دولة الحق والقانون في ظل جائحة كوفيد 19 محور ندوة وطنية بأكادير

نظمت اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان بجهة سوس ماسة، مؤخرا، بشراكة مع هيئة المحامين بمحاكم الاستئناف بأكادير العيون وكلميم، ندوة وطنية في موضوع” دولة الحق والقانون في ظل جائحة كوفيد 19″، بالمركب الإداري لهيئة المحامين بأكادير، حيث تدارست المشاركات والمشاركون في أشغال هذا اللقاء المحاور الكبرى التالية:

1-الحق في محاكمة عادلة: نموذج المحاكمة عن بعد في زمن كوفيد19.

2-الحريات العامة: الحق في التنظيم والحق في التعبير.

3-الحق في الدفاع ووضعية المحاماة والمحامين.

4-الحقوق الثقافية والتعبيرات الفنية.

5-الحقوق المدنية والسياسية والممارسة الديمقراطية.

6-الحق في الهجرة واللجوء ووضعية المهاجرين.

استهلت أشغال الندوة بكلمة افتتاحية لنقيب هيئة المحامين بأكادير العيون كلميم نور الدين خليل، أكد فيها أن تنظيم هذه الندوة الوطنية يأتي في إطار تفعيل اتفاقية الشراكة المبرمة بين اللجنة الجهوية لحقوق الانسان وهيئة المحامين، وتخليدا لأيام “أعراف وتقاليد مهنة المحاماة”، وكذا بمناسبة مرور سنتين على إعلان حالة الطوارئ الصحية بالمغرب، وهي مناسبة تروم فتح النقاش حول آثار حالة الطوارئ الصحية وتداعياتها على التمتع بالحقوق والحريات، من خلال طرح تحديات كوفيد 19، من قبيل إمكانية تحقيق التوازن والحفاظ على المكتسبات الديموقراطية وتحصين مجال الحقوق والحريات من التجاوزات، بالإضافة إلى أدوار المدافعين عن حقوق الإنسان في رصد هذه الانتهاكات ومواجهتها.

 وأضاف أن أزمة كورونا أثرت على وضعية حقوق الانسان في المغرب على غرار عدد من بلدان العالم، حيث تعرضت العديد من الحقوق الى التضييق من قبيل الحق في التعبير، والحق في التنقل، والحق في التعليم، والحق في الصحة، والحق في محاكمة عادلة، وهو ما يسائل وضعية الفاعلين الحقوقيين ووضعية النصوص القائمة”.

في نفس السياق أكد التيجاني الحمزاوي المدير التنفيذي للجنة الجهوية لحقوق الانسان بجهة سوس ماسة، أن القانون الدولي يسمح باستخدام الصلاحيات الاستثنائية ردا على التهديدات الكبرى، مثل جائحة كورونا شريطة أن تكون أي إجراءات طارئة تتخذها الدولة متناسبة وضرورية وغير تمييزية.

من جهته، تطرق الدكتور أنس سعدون قاض مكلف بمهمة في ديوان رئيسة المجلس الوطني لحقوق الانسان في مداخلته لموضوع “كوفيد 19 وسؤال المحاكمة العادلة”، قال فيها، إن المؤسسة القضائية ببلادنا اتخذت على غرار باقي بلدان العالم عدة اجراءات تنظيمية لمواجهة خطر جائحة كورونا، تميزت بالتدرج بحسب ما تقتضيه الضرورة وتطور الوضعية الوبائية، ومن بين جملة هذه الإجراءات المعلن عنها، الدعوة إلى تخفيف توافد مرتفقي العدالة على المحاكم، وتعليق الجلسات العادية والإبقاء على جلسات القضايا المستعجلة، وقضايا المعتقلين والأحداث، والاستعانة بالمحاكمة عن بُعد، باعتبارها نظاما يستخدم تكنولوجيا التواصل بين المؤسسات السجنية والقضاة والمحامين في مختلف المحاكم، وهو الاجراء المتخذ لضمان تأمين سلامة مختلف الأطراف المعنية بالمحاكمة، من جهة، وضمان السير العادي للعدالة والبت في القضايا المعروضة على أنظار القضاء، من جهة أخرى بشكل يؤمن استمرارية المرفق القضائي.

