خبراء مغاربة العالم يناقشون الترابط بين الماء والطاقة والأمن الغذائي

مواصلة لجهوده الرامية للاستثمار في كفاءات مغاربة العالم من أجل الإسهام في مواجهة ندرة المياه وآثار التغيرات المناخية، عقد مجلس الجالية المغربية بالخارج “اجتماع فريق الخبراء وكفاءات مغاربة العالم حول الترابط بين الماء والطاقة والأمن الغذائي”، بمشاركة كبار الخبراء المختصين من كفاءات مغاربة العالم والخبراء الأجانب، وذلك في إطار المناظرة الدولية العاشرة حول “الري الموضعي في عصر الابتكار التكنولوجي والتحول الرقمي” المنظمة تحت الرعاية السامية لجلالة الملك محمد السادس، والتي احتضنتها مدينة الداخلة المغربية.

وتميز اللقاء بإثارة الدكتور عبد الله بوصوف، لموضوعات جديدة في ارتباط بآثار التغيرات المناخية. فبعد أن ذكر بما يقوم به المجلس من أجل ضمان استفادة المغرب من كفاءاته المهاجرة في مجالات الطاقة والزراعة وإدارة الموارد المائية، وباللقاء والندوات التي عقدها المجلس مع كفاءات مغاربة العالم بهذا الشأن، أشار د.عبد الله بوصوف إلى تأثيرات الاحتباس الحراري وندرة المياه والاحترار العالمي على أنماط الهجرة وارتفاع وتيرتها، سواء تعلق الأمر بالهجرة من القرى إلى الحواضر أو من بلدان الجنوب إلى دول الشمال، الأمر الذي أفرز ظاهرة الهجرة البيئية، محذرا من إمكانية تطور الأمر إلى حد الوصول إلى “اللجوء البيئي” على المستوى العالمي في حال استمرار السياسات الدولية في تجاهل ضرورة القيام بالإجراءات اللازمة الكفيلة بالتقليل من أسباب وآثار التغيرات المناخية. ولفت إلى أهمية نهج الترابط بين الماء والطاقة والأمن الغذائي، وإلى ضرورة التحلي بالمسؤولية أمام البيئة والأجيال الحالية والقادمة والتخلي عن الاستغلال المنفلت للطبيعة ومواردها الحيوية.

أما في ما يتعلق بـ”اجتماع فريق الخبراء وكفاءات مغاربة العالم حول الترابط بين الماء والطاقة والأمن الغذائي”، فقد تناول إشكالية هامة وذات راهنية، تتعلق بنهج التكامل والترابط بين الماء والطاقة والأمن الغذائي، والذي اعتبر الخبراء المشاركون أن اعتماده في السياسات العمومية من شأنه حل إشكالية تدبير الموارد المائية وضمان الأمن المائي والغذائي والطاقي.

استهلت أعمال اجتماع فريق الخبراء بمداخلة للدكتور محمد بنصالح، الأستاذ الباحث، والمكلف بمهمة في مجلس الجالية المغربية بالخارج، محددا سياق ودواعي انعقاد المؤتمر الدولي واجتماع الخبراء، والذي يروم الاستفادة من كفاءات مغاربة العالم والخبراء والباحثين المختصين في تقديم حلول بديلة ومبتكرة لتحقيق الأمن المائي والغذائي والطاقي، باعتبار أن التلازم بين الماء والغذاء والطاقة يستوجب الاستثمار في البحث العلمي ونقل المعرفة وتوطين التكنولوجيات الخضراء، خاصة مع حدة مخاطر الاحتباس الحراري والتغيرات المناخية، وسياسات دولية لا تضع ضمن برامجها حماية البيئة وتحقيق التنمية المستدامة، في سياق باتت فيه معظم بلدان العالم مهددة بشبح شح المياه الذي يفرض العمل على توفير الأمن المائي والغذائي.

