توديع سنة 2020 بشلل اقتصادي كبير واستقبال 2021 بأمل التعافي

ودع العالم أمس الخميس سنة 2020، وكله أمل في أن تكون هذه السنة الجديدة عاما مفصليا، يتواصل فيه التخفيف من آثار أزمة كوفيد-19 على مختلف المجالات الاجتماعية والصحية ثم الاقتصادية.
فعلى غرار أغلب دول العالم، عاشت المملكة المغربية سنة اقتصادية استثنائية لم تشهد لها مثيلا منذ عقود، في ظل جائحة كورونا من جهة ثم الجفاف الذي أرخى بظلاله للسنة الثانية على التوالي من جهة ثانية.
وقد خلفت أزمة فيروس “كورونا” المستجد (كوفيد -19) شللا غير مسبوق في جميع القطاعات، وعلى رأسها القطاع السياحي والقطاع غير المهيكل.
وتأثرت السياحة، وهي أحد القطاعات الرئيسية في الاقتصاد الوطني (7,1 بالمئة من الناتج الداخلي الإجمالي وأزيد من 70 مليار من مداخيل العملة الصعبة)، بشدة جراء الأزمة غير المسبوقة الناجمة عن وباء كوفيد-19، وهو ما شكل اختبارا قاسيا للقطاع، وفرض اتخاذ العديد من الإجراءات بغية التخفيف من الصدمة التي لحقته.
وقد بدأت آثار هذا الفيروس تظهر بجلاء منذ إعلان السلطات المغربية عن الحجر الصحي خلال شهر مارس المنصرم وإغلاق الحدود البرية والجوية، وهو ما شكل ضربة قوية للمدن السياحية بالمملكة التي عانت من شلل تام خلال هذه الفترة الاستثنائية.
أما القطاع غير المهيكل، فقد وجدت مئات آلاف الأسر نفسها بدون دخل يومي بسبب إجراءات الحجر الصحي، استفادت الأسر التي تعمل في القطاع غير المهيكل وأصبحت لا تتوفر على مدخول يومي بسبب الحجر الصحي، وفي هذا الصدد استفادة 200 ألف أسرة مسجلة في نظام “راميد” يوميا، من مساعدة مالية تم منحها من موارد الصندوق الخاص بتدبير جائحة كورونا (800 درهم للأسر المكونة من فردين أو أقل، و1000 درهم للأسر المكونة من ثلاثة إلى أربعة أفراد، و1200 درهم للأسر التي يتعدى عدد أفرادها أربعة أشخاص)، حسب ما كشفت عنه لجنة اليقظة الاقتصادية خلال اجتماعها الخامس، في 20 أبريل 2020.
واتسمت سنة 2020، بترسيخ حس التضامن والدعم، الاقتصادي والاجتماعي، الذي أبان عنه المجتمع المغربي، بجميع مكوناته بهدف إنقاذ القطاعات الاقتصادية التي تحتضر، ودعم الساكنة التي أنهكتها الأزمة الصحية، وجعلتها أكثر هشاشة.
بنحريميدة: لسوء حظنا تزامنت هذه الأزمة الصحية مع سنة عنوانها الأبرز هو الجفاف
قال محمد بنحريميدة، أستاذ علوم التدبير بالمدرسة الوطنية للتجارة والتسيير بالدار البيضاء، إن سنة 2020 “بدايتها صدمة ونهايتها أمل”، معتبرا أنها ستبقى دون شك سنة تاريخية على أكثر من مستوى (الاقتصادي، الصحي، الاجتماعي…).
وأوضح بنحريميدة في تصريح لجريجة بيان اليوم، أنه في البداية اتسمت 2020 بوباء ظهر في الصين أواخر سنة 2019، مردفا: “لكن سرعان ما انتشر انتشار النار في الهشيم وبنسب خطورة متفاوتة حسب الدول، وقد كان مع الأسف للمغرب نصيب من هذا الوباء الذي يتسم بكلفة اقتصادية جد مرتفعة مرتبطة أساسا بإجراءات للحجر الصحي المطبقة ليس فقط على الصعيد الوطني ولكن أيضا على الصعيد العالمي”.
وتابع بنحريميدة أنه على المستوى الوطني يمكن الإشارة أنه “لسوء حظنا تزامنت هذه الأزمة الصحية مع سنة كان عنوانها الأبرز هو الجفاف وانعكاساته على القطاع القاطرة في الاقتصاد الوطني ألا وهو القطاع الفلاحي”.
