خطوة شجاعة..

يخوض المغرب تحديا جديدا في سياق مواجهته لتداعيات الجائحة، ويتمثل في تيسير عمليات عودة مغاربة العالم إلى أرض الوطن خلال عطل الصيف.
بعد غموض على هذا المستوى ساد في الأسابيع الأخيرة، وتخللته شكاوى أفراد الجالية، أصدر جلالة الملك تعليماته لمؤسسة محمد الخامس لمواكبة مختلف مراحل عودة الجالية المغربية وعبورها وسفرها، وتيسير إجراءات ذلك، كما وجهت ذات التعليمات للتمثيليات الديبلوماسية المغربية عبر العالم ولشركات النقل، وهو ما بوشرت مبادرات تنفيذه على أرض الواقع، وخصوصا من خلال ما أعلنت عنه الخطوط الملكية المغربية من عروض وأسعار لم يسبق أن تعاملت بها من قبل.
السياق السياسي العام، المتسم خصوصا بالأزمة مع إسبانيا، وأيضا استمرار تجليات تردد لدى عدد من الدول الأوروبية جراء تغيرات الحالة الوبائية، كل هذا يجعل الخطوة المغربية بمثابة قرار شجاع فعلا، ويقتضي الكثير من اليقظة والحرص لإنجاحه.
لقد أقدم المغرب على إعلان فتح تدريجي لحدوده الجوية اعتبارا من يومه الثلاثاء، وذلك بالتزامن مع خطوات تخفيف الإجراءات الاحترازية داخل الوطن، وهذه الخطوات وحدها تتطلب اليوم يقظة الناس كذلك واستمرار تقيدهم بالتدابير الوقائية تفاديا لأي تراجع في الوضع الوبائي لا قدر الله.
وحتى بشأن تنظيم عمليات عودة الجالية إلى الوطن، فالأمر يستوجب كذلك عدم إغفال إجراءات السلامة الصحية، والحرص الجماعي على الالتزام بقواعد التعقيم والنظافة والتباعد، واحترام البروتوكولات الصحية.
من المؤكد أن التعليمات الملكية هدفها تمكين مغاربة العالم من صلة الرحم مع أسرهم وذويهم، وقضاء العطلة داخل الوطن، ولكن إنجاح هذا التحدي يفرض انخراط الجميع لحسن تطبيقه على الأرض.
لا بد أيضا، من الإشارة هنا إلى أن وجود ناقل جوي وطني متمثل في شركة الخطوط الملكية المغربية، يسهل الإقدام على إنجاح مثل هذه القرارات الكبرى التي تكتسي طبيعة التحدي، ماليا وتنظيميا ولوجيستيكيا، ولا تترك الأمر بين يدي شركات خصوصية او فاعلين أجانب، ولهذا يجب استيعاب هذا الدرس الجوهري اليوم من بين دروس زمن كورونا، وتبعا لذلك، الحرص على تقوية هذا الفاعل الوطني ومساندته، وتوفير ممكنات استقراره المالي والاقتصادي، والسعي لتمتين إشعاعه وتطوره.
وهذا الدرس يفيد أيضا بالنسبة لضرورة تعزيز المنظومة الوطنية للنقل البحري، وأهمية إدراج هذا الورش ضمن مرتكزات إقلاعنا الصناعي والاقتصادي.
إن تدبير وإنجاح عملية عبور وعودة مغاربة العالم إلى الوطن بمناسبة عطل الصيف، يعتبر تحديا جديدا في مرتبة إنجاح عملية التلقيح ومواجهة الآثار الاقتصادية والاجتماعية للجائحة، وهو التحدي الذي يجب أن تربحه بلادنا، ويقتضي مساهمة كل المتدخلين، وحرص أفراد الجالية أنفسهم وعائلاتهم على احترام كل التدابير الاحترازية وإجراءات السلامة الصحية، وذلك حماية لأنفسهم وذويهم، وحفظا للصحة العامة، وللاستقرار الصحي والمجتمعي لبلادنا.
التعليمات الملكية أبرزت حرصا ملكيا وشجاعة في تمكين مغاربة العالم من العودة لوطنهم، وإعمال شروط وأسعار تكون في متناولهم في هذه الظرفيات الصعبة.
الخطوط الملكية المغربية، من جهتها، سارعت للانخراط في تنفيذ التعليمات الملكية، وقدمت عرضا متكاملا يستحق التنويه والإشادة، ويجب الاجتهاد أيضا، من طرف مصالحها وأطرها، في حسن تطبيقه، وتطوير منظومات الإنجاز والاستقبال والمواكبة العملية اليومية، وكذلك التأطير الصحي والوقائي اللازمين في المطارات وعلى متن الطائرات.
مرحبا بمغاربة العالم في وطنهم، والمغرب سيربح التحدي بجهد كل مواطناته ومواطنيه.

<محتات‭ ‬الرقاص

[email protected]

الوسوم ,

Related posts

Top