وأضاف الدكتور بنصالح أنه في سياق طفرة الثورات التكنولوجية والتحولات الرقمية، ثمة إمكانية لتجاوز هذه الصعوبات، من خلال استثمار هذه التحولات والابتكارات في مواجهة آثار التغيرات المناخية وتوالي سنوات الجفاف وتراجع معدلات التساقطات المطرية والنمو السكاني المتزايد وما يرافقه من ارتفاع للطلب على الموارد وسوء التدبير ومن التوسع العمراني على حساب الأراضي الصالحة للزراعة، ما يستلزم تغيير أنماط الإنتاج والاستهلاك و تدبير الموارد، ويتطلب إيجاد حلول ناجعة ونظم مبتكرة تكفل الحق في الماء وفي الغذاء وفي التنمية للأجيال الحالية والمستقبلية.

ثم تحدثت الدكتورة اسمهان الوافي، كبيرة العلماء في منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة “الفاو”، حيث أثنت على مبادرة مجلس الجالية المغربية بالخارج بشأن عقد اجتماع الخبراء في هذا الموضوع بالغ الأهمية، داعية إلى الاعتماد على المعرفة والتخصص العلمي في صنع السياسات العمومية على مستوى قطاعات الماء والطاقة والغذاء، من أجل رفع التحديات البنيوية والمستجدة في هذه المجالات.

كما قدّمت المديرة العلمية لمنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة معطيات إحصائية مهمة حول الموارد المائية والزراعية وتطوراتها وتحولاتها على الصعيد العالمي، وذلك حتى يبنى النقاش في اجتماع الخبراء على بيانات وأرقام دقيقة، مشيرة إلى الضغط الكبير الذي تتعرض له الموارد المائية في معظم المناطق في العالم، خاصة مع الاستعمالات غير المعقلنة لها، الأمر الذي يهدد الأمن الغذائي ويستلزم ترشيد الاستعمال ووضع سياسات وآليات عملية من أجل حماية الموارد المائية والزراعية والنظم البيئية على المستوى الدولي، مذكرة بمساهمة الزراعة في الإجهاد المائي، ما يفرض إيجاد حلول مبتكرة وتكنولوجية لاستعمال المياه في الري والمحافظة على الموارد المائية وتحقيق الأمن المائي والغذائي.

إثر ذلك، تدارس الخبراء المشاركون ومن زاوية علمية دقيقة محور “الترابط بين المياه والطاقة والأمن الغذائي في المغرب وسؤال الحكامة: تقويم واستشراف”، في جلسة علمية أدارتها الدكتورة رشا القادري، أستاذة الهيدرولوجيا والجيولوجيا المائية والاستشعار الفضائي، ومديرة مختبر الهيدرولوجيا في جامعة تينيسي بالولايات المتحدة الأمريكية، وتحدث فيها الدكتور جواد الخراز، عضو الجمعية الأوروبية لتحلية المياه والرابطة الدولية لتحلية المياه، والمدير التنفيذي للمركز الإقليمي للطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة، حيث أكد أن مقاربة الترابط بين المياه والغذاء والطاقة تنشد تعزيز كفاءة الترابط بأكمله بدلا من زيادة إنتاجية قطاعات معينة على حساب قطاعات أخرى، مشيرا أن الترابط يمكن من دعم الانتقال إلى الاقتصاد الأخضر، وكذا إلى أهمية إتاحة البيانات ونمذجة الترابط لتبيان الأهمية الاقتصادية والبيئية لتطبيقه على أرض الواقع لأصحاب القرار على وجه الخصوص، موضحا أن ذلك يتطلب استجابة مؤسساتية بين القطاعات ذات الصلة وتنسيقا على مستوى السياسات، فضلا عن أن تنفيذ الترابط يستوجب توجيه التدخل التكنولوجي لتحسين كفاءة و فعالية استغلال الموارد، من خلال استخدام أحدث الابتكارات في قطاع الزراعة من استخدام لبيانات الاستشعار الفضائي، واستخدام الطاقات المتجددة وأحدث تقنيات تحلية المياه على سبيل المثال، باعتبار أن دمج تحلية المياه مع الطاقة المتجددة فرصة فريدة للمضي قدما في تنفيذ واستخدامات الطاقات المتجددة، فضلا عن أن هناك أمثلة ترابط أخرى في المغرب كضخ مياه الري باستخدام الطاقة الشمسية، وإنتاج الكهرباء من السدود، ومعالجة مياه الصرف الصحي وإعادة استخدامها للري بالاستعانة بالطاقات المتجددة.