وعدد بنحريميدة سمات الأزمة الاقتصادية الوطنية لسنة 2020، بداية بكونها أزمة اقتصادية مرتبطة بوباء عالمي وهو ما يجعلها أكثر حدة نظرا للارتباط الوثيق للاقتصاد الوطني بمحيطه الدولي وعلى الخصوص بالوضعية الاقتصادية في البلدان الأوروبية المجاورة كفرنسا وإسبانيا وإطاليا، ثم كونها أزمة ازدادت حدتها بكونها تأتي متزامنة مع السنة الثانية على التوالي من الجفاف خصوصا وأن نسبة كبيرة من الناتج الداخلي الخام للمغرب تأتي من الفلاحة
وأضاف بنحريميدة أها أزمة ذات وجهين: أزمة عرض وأزمة طلب في نفس الوقت، حيث شهد العرض تقلصا ملحوظا نظرا لضعف الانتاج الفلاحي المرتبط بقلة التساقطات المطرية وأيضا بتراجع الواردات الناتج عن غلق الحدود ومدى انعكاس ذلك على الإنتاج الصناعي المحلي المرتبط باستيراد بعض قطع الغيار من الخارج…
أما تقلص الطلب، حسب المتحدث نفس، فيعود إلى الانخفاض المفاجئ للمعدل الوطني للدخل نتيجة الحجر الصحي وفقدان عدد كبير من مناصب الشغل وكذا للعامل النفسي المرتبط بالأزمة.
واستطرد بنحريميدة قائلا: “دون الخوض في لغة الأرقام شهد الفصل الثاني والثالث انخفاضا كبيرا للاقتصاد الوطني تجاوز 8٪ نظرا لتراجع الأنشطة الفلاحية وغير الفلاحية وفد تميزت هذه الفترة باتخاذ عدة اجراءات خصوصا على المستوى المصرفي والمالي من أجل المساعدة على التخفيف من آثار الأزمة على المقاولات المغربية لكن بالموازاة مع ذلك كانت هناك قرارات أخرى متعلقة بتدبير الأزمة الصحية أقل ما يمكن أن يقال عنها أنها غير مفهومة”.
وأضافا “لكن مع نهاية الفصل الثالث وبداية الفصل الرابع بدأت بوادر الانفراج الاقتصادي تظهر خصوصا مع عودة جزء كبير من القطاعات الاقتصادية الى الدوران وكذا الفتح التدريجي للحدود ولعل النقطة الإيجابية التي يمكن الوقوف عندها هي التحسن الملحوظ في الوضعية العامة لميزان الأداءات نظرا لتراجع أسعار المواد الطاقية على الصعيد العالمي والتراجع الملحوظ أيضا على مستوى الاستهلاك وطلب هذه المنتجات بالإضافة إلى منتجات أخرى مستوردة وهو ما ساهم في الحد من آثار انخفاض الصادرات الوطنية وكذا مداخيل السياحة من العملة الصعبة…”.
وقال بنحريمية إن مفاجأة أخرى صارة هي أن تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج لم تنخفض بل على العكس سجلت إلى غاية نهاية شهر أكتوبر الماضي تحسنا يقدر بمليار درهم بالمقارنة مع السنة الماضية (55.8 مليار درهم نهاية أكتوبر 2020).
واعتبر الأستاذ الجامعي أن كل هذه العوامل ساهمت في الحد من عجز الميزان التجاري وكذا ميزان الأداءات وبالتالي تحسن ملحوظ في احتياطي المغرب من العملة الصعبة مع نهاية هذه السنة.
وشدد بنحريميدة على أنه مع اقتراب نهاية السنة والإعلان عن اقتراب انطلاق حملات التلقيح على المستوى العالمي يبدو أن بوادر الخروج من الأزمة بدأت تلوح في الأفق وقد يكون العنوان الأبرز لسنة 2021 هو الخروج التدريجي من أكبر أزمة اقتصادية خلال العقدين الأولين من القرن الواحد والعشرين.
وقال بنحريميدة إن “السؤال الذي يطرح نفسه في هذا الصدد هو إلى أي حد تم استخلاص الدروس اللازمة من هذه الأزمة خصوصا على مستوى اتخاذ القرارات السياسية ذات الانعكاس الاقتصادي وأيضا على مستوى منظومة القيم التي يجب أن يرتكز عليها أي مشروع بناء لنموذج اقتصادي ناجح”.

