خبراء من مختلف الآفاق يعددون مظاهر التلاقح الفكري في ظل الحضارة العربية الإسلامية

احتضنت كلية أصول الدين بتطوان تظاهرة علمية دولية من تنظيم شعبة الفلسفة والفكر الإسلامي والحضارة ومركز دراسات الدكتوراه الدراسات العقدية والفكرية في الغرب الإسلامي يومي 02 و03 نونبر 2022م.

شارك في أشغال هذه الندوة الدولية أساتذة أكاديميون يمثلون مؤسسات جامعية دولية (جامعة كوبنهاكن – الدانمارك، جامعة مونيستر – ألمانيا، جامعة لوفان – بلجيكا، جامعة سانتا كلارا – كاليفورنيا، جامعة قطر) وجامعات وطنية (جامعة عبد المالك السعدي – تطوان؛ جامعة السلطان مولاي سليمان – بني ملال؛ جامعة القرويين – فاس؛ جامعة محمد الخامس – الرباط؛ جامعة سيدي محمد بن عبد الله – فاس؛ ومراكز علمية دولية (المنتدى العالمي للوسطية -الأردن-).

استغرقت فعاليات الندوة مدة يومين 02 و03 نونبر 2022م، وفق برنامج اشتمل على جلسة ومحاضرة افتتاحية، وثلاث جلسات علمية وجلسة ختامية.

الجلسة الافتتاحية

انعقدت الجلسة الافتتاحية برئاسة السيد نائب عميد كلية أصول الدين، تطوان فضيلة الدكتور محمد زين العابدين الحسيني، واستهلت الجلسة بتلاوة آيات بينات من الذكر الحكيم، تلتها كلمة السيد نائب رئيس الجامعة الذي نوه بجهود كلية أصول الدين لاحتضانها لمثل هذه الفعاليات العلمية المهمة، وتناولها لمواضيع جديدة. بعدها ألقى السيد عميد كلية أصول الدين الدكتور محمد التمسماني كلمة رحب فيها بالضيوف الكرام، ونوه بموضوع الندوة العلمية، وبدور الدكتورة كريمة نور عيساوي في إنجاحها. كما رحب ترحيبا خاصا بالدكتور أحمد شحلان  المحتفى به والمكرم وضيف الشرف في هذه الندوة،  وقدم السيد رئيس شعبة الفلسفة والفكر الإسلامي والحضارة الدكتور أحمد الفراك كلمة بدوره أشاد فيها بجهود كلية أصول الدين ثم رحب بالضيوف وبالمشاركين، بعدها ألقت الدكتورة كريمة نور عيساوي، منسقة الندوة، كلمة أبرزت من خلالها أهمية موضوع الندوة وخصوصيته مشيرة إلى دور جامعة عبد المالك السعدي في تشجيع البحث العلمي الجاد، كما رحبت خلالها بالمحتفى به الدكتور أحمد شحلان وبالأساتذة المشاركين من الجامعات الدولية والوطنية وبالحضور الكريم المتابع للندوة.

وخلال هذه الجلسة تم عرض شريط فيديو  حول حياة الأستاذ الدكتور أحمد شحلان يبين مساره العلمي والمناصب العلمية التي تقلدها، وكذا مؤلفاته وكتبه وإسهاماته العلمية، وختمت الجلسة الافتتاحية بتكريم الأستاذ الدكتور أحمد شحلان بدرع سلمه له السيد عميد كلية أصول الدين.

المحاضرة الإفتتاحية

انعقدت بعد هذه الجلسة محاضرة افتتاحية ترأسها الأستاذ الدكتور محمد زين العابدين الحسيني الذي قدم توطئة بين يدي المحاضر ثم أعطى الكلمة لفضيلة الدكتور أحمد شحلان لإلقاء محاضرته في موضوع: “أهمية التعارف المعرفي وواجب النظر”.

