ثلاثة رهانات في تحديد الموقف في الساحة الإسلاموية؟؟

في بلورة الموقف:

إن أي فعل سياسي هادف يعني بالأحرى، التأثير في آراء الناس وأفعالهم كجزء من الصراع الاجتماعي القائم. وعندما نقول بالصراع فذاك يعني تحديد الموقف من ذات الصراع… غير أنه يجب أن نعبر عن الموقف الديمقراطي منه لا أقل لا أكثر.
إن الهدف الرئيسي من بلورة الموقف هو: تحديد الرهانات التي نعتبرها ضرورية، وإن اتخاذ موقف منها ضروري للمشاركة في هذا النزاع / الصراع، إذا كان الإنسان يشعر بالمسؤولية إزاء ما يحدث، ويريد اتخاذ موقف مما يحصل لكي لا يبقى خارج النزاع المذكور…
الرهانات الثلاثة على المحك:

وإذن، وبناء على ما سبق، فإن الرهانات الثلاثة التي يدور حولها النزاع / الصراع، كما هو في اعتقادنا، هي كالتالي:
الرهان الأول: هو الرهان النظري أو العلمي.. ويمكن تلخيصه بسؤال والإجابة عنه: كيف نفهم اليوم المجتمعات العربية الإسلامية؟ كيف نفهم أزمة هذه المجتمعات؟؟ هذا رهان رئيس، لأن هناك صراعا على تحديد هذه المشكلات وتحديدها ينبع قسرا من اختيار المناهج في التحليل…
الرهان الثاني: رهان أخلاقي، بمعنى أن أحد أبعاد الصراع الراهن اليوم بالعالم العربي، بين الإسلاميين والحداثيين هو رهان أخلاقي قيمي يدور حول ماهية القيم التي نريد أن نطبقها في مجتمعاتنا؟؟ وما هو نوع القيم التي ستسود هذه المجتمعات؟؟.. نحن نتصارع لفرض قيم.. هذا بعد من أبعاد الصراع… هناك من يميل أكثر، وهذا واضح اليوم بصرف النظر عن الأسباب، إلى تطبيق منظومة من القيم مرتبطة ارتباطا رئيسيا بالإسلام.
وهناك من يعتقد أن القيم التي يمكن أن تنقذ مجتمعاتنا وتبقيها في الساحة العالمية في الدورة الحضارية الراهنة هي القيم العلمانية.
الرهان الثالث: هو الرهان السياسي بالمعنى الحقيقي للكلمة، لأنه يحاول تحديد نوعية النظام السياسي الذي نريد أن نطبقه في هذه المجتمعات؟؟ هناك صراع لتحديد هذا النظام (منذ قيام الدول العربية كأنظمة سياسية؟؟) ونوعه، وبالتالي تحديد طبيعة التحالفات الاجتماعية التي تريد أن تسيطر على هذا النظام. لأن كل نظام يفترض قسرا وجود تحالفات اجتماعية.
في المحصلة الغير نهائية:

على الصعيد العملي، يمكن القول: إن الرهان مهما تعدد، يشتد عندما يتعلق بالحرية والتهميش الاقتصادي. من الطبيعي أن يتمرد الذين حرموا وهمشوا اقتصاديا وأن يطالبوا بإعادة توزيع الثروة بشكل آخر…. لم يصبحوا معارضين لأنهم إسلامويون وأن الإسلام مازال يتحرك في سلوكهم… لا ثم لا أبدا.. نستطيع أن نفهم الحركة الإسلاموية اليوم بالمفاهيم الاجتماعية الحديثة أكثر بكثير من أن نفهمها من خلال نص ديني خضع على كل حال ويخضع باستمرار إلى تأويل الناس وإلى إعادة كتابته من قبل المجتمعات والجماعات المختلفة. والدليل أن هناك تأويلات وتفسيرات ومواقف مختلفة جدا أو متناقضة في الصف الإسلاموي نفسه…
وإذن، وبالنتيجة، هناك موقف يعتمد النقد اللاهوتي والنقد الإبستمولوجي والنقد التراثي لتفسير الواقع الراهن. وهناك اتجاه يعتمد النقد الاجتماعي (الذي نتشرف بالانتماء إليه) يحاول أن يفهم تاريخ المجتمعات من خلال المشاكل المطروحة على المجتمعات، وليس من خلال العودة إلى تراث هذه المجتمعات سواء كان تراثيا دينيا أم كان تراثا زمانيا أم تراثا لغويا… وهذا أعتبره أول موضوع من مواضيع النقاش الرئيسية في الوقت الراهن.

* ارتأينا إعادة نشر هذه المقالة بسبب ما شاب نشرها سابقا من ارتباكات وأخطاء غير مقصودة، مع الاعتذار لصاحبها الصديق عبد الله راكز ولقرائنا الأعزاء (المحرر)

بقلم: عبد الله راكز

Related posts

Top