دعوة إلى مراجعة النصوص القانونية لحماية المرأة من العنف وتأهيل المؤسسات الدينية للوقاية من العنف

احتضن بيت الصحافة بمدينة طنجة، طيلة يوم السبت 3 الماضي، ندوة دولية حول “الوقاية من العنف ضد النساء بين التربية على المواطنة  والقانون ” ، تحت اشراف مركز دراسات حقوق الانسان والديمقراطية وبشراكة مع جمعية نساء ضد العنف بالأردن ، التي ترأستها الأستاذة خلود خريس الناشطة الحقوقية.
في الجلسة الافتتاحية لهذه الندوة التي ترأسها الدكتور محمد النشناش، أكد الأستاذ إدريس بلماحي عضو الهيئة المديرية للمركز، على دور التربية على المواطنة كدعامة أساسية للوقاية من العنف على مستوى النوع، وعلى ما تحمله البرامج الحزبية من مقاربات جديدة للدفاع عن قضايا المرأة وحمايتها من كل أنواع العنف خصوصا ونحن على أبواب استحقاقات انتخابية جديدة، من اللازم أن تتبوأ فيها المرأة المكانة التي تستحقها. فيما ركزت خلود خريس من المملكة الأردنية على الحديث عن العنف والتطرف الذين تجاوزا المرأة واحتلا عقول الأطفال ضحايا الدواعش، معتبرة أن الأسرة والمدرسة يحملان معا وبشكل متناغم ومنسجم الفكر الحقيقي للتخلص من العنف والتطرف والإرهاب. وللوقاية من العنف في صفوف النساء، وحتى يصبح دور المرأة والرجل داخل مجتمع يقتدى به، أشارت المتدخلة، إلى أن الأسرة والمؤسسات الدينية، والتعليمية، والإعلام، لهم أدوار حقيقية لمواجهة هذه الظواهر الخطيرة، كما عرجت على دور القضاء والمجتمع المدني في الوقاية من العنف.
أما سعيد كوبريت رئيس بيت الصحافة في طنجة، فقد فاض فرحا وهو يلتقي بأسماء وازنة تتلمذ عليها وذكر من بينهم الأستاذين عبد اللطيف شهبون الذي كان مقررا في هذه الندوة، ومصطفى الريسوني وآخرون، حيث قال في حقهم الأستاذ كوبريت: “هؤلاء الذين تعلمنا منهم السحر، واقتبسنا النور”، مشيرا بالمناسبة إلى قيمة العدالة الإنسانية وإنصاف المرأة المغربية والعربية والكونية، مذكرا حسب زاوية نظره، أن المرأة تعاني من عنف لا مادي رمزي ومعنوي، وهو عنف تسويقها بالصورة النمطية عبر وسائل الإعلام العمومية تلفزة وإذاعة. ودعا إلى العمل من أجل إنشاء مرصد وطني لصالح المرأة من أجل الحضور في وسائط الاتصال، وحضورها كذلك في التمثيليات الحزبية، خصوصا ونحن على مقربة من تمرين انتخابي جديد، على حد تعبيره. وأشار الأستاذ سعيد كوبريت الى تراجع حضور المرأة من 12 في المئة سنة 1998 الى 7 في المئة خلال السنوات الأخيرة.
الجلسة الأولى ترأستها الأستاذة الجامعية الدكتورة غزلان المجاهد، حيث أشارت إلى كون سلوكيات العنف بصفة عامة أصبحت شيئا مألوفا يتردد على مسامعنا بشكل يومي عبر وسائل الاعلام والاتصال التي تنقل الأحداث من حروب ومآسي، كما أشارت المتحدثة إلى دور وسائل الاعلام هاته في نشر ثقافة حقوق الانسان والمواطنة ، إضافة إلى دور المؤسسات العمومية والمجتمع المدني والقانون في حماية المرأة.
وأعطت الكلمة للأستاذ محمد الريسوني رئيس جمعية المحامين سابقا، الذي تدخل في موضوع ” الدين الإسلامي والعنف ضد المرأة”، حيث أشار في البداية الى الحروب وانعكاساتها الخطيرة على المرأة، وإلى العنف اللامادي الممارس ضد المرأة، وأكد على أن النساء شقائق الرجال نظرا لما يجمع بينهم من المودة والرحمة والمحبة. ولم تفته الإشارة إلى المجلس الوطني لحقوق الإنسان الذي يوثق ضمن أدبياته (مناهضة العنف ضد النساء)، معتبرا كذلك أن العنف معروف منذ القدم في النفس الانسانية، واستشهد أخيرا بما قاله شكيب أرسلان حينما زار سويسرا، فوجد المسلمين ولم يجد الإسلام بخلاف موطنه الذي غادره فيه الاسلام ولا وجود للمسلمين.
كما ربط النقيب محمد الريسوني، تكريم الاسلام للمرأة وعدد من الأحكام المنصوص عليها في القرآن والتي تخص المرأة كالأهلية التي خص بها الله المرأة كما الرجل، منها أهلية الوجوب والأهلية المادية ومسألة الارث التي لايجب أن تفهم كونها انتقاص من المرأة وقدرها، بل هناك حالات ترث فيها المرأة جزءا كبيرا مما يرثه الرجل
