جمهورية الكونغو الديمقراطية تفتح قنصلية عامة لها بالداخلة

افتتحت جمهورية الكونغو الديمقراطية، أول أمس السبت، قنصلية عامة لها بالداخلة، تعد تاسع تمثيلية دبلوماسية يتم تدشينها بحاضرة إقليم وادي الذهب في أقل من سنة.
وترأس حفل تدشين هذه القنصلية العامة وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، ونظيرته من جمهورية الكونغو الديمقراطية السيدة ماري تومبا نزيزا.
ومنذ بداية السنة الحالية، شهدت مدينة الداخلة دينامية دبلوماسية قوية بافتتاح القنصليات العامة لكل من غامبيا وغينيا وجيبوتي وليبيريا وبوركينا فاسو وغينيا بيساو، وغينيا الاستوائية، بالإضافة إلى هايتي، التي أضحت أول بلد غير عربي وغير إفريقي يفتح قنصلية في الصحراء المغربية.
وخلال ندوة صحفية مشتركة مع نظيرته من جمهورية الكونغو الديمقراطية، أكد ناصر بوريطة أن فتح قنصلية عامة لجمهورية الكونغو الديمقراطية بالمدينة يعتبر حدثا “مهما جدا” بالنظر إلى ثقل هذا البلد، وإلى المسؤوليات التي سيضطلع بها على مستوى الاتحاد الإفريقي، خلال ترؤسه له ابتداء من السنة المقبلة، مضيفا أن هذا الأمر مهم كذلك، لإنه جاء من طرف دولة وقفت دائما مع المغرب في قضيته الوطنية.
وسجل أن المغرب كان دائما يلمس من جمهورية الكونغو الديمقراطية هذا الموقف المناصر، مشيرا إلى أن السيدة تومبا نزيزا وفخامة الرئيس فيليكس أنطوان تشيسكيدي يعبران دائما في اجتماعات مجموعة (سادك)، بدون حرج وبشكل واضح، عن موقفهما الداعم لوحدة المغرب الترابية ولمغربية الصحراء.
وذكر بوريطة بأنه عندما غادر المغرب منظمة الوحدة الإفريقية سنة 1986 خرجت معه جمهورية الكونغو الديمقراطية، مشيرا إلى أن المغفور له جلالة الملك الحسن الثاني كان قد طلب من الرئيس آنذاك الرجوع إلى الاتحاد، لأن المغرب في حاجة إلى أصدقائه من الداخل للدفاع عن الشرعية الدولية وعن القانون الدولي، ولكن لمدة سنتين غادر هذا البلد منظمة الوحدة الإفريقية كتعبير عن عدم موافقته على الخرق السافر للقانون الدولي ولمواثيق المنظمة نفسها.
وأكد أن فتح هذه القنصلية اليوم يأتي في إطار هذا الموقف الثابث، ويأتي للتأكيد على أن هذا البلد ينضاف للدول الإفريقية الـ16 التي فتحت قنصلياتها في المناطق الجنوبية للتعبير بشكل واضح عن دعمها لمغربية الصحراء، مبرزا أن هذا الرقم سيرتفع لأن أغلب الدول الإفريقية اليوم لها وعي بأن هذا المشكل موروث عن حقبة أخرى وأن إفريقيا في غنى عنه.
وأضاف الوزير أن أغلب الدول الإفريقية تعي كذلك أن هذا المشكل يعتمد على موقف متجاوز الآن، وأن دعم مغربية الصحراء ودعم الحكم الذاتي كحل وحيد لهذا النزاع الإقليمي، هو الذي سيمكن الدول الإفريقية من تصحيح الخطأ الذي ارتكبته في حق القارة سنة 1984 بقبول كيان وهمي لا يتوفر على أسس قانونية وسياسية ليكون كيانا معترفا به.
وأشار السيد بوريطة إلى أن موقف جمهورية الكونغو يأتي كذلك في السياق الذي اشتغل عليه صاحب الجلالة الملك محمد السادس، خلال السنوات الأخيرة لدعم مغربية الصحراء بالمواقف والاتفاقيات الدولية وبفتح القنصليات، التي بلغ عددها اليوم 19 قنصلية، علاوة على الافتتاح المستقبلي لقنصليتي الأردن والولايات المتحدة، ليبلغ العدد 21 قنصلية.
من جهة أخرى، ذكر السيد بوريطة بالقرار الأمريكي “التاريخي” بفتح قنصلية في الداخلة، ليبلغ عدد القنصليات في هذا المدينة عشر قنصليات، مما يجعل من المدينة مركزا قنصليا مهما، مسجلا أن الداخلة تعتبر ممرا استراتيجيا على الصعيد الدولي، لاسيما بين أوروبا وإفريقيا، وهذا ما يبوؤها بمكانة هامة، ستزيد من وتيرة تطور المدينة، بمعية النموذج التنموي الجديد الذي أطلقه صاحب الجلالة، وستجلب استثمارات وفرص شغل وتنمية اقتصادية واجتماعية.
وأضاف أن أبناء المنطقة الذين اختاروا تأكيد انتمائهم لهذا الوطن والاشتغال على تنمية منطقتهم، يجنون اليوم هذه الثمار بالدعم الدولي وبالمواقف المشجعة، كما سيجنونه على المستوى الاقتصادي والاجتماعي من خلال المشاريع التنموية.
