دور التربية البيئية في جهود التأقلم مع تغير المناخ

> محمد التفراوتي
في إطار تعزيز قدرات الفاعلين المحليين، نظم مشروع بحث التكيف مع تغير المناخ في حوض تانسيفت (GIREPSE)، مؤخرا، دورة تكوينية لفائدة مدرسي المدارس الابتدائية والثانوية بالجماعات القروية “اوريكا” و”ستي فاطمة” و”اوكايميدن”، حول الطرق البيداغوجية لتدريس التلاميذ سبل التأقلم مع تأثيرات التغيرات المناخية، وذلك بالتنسيق مع وزارة التربية والتكوين المهني ومندوبية التربية بعمالة الحوز بتحناوت.
وترنو هذه المبادرة إلى توفير الوسائل البيداغوجية لتدريس التربية البيئية للتلاميذ في المدارس الابتدائية والثانوية، في الحوض المائي بأوريكا المهدد بتأثيرات تغير المناخ والذي يشهد تدهورا كبيرا على المستوى البيئي، تبعا للظواهر المناخية المتطرفة في السنوات الأخيرة.
وأفاد عبد العزيز عنكوري، مدير مركزي بوزارة التربية الوطنية والتكوين المهني، مكلف ببرنامج التربية البيئية والتنمية المستدامة، الذي ترأس الجلسة الافتتاحية لهذا التكوين رفقة يوسف أيت حدوش، المندوب الإقليمي لوزارة التربية الوطنية بإقليم تحناوت، أن اختيار الحوض المائي لاوريكا كموضوع للبحث العلمي لمشروع بحث التكيف مع تغير المناخ في حوض تانسيفت (GIREPSE) هو اختيار حكيم، اعتبارا لموارده الطبيعية والقضايا  البيئية المتفشية بالمنطقة. كما يتزامن هذا الملتقى مع استعدادات مدينة مراكش لتنظيم مؤتمر الأطراف للتغيرات المناخية “كوب 22” في أواخر العام الجاري، وعليه فمن المناسب المساهمة في تحسين المهارات التقنية بالمنطقة، وبالخصوص هيئة التدريس التي تعد أداة للوساطة والمعلومات والتوعية وعلى نطاق واسع وفي مختلف المجالات.
وقال البروفسور الخطابي، رئيس الجمعية المغربية للعلوم الجهوية إن هذا التكوين، نظم  في إطار مشروع بحث التكيف مع تغير المناخ في حوض تانسيفت (GIREPSE)، وهو يهدف للمساهمة في رفع مستوى الوعي حول إدارة الموارد الطبيعية، وخاصة موارد المياه، في السياق الحالي لتغير المناخ. وأعرب عن شكره لوزارة التربية الوطنية لتسهيل تنظيم هذا التدريب، وكذا اللمشاركين لاستجابتهم لهذه الدعوة، مشيرا إلى دور المعلم التربوي والتعليمي في هذا المجال، ثم لدور الأطفال في توعية الكبار بدورهم من أجل حماية البيئة.
وأكد الخطابي أن هذه الورشة تأتي تبعا لحلقات عمل نظمت مع مؤسسات وقطاعات الأخرى جهويا ووطنيا، وأن فكرة مشروع بحث التكيف مع تغير المناخ في حوض تانسيفت (GIREPSE)جاءت لتطوير طرق لإعادة النظر في الإدارة المندمجة لموارد المياه (GIRE) في سياق تغير المناخ، ومراعاة استمرار إنتاج الخدمات البيئية وتحسين القدرة على التكيف لدى السكان وتقليص هشاشة النظم الإيكولوجية. وسوف يتحقق ذلك، يضيف الخطابي، من خلال دمج إشكالية المناخ ضمن آليات التفكير والتدبير الاقتصاديين وفق برنامج عمل بيئي وتنموي، علما أن المشروع يستهدف ثلاث جماعات هي “اوريكا” و”ستي فاطمة ” و”اوكايميدن”.
وتتميز هذه المناطق بمشكلين رئيسيين يتمثل أولهما في دورات من الجفاف وما ينتج عنها من ندرة المياه، وثانيهما في نوبات الأمطار القوية والفيضانات المفاجئة التي تضرب المنطقة في بعض الأحيان. وتوزع المشاركون عبر مجموعات عمل عالجت كل مجموعة تأثيرات الفيضانات على المدارس والحياة المدرسية وما يحدث في المدرسة خلال فترات الأمطار القوية.
وقدمت البروفسور ديان برينو (Diane Pruneau) خبيرة التربية والتكوين في مجال البيئة، والأستاذة بجامعة مونكتون الكندية (الشريكة في مشروع ‘GIREPSE’)، عرضا حول الأساليب المختلفة لتطوير المهارات لدى التلاميذ من قبيل أنظمة التفكير، والتفكير إلى الأمام، والتنبؤ بالمخاطر، والعمل الاستراتيجي، وحل المشكلات وتصميم التفكير. كما نظمت جلسة عمل لاستكشاف طرق تعليم هذه المهارات الجديدة للتلاميذ.
وأكدت البروفيسور برينو على أن تأثير المشاركة في عمل بيئي لدى التلاميذ يتيح تنمية المهارات التي تؤدي إلى الوعي البيئي، والاهتمام بالعلم والاشتغال من أجل البيئة واحترام الذات، والعلاقات الشخصية الصحية، فضلا عما يتيحه أيضا من تطوير ذاتي وبلورة الهوية الإيجابية، وهو ما يساهم في بلورة أفضل للقرارات والإجراءات اللازمة. وإذا تم تنفيذ الإجراء في الطبيعة، سوف يمكن ذلك من تنمية تقدير الطبيعة، والتعلم الاجتماعي والعاطفي وتطوير المرونة وسرعة الشفاء عند الأطفال ضحايا الكوارث المحتملة.
يذكر أن هذه الورشة التدريبية استفاد منها ما يناهز 25 أستاذا وأستاذة عبروا عن استحسانهم لمقاربة الورشة، حيث شكلت فرصة لتطوير الأنشطة التي تقام للتلاميذ في الفصول الدراسية ومناقشة القضايا البيئية المحلية. وعبر الأساتذة المشاركون عن التزامهم بتنفيذ الأنشطة مع التلاميذ لإيجاد الحلول المناسبة، وتطوير المهارات اللازمة لتعليم التلاميذ كيفية التعامل مع آثار تغير المناخ. ويشار أنه تم، في نهاية التدريب، توزيع دليل بيداغوجي على المشاركين، يتناول استراتيجيات مختلفة في إطار مشروع التأقلم مع التغيرات المناخية (ACCMA).

Related posts

Top