خالد الناصري: ملف الصحراء المغربية ملف وطني يتملكه كل المغاربة

أكد خالد الناصري عضو الديوان السياسي لحزب التقدم والاشتراكية أن ملف الصحراء المغربية ملف وطني يتملكه كل المغاربة، وهي ميزة أساسية بالنسبة للمغرب خلافا للجزائر التي يعتبر ملف الصحراء بالنسبة لها ملف دولة وليس ملف الشعب.
وأضاف الناصري الذي كان يتحدث في ندوة حول موضوع “مستجدات القضية الوطنية بين الفعل ورد الفعل”، نظمها فرع حزب التقدم والاشتراكية أكدال الرياض، أول أمس بالرباط، أن البوليساريو هي مجرد أداة في يد العسكر والمخابرات الجزائرية ولا تملك قرارها بيدها.
وتطرق خالد الناصري إلى السياق التاريخي لملف الصحراء المغربية، مشيرا إلى أن الملف في ستينيات القرن الماضي، كان مدرجا في الأمم المتحدة ضمن ملفات تصفيات الاستعمار، لكن بعد خروج الاستعمار الإسباني، وبعد المسيرة الخضراء سنة 1975، واتفاقية مدريد سنة 1976، تحول الملف إلى نزاع جهوي.
وأوضح القيادي الحزبي أن الأمم المتحدة التي تدبر الملف اقتنعت، بعد مسار طويل، أن تقرير المصير عبر الاستفتاء بات مستحيلا وغير ذي جدوى، مما يفرض إعادة النظر في تسمية “المينورسو”، مبرزا أن المغرب أظهر، انطلاقا من القانون الدولي، أن تقرير المصير لا يتم فقط عبر الاستفتاء، بل هناك خيارات أخرى كالانضمام أو الحكم الذاتي.
وأورد خالد الناصري أن الخلاف القوي مع الأمين العام للأمم المتحدة يكمن في كون هذا الأخير تجرأ على الحقوق الوطنية للمغرب، وليس له الحق في ذلك، في الوقت الذي كان عليه أن يتقيد بمرجعية الأمم المتحدة ومجلس الأمن، مشيرا إلى أنه، منذ سنة 2007، ظهر عنصر جديد في تدبير الملف، وهو مقترح الحكم الذاتي الذي اقترحه المغرب، والذي وصف بأنه يتسم بالجدية والمصداقية والواقعية، مؤكدا أن كل خروج عن هذا المنطق هو غير مقبول، وهو ما فعله بان كي مون عندما ذهب إلى تندوف وإلى المنطقة العازلة.
وقال خالد الناصري “إن القرار الأخير لمجلس الأمن، حتى وإن لم نقل إنه انتصار للدبوماسية المغربية، فهو بالتأكيد ليس فشلا، بقدر ما هو فشل الجهة التي راهنت على إرباك المغرب وكانت تراهن على أن يقدم التقرير دعما للأمين العام وأن يوسع صلاحيات المينورسو لتشمل مراقبة حقوق الإنسان”، مشيرا إلى أنه في المقابل أقر التقرير الأخير بجدية وواقعية المقترح المغربي.
في السياق ذاته، أشار المتحدث إلى أن ملف الصحراء المغربية هو جزء من مخطط كبير يستهدف الانقضاض على العديد من الدول العربية كما الحال بالنسبة للعراق وسوريا وليبيا والسودان، لكن المغرب، في نظره، استطاع أن يصمد أمام هذا المخطط بفضل قناعة أمته.
وشدد عضو الديوان السياسي لحزب التقدم والاشتراكية على أن المغرب يعلب دورا حاسما في المنطقة، إذ يقوم بتدبير جدلية الإصلاح والاستقرار، وهي الجدلية التي يحرص على بلورتها في الأقاليم الجنوبية للمملكة من خلال إقرار النموذج التنموي الجديد والقطع التدريجي، في الوقت ذاته، مع منطق الريع الذي كان سائدا، على اعتبار أن القضية الوطنية لا تباع ولا تشترى.
من جانبه، قال عبد الفتاح بلعمشي مدير المركز المغربي للديبلوماسية الموازية، “إن ملف الصحراء المغربية، عرف مؤخرا نوعا من التدبير الأممي الذي لم نكن متعودين عليه في علاقتنا مع الأمم المتحدة وبالآليات التي عودتنا عليها”، مشيرا إلى أن مسألة الفعل ورد الفعل، كما ورد في موضوع الندوة، لم تكن مطروحة بنفس الحدة المطروحة بها اليوم خاصة مع المشكل الذي تورط فيه الأمين العام للأمم المتحدة الذي وصف المغرب بـ “البلد المحتل” وهو الوصف الذي لم تجرأ لا الجزائر ولا جبهة البوليساريو على الإدلاء به في الأمم المتحدة، حيث يتم اعتماد مفهوم “الإقليم الذي لا يتمتع بحكم ذاتي”، مؤكدا على أن المغرب، لأول مرة، خرج من منطق رد الفعل إلى المواجهة وأصبح يترافع انطلاقا من القانون الدولي.
وأضاف بلعمشي، أنه عندما أخطأ الأمين العام الأممي، كان هناك اختبار للإجماع الوطني، الذي اتضح أنه أصبح أكثر من أي وقت مضى، حيث تحرك الجميع، حكومة وبرلمانا وشعبا للتعبير، في ردة فعل واحدة موحدة، عن غضب الأمة قاطبة.
وذكر عبد الفتاح بلعمشي أن المغرب اتخذ قرارا إيجابيا لأول مرة في تاريخ النزاع، وذلك بسحب جزء من بعثة “المينورسو”. وهو الموقف، يضيف المتحدث، الذي كانت فيه جرأة ونوع من الدبلوماسية الهجومية، مما أفشل مخططات خصوم المغرب الذين كانوا يراهنون على إدراج الملف تحت المادة السابعة من ميثاق الأمم المتحدة.
ووصف بلعمشي القرار الأخير لمجلس الأمن بـ “الانتصار التكتيكي” للمغرب على اعتبار أن أقصى ما يمكن أن يؤدي إليه هو الرجوع إلى ما قبل زيارة بان كي مون إلى مخيمات تندوف، أي إلى ما كان عليه الوضع سنة 2015.
وأشار المتحدث  إلى أن المغرب بات يعتمد في سياسته الخارجية على تنويع مجالات تصريف قضاياه الوطنية، وبات له وزن دولي على اعتبار أنه شريك أساسي في تدبير المخاطر الأمنية، وهو أيضا الشريك الأساسي الوحيد الذي ينعم بالاستقرار في المنطقة، كما استطاع أن يطور بعده الإفريقي، ولم يعد يعتمد في تعامله مع الدول الأفريقية على العلاقات السياسية بل على العلاقات الاقتصادية، عكس ما تقوم به الجزائر التي تعتمد في علاقاتها مع الدول الإفريقية على الدعم العسكري.

محمد حجيوي

Related posts

Top