حظر التدخين ومنافسة السوبرماركت وراء احتضار الحانات في إنجلترا

 تراجعت أعداد الحانات في إنجلترا وويلز إلى أقل من 40 ألفا، حيث بلغت تحديدا 39 ألفا و973 بحسب تحليلات شركة “أطلس” للاستشارات العقارية خلال شهر يوليو. ويأتي هذا العدد أقل بواقع 7000 عن العدد الذي تم تسجيله في العقد الماضي، والأهم من ذلك، أن العدد يمثل أقل عدد من الحانات يتم تسجيلها بالمقارنة مع أيّ وقت مضى.

ويأتي التراجع الحاد في أعداد الحانات كمفاجأة، حيث أن الحانات تعتبر في النهاية قلب المجتمعات وروحها هناك، كما أنها المكان الذي يلتقي فيه الأصدقاء وأفراد العائلة لتناول الطعام سويا خلال لقاء يوم الأحد من أجل الشواء. وهي المكان الذي يقوم الزملاء ومجموعات الرياضيين فيه بالترويح عن أنفسهم بعد عناء العمل الشاق.

ومن المرجح أن يجد المرء حانة في قرية إنجليزية أكثر من ترجيح عثوره على كنيسة أو متجر، أو على الأقل هذا هو الانطباع الذي يوجد لدى الكثير من السائحين، الذين تعتبر زياراتهم إلى الحانات جزءا أساسيا من رحلتهم.

وأعداد الحانات التي تم تسجيلها مؤخرا تشير إلى صورة مختلفة تماما، وهي صورة دراماتيكية إلى حد ما.

يشار إلى أن “موت الحانات” بدأ منذ فترة طويلة، على ما يبدو. كما أدى تفشي جائحة كورونا خلال العامين الماضيين إلى تعزيز هذا الاتجاه، حتى رغم أن المملكة المتحدة كانت من بين الأماكن الأولى في العالم التي رفعت القيود التي يتم فرضها على أنشطة الحياة الليلية وعلى المطاعم بعد انتشار حملات التطعيمات الواسعة.

وتعتبر أسباب تراجع أعداد الحانات متعددة، ومن بينها: حظر التدخين، ووجود مشروبات كحولية أرخص في متاجر السوبرماركت، والتغير الذي طرأ على سلوكيات شرب الكحوليات، وغيرها الكثير.

مشروب باهظ الثمن

وفي الوقت نفسه، يشكو أصحاب الحانات من فرض الضرائب على منتجات الجعة، والتي تعد من بين الضرائب الأعلى في العالم. كما تضرّرت الحانات مؤخرا أيضا بشكل غير مباشر، بسبب الإضرابات التي يتم تنظيمها في خدمات السكك الحديدية ببريطانيا، ممّا أدى إلى وجود عدد أقل من الركاب على الطرق، وتراجع أعداد الأشخاص الذين يتجولون في وسط المدينة.

ويقول كلايف واتسون، وهو مؤسس سلسلة حانات “سيتي باب غروب” في لندن، إن ذلك تسبب في خسارته 25 في المئة من حجم إيراداته.

ولكن قبل كل شيء، يؤدي التضخم الهائل إلى عرقلة جهود التعافي من النتائج المترتبة على تفشي جائحة كورونا، حيث ارتفع التضخم إلى أعلى مستوى له منذ عقود، كما ارتفعت أسعار الطاقة والسلع بشكل كبير.

ووجدت الاتحادات التجارية مثل “الجمعية البريطانية للجعة والحانات” و”المعهد البريطاني للحفاظ على الحانات والضيافة في المملكة المتحدة”، أن نسبة الحانات التي تعمل وتحقق هامش ربح هي أعلى بقليل من الثلث، وتحديدا 37 في المئة.

وقالت إيما مكلاركين، الرئيسة التنفيذية لـ”الجمعية البريطانية للجعة والحانات”، “لقد تجاوزنا للتو أصعب عامين في تاريخنا بوصفنا قطاعا، ونحن

الآن بصدد مواجهة تحدي التكاليف باهظة الارتفاع، حيث صارت في الوقت الحالي شركة واحدة فقط من بين كل ثلاث شركات ضيافة تحقق أرباحا”.

قلة الزبائن تفزع المستثمرين

ويقوم أصحاب الحانات بتحويلها إلى شقق سكنية أو مساحات مكتبية بدلا من تأجيرها. وعادة ما تكون المساحات في موقع مركزي، مما يجعلها جذابة جدا، وقد اختفت نحو 200 حانة في إنجلترا وويلز منذ أواخر عام 2021 فقط، بحسب إحصاءات شركة “أطلس” للاستشارات العقارية.

وتطالب الصناعة حاليا بتجديد المساعدات الحكومية، حيث يأتي ذلك جزئيا بسبب انتهاء الدعم المرتبط بالجائحة، مثل خفض معدلات ضريبة القيمة المضافة، وضرائب الممتلكات التجارية المجمدة.

وقالت مكلاركين إنه “من الضروري أن نحصل على مساعدات لتخفيف هذه الضغوط، وإلا فإننا نجازف بالفعل بأن نفقد المزيد من الحانات في كل عام”.

وفي إشارة إلى الدور المركزي الذي تقدمه الحانات للمجتمعات قال مركز “لوكاليس” للأبحاث إن الذهاب إلى الحانة يعد بالنسبة إلى الكثير من الناس وسيلة لترك منازلهم ومقابلة الأصدقاء والجيران. أو بعبارة أخرى، إنه مكان لتجنب الشعور بالوحدة والعزلة الاجتماعية.

وحذر مركز “لوكاليس” من أنه في حال تم فقدان الحانات، ولاسيما في المناطق الريفية، فقد يعرض ذلك النسيج الاجتماعي للخطر. وأشارت مكلاركين إلى أن الإحصاءات الأخيرة ترسم “صورة مدمرة” للقرى والبلدات والمدن البريطانية، بينما تفقد هذه المساحة الرئيسية، مضيفة أنه “عندما تضطر الحانات إلى الإغلاق، فإن ذلك يمثل خسارة كبرى للمجتمع المحلي”.

Related posts

Top