> عبد الصمد ادنيدن

***

الفلاحة.. صمود أمام جميع الاختبارات عام 2020

على الرغم من الأزمة الصحية غير المسبوقة، التي انضاف إليها قلة التساقطات المطرية في عام 2020، فقد أبان القطاع الفلاحي الوطني عن متانته وتمكن من الصمود أمام كل الاختبارات خلال هذه السنة الاستثنائية، مع ارتفاع واضح للصادرات وانطلاق موسم يبشر بالخير .
وعليه ، فقد شهد الموسم الفلاحي 2019-2020 زيادة بنسبة 8 في المئة في صادرات المنتجات الفلاحية-الغذائية (باستثناء منتجات الصيد البحري) لتصل إلى 39.5 مليار درهم، في حين بلغ حجم صادرات منتجات الخضراوات 1.416.000 طن ، مسجلة نموا بنسبة 12 في المئة على أساس سنوي.
ومع منح الأولوية للتزويد المنتظم للسوق الوطني، فقد سهر مهنيو القطاع على حسن سير أنشطة التصدير، من خلال الحفاظ على التوازنات في مختلف حلقات سلسلة القيمة، من الإنتاج إلى طرح المنتجات في أسواق التصدير. وتواصل حملة تصدير المنتجات الغذائية الفلاحية 2020-2021، التي انطلقت في شتنبر، هذا الزخم الإيجابي، على الرغم من قيود الوباء الذي لا يزال يثير القلق في جميع أنحاء العالم. وبشكل عام، من المتوقع أن ينمو حجم الصادرات الغذائية الفلاحية هذا الموسم بنحو 10 في المئة مقارنة بموسم 2019-2020.
بالإضافة إلى ذلك، فإن الموسم الحالي مدعوم بسياق تجاري مشجع في الأسواق الدولية للكلمنتين على وجه الخصوص، والحوامض بشكل عام، كما يتضح من الارتفاع بنسبة 60 في المئة في صادرات الكليمنتين خلال الفترة ما بين 1 شتنبر و 22 نونبر 2020.
من جانبها، وضعت وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، برنامج توزيع المحاصيل الزراعية برسم الموسم الحالي يغطي مساحة 5.8 مليون هكتار من الزارعات الخريفية الرئيسية، مع إنتاج توقعي قادر على تلبية احتياجات الاستهلاك والصادرات بشكل كاف إلى غاية ماي 2021.
وخلال هذا العام الذي شهد اندلاع أزمة عالمية ذات أبعاد غير معروفة ، لم يشهد السوق الوطني نفاد المخزون ولا ارتفاع الأسعار المصاحب لمثل هذه الظروف، وذلك بفضل الإمداد المنتظم بالمنتجات الفلاحية ومن أصل حيواني على مدار السنة التي عرف خلالها المهنيون كيف يحافظون على جدول منتظم لبرامج توزيع المحاصيل. ومر شهر رمضان، الذي تتغير فيه العادات الاستهلاكية للمغاربة بشكل كبير ، في ظروف جيدة خلال هذه السنة بفضل وفرة المنتجات الفلاحية واستقرار الأسعار وهو ما صب في صالح المستهلكين الذين تراجعت مداخيلهم بسبب الإكراهات الاقتصادية جراء الحجر الصحي.
وبفضل إستراتيجية قطاعية متينة يتم صقلها بمرور الوقت، اكتسب القطاع الفلاحي مثل هذه الصلابة، حتى في ذروة الأزمة التي أعادت إلى الواجهة رهانات الأمن الغذائي في سياق عودة الحمائية والسيادة الاقتصادية.
وفي الواقع، منذ عام 2008، انخرط المغرب في مشروع تنموي فلاحي واسع أطلق عليه اسم “مخطط المغرب الأخضر” بهدف إضفاء دينامية للتطور على القطاع تكون متناغمة ومتوازنة تأخذ بعين الاعتبار خصوصياته. وبعد التركيز على تنمية فلاحة ذات قيمة مضافة قوية وإنتاجية عالية في إطار دعامته الأولى، انتقل مخطط المغرب الأخضر برسم دعامته الثانية إلى المواكبة التضامنية للفلاحة الصغيرة التي تستهدف ما بين 600.000 و 800.000 فلاح .
وقد توج هذا المخطط الطموح، الذي انخرط فيه الفلاحون بقوة على مدار أكثر من عشر سنوات، بإنجازات تتماشى مع الأهداف المرسومة. وبالفعل، استطاع القطاع الفلاحي أن يستقطب بين عامي 2008 و2018 استثمارات بقيمة 104 مليار درهم، وشهد الناتج المحلي الإجمالي الفلاحي زيادة سنوية بنسبة 5.25 في المئة مقابل 3.8 في المئة للقطاعات الأخرى، وهو ما مكن من خلق قيمة مضافة إضافية قدرها 47 مليار درهم. “قصة النجاح” هذه لا يزال أمامها مستقبل واعد مع إطلاق الاستراتيجية الجديدة لتنمية القطاع الفلاحي هذه السنة، التي أطلق عليها “الجيل الأخضر 2020-2030″، والتي تهدف إلى تعزيز مكتسبات السنوات العشر الماضية، من خلال منح الأولوية للعنصر البشري.
هذه الاستراتيجية الجديدة، التي تمت بلورتها طبقا للتوجيهات الملكية السامية، جاءت لترسم ملامح الاستراتيجية الفلاحية للمملكة خلال السنوات العشر القادمة وتضع لنفسها هدفا يتمثل في نشوء طبقة متوسطة فلاحية جديدة، تستهدف 400 ألف أسرة في الوسط القروي. بالإضافة إلى تأمين استدامة انتماء 690 ألف أسرة لهذه الطبقة. وستعمل هذه الاستراتيجية على تحسين مداخيل الفلاحين، من خلال متابعة جهود الاستثمار، وإحداث نظام تحفيزي جديد موجه نحو الشباب، وتعميم التأمين الفلاحي، الذي سيشمل 2.5 مليون هكتار، ووضع إطار خاص يتيح للمزارعين الاستفادة من خدمات الحماية الاجتماعية، بدعم من القطاع الخاص.