أما الأستاذة السعدية وضاح، عضوة مكتب هيئة نقابة المحامين بالدار البيضاء، فأشارت في مداخلتها، إلى ضرورة حظر التمييز ضد النساء، من خلال قانون لصالح المرأة يجرم العنف ضدها، ومن خلال مدونة الأسرة، ومدونة الشغل، وانخراط المغرب في المنظومة الحقوقية، والتركيز على المساواة وتكافؤ الفرص، وتجريم التحرش الجنسي ضد النساء، والعنف عن طريق تزويج القاصرات، والعنف المباشر والغير المباشر. وفي خضم كل هذه المعاناة يبقى الإفلات من العقاب محط تساؤل كبير، وأعطت عدة أمثلة ونماذج لحالات مختلفة في مناطق متفرقة من ربوع المملكة. وأخيرا اعتبرت أن الاستراتيجية الوطنية لمحاربة العنف ضد المرأة تبقى هي طوق النجاة. وفيما يتعلق بالأمن القضائي، أشارت إلى غياب قانون خاص لوقاية النساء من العنف وهو غياب في القوانين الوطنية.
 وأشارت الاستاذة سعدية وضاح إلى ديباجة دستور 2011 المتقدمة والتي تنص في شق كببر منها على حق المرأة وحمايتها من جميع مظاهر التعنيف ضدها، وتحدثت المتدخلة كذلك عن مصادقة المغرب على الاتفاقيات الدولية لمحاربة التمييز ضد المرأة حيث ختمت مداخلتها بسؤال حول “هل يمكن فعلا للقانون الجنائي وقوانين الارث أن توفر الحماية للمرأة مع الاشارة إلى معضلة تزويج القاصرات والتحايل بالقانون في هذا الاطار ، ومسألة المساواة بين الرجل والمرأة بخصوص النيابة القانونية ، حيث استحضرت المتحدثة حالة خديجة من “بنجرير” التي انتحرت والتي تحيل على قصور في التعريف بخصوص القانون الجنائي وعلاقته بالتعريف التقليدي لجريمة الاغتصاب .
ومن جهتها،  تدخلت الأستاذة نجاة الحمايدي من الجمهورية التونسية، في موضوع “دور المؤسسة التربوية في الوقاية من العنف” معتمدة في مداخلتها على ثقافة السلام واللاعنف، والعلاقة التي تربط بين المؤسسة التربوية والعنف، وتراجع دور الأسرة، والعمل على تنمية القيم الديمقراطية والعلاقات الإنسانية، كما أشارت إلى أقطاب المثلث التعليمي (المعرفة ـ الأستاذ ـ التلميذ)
مداخلة الأستاذة خلود خريس كانت حول تجربة “جمعية نساء ضد العنف” والأعمال الإنسانية التي قامت، وما تزال تقوم بها من أجل مجموعة من النساء سواء من العراق أوسوريا أوليبيا …والعمل على تمكين المرأة، كما أوضحت تجربة هذه الجمعية في التصدي للعنف والإرهاب الداعشي من خلال حملات التحسيس والتوعية، ووسائل الإعلام الوطنية، والدولية، من خلال مجموعة من التصريحات التي توضح فيها خطورة العصابة الإجرامية الداعشية واستقطابها لخيرة الشباب والأطفال، حيث تقوم هذه العصابات بغسل أدمغة الأطفال من أجل تحويلهم إلى قتلة مجرمين.
الجلسة الثانية تمحورت حول: “التربية على المواطنة والوقاية من العنف”، سيرتها الأستاذة أمينة أمعيز، وتدخلت الدكتورة أمينة بركاش طبيبة نفسانية مستعرضة بعضا من نماذجها التي تزور عيادتها بشكل منتظم من أجل البحث عن حلول لبعض ما يعانونه من شعور بالعنف الممارس ضدهن، وفي غالبيتهن نساء أو بنات دون سن الرشد، كما تطرقت إلى ضرورة الوقاية من العنف عن طريق تطبيق القوانين بشكل سليم.
ومن جهته،  تدخل الناشط الحقوقي والإعلامي محمد الصغير، فركز في مداخلته حول :
1 ـ التربية على المواطنة ومنظومة القيم وحقوق الإنسان
2 ـ العنف ضد المرأة والطفل، أنواعه والوقاية منه
3 ـ العنف والبعد الأمني
4 ـ الإعلام ودوره في التصدي للعنف والتطرف والارهاب
كما تدخلت المهندسة سهير عمارين أمينة سر الجمعية، فقدمت شريطا عبارة  عن مشاهد وأحداث واقعية لما تعانيه المرأة من قسوة العصابة الإجرامية الداعشية التي لم ينج حتى الأطفال من قبضتها الخبيثة ، مشاهد مؤلمة تقشعر لها الأبدان، ويشيب لها الولدان من شدة البطش، الشريط من إخراج المهندسة سهير.
وفي ختام الندوة ، صدرت مجموعة من  التوصيات التي دونها مقرر الندوة الأستاذ عبد اللطيف شهبون حصرها في حوالي ثلاثين توصية، نذكر من أهمها:
ــ توسيع دائرة مناصري الدعوة لمناهضة العنف ضد النساء
ــ مراجعة النصوص القانونية لحماية المرأة من العنف
ــ تأهيل المؤسسات الدينية للوقاية من العنف
ــ تمتيع النساء بالمساعدة القضائية
ــ تأهيل الوسائط الإعلامية
ــ دور المجتمع المدني في الوقاية من العنف
ــ اليقظة والحذر من الدواعش
ــ تعميق النقاش حول ظاهرة العنف ضد المرأة
ــ تكوين الآباء والأمهات في الحقوق والواجبات
ــ وضع مواقع تصحح الرؤية وتقطع الخطر الداعشي
ــ تنظيم حملات تحسيسية لمناهضة العنف
ــ الاستثمار في المبادرة البشرية (الهشاشة الهيكلية)
ــ تعبئة كل شرائح المجتمع ضد العنف
ــ تشجيع البحث العلمي التربوي القانوني
  محمد الصغير الجبلي

Related posts

Top