تقرير يكشف “أزمة عالمية مهملة” تنتهك حقوق النساء وتقوض جهود التنمية

كشف تقرير حديث لوكالة الأمم المتحدة المعنية بالصحة الجنسية والإنجابية أن ما يقرب من نصف حالات الحمل في جميع أنحاء العالم، والتي يبلغ مجموعها 121 مليون سنويا، هو حمل “غير مقصود”، معتبرا أن هذا الرقم (حوالي 60 مليون) يميط اللثام عن “أزمة عالمية مهملة” متعلقة بحقوق الإنسان، تهدد المجتمعات والنساء والصحة العالمية عموما.
التقرير الذي يندرج ضمن آخر إصدار لصندوق الأمم المتحدة للسكان حول “حالة السكان 2022″، نبه أيضا إلى أن أكثر من 60% من حالات الحمل غير المقصود تلك تنتهي بالإجهاض، ويقدر أن 45% من جميع حالات الإجهاض غير آمنة، حيث تتسبب في 5 إلى 13% من جميع وفيات الأمهات، بما يؤثر تأثيرا وخيما على قدرة العالم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
كما أوضح أن الحروب وحالات الطوارئ الإنسانية تهيئ “ظروفا ملائمة” لزيادة حالات الحمل غير المقصود، حيث يتوقع أن ارتفاع حدة النزاعات والأزمات في جميع أنحاء العالم من شأنه أن يزيد من تلك الحالات، من خلال عرقلة إمكانية الوصول إلى خدمات الصحة الجنسية والإنجابية وزيادة العنف الجنسي ضد النساء والفتيات اللواتي تسلبهن الصراعات في بؤر النزاع حريتهن في الاختيار على جميع المستويات، مما يرفع من خطر الحمل غير المقصود في اللحظات الأكثر تهديدا. وحسب التقرير، فإن بعض الدراسات أظهرت أن أكثر من 20% من النساء والفتيات اللاجئات سيتعرضن للعنف الجنسي.
ويستنتج التقرير أن هناك أسبابا أخرى عديدة تقف خلف هذه الأزمة المسكوت عنها، ترجع أساسا إلى استمرار أوجه عدم المساواة بين الجنسين وتعثر التنمية في العديد من المجتمعات، حيث “لا يعد الحمل غير المقصود بالضرورة عجزا شخصيا، بل قد يكون مرده الافتقار إلى الاستقلالية التي يسمح بها المجتمع أو القيمة التي تولى لحياة المرأة”، كما يقول المدير الإقليمي لصندوق الأمم المتحدة للسكان في المنطقة العربية، لؤي شبانه، في تصريح صحفي حول التقرير، موضحا أن “العادات والأعراف الضارة، والعنف الجنسي والإكراه الإنجابي، وإصدار أحكام مسبقة، أو الوصم أثناء تقديم الخدمات الصحية، والفقر وتعثر التنمية الاقتصادية، وأوجه عدم المساواة بين الجنسين، كلها عوامل تعكس الضغط الذي تضعه المجتمعات على النساء والفتيات ليصبحن أمهات”.
وحسب التقرير دائما، تشير التقديرات على الصعيد العالمي أن 257 مليون امرأة ممن يرغبن في تجنب الحمل لا يستخدمن وسائل منع الحمل الآمنة والحديثة. كما تفيد البيانات التي أمكن الوصول إليها في عدد من المناطق أن “ما يقرب من ربع النساء غير قادرات على رفض العلاقة الحميمية”.
واعتبرت المديرة التنفيذية لصندوق الأمم المتحدة للسكان، د.ناتاليا كانيم، في تصريح مماثل على هامش إصدار التقرير، أن هاته المعطيات تعد ” بمثابة إنذار، حيث يمثل العدد المذهل لحالات الحمل غير المقصود إخفاقا عالميا في دعم حقوق الإنسان الأساسية للنساء والفتيات. وبالنسبة للنساء المتضررات، فإن خيار الإنجاب أو عدمه، لم يعد خيارا على الإطلاق. ويمكن للمجتمعات أن تضمن أن تكون الأمومة رغبة وليست أمرا حتميا، وذلك من خلال وضع سلطة اتخاذ هذا القرار الأساسي مباشرة في أيدي النساء والفتيات”.
وفي هذا الصدد، يؤكد التقرير أنه من “السهل جدا” وضع الحقوق الأساسية للنساء والفتيات في آخر الأولويات، سواء في أوقات السلم أو في ظروف الحرب. ودعا صانعي القرارات والنظم الصحية إلى إعطاء الأولوية للحماية من الحمل غير المقصود من خلال تحسين إمكانية “الوصول والقبول والجودة والتنوع” في وسائل منع الحمل، وكذا التوسع على نحو كبير في المعلومات ورعاية الصحة الجنسية والإنجابية عالية الجودة.
كما يحث التقرير صانعي السياسات وقادة المجتمع وجميع الأفراد، على تمكين النساء والفتيات من اتخاذ قرارات حاسمة بشأن العلاقات الحميمية والأمومة، وعلى تعزيز إدراك المجتمعات القيمة الكاملة للنساء والفتيات، معتبرا أن ذلك سيخدم الهدف الأساسي لتمكين النساء والفتيات من المساهمة الكاملة في المجتمع وامتلاك الأدوات والمعلومات والسلطة لاتخاذ خيار الإنجاب من دونه.

< سميرة الشناوي

Related posts

Top