***

بورصة الدار البيضاء.. تدابير قوية لمواكبة إنعاش الاقتصاد

بفضل دورها كقوة جذب للمدخرات الوطنية، وفاعل محوري في تمويل الاقتصاد، استطاعت بورصة الدار البيضاء، خلال 2020، أن تحافظ على ديناميتها في الابتكار، بفضل التدابير المهمة التي اتخذتها لمواكبة إنعاش الاقتصاد ما بعد (كوفيد 19)، واستجابتها وتفاعلها مع انتظارات الم ص د رين ( émetteurs) والمستثمرين، فضلا عن إشعاعها القاري.
فسنة 2020 كانت السنة التي دخل فيها النظام العام الجديد للبورصة حيز التطبيق، حاملا مستجدات كبيرة على مستوى التنظيم والتقنين، ما منحها مزيدا من المرونة، وفتح أمامها إمكانات مهمة للتطوير والتحديث.
وعبر هذا النظام الجديد، الذي تمت بلورته في إطار خارطة الطريق ( طموح 2021 )، وجاء ليكمل مسار الإصلاحات التي شهدتها البورصة، سعت بورصة القيم بالدار البيضاء إلى الرفع من أدائها، وامتلاك الأدوات التي تساعدها على مواكبة تحولات السوق المالية، بتحديث البورصة وتسهيل ولوج المقاولات الصغرى والمتوسطة للتمويل عبر سوق البروصة.
وقد اعتبر النظام الجديد لبورصة الدار البيضاء خطوة متقدمة في اتجاه تحديث المالية المغربية وعصرنتها وفق المعايير الدولية، فهو يتضمن تدابير مهمة تمنح البورصة مزيدا من المرونة في وضع الأدوات الضرورية لتنمية السوق، ما سيمكن من التكيف الجيد مع انتظارات وتطلعات المصدرين والمستثمرين على الصعيدين الوطني والدولي .
ويحدد هذا النظام القواعد المتعلقة بإدراج الأدوات المالية للتسعيرة، وكذا قواعد إقامتها والتشطيب عليها، كما يحدد القواعد والإجراءات المسطرية المتعلقة بطريقة سير السوق الرئيسي والسوق البديل الخاصة بالسندات التي تصدرها المقاولات الصغرى والمتوسطة، حيث سيتوفر كل سوق على مقصورات مخصصة لمختلف أنواع الأدوات، علاوة على مقصورة خاصة بالمستثمرين المؤهلين، والذي من شأنه أن يسهم في تمويل المشاريع الكبرى للبنيات التحتية المعلن عنها بالمملكة.
وفي هذا السياق، جرى تحويل ثلاث أدوات مالية مدرجة بالبورصة، هي “أكما” و”ميكروداتا” و” إنفوليس”، منذ 23 دجنبر الجاري من السوق الرئيسي نحو السوق البديل.
فالنظام الجديد يتيح، أيضا، إمكانية إدراج سندات بالبورصة من قبل هيئات التوظيف الجماعي للقيم المنقولة، ومنها هيئات التوظيف الجماعي العقاري (OPCI)، المعتمدة من قبل صناديق المؤشرات المتداولة (ETF) .
وبمنطق الاستمرارية في الجهود المبذولة للنهوض بأداء بورصة الدار البيضاء، أحدثت هذه البورصة مقصورة جديدة تحمل اسم « Principal F »، في خطوة كبيرة إلى الأمام من أجل مزيد من الانفتاح بالنسبة للسوق المالية المغربية، وتحسين الولوج إلى التمويل بالنسبة للمقاولات متوسطة الحجم، من قبل سوق البورصة، وتمكينها من تجاوز تداعيات الأزمة الحالية.
خاصة وأن هذه الفئة من المقاولات لا يمكنها الاستجابة لمعايير ولوج المقصورتين الرئيسيتين للسوق A وB، ولا يمكن اعتبارها مقاولات صغيرة ومتوسطة مؤهلة للسوق البديلة.
