تقرير يرصد “اختلالات كبيرة” في تدبير المغرب لأوضاع المهاجرين

رصد تقرير حديث حول أوضاع المهاجرين وطالبي اللجوء لسنة 2018، مظاهر اختلال كبيرة لازالت تطبع كيفية تدبير ملف الهجرة غير القانونية في بعض المناطق، خاصة شمال المغرب، حيث سجلت عمليات توقيف وإبعاد غير قانوني في حق 9100 مهاجر من الناظور، و15 ألف مهاجر بطنجة، بينهم نساء رفقة أطفالهم وقاصرون ومرضى، بعضهم يتوفرون على بطائق إقامة أو حاصلون على تأشيرة دخول للمغرب، كما سجل في المقابل تنامي شبكات للهجرة تسيّر سوقا مربحة، تتكون من مغاربة وإسبان ومواطنين أفارقة جنوب الصحراء، تفرض على ضحاياها لتهجيرهم تأدية ما بين 2000 و5000 أورو.
ومن مظاهر الخلل التي كشف عنها هذا التقرير، الذي أنجزته الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بمدينة الناظور والمناطق المحيطة بها، وقدمت مضامينه في ندوة صحفية أول أمس الأربعاء بالرباط، أن كل تلك التوقیفات تمت بناءً على لون البشرة، وجعلت من المدينة منطقة ممنوعة على المواطنین من إفریقیا جنوب الصحراء، وهي توقيفات لازالت تواصل الزج بالمهاجرین داخل أماكن معدة سلفا لحرمانههم من حریتهم خارج أیة مساطر قانونیة.
وحسب ذكر التقرير، يتعلق الأمر بمركز بمفوضیة الشرطة، ومقر القیادة الجهویة للدرك الملكي بالناظور، ومركز أركمان الذي احتجز به مئات المهاجرین الموقوفین أو ضحایا الإبعادات “الساخنة” التي تنفذها السلطات الإسبانیة انطلاقا من مدینة ملیلیة المحتلة قبل إبعادهم داخل المغرب أو ترحیلهم إلى بلدانهم، حيث وصل عدد المحتجزين بهذا المركز الأخير حوالي 3000 مهاجرا إما من الموقوفين بالناظور ونواحيها أو المبعدين من مدينة مليلية المحتلة من طرف السلطات الإسبانية خلال سنة 2018، من بينهم 700 مهاجر تم ترحيلهم إلى بلدانهم عبر مطار الدار البيضاء.
وأشار التقرير إلى وجود 15 تجمع بغابات الناظور، أقامها مهاجرون ينتمون لعدد من البلدان الإفريقية جنوب الصحراء، وذلك على مستوى مناطق لاكارییر، بولینغو، جوطیة كشاظیة، الحرشة، بقیوة، لخمیس اقدیم، بویافر، لهراوة، وقد تعرضت هذه التجمعات لتدخلات عنيفة من طرف القوات العمومية، وذلك بعد مراقبة جوية من قبل طائرة تنطلق من مليلية المحتلة بدون أمر قضائي، وأن تلك التدخلات تكون مصحوبة بعنف جسدي مع هدم مآويهم.
وفي ذات الإطار، أبرز التقرير تسجيل ارتفاع غير مسبوق في عدد الوفيات، حيث استقبل المستشفى الحسني بالناظور 244 جثة لمهاجرين دون احتساب المفقودين، فيما سجل في المقابل انخفاض في عدد الجرحى، كما سجل تساهل وتأخر كبير لعمليات الإنقاذ البحري وعدم تخصيص الإمكانيات اللازمة لتعزيز وسائل الإنقاذ، مشيرا إلى أن 5 وفيات وقعت بمخيمات المهاجرين بسبب المرض وظروف العيش الصعبة بالغابة، فيما حالتي وفاة لمهاجرين وقعت على الحواجز الشائكة بين مليلية وبني أنصار، وحالتي وفاة أخرى حدثت أثناء عمليات الإبعاد بالحافلات.
