جريمة في تيزنيت

الاعتداء الإجرامي البشع الذي شهدته تيزنيت، وراحت ضحيته سائحة فرنسية مسنة، هز المدينة الوديعة، وكل الرأي العام الوطني، وأثار عديد أسئلة.
بحسب التحقيقات الأمنية، فإن الجاني، الذي تم توقيفه، يعاني من مرض عقلي، وسبق أن كان مودعا بالمستشفى لهذا السبب، وهو ما يزيد من هول الانشغال بما وقع والخشية من تكراره.
الاستغراب الأول الذي نتج عما وقع في تيزنيت، يتعلق بوقوع الجريمة في وسط المدينة، وبمركز تسوق تحيط به مرافق مختلفة ويتواجد به الناس، ومع ذلك استطاع الجاني أن يلوذ بالفرار، وأن يبتعد بعشرات الكيلومترات ويصل إلى أكادير، وأن يحاول هناك أيضا ارتكاب جريمة ثانية والاعتداء على مواطنة بلجيكية، لا زالت تعاني من جروح جراء هذا الجرم.
هل نطرح هنا مسؤولية التغطية الأمنية بالمدينة وفعالية المراقبة؟
في السياق ذاته، ما لبث سكان تيزنيت وفعالياتها المحلية، منذ مدة، يلفتون إلى انتشار عدد من المرضى العقليين وتجوالهم بالمدينة، وبعضهم ينحدر من مناطق أخرى، وهذا الواقع يطرح مشكلة تربص الخطر بالسكان والزوار، وواقع الأمن والسلامة بالشارع العام.
وهذه مسؤولية السلطات المحلية والهيئات المنتخبة، ودورها في التحرك والترافع لحماية سلامة الناس من كل اعتداء.
الظاهرة ليست محصورة في تيزنيت أو أكادير، ولكن هي منتشرة في مختلف مناطق البلاد، وما يشاهده سكان تيزنيت في شوارعهم يوميا، هو تماما ما يعاينه سكان أقاليم ومدن أخرى، وهذا يطرح أولا، حق هؤلاء المرضى أنفسهم، المصابين بأمراض عقلية، في الحماية، وضرورة التكفل بهم وتحسين العناية بهم إلى أن يتم شفاؤهم بشكل كامل، وذلك عكس تجميعهم ثم توزيعهم في مدن ومناطق، وتركهم هناك لحالهم.
المشكل اليوم يوجد هنا، أي في واقع الصحة العقلية عندنا، أي في عدد الأطباء والممرضين المختصين، وفي المستشفيات والمصحات الخاصة وبنيات الاستقبال وعدد الأسرة الموجهة لهؤلاء المرضى، وأيضا في السياسة العمومية ذات الصلة بالصحة العقلية بشكل عام.
المصابون بأمراض عقلية هم في حاجة إلى الاستشفاء والتكفل والعلاج، وهم، في غياب ذلك، يتسببون في مشاكل، وربما مآسي، لأسرهم وذويهم، وقد يرتكبون جرائم في الشارع أو وسط عائلاتهم، وضد مواطنات ومواطنين، وفي حق أجانب وسياح، كما حدث في تيزنيت وأكادير، وتبعا لكل هذا، هناك مسؤولية واضحة وثابتة للحكومة والسلطات العمومية المكلفة بالصحة بهذا الشأن.
إن ما حدث في تيزنيت لا يشبه المدينة وأهلها، ولا يشبهنا كلنا، وجميعنا نستنكر الجريمة ونندد بها، ونترحم على الضحية الفرنسية ونتعاطف مع أهلها، وندعو للضحية البلجيكية بالشفاء، ونعتبر ما وقع يدعونا للإنكباب العاجل على ملف الصحة العقلية ببلادنا، وأن تقدم وزارة الصحة والحكومة بدائل حقيقية وناجعة من شأنها التكفل بالمرضى وعلاجهم، ومن ثم حماية سلامة الناس من الاعتداءات وتوفير الأمن للمواطنين والزوار  في كل جهات المملكة.

محتات‭ ‬الرقاص

[email protected]

الوسوم , ,

Related posts

Top