توقيع كتاب « ذاكرة هوية ووطن.. مذكرات الداخلة» للحسن لحويدك

احتضن رواق وزارة الثقافة والاتصال بالمعرض الدولي للكتاب والنشر مؤخرا، حفل توقيع كتاب «ذاكرة هوية ووطن.. مذكرات من الداخلة» لمؤلفه الأستاذ الحسن الحويدك.
انطلقت فعاليات حفل التوقيع بقراءة مستفيضة لمضامين وقضايا ودلالات الكتاب من طرف الدكتور عبد الحكيم قرمان الباحث  في العلوم السياسية ورئيس الائتلاف المغربي للملكية الفكرية، حيث أبرز أهم القضايا الفكرية والأدبية والسوسيو ثقافية التي تضمنها هذا الإصدار القيم. وارتكزت هذه القراءة الأكاديمية على خمس زوايا أساسية :
اعتبار كتاب «ذاكرة هوية ووطن…مذكرات من الداخلة» بمثابة إعلان عن انبثاق نوع جديد من الكتابة التوثيقية التي تدخل في نطاق «كتابة السيرة الذاتية وتقديم شهادة على حقبة تاريخية محددة من تاريخ المجتمع» حيث أن الحسن لحويدك، تميز في مؤلفه باعتماد أسلوب يمزج ما بين الحكي وتقديم الشهادات الحية، ومعالجة الأحداث، واستعراض الوقائع بأسلوب جمعي مفتوح على ذاكرة المكان والفاعلين في تشكيل هذه الأحداث والوقائع، وهو أسلوب يتجاوز التوثيق المسترسل للأحداث والوقائع في قالب الحكي والسرد إلى استعراضها بشكل تفاعلي وحواري بإبراز مواقف وشهادات ووثائق، تقربنا ممن ساهموا في صنعها بشكل تفاعلي مفتوح على أسئلة الحاضر وباستشراف وتمثل واضح لرهانات وأفاق المستقبل.
الكتاب أيضا يبرز تجربة فكرية ونضالية وإنسانية غنية بالوقائع والمنجزات للكاتب في سياقاته المجتمعية والمجالية والسوسيو ثقافية. تجربة، وإن بدأت بصيغة الفرد في السرد، إلا أنها تستحضر وتبرز واقع وتمثلات وتطلعات جيل مخضرم وشبابي من أبناء الداخلة بشكل خاص، ومجمل الأقاليم الجنوبية للمملكة بشكل أعم، نحو أفق واعد للتنمية والمشاركة والتحديث والإبداع في كل مجالات الحياة. وهي الميزة الفكرية والإنسانية للجيل الجديد من أبناء الوطن عموما في كل الجهات، المتمثلة في الرغبة الأكيدة لهذا الجيل بأن ينهض بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية والرياضية والفنية والبيئية للبلاد، كي تتحقق أقصى درجات الاندماج والتكامل والتطور والارتقاء بالمواطن في كنف الوطن الحاضن لكل أبنائه  في مختلف الربوع بالداخل والخارج.
الكاتب الحسن الحويدك، أراد أيضا أن يسلط الضوء من خلال رصده لحقبة زمنية معينة من ذاكرة الداخلة والإقليم عموما إلى كل ما ترمز إليه الصحراء المغربية من عمق الانتماء والارتباط بهوية الوطن الأم، المملكة المغربية، من روابط الثقافة والعلم والفنون والعادات والتقاليد وقيم تمغربيت الضاربة في التاريخ والجغرافيا. وبهذا يجعلنا الكتاب أمام مسؤوليات مجتمعية كبرى تسائلنا وتدعونا كمغاربة إلى استحضار وإحياء الخصوصيات والمؤهلات الحضارية والثقافية والفنية المشتركة، واستثمارها كرأسمال لامادي غني وثري لاحم وموحد لكل مكونات وروافد الثقافة في قالب الهوية المغربية الضاربة في عمق التاريخ.
