تقرير أممي: الخسائر الاقتصادية العالمية بسبب تغير المناخ ارتفعت بنسبة 151 في المائة

قالت الأمم المتحدة إن العشرين عاما الأخيرة شهدت ارتفاعا ملحوظا بنسبة 151 في المائة في الخسائر الاقتصادية الناجمة عن الكوارث المرتبطة بالمناخ؛ بينما فقد أكثر من مليون وثلاثمئة ألف شخص حياتهم وأصيب أو تعرض للتشريد ما يفوق الـ 4.4 مليار شخص من جراء هذه الكوارث.
وحسب تقرير “الخسائر الاقتصادية والفقر والكوارث من 1998 إلى 2017” فإن البلدان المنكوبة بالكوارث سجلت خسائر اقتصادية مباشرة بلغت قيمتها 2908 مليار دولار أمريكي. وشهدت الولايات المتحدة الأمريكية أكبر الخسائر الاقتصادية، حيث بلغت 944.8 مليار دولار، تتبعها الصين ثم اليابان.
وتهيمن أنواع الكوارث المرتبطة بالمناخ على الصورة، حيث تمثل 91 في المائة من إجمالي الكوارث المسجلة في العشرين عاما الماضية، مع ارتفاع ملحوظ في نسبة الفيضانات (43.4 في المئة) والعواصف (28.2 في المئة) وهي الظواهر الأكثر حدوثا وتكررا.
وخلص التقرير إلى أن تغير المناخ زاد من وتيرة وشدة الظواهر الجوية المتطرفة، وأن الكوارث الناجمة عنه ستظل تشكل عوائق رئيسية للتنمية المستدامة، ما لم يتبين لكافة البلدان تأثيراتها الخطيرة وتعمل على مواجهتها في تخطيطاتها الأساسية. ونقل مركز أنباء الأمم المتحدة عن الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة للحد من الكوارث، مامي ميزوتوري قوله “إن هذا التقرير يسلط الضوء على الاتجاهات الرئيسية على مدى الأربعين سنة الماضية”، وأنه يلزم عمل الكثير في مناطق الزلازل موضحا أن “الموت والمعاناة التي سببها زلزال وتسونامي هذا الشهر في إندونيسيا يدعوانا إلى زيادة الوعي العام وتطبيق معايير عالية للبناء في مناطق الزلازل”.
وعلق البروفيسور دباراتي جوه سابير رئيس مكتب الأمم المتحدة للحد من مخاطر الكوارث قائلا “إن الأشخاص في البلدان منخفضة الدخل أكثر عرضة بنسبة ست مرات لفقدان جميع ممتلكاتهم أو تعرضهم للإصابة في حال حدوث كارثة من غيرهم في الدول ذات الدخل المرتفع”.
ويأتي هذا التقرير الجديد ليدق مجددا ناقوس الخطر، وذلك أياما قليلة بعد مصادقة المنتظم الدولي يوم السبت ما قبل الماضي على التقرير الأخير الصادر عن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ التابعة للأمم المتحدة، وهي أعلى جهة دولية تعنى بدراسة التغير المناخي وآثاره، وذلك خلال اجتماع للهيئة بحضور ممثلي الحكومات في مدينة إنتشون في كوريا الجنوبية.
ويفيد التقرير أن “الالتزامات الحالية للبلدان لتخفيض الانبعاثات لا تكفي لحصر الاحترار بـ1.5 درجة، مما يتطلب بذل جهود غير مسبوقة في مختلف المجالات”. وذكر التقرير أن هناك الكثير من الآثار التي يمكن تجنبها إذا التزمت الدول بعدم تخطي هذا الحد في زيادة درجات الحرارة.