فهذه الخطوة التي أشاد بها الكثير من الخبراء ومهنيي السوق، يشكل الإقدام عليها وسيلة مثلى لاستقطاب المقاولات حتى تتحفز لولوج البورصة، ولاسيما برنامج النخبة، وبعدها إطلاق عملية الإدراج.
وعلى مستوى آخر، فبورصة الدار البيضاء، وبتعاون واسع مع اللجنة العلمية للمؤشرات، أطلقت مؤشرا من الجيل الجديد ليعكس بشكل أفضل التداولات الجارية بسوق البورصة.
فهذا المؤشر، الذي أطلق عليه اسم (Morocco Stock Index 20-MSI20)، أتى استجابة لاحتياجات العاملين في السوق، وفي إطار استراتيجية تطوير منتجاتها وخدماتها، وتم تصميمه من الجيل الجديد حتى يعكس أداء سعر أهم 20 قيمة مدرجة ببورصة الدار البيضاء من حيث نسبة سيولتها، وذلك بهدف الاستجابة إلى تطلعات المستثمرين المهتمين بالقيم الأكثر سيولة، وتمثيل أفضل لتركيبة بورصة الدار البيضاء، من حيث تمازج الرسملة العائمة/الحجم، وتمثيل أهم القطاعات المدرجة.
ويأخذ هذا المؤشر في الاعتبار أفضل الممارسات الدولية، وكذلك خصائص السوق، ويروم تطوير العرض من المنتجات والخدمات التي تقدمها البورصة، إذ من المنتظر أن يصبح مقياسا سوقيا لبورصة الدار البيضاء شأنه شأن مؤشر مازي.
كما أولت البورصة أهمية كبيرة للتحسيس والنهوض بالتربية المالية عبر جهات المملكة، والتي جعلت منها أولوية من أولوياتها ومحورا ضمن محاور النهوض بسوق البورصة.
ومن أبرز المبادرات التي قامت بها في هذا الصدد، إطلاق مدرسة البورصة منذ سنة 2000، كوحدة داخلية بالبورصة، تضمن سنويا توفير أزيد من خمسين تكوينا موجها لفئات متعددة، إذ على مدى عشرين عاما تم تكوين زهاء 69 ألف شخص في مجال أدوات سوق البورصة.
وفي هذا الإطار، وقعت البورصة ووزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي يوم 13 نونبر الماضي اتفاقية شراكة تهدف إلى تشجيع التربية المالية وسط الطلبة.
وتتمحور اتفاقية الشراكة هاته حول ثلاثة مجالات، أولها التكوين في الثقافة المالية عن طريق مد الطلبة بموارد بيداغوجية رقمية وتنظيم تكوينات إشهادية في مجال المالية تم تطويرها من طرف المعهد البريطاني للأوراق المالية والاستثمار، فيما يهم المحور الثاني الترويج لسوق الأوراق المالية من خلال إنشاء “غرف تداول” داخل المؤسسات الجامعية وتنظيم “قافلة مدرسة البورصة” ومسابقة “التدبير الافتراضي للحوافظ”، أما المحور الثالث فيخص تشجيع البحث من خلال تنظيم جائزة بورصة الدار البيضاء لأفضل عمل بحثي.
وهي توفر إطارا ملائما لتشجيع نشر الثقافة المالية لدى طلبة الجامعات المغربية، وتسمح لهم باكتساب كفايات إضافية تغذي المعارف النظرية والتجارب التطبيقية، مما يمكنهم من آفاق أفضل للاندماج المهني، فضلا عن كونها تغني سوق الرساميل الوطنية بمهنيين ومستثمرين كثر، بما يكون له وقع على الاقتصاد بالمملكة.