الجلسة العلمية الأولى:

انتقلت فعاليات الندوة إلى الجلسة العلمية الأولى التي ترأسها فضيلة الأستاذ الدكتور توفيق الغلبزوري الذي ألقى كلمة افتتاحية رحب خلالها بالأستاذ المكرم الدكتور أحمد شحلان وبمنسقة الندوة الدكتورة كريمة نور عيساوي وبالأساتذة المحاضرين وبالضيوف والمتابعين للندوة من أساتذة وباحثين، ونوه بموضوع الندوة مشيرا إلى مفهوم التلاقح الذي هو على وزن تفاعل والذي يدل على الأخذ والعطاء، بعدها أعطى الكلمة للدكتور سعيد شبار لتقديم مداخلة بعنوان: “التلاقح الفكري في الإسلام، مفاهيم مؤسسة”، فأشار خلال مداخلته إلى بعض المفاهيم منها: مفهوم التوحيد، والعدل، والحرية، وخلص إلى نتيجة مفادها أن الإسلام رسالة تلاقح وتعايش بامتياز، وختم مداخلته بدعوة الباحثين للاهتمام بهذه المصطلحات والمفاهيم.

بعد ذلك انتقلت الكلمة للدكتور أحمد فرحان أستاذ بجامعة ابن طفيل – القنيطرة لتقديم مداخلة في موضوع: “مكانة أبي بشر متى بن يونس في تاريخ الفلسفة الإسلامية”، تحدث فيها الباحث الجامعي عن إسهامات المسيحيين السُريان، وأشار إلى أن الفلسفة الإسلامية نشأت نتيجة مناظرات حية بين عقائد وأفكار مختلفة، وذكر مناظرة أبي سعيد السيرفي ومتى بن يونس أنموذجا، والتي مثلت مظهرا من مظاهر التلاقح الفكري، وخاصة في قضية أساسية، وهي قضية علاقة المنطق بالنحو، وشكلت هذه الأخيرة محور اهتمام الفلاسفة من المتقدمين والمتأخرين، أمثال الفارابي وابن سينا وغيرهم…

ثم تناول الكلمة الدكتور عبد الله صبيح الأستاذ بجامعة كوبنهاكن – الدنمارك، ليقدم مداخلة في موضوع: “المعرفي والإديولوجي في المنهج الثلاثي لمقارنة الأديان السماوية: دراسة تحليليلة لنصوص القرقساني والحريزي وابن كمونة”، بحيث ذكر د. صبيح في مداخلته أهمية مقارنة الأديان السماوية، وإشكالية المرجعية المعرفية واختلاف المفاهيم بين الديانات، وأشار إلى ضرورة الاهتمام بالجدل الديني من طرف الباحثين، وختم مداخلته بإلقاء الضوء على مفهوم التلاقح موضوع الندوة العلمية وذكر أنه مفهوم بيولوجي يدل على تبادل المنافع.

وختمت الجلسة العلمية الأولى بمداخلة الدكتور أحمد عبد السلام أستاذ بجامعة مونستر-ألمانيا في موضوع: “الزواج في اليهودية والإسلام، أحد أوجه التلاقح والجدل”، حيث خلص المتدخل إلى نتيجة مفادها أن هناك تقاربا شديدا بين قوانين الزواج في الإسلام وفي اليهودية، وذكر أن هذا التقارب حدث نتيجة التعايش المباشر، الذي ترجم إلى عرف ثم مأسسة شرعية. وختم الدكتور توفيق الغلبزوري هذه الجلسة العلمية مشيرا إلى أهمية الموضوع الأخير لما له من علاقة مباشرة مع موضوع الندوة.

الجلسة العلمية الثانية

في اليوم الثاني انعقدت الجلسة العلمية الثانية برئاسة الدكتور مصطفى بوجمعة الأستاذ بجامعة عبد المالك السعدي كلية أصول الدين الذي رحب بالمشاركين وبالضيوف الكرام ونوه بجهود اللجنة المنظمة وفي مقدمتهم الدكتورة كريمة نور عيساوي منسقة الندوة مشيرا إلى أهمية هذا الموضوع، وأعطى مباشرة الكلمة للدكتور: إدريس اعبيزة الأستاذ بجامعة محمد الخامس – الرباط لتقديم مداخلة في موضوع: “فعل الثقافة العربية الإسلامية في الفكر اليهودي في اللغة والأدب والفلسفة”، أبرز المتدخل خلال مداخلته استفادة اليهود من الحضارة العربية الإسلامية عامة، ومن الحضارة الأندلسية خاصة، بحيث تبلورت هذه الاستفادة على ثلاث مستويات:

المستوى الأول: المستوى اللغوي.