وأكد وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج أن العلاقات بين المغرب والكونغو الديمقراطية، هي علاقات “قوية وتاريخية”، مبنية دائما على تضامن فعال وملموس على كل المستويات، موضحا أن المغرب كان حاضرا في المحطات الكبرى التي بصمت تاريخ الكونغو، ومشيرا إلى أن هذا الحضور كان دائما من منطلق التضامن والإيخاء، ومن منطلق الدفاع على الوحدة الوطنية والترابية لهذا البلد.
وأضاف الوزير أنه منذ عهد المغفور لهما جلالة الملك محمد الخامس، وجلالة الملك الحسن الثاني، واليوم مع جلالة الملك محمد السادس نصره الله، كانت مسيرة التضامن والتعاون بين البلدين متواصلة بدون انقطاع.
وأشار إلى أن أول مشاركة للمغرب في عملية لحفظ السلام كانت في جمهورية الكونغو الديمقراطية، خلال ستينات القرن الماضي، مبرزا أن هذه هي الروح التي يتبعها صاحب الجلالة الملك محمد السادس مع فخامة الرئيس فيليكس أنطوان تشيسكيدي، بنفس منطق التضامن والأخوة الصادقة، إذ يوجد اليوم بجمهورية الكونغو الديمقراطية أكثر من 900 جندي مغربي في إطار عملية حفظ السلام بهذا البلد الشقيق.
وأضاف السيد بوريطة أنه لما اندلعت الأزمة بسبب وباء كوفيد -19، حرص جلالة الملك على أن تكون جمهورية الكونغو الديمقراطية من أول الدول المستفيدة من العملية التضامنية التي قام به المغرب تجاه أكثر من 25 دولة إفريقية.
من جهة أخرى، قال السيد بوريطة إنه تم الاتفاق مع السيدة تومبا نزيزا، خلال المباحثات التي جمعتهما بالرباط، على مواصلة السير في نفس إطار توجيهات جلالة الملك وفخامة الرئيس الكونغولي، والبناء على هذا التضامن والتاريخ المتميز للعلاقات الثنائية، لإضفاء طابع ملموس عليها، من خلال إجراءات ومشاريع.
وأضاف أنه تم الاتفاق على رفع منح التكوين (من 70 منحة إلى 150 منحة)، والتعاون في مجال الفلاحة والصيد البحري والطاقات المتجددة والمجال الطبي، وتم الاتفاق كذلك على عقد اللجنة المشتركة بين البلدين، خلال شهر ماي أو يونيو من السنة المقبلة في كينشاسا، على أن تكون الاجتماعات التحضيرية في بداية السنة المقبلة.
وأشار إلى أنه تم الاتفاق كذلك على تنظيم منتدى لرجال الأعمال بموازاة مع اللجنة المشتركة، لأن جمهورية الكونغو الديمقراطية تتوفر على مؤهلات كبيرة، مبرزا أنه، في إطار رؤية جلالة الملك للتعاون جنوب -جنوب والتعاون بين الدول الإفريقية، يمكن أن يكون التعاون المغربي -الكونغولي نموذجا لتعاون فعال بين الشركاء والفاعلين في القطاعين العام والخاص، بالنظر إلى الأرضية الخصبة التي توفرها العلاقات الثنائية.
وسجل أن جمهورية الكونغو الديموقراطية هي دولة مهمة على المستوى الإفريقي، مشيرا إلى أنه، من منطلق التضامن الذي يحرص عليه جلالة الملك، أكد للوزيرة “دعم جلالته لكل الإجراءات والتدابير التي يتخذها فخامة الرئيس تشيسكيدي، لدعم الاستقرار والتنمية في هذا البلد، سواء في إطار الحوار السياسي الداخلي أو في إطار كل التدابير التي يتخذها”.
من جهة أخرى، قال السيد بوريطة إن المغرب يهنئ جمهورية الكونغو الديمقراطية بمناسبة ترؤسها للاتحاد الإفريقي، ابتداء من العام المقبل ولمدة سنة، مضيفا أن هذه الرئاسة ستبوئ البلد مكانة مهمة، وستجعل منه ومن فخامة الرئيس تشيسكيدي فاعلا أساسيا في مجموعة من القضايا التي تهم القارة.
يذكر أن مدينة الداخلة شهدت، منذ بداية السنة الحالية، دينامية دبلوماسية قوية بافتتاح القنصليات العامة لكل من غامبيا وغينيا وجيبوتي وليبيريا وبوركينا فاسو وغينيا بيساو، وغينيا الاستوائية، بالإضافة إلى هايتي، التي أضحت أول بلد غير عربي وغير إفريقي يفتح قنصلية في الصحراء المغربية. وتميزت مراسم افتتاح القنصلية العامة لجمهورية الكونغو الديمقراطية، على الخصوص بحضور السفير المدير العام للوكالة المغربية للتعاون الدولي محمد مثقال ووالي جهة الداخلة – وادي الذهب عامل إقليم وادي الذهب لمين بنعمر، ورئيس المجلس الجهوي الخطاط ينجا، بالإضافة إلى منتخبي الجهة ورؤساء المصالح الخارجية وشخصيات مدنية وعسكرية.

Related posts

Top