واستنتج الدكتور الخراز خلال مداخلته ان تقدم مشاريع الترابط الحالية في المنطقة المتوسطية كمشاريع (REGEND ،MINARET ، المشاريع الممولة منPRIMA، إلخ)، دليل على جدوى توسيع نطاق المشاريع التجريبية وتكرارها في منطقة البحر الأبيض المتوسط. ويجب أن تساهم هذه المشاريع في إصلاح السياسات العامة من حيث الحوافز الاقتصادية، وحجم الاستثمار في الترابط، والمعرفة الجديدة للاستدامة. إلى جانب ذلك، ما تقدمه هذه المشاريع من دليل على أهمية واجهة العلوم والسياسات.

وقال الدكتور الخراز إن الترابط ليس لغزا وليس حلا فالتنسيق الذكي عبر القطاعات جزء من المعادلة، لكن السر يكمن في الذكاء التفصيلي لدعم اتخاذ القرار وتسريع انتقال الطاقة وزيادة حصة الطاقة المتجددة، خاصة في قطاع المياه (تحلية المياه، إعادة الاستخدام)، والعمل على أمثلة عملية لإظهار كيف يمكن للترابط أن يساعد المغرب على تحقيق أمن المياه والطاقة، على أن نضع في الاعتبار من الآن فصاعدا في المغرب، يضيف الدكتور الخراز، العلاقة بين الماء والهيدروجين، حيث أن ذلك سيتطلب جهودا كبيرة في البحث والتطوير، وقد بدأت بعض المؤسسات البحثية بالفعل في الانخراط في هذا المسلسل مثل ” IRESEN ” وجامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية.

أما الدكتور محمد بازة، الخبير الدولي في المياه، والمستشار السابق في حكامة المياه الجوفية لدى منظمة اليونسكو، والخبير السابق في منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة، فقد ذكر بارتفاع الطلب على المياه والطاقة والغذاء، مما يقلص الموارد المائية، خاصة وأن الزراعة هي المستهلك الأكبر للمياه بنحو (70 في المائة كما تستهلك 30 في المائة من الطاقة. وعليه فمتطلبات الطاقة في أفق 2050 يتطلب أكثر من 60 في المائة، مما يخلق منافسة كبيرة بين القطاعات ومع القطاعات الأخرى. وبالتالي يتمثل التحدي الثاني في تنفيذ مفهوم منظمة الأغذية والزراعة للعلاقة بين الماء والطاقة والأمن الغذائي. واسترسل الدكتور بازة في الحديث عن التفاعلات بين القطاعات الثلاث المترابطة (NEXUS) ) في المغرب، وسياسة دعم الطاقة ثم الطاقة الشمسية في إطار الإستراتيجية الوطنية للنجاعة الطاقية.

وخلص الدكتور بازة إلى أن مفهوم الترابط Nexus) ) يثير تحديات حوكمة معقدة، معتبرا أن الجوانب الأكثر ثراء وعمقا لنظرية الحوكمة مفقودة إلى حد كبير في مقاربة الترابط (NEXUS)، ما يؤدي إلى فصل مقاربة الترابط عن عمليات صنع القرار وصنع السياسات التي يسعى في النهاية إلى التأثير فيها، مع الإشارة إلى أن فعالية الترابط (nexus)  تعتمد إلى حد كبير على حكامة القطاعات المعنية والروابط بينها، وإلى أن إدارة المياه هي الأكثر أهمية في هذا السياق، وذلك من خلال حكامة فعالة للماء، مع إدماج الروابط بين المياه والقطاعات الأخرى.

من جهته، أبرز محمد سينان، عضو الأكاديمية الفرنسية للماء، والخبير الدولي في مجال هندسة المياه والتدبير المندمج للموارد المائية والتكيف مع التغيرات المناخية، فقد أبرز في مداخلته التفاعلات بين المياه والطاقة والزراعة والنظم البيئية الطبيعية في المغرب مع تحديد القيود والتحديات وتحليل درجة التنسيق بين السياسات والاستراتيجيات المتبعة في المغرب، مشيراً إلى بعض التوجهات الإستراتيجية لتعزيز الإدارة المتكاملة لقطاعات EEAES)  ) في المغرب وفق مقاربة الترابط الثلاثي  NEXUS)).

