تقرير جديد لـ”اليونيسيف” يرصد أوجه معاناة الطفولة المغربية

رسم التقرير السنوي لمنظمة الأمم المتحدة لرعاية الطفولة اليونسيف، صورة باهتة عن المغرب، باحتلاله مراتب متأخرة في حماية الطفولة بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (مينا)، فيما يخص مجالات، الصحة، التعليم وتراجع مستوى الفقر.
لكن التقرير أظهر، بالمقابل، أن المغرب سجل انخفاضا ملموسا في معدل وفيات الأمهات والرضع والأطفال في دون سن الخامسة، منذ سنة 1990، وبالتالي، فإنه قد اقترب من تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية.
وحمل تقرير المنظمة مؤشرات سلبية، حيث اعتبرت اليونسيف أنه “على الرغم من التقدم الملحوظ الذي سجله المغرب، فإنه لا يزال متأخرا في مجالات الصحة، وولوج الأطفال إلى التعليم الابتدائي خاصة في القرى النائية، ومكافحة العنف ضد الأطفال”، مشيرا إلى أن، 20 بالمائة من الأطفال الذين ينحدرون من أسر فقيرة هم أربع مرات أكثر عرضة للمعاناة”.
وتوقف التقرير عند استمرار ظاهرة عدم تسجيل الأطفال في الحالة المدنية، فإذا كانت أغلبية دول منطقة “مينا”، من قبيل الجزائر ولبنان ومصر وفلسطين، يصل فيها تسجيل الأطفال إلى نسبة 100 في المائة، فإن المغرب يبقى ضمن الدول التي لا تعترف قانونيا بكافة أطفالها، مثل ما يقع في اليمن والسودان وجيبوتي وسورية، الأمر الذي يسائل الوزارات المعنية بهذا الجانب.
وسجل التقرير تخلف المغرب عن دول أخرى تبقى متفوقة على المغرب، ويتعلق الأمر بكل من الجزائر والإمارات العربية المتحدة والكويت ولبنان، التي تسجل فيها أرقام متقدمة مقارنة بواقع المغرب، إذ يأتي في المرتبة السادسة ضمن البلدان التي تعرف ضعفا في التعليم الأولي للصغار، ومن بين المؤشرات الخطيرة التي تطرق إليها تقرير منظمة اليونيسيف، ظاهرة زواج الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 15 سنة، ففي المغرب، وخلال الفترة الممتدة بين 2004 و2013، وصلت نسبة الأطفال ما دون 15 سنة الذين خاضوا تجربة الزواج حوالي 5 في المائة، وهي النسبة التي بلغت 20 في المائة بالنسبة إلى فئة الأطفال دون 18 سنة. ويضيف التقرير أن 3 بالمائة من الفتيات المغربيات اللائي تتراوح أعمارهن ما بين 20 و24 سنة تزوجن قبل سن 15 سنة بسبب عوامل تربوية وأخرى ترتبط بالإمكانيات المالية للأسر.
وجاء في التقرير المتكون من بضعة مآت من الصفحات أن 91 بالمائة من الأطفال المغاربة المتراوحة أعمارهم ما بين 2 و 14 سنة تعرضوا للعنف. وتباينت مظاهر العنف حسب التقرير ما بين ما هو جسدي و لفظي و نفسي.
وكانت “يونيسيف” قد كشفت مؤخرا، أن خمس أطفال منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يعانون الهشاشة والفقر. وأضافت في مؤتمر إقليمي عقد في ماي المنصرم بمدينة الرباط حول موضوع “فقر الأطفال بالشرق الأوسط وشمال إفريقيا” أن 20 مليون طفل بالمنطقة لا يستطيعون الحصول على الدراسة وهو ما يخلق حلقة دائرية من الفقر.
وذكر مدير يونيسيف بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا جيرت كابيلير في المؤتمر إن 29 مليون طفل في المنطقة (20% من أطفال المنطقة) يعانون الهشاشة والفقر، وأضاف أن عددا من دول المنطقة تعيش حروبا وأزمات، و”هناك 20 مليون طفل بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لا يستطيعون الولوج إلى التعليم، وهو يخلق لنا حلقة دائرية من الفقر”.
وبالنسبة للمغرب أفادت المعطيات التي كشفت عنها بسيمة الحقاوي وزيرة الأسرة والتضامن والمساواة والتنمية الاجتماعية، بنفس المناسبة، ونسبتها إلى دراسة وطنية أجرتها وزارتها بشراكة مع المرصد الوطني للتنمية البشرية، ومنظمة يونيسيف، أن هناك تفاوتات كبيرة بين المجالين الحضري والقروي، حيث يعاني الأطفال بالمجال القروي من حرمان كبير في أبعاده ونسبته، فإذا كان %41.7 من الأطفال بالمجال الحضري لا يعانون من أي حرمان، فإن هذه النسبة لا تتعدى %7.9 في المجال القروي. وخلصت الدراسة أن 73.1% من أطفال المغرب يعانون الحرمان على الأقل في مجال واحد، و40.3% يعانون الحرمان في مجالين على الأقل من المجالات المحددة في الدراسة، ومنها الحق في الماء وخدمات الصحة والتعليم والصرف الصحي والمعلومة.
وأشارت الحقاوي، في نفس المؤتمر، أن برنامج الحكومة الجديدة، للولاية التشريعية 2017-2021، أولى حيزا مهما للجانب الاجتماعي، وخاصة للعوامل المؤدية إلى الفقر والتهميش في صفوف الأسر المغربية وفي أوساط الأطفال، مؤكدا على مجموعة من التدابير في مجالات رفع نسبة التمدرس، تقليص نسبة الأمية، تعميم التغطية الصحية، الولوج للخدمات الصحية الأساسية، تقليص نسبة الوفيات لدى الرضع، فك العزلة بالعالم القروي، وتقليص العجز السكني. وأشارت الوزيرة أيضا إلى البرامج التي انخرطت فيها الحكومة في مرحلة سابقة والتي تصب أهدافها في نفس الاتجاه، ومن بينها برنامج “تيسير” وبرامج الدعم والتكافل لفائدة المرأة والأسرة والطفولة.
ومن جهته، قال عضو مجلس المرصد الوطني للتنمية البشرية، حمو أوحلي، خلال نفس اللقاء، إن 13 بالمائة من الأطفال المغاربة يعانون تأخر النمو وسوء التغذية، مقابل 32 بالمائة عام 2003. في حين إن 35 بالمائة منهم لا يجدون فرصة للاستفادة من العناية الطبية، وتتعرض نسبة كبيرة منهم لأشكال من العنف الجسدي والنفسي. ودعا المتحدث، في كلمة ألقاها نيابة عن رئيس المرصد الوطني للتنمية البشرية رشيد بن المختار، جميع الهيئات الحكومية إلى التنسيق في ما بينها قصد تحسين ظروف الأطفال والانتصار على العقبات.

Related posts

Top