تكريم بنمبارك.. أبعاد المبادرة…

تميز أول خروج للفريق الوطني المغربي لكرة القدم، بعد المشاركة المتميزة بنهائيات كأس العالم قطر 2022، بحدث ذي قيمة عالية ودلالات عميقة، بالنسبة لكرة القدم الوطنية…
تجلى ذلك في تخصيص لحظات لتكريم الجوهرة السوداء الراحل العربي بن مبارك، واحد من كبار النجوم الذين ميزوا بعطاءات لا تنسى، تاريخ كرة القدم العالمية، ووضعت كرة القدم الوطنية ضمن مصاف الكبار في أزمنة غابرة…
سجلت المبادرة، على هامش المباراة الودية التي جمعت المنتخبين المغربي والبيروفي، باقتراح من طرف الجامعة المغربية الملكية لكرة القدم، وبتزكية من إدارة نادي أتلتيكو مدريد الإسباني، أحد الأندية الأوروبية الكبيرة، التي لعب الدولي المغربي السابق، وبالضبط خلال فترة الخمسينات.
وقف اللاعبون وأعضاء الطاقم التقني، وأفراد من الجامعة، أمام صورة عملاقة للعربي بن مبارك داخل ملعب “ميتروبوليتانو” بقميص الأتلتيكو، ووضعوا باقة من الزهور أمام الصورة، تقديرا وإجلالا لروح هذا الرياضي العظيم، غير العادي في مساره وشخصيته وأخلاقه…
ومن شأن تكريم مثل هذا اللاعب الفذ، تعريف الأجيال الحالية بعطاء بحقبة مهمة من تاريخ كرة القدم الوطنية، فإلى جانب الحاج العربي، كانت هناك أسماء كبيرة سطع نجمها بسماء الاحتراف الأوروبي، في زمن لم تكن فيه الممارسة الكروية شائعة، كما هو حاصل الآن…
تعريف الأجيال الحالية بعطاء نجوم، دافعوا بسخاء عن القميص الوطني، رغم الظروف الصعبة آنذاك، كانوا بالفعل نجوما كبارا، وشكلت عطاءاتهم مادة دسمة للصحافة الدولية، ولازال هناك من يعيد كتابة تاريخ، هذا الحضور المغربي اللافت، كلما دعت الضرورة لذلك…
جمالية الفكرة وقيمة المبادرة، تقتضي التفكير أيضا في تخليد عطاءات نجوم آخرين صنعوا مجد كرة القدم المغربية بالاحتراف الأوروبي خلال الخمسينات والستينات، كعبد الرحمان بلمحجوب الذي لقب بأمير حديقة الأمراء، وهو الملعب الحالي بنادي باريس سان جرمان الفرنسي، وهناك أسماء أخرى كبيرة تستحق أكثر لحظات عرفان ووفاء…
تكريم العربي بن مبارك، سبقه تكريم النجم الراحل بيليه بملعب طنجة الكبير قبل انطلاق المباراة الإعدادية الأولى ضد البرازيل، وهذه المبادرة لقيت أيضا استحسان وتقدير الأوساط الرياضية عبر العالم، وبيليه هذا لم يتردد خلال زيارته للمغرب عام 1976، في اعتبار بن مبارك أفضل لاعب على الإطلاق بين أبناء جيله، كما أهداه قميصا لنادي سانتوس البرازيلي يحمل الرقم (10)، تأكيدا لاعتراف “بيليه” بنجومية هذا اللاعب المغربي الذي كان بحق ملهم الأجيال…
وقد بلغ شغف الفرنسيين بعطاء بن مبارك إلى درجة أن الجمهور الباريسي، نظم مظاهرات ضد انتقاله إلى أتلتيكو مدريد، وكان المتظاهرون يجوبون شوارع العاصمة، وهم يحملون شعارا يقول: “إذا كنتم بحاجة إلى المال، فبيعوا برج إيفل، وحافظوا لنا على العربي بن مبارك”.
إننا بالفعل أمام أسطورة حقيقية، وأمام مبادرة تكريم عظيمة، تؤكد للعالم أجمع أن “أسود الأطلس” الذين أبهروا العالم بالمونديال الأخير في قطر، لم يأتوا من عدم، بل هم سلالة رموز سبق أن شرفوا بعطائهم المغرب، بمختلف المحافل الدولية، وكانوا من الأوائل الذين قدموا مستويات رائعة، سجلها التاريخ بمداد الفخر والاعتزاز …

>محمد الروحلي

Related posts

Top