تلفزيوننا في سنة الانتخابات والتحديات الأخرى

يسجل المتابعون لشؤوننا الوطنية ضعفا كبيرا في متابعة قنواتنا التلفزيونية وإعلامنا العمومي كله لمسلسل الاستعدادات الجارية لتنظيم الاستحقاقات الانتخابية المرتقبة، وضعفا مماثلا في الارتقاء بالنقاش العمومي المتعلق بمختلف قضايا المجتمع الأساسية.
لا بد في البداية أن ننوه ببعض مبادرات قناة ميدي1 تيفي بشأن البرامج السياسية والحوارية، ونشيد كذلك بما يتيحه ملتقى وكالة المغرب العربي للأنباء، لكن عدا هذا لا شيء يعرض للجمهور المغربي، ويجعله مدركا لما تشهده الساحة الوطنية أو تستعد له من مواعيد سياسية، وأيضا ما هو مطروح على البلاد من تحديات وطنية وتنموية وإستراتيجية، تستحق أن ينشغل بها الإعلام العمومي، وخصوصا القنوات التلفزيونية الوطنية.
الانتخابات المرتقبة في بلادنا تكتسب هذه السنة أهمية خاصة اعتبارا لسياقاتها المجتمعية المختلفة، كما أن ما تحياه البلاد على مستوى التحدي الوبائي والصحي والتنموي والإستراتيجي، وأيضا ما يتصل بقضيتنا الوطنية والعلاقات الخارجية للمملكة، كل هذا يفرض انخراط الناس وتعبئة المجتمع والرأي العام الوطني، والسعي لتمتين الجبهة الداخلية، ومن شأن التلفزيون، والإعلام ككل، القيام بهذا الدور التأطيري والتنويري.
كل الباحثين والمختصين يجمعون على أهمية التلفزيون، والإعلام، في التأثير في الفضاء العام والارتقاء بالنقاش المجتمعي العمومي، وبالتالي إبراز القضايا المجتمعية الرئيسيّة والاهتمام بها، وذلك بدل التيه في اقتراف البوليميك المجاني والشعبوي، أو تكرار المناقشات التبسيطية الرائجة على مواقع التواصل الاجتماعي، والنفخ في عدد من الظواهر الاجتماعية السطحية.
اليوم تلفزيوننا الوطني يجب أن نتيح له فرصة القيام بأدواره المهنية والمجتمعية من أجل الوساطة في المجتمع، وأن يهتم بالتنوير والتوعية ومواكبة تحولات المجتمع السياسية والسوسيولوجية والاقتصادية والثقافية، وأيضا أن يؤثر في الفضاء العام، وأن يكون فاعلا في صنع التعبئة المجتمعية العامة المطلوبة في هذه المرحلة.
نعتقد أن قنواتنا التلفزيونية الوطنية مطالبة اليوم بالإنكباب على موضوع الإعداد للانتخابات، من خلال استثمار ذلك لتطوير المادة السياسية التلفزيونية، والانفتاح على كل الفاعلين الوطنيين، والحرص على تقديم خطاب سياسي جدي ورصين وجاذب، والسعي لتعزيز اهتمام شعبنا وشبابنا ونخبنا بالانشغال الديمقراطي والسياسي في البلاد.
وعلى الصعيد العام، لا بد أن تستحضر بلادنا أهمية التلفزيون، وأيضا الصحافة المكتوبة والإلكترونية الجادة والمهنية، في تفعيل وإنجاح التأطير الوطني وتعبئة المجتمع حول أهم القضايا والتحديات الوطنية الكبرى.
لا يمكن أن تكون ساحتنا الوطنية والأجندة العامة لبلادنا طافحة بالقضايا والتحديات، وأن يبقى إعلامنا العمومي متخلفا عنها بمسافات ضوئية، ولا يمكن أن تكون الدول الكبرى ممسكة بصحافتها الورقية والإلكترونية والسمعية البصرية، وأن تستثمرها في الانتصار لقضاياها الكبرى ومصالحها الوطنية، وأن تبقى بلادنا نحن غير مبالية بهذا القطاع، وبالدور المحوري لهذا الفاعل المؤثر في الفضاء العام ووسط الرأي العام الوطني….
ولا يمكن، في السياق ذاته، أن تنكب بلادنا على مختلف التحديات المطروحة عليها اليوم، دون أن تنشغل، في نفس الوقت، بأهمية امتلاك رؤية متكاملة أو سياسة عمومية للصحافة والإعلام في المرحلة السياسية القادمة.
ما هي إذن أدوار الصحافة والإعلام في مغرب اليوم والمستقبل؟ 
ما هي هذه الصحافة التي تبقى بلادنا في حاجة إليها؟ وكيف الوصول إلى ذلك؟

<محتات‭ ‬الرقاص

[email protected]

Top