.
– اعتبار المدونة قانون حد أدنى والحفاظ على المكتسبات التي تتضمنها الأنظمة الأساسية أو عقد الشغل أو الاتفاقيات الجماعية أو النظام الداخلي أو ما جرى عليه العرف من أحكام أكثر فائدة للأجراء وفق ما تنص عليه المادة 11.
– تحديد فترة الاختبار في : 
– ثلاثة أشهر بالنسبة للأطر وأشباههم،
– شهر ونصف بالنسبة للمستخدمين،
– خمسة عشر يوما بالنسبة للعمال.
يمكن تجديد فترة الاختبار مرة واحدة.
– اعتبار عقد الشغل القار هو القاعدة.
– اعتبار عقد الشغل المؤقت استثناء يمكن العمل به عند حالة العمل المؤقت أو الموسمي في حالات محددة أو لإنجاز عمل معين.
يمكن إبرام عقد الشغل محدد المدة، في الحالات التي لا يمكن أن تكون فيها علاقة الشغل غير محددة المدة وفق ما تنص عليه المادة 16.
– إعطاء الحق للمشغل لإبرام عقد الشغل محدد المدة بكيفية استثنائية عند فتح مقاولة جديدة أو انطلاق منتوج جديد لأول مرة لمدة أقصاها سنة قابلة للتجديد مرة واحدة وفق ما تنص عليه المادة 17.
– إعطاء الحق للأجراء بالاستفادة من برامج محو الأمية ومن التكوين المستمر وفق ما تنص عليه المادة 23.
– إلزام المشغل بتوفير شروط السلامة والصحة وحفظ كرامة الأجراء أثناء قيامهم بالعمل وفق ما تنص عليه المادة 24.
– حماية العمال من العقوبات التعسفية وفق ما تنص عليه المواد من 35 إلى 39.
– حماية الأجير إذا ما تعرض من طرف المشغل أو رئيس المقاولة إلى السب الفادح أو استعمال أي نوع من أنواع العنف أو الاعتداء أو التحرش الجنسي أو التحريض على الفساد.
– تحديد نسبة التعويض عن الطرد التعسفي في شهر ونصف عن كل سنة في سقف أقصاه 36 شهرا وفق ما تنص عليه المادة 41.
– مضاعفة نسبة التعويض عن الفصل لأسباب اقتصادية أو تكنولوجية أو هيكلية مع الاستفادة من التعويض عن فقدان الشغل ومن الحقوق التي تتضمنها الاتفاقية الجماعية أو النظام الداخلي وفق ما تنص عليه المادة 53.
– مضاعفة التعويض عن الفصل بالنسبة للممثل النقابي كي يتساوى مع مندوب الأجراء وفق ما تنص عليه المادة 58.
– إعطاء الحق للأجير عند ارتكابه خطأ جسيما بالاستماع إليه قبل فصله عن العمل بحضور مندوب الأجراء أو الممثل النقابي في المقاولة الذي يختاره بنفسه وإذا ما فشلت هذه المحاولة يتم اللجوء إلى مفتش الشغل قصد إتمام المسطرة وفق ما تنص عليه المادة 62.
– إلزام المشغل بتزويد مندوبي الأجراء أو الممثلين النقابيين للمقاولة عند وجودهم بالمعلومات الكافية والتحاور معهم قبل الشروع في مسطرة الفصل لأسباب اقتصادية أو غيرها قصد إيجاد الحلول الممكنة وفق ما تنص عليه المادة 66.
– إعطاء صلاحية البت في حالة إغلاق المؤسسات أو التسريح الجزئي أو الكلي للجنة الإقليمية ثلاثية التركيب برئاسة عامل الإقليم وفق ما تنص عليه المادة 67.
– تقوية المفاوضة الجماعية وإعطاؤها المكانة التي تستحقها وإضفاء الطابع المؤسساتي عليها وفق ما تنص عليه المواد من 92 إلى 103.
– إحداث مجلس المفاوضة الجماعية وفق ما تنص عليه المواد من 101 إلى 103.
– تقوية دور اتفاقيات الشغل الجماعية وفق ما تنص عليه المواد من 104 إلى 134.
– إلزام المشغل بأن يقدم تصريحا إلى مفتش الشغل عند فتح مقاولة جديدة وفق ما تنص عليه المواد 135-136-137.