هذا ورصدت الجمعية تغيرا في المسارات التي باتت يسلكها المرشحون للهجرة، مشيرة إلى تسجيل انخفاض كبير في عدد الذين وصلوا إلى مليلية عبر القفز على الحواجز نتيجة عسكرة الحدود ووضع أسلاك بشفرات حادة والهدم الكلي لمخيم كوروكو، فيما سجل في نفس الوقت ارتفاع كبير ومتواصل في عدد الذين نجحوا في الهجرة عبر البحر والذي بلغ هذه السنة أرقاما قياسية، حيث في ظرف ثلاث سنوات، انتقل الرقم من معدل 4000 مهاجر كانوا ينجحون سنويا في العبور نحو مليلية وسبتة إلى عشرات الآلاف من الأشخاص.
وأشارت أنه وفق بعض الإحصائيات الإسبانية فإن عدد الذين تمكنوا من الوصول إلى التراب الاسباني بما في ذلك الشباب المغربي الذي تكثفت هجرته مباشرة بعد الحراك في الريف، مبرزا بشأن هذا المعطى الأخير، أن هجرة الشباب المغربي قبل حراك الریف كانت جد ضئیلة، لكن الظاهرة عرفت ارتفاعا كبیرا خلال الحراك وبعد لجوء السلطات لقمع الاحتجاجات، إذ لاحظ فرع الجمعیة، لجوء أعداد كبیرة من الشباب إلى الهجرة عبر قوارب انطلاقا من جميع شواطئ الناظور والدريوش.
واعتبرت الجمعية في المقابل، أن المعطى الرقمي المتعلق بارتفاع عدد الذين سلكوا البحر للوصول إلى التراب الإسباني، ما هو إلا محصلة مباشرة وواقعية لسياسات الاتحاد الأوربي والمغرب في مجال الهجرة، إذ إنهم بإصرارهم على بناء السياجات الشائكة على طول الحدود مع مليلية وسبته، ساهموا في بروز الطريق البحري والانتقال من هجرة كانت محدودة ومجانية وآمنة وللفقراء إلى هجرة بأعداد كبيرة، مؤدى عنها، قاتلة ومفتوحة في وجه من يدفع أكثر.
وأشارت في هذا الصدد، أن هذا التوجه أدى إلى بروز سوق للهجرة تنشط بشكل علني وتديرها شبكات عابرة للحدود خوصصت الحق في التنقل والهجرة وطلب اللجوء، حيث تنامت شبكات التهجير والتي تسير سوقا مربحة تتراوح فيها المبالغ المؤدية من قبل ضحايا الهجرة مابين 2000 و5000 أورو، وتمارس خروقات خطيرة في حق المهاجرين والمهاجرات، يتوزع بين استغلال جنسي، والاحتفاظ بالنساء المهاجرات لمدد طويلة بالمخيمات، واقتراف العنف، وإرسال بعض المراكب في ظروف خطيرة، والامتناع عن تقديم أي معلومات حول الموتى والمختفين للعائلات، هذا مع رفض إرجاع أموال المهاجرين حتى من اجل العلاج، وفق المعطيات التي حملها التقرير.
ولم يفت واضعو التقرير الإشارة إلى ظاهرة الأطفال غير المصحوبين، مشيرين إلى تواجد “أزيد من حوالي 600 قاصر مغربي بغرض الهجرة عبر بوابتي الناظور ومليلية، حيث يلجؤون إلى طرق خطيرة من أجل ولوج مليلية ومينائها أو داخل ميناء بني أنصار، إذ سجلت نتيجة ذلك عدد من الجرحى في صفوفهم ووفاة واحدة سجلت بمركز الطفولة بمليلية.
وسجل التقرير باستغراب أن هؤلاء القاصرين يعيشون في الشارع صيفا وشتاء دون أي تدخل للسلطات وللوزارة المعنية من أجل ضمان المصلحة الفضلى للطفل كما هو منصوص عليها في الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل وبروتوكولاتها.

> فنن العفاني

Related posts

Top