***

اليقظة الاقتصادية في 2020.. حصن منيع في مواجهة الأزمة

إذا كانت أزمة فيروس “كورونا” المستجد (كوفيد -19) قد خلفت شللا غير مسبوق في جميع القطاعات، فإن اليقظة الاقتصادية بالمغرب شكلت خلال عام 2020 حصنا منيعا في مواجهة ظرفية اقتصادية واجتماعية صعبة.
فبعيد أيام فقط من اكتشاف أولى حالات الإصابة بهذا الفيروس (في 2 مارس)، تم إحداث لجنة اليقظة الاقتصادية التي تجلت مهمتها في تتبع تداعيات هذه الأزمة الصحية على الاقتصاد الوطني.
وقد قامت هذه اللجنة، التي تتألف من ثمانية أعضاء من الحكومة، وبنك المغرب، والمجموعة المهنية لبنوك المغرب، والاتحاد العام لمقاولات المغرب، وفدرالية غرف التجارة والصناعة والخدمات، وفدرالية غرف الصناعة التقليدية، بمراقبة دقيقة وصارمة لتطور الوضع الاقتصادي من أجل تحديد الإجراءات المناسبة من حيث مواكبة القطاعات المتضررة من هذه الأزمة.
وعقدت لجنة اليقظة الاقتصادية، في 16 مارس 2020، أول اجتماع لها، حيث أطلقت خطة عمل تمتد لثلاثة أشهر، وأعلنت عن مجموعة من التدابير، منها تعليق أداء المساهمات الاجتماعية (مساهمة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي)؛ وتأجيل سداد القروض البنكية لفائدة المقاولات، بغية مواكبة المقاولات والأخذ بعين الاعتبار تأثير تباطئ الأنشطة الاقتصادية على المواطنين والمأجورين والعاملين.
أما خلال اجتماعها الثاني (19 مارس)، فقد اتخذت لجنة اليقظة الاقتصادية حزمة من الإجراءات الاجتماعية لفائدة الأجراء الذين توقفوا عن العمل، وكذا الاقتصادية بالنسبة للمقاولات، لاسيما لفائدة المقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة.
وشملت هذه الإجراءات الملموسة والمطمئنة بشأن دعم الدولة في مواجهة أزمة كان الجميع يأمل أن تنتهي قبل متم شهر يونيو الماضي، استفادة جميع المأجورين من تعويض شهري ثابت وصافي قدره 2000 درهم، إضافة إلى تأجيل سداد القروض البنكية (قروض الاستهلاك وقروض السكن) إلى غاية 30 يونيو 2020.
كما قررت اللجنة، خلال هذا الاجتماع، تعليق أداء المساهمات الاجتماعية إلى غاية 30 يونيو 2020 ؛ وتأجيل سداد القروض البنكية وتلك المتعلقة بقروض الإيجار (leasings ) حتى 30 يونيو بدون أداء رسوم أو غرامات؛ إضافة إلى تفعيل خط إضافي للقروض تمنحها البنوك ويضمنها الصندوق المركزي للضمان .
وفي الشق الجبائي، أكدت اللجنة على أنه يمكن للمقاولات التي يقل رقم معاملاتها للسنة المالية 2019 عن 20 مليون درهم، الاستفادة من تأجيل وضع التصريحات الضريبية حتى 30 يونيو 2020 .
الولوج إلى التمويل : آليات الضمان من أجل إنقاذ الاقتصاد