– إلزام كل مقاولة تشغل أكثر من 10 أفراد إحداث نظام داخلي وفق ما تنص عليه المادة 138.
– إلزام المشغل باستقبال كل عامل بمفرده أو رفقة مندوب الأجراء أو الممثل النقابي بالمقاولة عند وجوده مرة في الشهر إن أراد ذلك وفق ما تنص عليه المادة 141.
– رفع سن تشغيل الأحداث عن طريق عقد التمرين إلى 15 سنة وفق ما تنص عليه المادة 143.
– تمديد رخصة الولادة إلى 14 أسبوعا وفق ما تنص عليه المادة 152.
– تمكين الأم الأجيرة من الاستفادة من العطلة دون أجر باتفاق مع المشغل وفق ما تنص عليه المادة 156.
– احتفاظ كل أجير أصبح معاقا بسبب من الأسباب بمنصب شغله على أن يسند إليه شغل يتلاءم مع نوع إعاقته بعد إعادة تكوينه وفق ما تنص عليه المادة 166.
– منع تشغيل الأجراء المعاقين في أشغال تعرضهم للأضرار أو تزيد من حدة إعاقتهم وفق ما تنص عليه المادة 167.
– إلزامية الرعاية الصحية للمعاقين حسب وضعيتهم وخضوعهم لفحص طبي بصفة دورية مرة في السنة مع توفير كل شروط الوقاية الصحية والسلامة المهنية وفق ما تنص عليه المادتان 168 و 169.
– تخفيض ساعات العمل إلى 44 ساعة في الأسبوع وفي 1496 ساعة في السنة في القطاع الفلاحي دون أن يترتب عن ذلك تخفيض في الأجر وفق ما تنص عليه المادة 184.
– تحديد إمكانية تخفيض ساعات العمل في حالة الأزمات العابرة في 60 يوما في السنة على أن لا يقل الأجر الشهري عن 50% بعد استشارة مندوبي الأجراء والممثلين النقابيين عند وجودهم بالمقاولة وفق ما تنص عليه المادة 185.
– إعطاء الحق للأجير بأن يستفيد من عطلة العيد المؤدى عنها إذا اشتغل قبل العيد مباشرة أو إذا اشتغل مدة 13 يوما خلال الشهر السابق ليوم العيد وفق ما تنص عليه المادة 219.
– استفادة الأجير من رخصة التغيب لاجتياز امتحان أو لقضاء تدريب رياضي للمشاركة في مباراة رسمية دولية أو وطنية وفق ما تنص عليه المادة 275.
– إلزامية إحداث المصالح الطبية للشغل لكل مقاولة تشغل أزيد من 50 أجيرا وإذا كانت تشغل أقل من 50 أجيرا تقوم بإحداثها بكيفية مشتركة مع مقاولات مجاورة لها وفق الشروط المحددة من طرف السلطات الحكومية وفق ما تنص عليه المادة 304.
– إحداث المجلس الأعلى لطب الشغل والوقاية من المخاطر المهنية وفق ما تنص عليه المادة 332.
– إلزامية إحداث لجان السلامة وحفظ الصحة بكل مؤسسة تشغل 50 أجيرا وفق ما تنص عليه المادة 336.
– أن يستفيد الأجير ب 25% من الأجر عند قضائه 25 سنة في العمل وفق ما تنص عليه المادة 350.
– التأكيد على دور النقابات وأهميتها انطلاقا مما ينص عليه الفصل الثالث من الدستور وفق المادة 396.
– منع المنظمات المهنية للمشغلين والأجراء من التدخل في شؤون بعضها البعض وفق ما تنص عليه المادة 397.
– إعطاء الحق للأجراء بأن يؤسسوا النقابة داخل المقاولة أو المؤسسة بغض النظر عن عددهم وفق ما تنص عليه المادة 398.
– وجوب إخبار مندوب الشغل الإقليمي بالنقابة التي يتم تأسيسها وفق ما تنص عليه المادة 415.
– أن يستفيد الممثل النقابي بالمقاولة باتفاق مع المشغل بفترات التغيب قصد المشاركة في الدورات التكوينية أو المؤتمرات أو الندوات وفق ما تنص عليه المادة 419.