المستوى الثاني: المستوى الأدبي.

المستوى الثالث: المستوى الفلسفي التفسيري.

بعد ذلك أخذ الكلمة الدكتور عياد أبلال الأستاذ بجامعة سيدي محمد بن عبد الله لتقديم مداخلة في موضوع: “تأثير الفلسفة الإسلامية في التفكير الديني اليهودي”. وذكر الدكتور في مداخلته مستويات هذا التأثير الذي أجمله في أربعة مباحث.

المبحث الأول: مبحث الإلهيات.

المبحث الثاني: مبحث الطبيعيات.

المبحث الثالث: مبحث المنطق.

المبحث الرابع: مبحث الأخلاق

وأحال إلى بعض النماذج التي تؤكد هذا التأثير.

بعدها أعطى رئيس الجلسة الكلمة للدكتور حاتم أمزيل الأستاذ بجامعة سيدي محمد بن عبد الله  – فاس لتقديم مداخلة بعنوان: “ابن ميمون والرشدية اليهودية”، تحدث الباحث في مداخلته عن التأثير والتأثر والتلاقح في تاريخ الغرب الإسلامي، وأشار إلى أن ابن ميمون أعطى وجودا جديدا لفكر ابن رشد  في الحضارة اليهودية.

ثم أحيلت الكلمة للدكتور أحمد الفراك الأستاذ بجامعة عبد المالك السعدي – تطوان لتقديم مداخلة في موضوع: “أثر الغزالي في الفكر الديني والفلسفي بالمغرب والأندلس”، استهل  المتدخل مداخلته بدعوى أن الإمام الغزالي هو أستاذ في الفكر العربي الإسلامي وأستاذ في الفكر الإنساني، واستدل على هذه الدعوى من خلال مضمون ورقته البحثية.

وألقى فضيلة الدكتور يوسف بلمهدي الأستاذ بجامعة قطر مداخلة عن طريق التحاضر عن بعد في موضوع: “جدل النبوات بين الأديان والشرائع: منهج لترسيخ ثقافة الحوار وتعميق الوعي بالذات والآخر”، حيث انطلق المتدخل من مجموعة من التساؤلات، وأشار إلى سبب اختيار مبحث النبوات موضوع مداخلته.

وختمت الجلسة بمداخلة عن بعد أيضا  للدكتور حسن علي مبيضين، عضو المنتدى العالمي للوسطية – الأردن في موضوع: “تجليات الجدل اليهودي الإسلامي في ظل الحضارة العربية الإسلامية”، ذكر الدكتور في مداخلته مجموعة من النقاط الأساسية منها: قضية الاعتراف بالآخر فكرا وثقافة، وحقيقة اليهود وحقيقة جدالهم وغير ذلك.

الجلسة العلمية الثالثة

انتقلت فعاليات الندوة الدولية مباشرة إلى الجلسة العلمية الثالثة، برئاسة فضيلة الدكتور أحمد الفراك. واستهلت الجلسة بمداخلة فضيلة الدكتور سعيد كفايتي الأستاذ بجامعة سيدي محمد بن عبد الله – فاس في موضوع: “ثاودوروس أبي قرة والجدل المسيحي الإسلامي”، فبعد التحية والشكر قدم الدكتور المحاضر أهم المحاور التي سيتحدث عنها في ورقته البحثية والتي تدور حول موضوع الجدل المسيحي الإسلامي، وذكر ثاودوروس أبو قرة كنموذج على ذلك.

ثم أحيلت الكلمة للدكتور مصطفى أمادي الأستاذ بجامعة عبد المالك السعدي لتقديم مداخلته في موضوع: “دور اليهود في نقل التراث العربي الإسلامي إلى الغرب المسيحي”، تحدث فضيلة المتدخل عن التلاقح الفكري بين اليهود والمسلمين وإسهامه في نقل التراث العربي الإسلامي إلى الغرب المسيحي.