شكل تسهيل ولوج المقاولات المتضررة بشدة من الأزمة الصحية إلى التمويل مصدر انشغال كبير بالنسبة للجنة اليقظة الاقتصادية، التي قدمت مجموعة من الحلول في هذا الصدد، منها إطلاق آلية جديدة للضمان على مستوى صندوق الضمان المركزي تحت اسم “ضمان أكسجين” ، وذلك في نهاية مارس 2020 .
ويهدف هذا المنتوج الجديد إلى تعبئة الموارد التمويلية للمقاولات التي عرفت خزينتها تدهورا بسبب انخفاض نشاطها. ويغطي 95 في المئة من مبلغ القرض، مما يمكن الأبناك من مد هذه المقاولات بقروض استثنائية لتمويل احتياجات أموال الدوران.
وبعد ثلاثة أشهر تقريبا، أطلق صندوق الضمان المركزي آليتين جديدتين للضمان وهما “ضمان إقلاع” و”إقلاع المقاولات الصغيرة جدا”، وذلك من أجل إنعاش نشاط المقاولات عبر ضمان القروض المخصصة لتمويل احتياجات الخزينة، وهي قروض واجبة السداد على مدى سبع سنوات، مع فترة مؤجل الاسترداد محددة في سنتين.
كما قررت لجنة اليقظة الاقتصادية، في أكتوبر الماضي، إحداث صنف جديد من منتوج “ضمان إقلاع” تحت اسم “ضمان إقلاع الإنعاش العقاري”، يهدف إلى مواكبة المنعشين العقاريين المتضررين بشدة من أزمة (كوفيد-19).
وسيمكن هذا المنتوج الجديد للضمان من مواكبة المنعشين العقاريين، الذين يستوفون معايير الاستحقاق المحددة لهذه الغاية، من خلال تقديم ضمانات قروض متوسطة وطويلة المدى تمكنهم من تغطية الاحتياجات التمويلية لإتمام مشاريعهم العقارية. ويفتح القرض، الذي يضمنه هذا المنتوج الجديد، بسقف أقصاه 50 مليون درهم لكل مشروع، لكل المشاريع التي استفادت بالفعل من قرض الإنعاش العقاري، وتلك التي اعتمدت فقط على التمويل الذاتي.

اهتمام خاص بالقطاع غير المهيكل

في سياق الأزمة الصحية غير المسبوقة، استفادت الأسر التي تعمل في القطاع غير المهيكل وأصبحت لا تتوفر على مدخول يومي بسبب الحجر الصحي، من مساعدة مالية تم منحها من موارد الصندوق الخاص بتدبير جائحة كورونا ( 800 درهم للأسر المكونة من فردين أو أقل، و 1000 درهم للأسر المكونة من ثلاثة إلى أربعة أفراد، و1200 درهم للأسر التي يتعدى عدد أفرادها أربعة أشخاص).
وكشفت لجنة اليقظة الاقتصادية خلال اجتماعها الخامس، في 20 أبريل 2020، أن توزيع هذه المساعدات المالية مكن من استفادة 200 ألف أسرة مسجلة في نظام “راميد” يوميا.

حان الوقت لإنعاش الاقتصاد

شهدت بداية شهر غشت الماضي نقاشا واسعا حول استئناف النشاط الاقتصادي، حيث عقدت لجنة اليقظة الاقتصادية اجتماعا تاسعا ت وج بالتوقيع على ميثاق الإنعاش الاقتصادي والشغل والعقد البرنامج 2020-2022 لإنعاش القطاع السياحي.
وقد أضفى هذا الميثاق طابعا رسميا على الالتزام المشترك بين الدولة والقطاع الخاص، الذي مثله الاتحاد العام لمقاولات المغرب والمجموعة المهنية لبنوك المغرب، بهدف إعادة إطلاق الدينامية الاقتصادية، والحفاظ على مناصب الشغل، وحماية صحة العمال، علاوة على تعزيز الحكامة الجيدة.
أما العقد البرنامج الخاص بقطاع السياحة، فيروم إعطاء دفعة قوية للقطاع وضخ دينامية جديدة فيه بهدف مواكبة انتعاشه وتحوله وتنويع سلسة قيمته.

Related posts

Top