– أن تستفيد اتحادات النقابات المهنية الأكثر تمثيلية من إعانات مالية من طرف الدولة لتغطية مصاريفها وفق ما تنص عليه المادة 424.
– تحديد المنظمة النقابية الأكثر تمثيلا سواء على المستوى الوطني أو على مستوى المقاولة وفق ما تنص عليه المادة 425.
– إمكانية إنهاء مهمة مندوب الأجراء بسحب الثقة بعد مرور نصف مدة الانتداب بقرار مصادق على إمضائه يتخذه ثلثا الأجراء وفق ما تنص عليه المادة 435.
– إحداث لجنة المقاولة للقيام بمهام استشارية بهدف دعم وتقوية المقاولة وفق ما تنص عليه المواد من 464 إلى 469.
– تقوية دور المكتب النقابي داخل المقاولة بتعيين من يمثله من بين أعضائه وفق ما تنص عليه المواد من 470 إلى 474.
– إضافة كتاب خاص بالوساطة في التشغيل يحدد شروط وكيفية اشتغال المؤسسات التي تكلف بالتشغيل من طرف السلطات الحكومية أو التي يرخص لها بذلك وفق ما تنص عليه المواد من 475 إلى 529.
– تحديد شروط إحداث الوكالات الفنية التي تكلف بتشغيل الفنانين في المسارح أو الأجواق الموسيقية أو معارض منوعات أو السينما أو ميادين السيرك وما إلى ذلك من مقاولات الترفيه وفق ما تنص عليه المواد من 492 إلى 494.
– تحديد مهام مقاولات التشغيل المؤقت مع إحداث لجنة مختصة ثلاثية التركيب تعنى بتتبع التطبيق السليم لمقتضيات هذا الباب وفق ما تنص عليه المواد من 495 إلى 506.
– إلزام كل مشغل بإخبار المصلحة المكلفة بالتشغيل من طرف السلطات الحكومية بالمكان الذي يزاول فيه نشاطه في أجل ثمانية أيام بكل عملية تشغيل يقوم به وفق ما تنص عليه المادة 511.
– إحداث باب خاص بتشغيل العمال المغاربة بالخارج ضمانا لحقوقهم وفق ما تنص عليه المواد من 512 إلى 515.
– إحداث المجلس الأعلى لإنعاش التشغيل والمجالس الجهوية لإنعاش التشغيل وفق ما تنص عليه المواد من 522 إلى 525.
– إلزامية تعويض كل عامل أحيل على التقاعد وفق ما تنص عليه المادة 526.
– إحداث كتاب خاص بأجهزة المراقبة يتضمن دور ومهام الأعوان المكلفين بتفتيش الشغل وفق ما تنص عليه المواد من 530 إلى 548.
– إحداث كتاب خاص لتسوية نزاعات الشغل الجماعية يحدد كيفية عمل هذه اللجان على المستوى المحلي والإقليمي والوطني وفق ما تنص عليه المواد من 549 إلى 585.
– إحداث باب خاص بالتحكيم يتم من خلاله وضع الخطوات العملية للحسم النهائي في نزاعات الشغل الجماعية وفق ما تنص عليه المواد من 567 إلى 581.
– وعند قراءتنا لقائمة النصوص الواردة في المادة 586 يتبين مدى أهمية قانون الشغل الذي كان جاريا به العمل وهو ما يعني أن المدونة لم تأت من فراغ إذ عملت على تطوير التشريع القديم من جهة، وعلى استكمال الإطار القانوني لعلاقات الشغل وتكريس الحقوق الأساسية في العمل من جهة أخرى مع السهر على تناغمه مع معايير العمل الدولية.
وبعد مرور أزيد من 16 سنة على بداية العمل بالمدونة و15 سنة على إلقاء هذا العرض ما زالت نسبة كبيرة من مقتضياتها لم تطبق على أرض الواقع، بكل ما لذلك من انعكاسات سلبية على الأجراء وعلى المقاولات التي تطبق القانون وعلى الاقتصاد الوطني.
ملحوظة : سأتناول في موعد لاحق خلال شهر شتنبر القادم تقييم المراحل التي مرت منها المدونة منذ حصول التوافق وما يستدعيه تطبيقه من مقتضيات.

> بقلم: عبد الرحيم الرماح

Related posts

Top