بعدها أعطى رئيس الجلسة الكلمة للدكتور محمد أديوان نائب رئيس جامعة القرويين بفاس لتقديم مداخلة في موضوع: “دور الوساطة الفكرية العربية الإسلامية في نقل التراث الإسلامي إلى أوربا” استهل الباحث مداخلته بكلمة شكر، ثم عرض أهم محاوره ضمن ورقته البحثية التي هدف من خلالها إلى  إبراز دور الوساطة الفكرية العربية في نقل التراث العربي الإسلامي إلى الغرب المسيحي.

وعن طريق التحاضر عن بعد قدم فضيلة الدكتور التيجاني بولعوالي الأستاذ بجامعة لوفان -بلجيكا- مداخلة في موضوع: “المجادلات المبكرة بين اللاهوتيين المسيحيين والعلماء المسلمين”، تحدث عن الجذور التاريخية للعلاقات بين المسلمين والمسيحيين الموثقة ضمن المصادر السريانية المسيحية مناقشة بعض الصور البارزة في الوثائق غير العربية في بعض المفاهيم التي ذكر ثلاثا منها، وهي: الإسلام، نبوة محمد، القرآن الكريم، وحاول خلال ورقته الإجابة عن هذه الإشكالية.

وختمت الجلسة بمداخلة ألقاها فضيلة الدكتور كلوفيس كرم الأستاذ بجامعة سانتا كلارا -كاليفورنيا- في موضوع: “الدور الريادي لعلماء المدرسة المارونية في روما 1584 في نهضة الحضارة العربية في المشرق العربي والغرب”، بحيث عبر عن سعادته لمشاركته في هذه الندوة الدولية، ووجه شكرا خاصا لمنسقة الندوة الدكتورة كريمة نور عيساوي، ثم قدم ورقته البحثية بعرضها على شرائح العرض  باللغة الإنجليزية.

الجلسة الختامية

اختتمت فعاليات الندوة الدولية في موضوع :”مظاهر التلاقح الفكري في ظل الحضارة العربية الإسلامية” في جلسة ترأسها السيد عميد كلية أصول الدين فضيلة الدكتور محمد التمسماني، فقدم خلالها كلمة جدد فيها الشكر للضيوف خاصة فضيلة الدكتور أحمد شحلان، وللجهة المنظمة للندوة ولمنسقتها الدكتورة كريمة نور عيساوي مشيدا بدورها الفعال في إنجاح هذه الندوة، ثم ألقى فضيلة الدكتور أحمد شحلان كلمة جدد خلالها الشكر للجنة المنظمة ولكلية أصول الدين في شخص عميدها، معبرا عن فرحته العارمة بوجوده في هذا المحفل العلمي المتميز وبهذه الكلية العامرة، كلية أصول الدين بتطوان، ثم تفضل الأستاذ الدكتور محمد علا بكلمة باسم الضيوف باعتباره عضوا في اللجنة المنظمة لهذه الندوة الدولية، وقدم رئيس شعبة الفلسفة والفكر الإسلامي والحضارة فضيلة الدكتور أحمد الفراك باعتباره الجهة التي أشرفت على تنظيم هذه التظاهرة العلمية والتي عرفت نجاحا كبيرا، وشارك في الجلسة الختامية أيضا الأستاذ الدكتور زين العابدين الحسيني فأثنى بدوره على جهود كلية أصول وجدد الشكر للجهة المنظمة وللمشاركين والحضور الكريم، وختاما قرأ الطالب الباحث بلال بكور التوصيات التي تفضل بها السادة الأساتذة والباحثون ومما جاء ضمنها: طبع أعمال الندوة بصيغة ورقية ورقمية، الانفتاح على الجامعات الأجنبية وذلك بإرسال وفود من الطلبة لدراسة اللغة الإغريقية، الدعوة إلى ترجمة التراث الإسلامي المسيحي والتراث الإسلامي اليهودي إلى اللغات الحية إلى جانب الدعوة إلى عقد ندوة وطنية في موضوع: “الحوار الديني بين اليهود المغاربة والمسلمين”، العمل على إنجاز موسوعة علمية تهتم بهذا التلاقح، وختمت الندوة الدولية كما بدأت بتلاوة آيات بينات من الذكر الحكيم.

تقرير: الطالب الباحث نور الدين أهياط

Related posts

Top