أما الدكتور محمد بوعام، الخبير في الهندسة القروية، والمشرف السابق على مشاريع الماء لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة في المغرب، فقد استعرض مختلف الدراسات والمشاريع التي قامت لها منظمة “الفاو” في المغرب مع مختلف الشركاء، فتم العمل على التنسيق بين مختلف المتدخلين والمستعملين لقطاع الماء في مجالات والسياحة والصناعة والماء الشروب، ودراسة تحليل كيف إيجاد تنسيق بين المتدخلين مشيرا إلى نتائجها . وموضحاً أن البرامج المشتغلة بالمغرب خصوصا بمنطقتي برشيد وسوس ماسة وشمال أفريقيا والمنطقة المتوسطية، ومجال تطبيق الترابط(NEXUS) ) ومقارباته المختلفة والذي يعدّ أداة يستوجب التطوير وحكامة التدبير واعتماد سيناريوهات متعلقة بالري الزراعي والمجال الطاقي وفقا للدراسات الميدانية المنجزة.

بعد ذلك، استعرض المشاركون محور “الخبرات والتجارب الناجحة للترابط بين المياه والطاقة والأمن الغذائي على المستوى الدولي”، في جلسة علمية أدارها الدكتور الحسين برطالي، الرئيس الفخري للجنة الدولية للهندسة القروية والنظم الحيوية، وشارك فيها كل من الدكتور رجب رجب، رئيس اللجنة الدولية للري وصرف المياه، والزميل الرئيسي في الهيدرولوجيا وإدارة الموارد المائية بمركز المملكة المتحدة للبيئة والهيدرولوجيا في المملكة المتحدة، والدكتور فيدرو زازيوتا، الأمين العام للجنة الدولية للهندسة الزراعية والبيولوجية CIGR))، والرئيس السابق للأكاديمية الدولية لهندسة النظم الزراعية والحيوية (IAABE) والأستاذ الفخري للهندسة الزراعية والبيولوجية بجامعة فلوريدا في الولايات المتحدة الأمريكية، وكذا الدكتور أليساندر وماتيتزي، أستاذ مشارك في معهد أبحاث الجيولوجيا GRI) ) في جامعة ميسيسيبي بالولايات المتحدة الأمريكية، والباحث الرئيسي في المجلس القومي للبحوث CNR-Italy) ) في فلورنسا وفي معهد الاقتصاد الحيويIBE) ) بإيطاليا، والدكتور وي ليانغ تان، نائب رئيس الجمعية الدولية للاستدامة الزراعية IAAS))، والأستاذ في جامعة سنغافورة للإدارة، الذي استعرض تجربة دولة سنغافورة، محللا العلاقة بين المياه والطاقة والأمن الغذائي، ومؤكدا على وجوب فهم هذا الترابطnexus ) )، أي فهم العلاقات المتداخلة بين المياه والطاقة والأمن الغذائي، فهناك تداعيات مثيرة للاهتمام لكل ما ينبع من هذا الفهم أو عدمه. وبذلك اختارت سنغافورة شراء معظم طعامها، ما يقرب من 90 في المائة، قبل قرارها الأخير إنتاج 30 في المائة من طعامها بحلول سنة 2030 (تسمى خطة 30×30)، خاصة بعد وباء كوفيد19 والتغيرات الجيوسياسية التي تهدد سلاسل الإمداد الغذائي، حيث تأكد أن آلية اشتغال الترابط (nexus) في سنغافورة تعني أنها لا تستطيع إنتاج طعامها، خصوصا وأن هناك المزارع الصغيرة لا تنتج ما يكفي لإطعام الأمة المتنامية، وأن تغطية حاجيات المياه الصالحة للشرب تتم من خلال شراء المياه الخام من جارتها ماليزيا، مشيرا إلى أن فهم الصلة بين الماء والغذاء والطاقة يؤكد الحاجة إلى الهياكل الأساسية والتكنولوجيا والتمويل من أجل أساليب زراعية جديدة تضمن تقليل انبعاثات الكربون والطاقة، حيث ضرب الدكتور وي ليانغ تان أمثلة على ذلك من قبيل قرار سنغافورة بتطوير نظام تمويل بيئي حيوي ومستدام لدعم تحول آسيا إلى مستقبل منخفض الكربون.

