خبراء يؤكدون على أهمية الاستثمار في نظام لإدارة استمرارية الأعمال بالمؤسسات التشريعية خلال فترة الأزمات

أكد المشاركون في ندوة افتراضية نظمها مجلس المستشارين، الأربعاء، حول مزايا نظام مواصلة الأعمال، على أهمية الاستثمار في نظام لإدارة استمرارية الأعمال بالمؤسسات التشريعية خلال فترة الأزمات حتى تكون قادرة على الاضطلاع بأدوارها في التشريع والاستجابة لتطلعات المواطنين في هذه الفترات الصعبة.
وشدد المشاركون في هذه الندوة التي نظمت بتعاون مع مؤسسة (وستمنستر للديمقراطية)، على أن إرساء نظام مواصلة الأعمال بالمؤسسات التشريعية خلال أوقات الأزمة يعد بمثابة “استثمار هام سيعود عليها بالنفع على كافة الأصعدة”، حيث سيتيح لها، من جهة، الحفاظ على سمعتها ومصداقيتها، وسيساعدها، من جهة أخرى، على مواصلة تمثيل المواطنين والاستجابة لانتظاراتهم الملحة خلال فترة الأزمات، كما هو الحال مع الأزمة الصحية الراهنة لكوفيد19.
وسجلوا، في هذا اللقاء الافتراضي، الذي أطر أشغاله الخبيران بالبرلمان الاسكتلندي، تومي لينش ومارتن فينلون، أن أزمة كوفيد -19 التي تجتاح كل دول العالم حاليا، أظهرت بالملموس كيف يمكن لنظام مماثل أن يساهم في الرفع من قدرة هذه المؤسسات على أداء مهامها التشريعية والرقابية، والمساهمة الوازنة في الاستجابة لتداعيات الوباء، مؤكدين على الدور المحوري لتقاسم التجارب والخبرات في هذا المجال واستغلال الوسائل التكنولوجية في الرفع من أداء البرلمانات.
وفي هذا السياق، استعرض رئيس مجلس المستشارين، السيد حكيم بنشماش، الإجراءات التي اتخذها البرلمان المغربي منذ بداية تفشي الجائحة من أجل ضمان اسمرارية أشغاله خلال هذه الفترة الصعبة، ولاسيما ضبط وتنظيم حضور الموظفين والبرلمانيين لمختلف أشغال المجلس من خلال وضع نظام استثنائي لتقليص حضور البرلمانيين، واعتماد آلية التصويت عن بعد، علاوة على إعداد مسودة لتعديل النظام الداخلي لمجلس المستشارين.
وسجل بنشماش، في هذا الصدد، أن مجلس المستشارين واجه تحديا كبيرا فرضه تفشي الأزمة الصحية، على اعتبار أن النظام الداخلي للمجلس لم يكن يتوفر حينها على تدابير قادرة على ضمان سير أشغاله في ظرفية مماثلة، غير أنه تم وضع استراتيجة متكاملة لإعادة ترتيب الأجندة التشريعية والرقابية للمجلس.
وأبرز أن تضامن وتكاتف مكونات المجلس مكن من صياغة تجربة أمنت استمرارية أشغاله في عز تفشي الجائحة، مشيرا إلى أن العمل التشريعي والرقابي للمجلس حافظ على وتيرة متصاعدة خلال هذه الفترة التي سجلت غزارة في الإنتاج التشريعي.
وخلص السيد بن شماش إلى أن المؤسسة التشريعة المغربية تبقى منفتحة على تبادل تجربتها والتعاون مع برلمانات إقليمة وقارية، ومع شبكة استمرارية عمل المؤسسات التشريعة (Labcon)، في أفق الانضمام إلى هذه الشبكة في المستقبل.
من جهته، أكد الخبير تومي لينش أن وضع البرلمانات لنظام إدارة الأعمال “تدبير حكيم” يوفر لهذه الهيآت التشريعية رؤية أوضح في تحديد أولوياتها، ويمكنها من التخطيط بشكل أفضل لمواصلة أشغالها في فترات الأزمة، وكذا من مساءلة الحكومة حول مدى تمكنها من الاستجابة للأزمات.
وأشار إلى أن الأمر يتعلق بآلية أثبتت نجاعتها في الرفع من فعالية البرلمانات خلال الأزمة الصحية الراهنة، بعد أن مكنتها من الاستمرار في تقديم الخدمات الحيوية بطريقة متماسكة، مبرزا أنه حتى لو تمكنت هذه المؤسسات من تجاوز الأزمة الصحية الراهنة، فإنها تبقى دائما معرضة لأزمات قد تهدد السير العادي لأنشطتها الحيوية، وهو ما يستدعي توفرها على مخططات مسبقة كفيلة بتأمين أنشطتها ذات الأولوية.
من جهته، اعتبر الخبير مارتن فينلون أن وضع المؤسسات التشريعية لمخططات استباقية من أجل مواصلة أنشطتها خلال أوقات الأزمة يعد “ممارسة فضلى” تزيد من قدرة هذه المؤسسات على القيام بدورها بالشكل المطلوب، مؤكدا في الوقت ذاته على ضرورة الانفتاح على تجارب وخبرات المؤسسات المماثلة من أجل استخلاص الدروس والعبر.
وأكد الخبير الاسكتلندي على أن من شأن إرساء نظام لاستمرارية الأعمال بالبرلمانات وتقاسم التجارب في هذا المجال أن يساعد هذه الأخيرة على بناء قدراتها وكفاءاتها وتعزيز حكامتها، مبرزا الدور المحوري لوسائل التكنولوجيا الحديثة في إنجاح هذا النظام.
يذكر أن هذه الندوة الافتراضية تأتي في سياق تفشي جائحة فيروس كورونا المستجد التي تسببت في إيقاف عجلة النشاط العالمي، بما في ذلك قدرة المؤسسات التشريعية على الأداء أثناء الأزمات، للتأكيد على أهمية التوفر على نظام إدارة استمرارية الأعمال.
وانصبت خلاصات هذه الندوة على تحيين وتكييف الدليل الذي أعدته شبكة استمرارية عمل المؤسسات التشريعية (LabCon) بشراكة مع البرلمان الاستكلندي، حول إدارة استمرارية الأعمال، حتى يتلاءم والسياق المغربي.

Related posts

Top