وجاء التقرير بناء على طلب الحكومات الموقعة على اتفاق 2015 لتقييم جدوى وأهمية الحد من الاحتباس الحراري عند 1.5 درجة مئوية. واستند العلماء في صياغة التقرير إلى 6 آلاف دراسة لتحليل تداعيات ارتفاع الحرارة 1.5 درجة مئوية الذي قد يحصل ابتداء من العام 2030 (2030-2052)، إن لم تخفض انبعاثات غازات الدفيئة تخفيضا شديدا.
ولاحتواء ارتفاع درجات الحرارة عند 1.5 درجة مئوية، ينبغي خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون على مستوى العالم نحو 45 في المئة بحلول عام 2030 مقارنة بمستوياتها سنة 2020 على أن تصل إلى “صفر” بحلول منتصف القرن.
وأشار التقرير إلى أن هدف 1.5 درجة مئوية سيحد من وتيرة ارتفاع منسوب مياه البحار بواقع 0.1 متر بحلول سنة 2100 مقارنة بهدف الدرجتين المئويتين. وقد يؤدي هذا إلى الحد من الفيضانات ويمنح سكان السواحل والجزر ودلتا الأنهار وقتا للتكيف مع تغير المناخ.
وذكر التقرير أن هدف 1.5 درجة مئوية سيحد أيضا من الانقراض واختفاء الأنواع وتأثر الأنظمة البيئية الساحلية والبرية والمائية.
وأفاد ملخص التقرير بأن الطاقة المتجددة يتعين أن تتكفل بتوليد نسبة 70 بالمئة إلى 85 بالمئة من الكهرباء بحلول 2050 للبقاء عند سقف 1.5 درجة مئوية مقارنة بحوالي 25 في المئة الآن.
وطوال أسبوع، عكف ممثلون حكوميون وعلماء على دراسة ملخص التقرير. وقد حلت الاختلافات الرئيسية من دون أن يكون لذلك أثر كبير على النسخة الأصلية من النص، بحسب ما قال أحد المشاركين.
وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إن تقرير الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالمناخ هو دعوة للاستيقاظ موجهة إلى العالم، وتأكيد على أن سرعة تغير المناخ تفوق جهود مواجهته وأن الوقت آخذ في النفاد.
وحذر الأمين العام، في بيان صحفي، من أن عواقب تغير المناخ أضحت بادية في كل مكان وتتمثل في الاضطرابات المناخية القاسية وزيادة منسوب البحار وتقلص جليد البحر القطبي.
وأضاف أن العلماء رسموا صورة حية للفرق بين ارتفاع الحرارة بمقدار 1.5 درجة مئوية، مقابل درجتين مئويتين، موضحا أن زيادة الاحترار بنصف درجة يحدث فرقا كبيرا.
وذكر أن ذلك يعني مزيدا من الموجات الحارة لعشرات ملايين الناس، وخسارة أكبر في التنوع البيولوجي، وتزايد شح الماء في بعض أكثر مناطق العالم انعداما للاستقرار، والقضاء الكامل على الشعاب المرجانية.
ويظهر التقرير أن الحد من ارتفاع الحرارة بمقدار 1.5 درجة مئوية أمر ممكن، ولكنه يتطلب عملا عاجلا وأكثر طموحا لتقليص انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بمقدار النصف بحلول عام 2030، والقضاء عليها تماما بحلول 2050.
وقال الأمين العام إن ذلك يتطلب أيضا إدخال تغييرات على كل مجالات المجتمع، وخاصة في القطاعات الرئيسية مثل الأراضي والصناعة والطاقة والبناء والنقل والمدن.
وأشار أنطونيو غوتيريش إلى مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ المقرر في بولندا في دجنبر، داعيا كل الدول إلى الإنصات إلى نصح أبرز علماء العالم، ورفع سقف الطموحات، وتعزيز خطط العمل الوطنية في مجال المناخ بشكل عاجل، وتطبيق اتفاق باريس للمناخ.