أما الجلسة العلمية الثالثة، فقد تمحورت حول “التكنولوجيات الجديدة والذكاء الاصطناعي والأمن الغذائي والمائي”، وأدارها الأمين العام للجنة الدولية للهندسة الزراعية والبيولوجية الدكتور “فيدروزازيوتا”، الأستاذ الفخري في جامعة فلوريدا، وعرفت مشاركة الدكتورة رشا القادري، أستاذة الهيدرولوجيا والجيولوجيا المائية والاستشعار الفضائي بجامعة تينيسي في الولايات المتحدة الأمريكية، والدكتور محمد وهبه، الخبير في تقييم التقنيات الحديثة في إدارة مياه الري والباحث السابق بالمركز القومي للبحوث في مصر، والدكتور محمد بليندة، خبير في مجال المياه والبيئة، والأستاذ السابق في جامعة نيس وجامعة باريس، والذي أكد أن توسيع الإدارة المتكاملة للموارد المائية تشمل تفاعلات الماء مع الغذاء والطاقة والنظم البيئية، ذلك أن 830 مليون شخص لا يملكون ما يكفي من الغذاء. و 2.1 مليار شخص لا يحصلون على مياه الشرب.و 760 مليون شخص لا يحصلون على الكهرباء. وبحلول عام 2035، سيرتفع الاستهلاك العالمي للطاقة بنسبة 35 في المائة و سيزداد الطلب العالمي على المياه بنسبة 85 في المائة ،كما سيزداد إنتاج الغذاء العالمي بنسبة 60 في المائة . ولتجنب التفاعلات السلبية لأهداف التنمية المستدامة، وتحديداً الهدف الثاني من أهداف التنمية المستدامة الذي يهم القضاء على الجوع، والهدف السادس من أهداف التنمية المستدامة الخاص بالحصول على المياه للجميع، وهدف التنمية المستدامة السابع، المتعلق بالحصول على الكهرباء للجميع، فإن الأمر يستوجب تدخلات السياسات المنسقة لإدارة الطلبات المتنافسة على الموارد الطبيعية، وإلى استخدامات الإدارة المتكاملة للموارد المائية حتى يصير استخدام المياه أكثر كفاءة واستدامة، ويمتد ذلك إلى المقاربة المشتركة بين القطاعات مع نهج النظام الإيكولوجي والتفكير في وضع معايير (Nexus) لاختيار وإدارة المشاريع المخصصة للمياه من أجل تحديد تدابير الترابط في حالة التفاعل الإيجابي وتدابير التخفيف في حالة التفاعل السلبي.

وأدار الدكتور رجب رجب، رئيس اللجنة الدولية للري وصرف المياه، جلسة علمية في موضوع “دور التحكم في التقنيات الحديثة في الحفاظ على الموارد المائية”، ساهم فيها كل من الدكتور ماركو أرسييري، الخبير في فلسفة نظم المحاصيل وعلوم البيئة وتطوير تقنيات مبتكرة لإدارة الموارد المائية من أجل تحقيق الإنتاج المستدام للمحاصيل، وضمان الأمن الغذائي، في ظل ظروف زيادة ندرة المياه وتغير المناخ، والمسؤول في وزارة السياسات الزراعية والغذائية والغابات بإيطاليا، وكذا الخبير المغربي الدكتور يوسف بروزين، مدير منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في المعهد الدولي الإدارة المياه IWMI)) بالقاهرة.

وتناولت الجلسة الخامسة والأخيرة موضوع ” الانتقال الرقمي والتكوين والتكوين المستمر في مجالات المياه والزراعة إدارة الجلسة” سيرها الدكتور نور الدين دريوش، أستاذ باحث في المعهد المتوسطي للزراعة، باري بإيطاليا، وتحدثت فيها الدكتورة دلال نجيب، مديرة تطوير القدرات العلمية والهندسية في الأكاديمية الأمريكية للعلوم والهندسة والطب، والدكتور أحمد لكروري، الأستاذ الباحث ونائب رئيس الجامعة للشؤون الأكاديمية والعلاقات الدولية بجامعة كراند بسام في كوت ديفوار، والدكتور عبد الغني شهبوني، الأستاذ الباحث في جامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية، وعضو الأكاديمية المكسيكية للعلوم، ورئيس المعهد الدولي لبحوث المياه، ومدير البحث من أجل التنمية بتولوز في فرنسا، ثم الدكتور توفيق افتيتة، الأستاذ الباحث في الإنتولوجيا وأنثروبولوجيا الري بجامعة نيس، وعضو المجلس الوطني للجامعات بفرنسا.

