جفاف المنابع والضايات يعمق أزمة ساكنة منطقة الغرب

يعاني المغرب حاليا من إشكالية النقص الحاد في المياه نتيجة موجة الجفاف وقلة نسبة التساقطات المطرية خلال الموسم الماضي، وانحباسها أو تأخر تهاطلها خلال هذا الموسم. عديد مناطق جفت فيها منابع المياه والضايات وانحدر مستوى المياه بالأنهار، كما هو الشأن بمنطقة الغرب. وحينما يتسارع خطر الجفاف إلى مناطق سهل الغرب المعروف بزخم ثروته المائية، فذلك يعني أن الوضع ينذر بالأسوأ، وأن مجاعة المياه تزحف وقد تصبح حقيقة.

وهذا الأمر تترجمه هنا صور الساكنة القاطنة بالقرى الممتدة بمحيط العاصمة الرباط، والتي تعتمد على الفلاحة وتربية المواشي كمورد اقتصادي، حيث أصبحت تعيش أزمة الحصول على الماء، فالعديد من الآبار نضب ماؤها، والسواقي والضايات جفت. حينما تنظر إلى وجوه الأشخاص غالبيتهم يبدو القلق واضحا على محياهم، ونبرة الرهبة من المستقبل تلف آفاق الكثيرين وبعضهم أصبح يردد أن الرحيل عن القرية نحو المدينة ربما يكون هو الحل في حال استمر الحال على ما هو عليه.

الماء على مر العصور شكل عنصرا في إحداث الانتقال وفي هجرة عديد أماكن، مدن بكاملها هجرها سكانها مثلا على امتداد تخوم الأراضي الصحراوية بالجنوب المغربي، ولم يعد لها وجود بسبب زحف الجفاف، أسماء تلك المدن انمحت من الخريطة ربما لعوامل عديدة ولكن عامل الجفاف ونقص أو نضوب المياه كان العامل الرئيس.

تبعات نقص المياه قد يقول قائل إن الدولة تتحملها والتي عليها اعتماد استراتيجية وابتداع حلول لتمكين الساكنة من التوفر على حقهم في المياه، أساسا مياه الشرب وما تحتاجه الأنشطة الفلاحية ولو في أدنى مستوى لها، لكن يبدو أنه أمام هذه الإشكالية التي أصبحت بنيوية، المواطنات والمواطنين بمختلف فئات أعمارهم يتحملون بدورهم تبعات ذلك، وبات عليهم الحفاظ على المياه بالامتناع عن التبذير والاستغلال العشوائي.

وهذا ما أكد عليه جلالة الملك محمد السادس في خطابه الأخير أمام أعضاء البرلمان بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الثانية من الولاية التشريعية الحادية عشرة، حيث دعا جلالته “إلى أخذ إشكالية الماء، في كل أبعادها، بالجدية اللازمة، لاسيما عبر القطع مع كل أشكال التبذير، والاستغلال العشوائي وغير المسؤول، لهذه المادة الحيوية”.

كما أكد جلالته “أنه ينبغي ألا يكون مشكل الماء، موضوع مزايدات سياسية، أو مطية لتأجيج التوترات الاجتماعية، وأنه كلنا كمغاربة، مدعوون لمضاعفة الجهود، من أجل استعمال مسؤول وعقلاني للماء، منبها إلى أن الأمر يتطلب إحداث تغيير حقيقي في سلوكنا تجاه الماء. وعلى الإدارات والمصالح العمومية، أن تكون قدوة في هذا المجال”.

وشدد جلالته في هذا الصدد على التدبير الأمثل للطلب، بالتوازي مع ما يتم إنجازه، في مجال تعبئة الموارد المائية، ملفتا جلالته إلى أن “واجب المسؤولية يتطلب اليوم، اعتماد اختيارات مستدامة ومتكاملة، والتحلي بروح التضامن والفعالية، في إطار المخطط الوطني الجديد للماء، الذي ندعو إلى التعجيل بتفعيله”.

فنن العفاني- تصوير: رضوان موسى

Related posts

Top