تهديد لحقوق الإنسان عبر العالم

من جهته، قال ديفيد بويد المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بحقوق الإنسان والبيئة إن التغير المناخي يعتبر من أكبر المهددات لحقوق الانسان بما له من تأثيرات جسيمة ومدمرة على مجموعة واسعة من هذه الحقوق، مثل حق الإنسان في الحياة، وفي الصحة والسكن والحصول على الماء.
وأكد الخبير الدولي، في بيان صحفي، على ضرورة أن تسرع كافة الدول من وتيرة إجراءاتها في مواجهة التغير المناخي ، مثل استخدام الطاقة الشمسية وتبني الأساليب الزراعية الصديقة للبيئة، وإلا ستواجه مخاطر التعرض لعقود من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.
وجاء البيان عقب صدور التقرير العلمي للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ.
وقدمت الهيئة الحكومية الدولية في تقريرها حزمة إجراءات معقولة من شأنها تحسين صحة البيئة والإنسان، محذرة في الوقت ذاته من أن الوصول إلى نتائج إيجابية سيتطلب “تغييرات سريعة وبعيدة المدى وغير مسبوقة في جميع جوانب المجتمع”.
وأشار ديفيد بويد إلى أن هناك حلولا علمية ومجدية للحد من الأضرار على البيئة والإنسان، مشددا على ضرورة أن تتحرك الدول الآن – خصوصا الغنية منها ذات الانبعاثات الحرارية العالية – ” للوفاء بالتزاماتها في مجال حقوق الإنسان، بل أن تتجاوز بها سقف التزاماتها بموجب اتفاق باريس للمناخ”.

اعتراض سعودي واسترالي

يذكر ان خلاصات وتوصيات التقرير ووجهت بمقاومة من بعض الأطراف الدولية على رأسها السعودية وأستراليا.
وتحدث مشاركون في مؤتمر إنشتون الكورية بأن هناك وفدا هدد بتعطيل تبني تقرير الخبراء خلال أشغال المؤتمر، مشيرا أن الأمر يتعلق بالمملكة السعودية أول مصدر عالمي للنفط الخام، والتي عملت بانتظام في الماضي، كما أفادت نفس المصادر، على تعطيل عمل الأمم المتحدة ضد التغيير المناخي سواء تعلق الأمر بتقارير الخبراء او بمفاوضات التوصل الى اتفاق لخفض انبعاثات الغازات المسببة للاحترار المناخي.
وتأخر اختتام الاجتماع المغلق بين العلماء وممثلي 126 دولة بسبب احتجاج الطرف السعودي على فقرة في التقرير حول الوقود الأحفوري، وذلك قبل أن يتراجع عن موقفه، وليتم تبني التقرير بالإجماع في نهاية المطاف.
ولاحقا، أعلنت الحكومة الأسترالية رفضها لدعوات لجنة الأمم المتحدة حول تغير المناخ، للتخلص من الطاقة المولدة من الفحم، بحلول عام 2050.
وقال مايكل مكورماك، نائب رئيس الوزراء الأسترالي، إن أستراليا ستواصل “بالتأكيد” استخدام واستغلال احتياطاتها من الفحم، مشيرا إلى أن موارد الطاقة المتجددة لا يمكنها الحلول محل الفحم.
وصرح لمحطة “سكاي نيوز أستراليا”، بأنه “في الحقيقة، أن قطاع تعدين الفحم، ومحطات الطاقة العاملة بالفحم، تؤدي دورا هاما في خليط الطاقة في أستراليا، وستستمر على ذلك”.
وأضاف أن “الحكومة داعمة للأعمال الصغيرة، وللصناعة وللمزارعين ولقطاع الفحم”.
ووجد تقرير اللجنة الأممية المعنية بتغير المناخ، أن أستراليا مسؤولة عن نحو 1 في المئة من الانبعاثات بالعالم، رغم أنها تشكل 0.3 في المئة فقط من سكان العالم.
وكان رئيس الوزراء الأسترالي سكوت موريسون قد قال إن بلاده لن تتخلى عن التزامها تجاه اتفاق باريس للمناخ، لخفض الانبعاثات بـ26 في المائة بحلول عام 2030، عن مستواها عام 2005، مضيفا أن تقرير اللجنة لن “يعيق” عمل حكومته.
من جانبه، قال زعيم حزب العمال الاسترالي المعارض، بيل شورتن، إنه يتعين أن تكون نسبة موارد الطاقة المتجددة أكبر، ولكن لا يمكن التخلي تماما عن الطاقة المولدة من الفحم.

Related posts

Top