وقد أكد المشاركون في الجلسة إلى أن الترابط بين المياه والطاقة والغذاء يعد وسيلة لتحسين قرارات استغلال الموارد والمساهمة في النمو المستدام، والهدف المشترك هو تعزيز العمل بسياسات تقلل المفاضلات بين هذه الموارد الثلاثة الهامة وتجويد أمنها واستغلالها بتآزر وفي وقت واحد. وقد طور المغرب خبرة جيدة في هذا المجال وتمكنت مؤسساته من تكوين الكثير من المهنيين المؤهلين حتى على المستوى الدولي، وخاصة من قارتنا الإفريقية. وترتكز هذه الإنجازات بشكل أكبر في المجالات العلمية والتقنية للمياه والطاقة والفلاحة مع بعض الغياب للجوانب المتعلقة بالعلوم الاجتماعية. وهو لذلك يوصي بوجوب تنفيذ المقاربات والوسائل الحديثة واعتماد التقنيات الفعالة، بعد تكييفها مع الواقع المغربي، مع إعطاء العلوم الاجتماعية المكانة التي تستحقها جنبًا إلى جنب مع العلوم الطبيعية والهندسية في إدارة مكونات الترابط الثلاثة وتفاعلاتها. بالإضافة إلى ذلك، ينبغي تعزيز العمل الميداني والتفاعل مع مختلف أصحاب المصلحة في البرامج الأكاديمية ومشاريع البحث من أجل التنمية، الأمر الذي يتطلب مهارات في العلوم الاجتماعية.

لقد كان “اجتماع فريق الخبراء وكفاءات مغاربة العالم حول الترابط بين الماء والطاقة والأمن الغذائي”، الذي نظمه مجلس الجالية المغربية بالخارج، من بين أهم فعاليات المؤتمر وأكثرها إثارة للاهتمام بين الخبراء والباحثين والمهتمين، ما يفسر تركيز “إعلان الداخلة حول تحديات تدبير ندرة المياه” الذي توج أعمال المناظرة الدولية العاشرة حول “الري الموضعي في عصر الابتكار التكنولوجي والتحول الرقمي”، على موضوعه ومخرجاته، حيث أشاد الإعلان الصادر عن المشاركين في المناظرة الدولية بـ”العناية الملكية بالأمن المائي والغذائي والطاقي والنظم البيئية” وعبروا “عن استعدادهم للإسهام العلمي والتقني في رفع التحديات المرتبطة بالتغيرات المناخية وندرة المياه وتأمين الاحتياجات المائية والغذائية والطاقية وتحقيق أهداف التنمية المستدامة”، داعين إلى “حوكمة المياه وتبني نهج التكامل بين الماء والغذاء والطاقة من خلال سياسات عمومية مندمجة وأكثر استباقية من أجل تحقيق الأمن المائي والغذائي والطاقي وحماية النظم البيئية”، وإلى “خلق فضاء للنقاش العلمي والتخطيط والتفكير الجماعي بين الخبراء المغاربة والدوليين في مجالات الماء والغذاء والطاقة، بما في ذلك خبراء وكفاءات مغاربة العالم في هذه المجالات”، و”تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص في مجال الترابط بين المياه والطاقة والغذاء لتلبية الاحتياجات المائية والغذائية المتزايدة، وبالتالي المساهمة في توازن أفضل بين المناطق الحضرية والقروية”.

يشار أن مجلس الجالية المغربية بالخارج أطلق سلسلة من المشاورات، وفق محاور موضوعاتية دقيقة، مع مختلف الخبراء المغاربة ومغاربة العالم في مجال نضوب المياه والتغيرات المناخية والطاقات البديلة تبعا لحالة “الطوارئ المائية “المعلنة من قبل الحكومة، ثم نظم ملتقى خاصا حول الحكامة في تدبير مع إشكالية الندرة المياه وتحديد التحديات والأولويات، يليه ملتقى سبر أغوار الترابط الثلاثي بين القطاعات الثلاث  الماء والطاقة والأمن الغذائي.

  • محمد التفراوتي

Related posts

Top