الكتاب أيضا، ينحو في تجاه قراءة التطورات والمتغيرات على الأرض من حقبة إلى حقبة، خلال الأربعة عقود المنصرمة، ويعتمد استقراء الوقائع بما تحقق من منجزات وبنيات وما رافق هذا التطور من تطورات على مستوى الأفكار والديناميات وبروز نخب جديدة تتفاعل في محيطها وتطرح قضاياها في قلب المشروع التنموي الجديد للوطن.
في الخلاصة، يطالعنا الكاتب الحسن لحويدك برؤيته وتصوراته، التي هي في نفس الآن تعبير جلي وصادق عن تطلعات جيل بكامله من أبناء الوطن، للمشاركة الفعلية والناجعة في مختلف أوراش البناء والنماء والترافع، والذود عن حوزة وسيادة الوطن بنفس الروح والقوة والالتزام والتطوع التي طبعت ملحمة استرجاع أقاليمنا الترابية عبر المسيرة الخضراء المظفرة. وهكذا، فإن الكتاب تضمن في بعده الاستشرافي تساؤلات وتطلعات استكمال ورش البناء والتنمية المستدامة بموازاة التحديث وتقوية البناء المؤسسي وتجويد الانجاز، وتحسين الحكامة وتقوية المقاربة التشاركية بين مختلف الأجيال من وطننا الحبيب لربح رهانات المستقبل.
بعد هذه القراءة التي لخص من خلالها، الدكتور عبد الحكيم قرمان مجمل القضايا والرسائل الدالة في الكتاب، قدم الكاتب الأستاذ الحسن لحويدك قراءته الخاصة لسياقات التأليف وانشغالات الكاتب والمواضيع التي حددها كمنطلق وكأفق للكتابة، وكمنهج التوثيق والمعالجة، حيث أورد في معرض حديثه، بأنه ارتأى من خلال كتاب: «ذاكرة هوية ووطن .. مذكرات من الداخلة»، أن يضع القارئ أمام عمل يطلعه على فترة تاريخية مهمة في مسار النزاع المفتعل حول مغربية الصحراء، والذي طال أمده وذلك من خلال هذه المذكرات الشخصية، والشهادات، والأنشطة، على المستويين الوطني والدولي، التي طبعت رصيد تجربة، اعتبرها مسيرة نضال وطني، امتدت من تاريخ التحاقه بمخيمات الوحدة بمدينة الداخلة في 1991، من أجل أداء الواجب الوطني المتمثل وقتئذ في المشاركة في الاستفتاء التأكيدي لمغربية الصحراء اعتبارا لانتمائه القبلي الصحراوي..
كما أشار إلى أنه يتوخى من خلال هذا العمل، الذي هو عصارة تجربة معيشة، أن يشكل إضافة نوعية إلى الذاكرة التاريخية الوطنية للمملكة المغربية لتكريس إذكاء الروح الوطنية، خاصة لدى الأجيال الحاضرة والمستقبلية، وأيضا أن يفيد المهتمين والباحثين بمعطيات ومعلومات تسلط الضوء على فترة مهمة ومرحلة ذات مكانة كبرى في مسار القضية الوطنية الأولى، من أجل تحصين الوحدة الترابية والوطنية بالصحراء المغربية. وأنه  احتراما لواجب التحفظ،  تعمد ذكر أسماء   صفات الأشخاص، وتحفظ عن ذكر آخرين عايشهم، عن قرب، معترفا لهم ببصماتهم  المشهودة في عدة مجالات، أو كذلك الذين لم يتجرؤوا على التعامل الإيجابي، إنما  كانوا سلبيين، بطريقة أو أخرى، بقصد أو بغير قصد، في ابتكار المبادرات الفعلية لحل مجموعة من القضايا، تاركا للقارئ هوامش ومساحات لاستنباط ذلك، خاصة أولئك الذين عايشوا معه فترات من هذه المراحل والمحطات التاريخية، فتقاسمها لحظات الضراء والسراء فيها.

Related posts

Top