وأضاف أن تطبيق المحاكمة عن بعد، أفرز نتائج مهمة حيث ساهم في تجنب تراكم القضايا في المادة الجنائية والجنحية نظرا لخصوصيتها لكونها تمس حرية الأفراد، كما أسهم في تفادي الإشكالات التي يطرحها التأجيل المستمر الى آجال غير محددة وتحقيق أحد أهم شروط المحاكمة العادلة، والمتمثلة أساسا في المحاكمة داخل أجل معقول، لكنه مع ذلك طرح عدة تحديات لا يمكن تجاهلها من قبيل تحدي الشرعية الإجرائية نظرا لغياب نص قانوني يتيح إمكانية المحاكمة عن بعد رغم مرور سنتين على اعتمادها، وتحدي احترام مبدأ الحضورية والتواجهية والشفهية والعلنية والمساواة في الأسلحة وحقوق الدفاع، وهي تحديات واجهتها المحاكم بتقييد أعمال المحاكمة عن بعد بموافقة المتهم وتنازله عن الحضور. وأضاف أن الاحصائيات الدورية التي تقدم حول المحاكمات عن بعد لا تتيح معرفة الإجراءات المتخذة في حق الأشخاص الذين يرفضون المحاكمة عن بعد، لضمان محاكمتهم داخل الأجل المعقول، كما أن هذه الاحصائيات لا تتضمن بعد النوع الاجتماعي، مشيرا في هذا السياق الى توصيات منظمات دولية تؤكد على ضرورة ايلاء اعتبار خاص لأوضاع النساء والأطفال والأشخاص الأكبر سنا، والأشخاص ذوي الإعاقة، وغيرهم في سياق المحاكمات عن بعد خلال جائحة كورونا مع الإقرار بالطبيعة المستعجلة للطلبات المقدمة الى المحكمة بشأن هذه الفئات الذين يواجهون أو يتعرضون لمخاطر متزايدة من العنف، أو الإساءة أو الإهمال مقارنة بمجموعات أخرى، داعيا في نهاية مداخلته الى التسريع بتقنين المحاكمات عن بعد بما يكفل احترام مبدأ الشرعية الإجرائية، وتجسيدها لمبادئ الضرورة والتناسب والشرعية وسيادة القانون والتوازن بين الأطراف.

وتناولت الدكتورة نبيلة منيب أستاذة جامعية ونائبة برلمانية والأمينة العامة للحزب الاشتراكي الموحد في مداخلتها موضوع “سؤال بناء دولة الحق والقانون في سياق جائحة كورونا”، حيث قالت بأن عددا من البلدان في العالم استغلت الجائحة من أجل مزيد من ضرب الحقوق والحريات، حيث تم تجاوز الدستور وتكريس تغول السلطة، وضرب حرية التعبير والتجمهر والرأي، في ردة حقوقية لا يمكن السكوت عنها، وأضافت أن حالة الطوارئ الصحية في المغرب عرفت عدة انتهاكات لعدة حقوق من بينها محاولة فرض الزامية جواز التلقيح رغم اعلان السلطات عن أن التلقيح اختياري، وهو ما أدى الى انتفاضة الدفاع في جميع أنحاء المغرب رفضا لتقييد دخول مرفق العدالة بضرورة الادلاء بجواز التلقيح، مما يشكل ضربا لمبدأ المساواة أمام القانون والحق في الولوج الى العدالة، وأضافت أن المغرب في ظل هذه التغيرات الجيوستراتيجية التي يشهدها العالم يمكنه التموقع بشكل جديد في اطار دولة ديمقراطية، ومجتمع معرفة ومساواة، وهو ما يفرض انفتاحا اقتصاديا يحترم مبدأ التنافسية ويضع حدا لاقتصاد الريع، واحقاق حقوق الانسان، ودستور ديمقراطي يكرس الفصل بين السلط وربط المسؤولية بالمساءلة، ومباشرة إصلاحات عميقة في مجال الإدارة، والقيام بثورة ضريبية بإقرار ضريبة على الثروة، ودمقرطة الدولة والمجتمع وهو ما يفرض أيضا اصلاح مرفق التعليم والصحة وضمان مجانية الولوج اليهما.

من جهته، تناول عزيز غالي رئيس الجمعية المغربية لحقوق الانسان، في مداخلته موضوع “تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في زمن الجائحة: أية مسؤولية للدولة؟، انطلق فيها من تأثيرات الجائحة على وضعية الحقوق السياسية والمدنية خاصة التضييقات التي تعرض لها المواطنون والمواطنات، حيث وصل عدد الأشخاص الذين تم ايقافهم أزيد من مليون شخص، أحيل منهم على المحاكم مائتي ألف شخص، فضلا عن التضييقات التي همت المدونين وعددا من الصحافيين وحرية التنظيم، حيث تم منع عدد من الوقفات بعلة قانون الطوارئ الصحية مما كرس واقعا مفاده وجود مدن أصبحت مغلقة ضد الاحتجاجات، وأضاف أن جائحة كورونا عرت عن الهشاشة الموجودة داخل المجتمع المغربي، فأزيد من خمس ملايين أسرة تحتاج الى دعم، أي حوالي 24 مليون مغربية ومغربي، علما بأن الدعم المالي الممنوح لم يكن كافيا لإعالة الأسر، كما كشفت الجائحة عن هشاشة واقع الحماية الاجتماعية إذ أن 45 بالمائة فقط من المغاربة هم من يستفيدون من التغطية الصحية، و 72 بالمائة ممن بلغوا سن التقاعد لا يتوفرون على معاش، و65 بالمائة من المغاربة لا يتوفرون على تغطيه اجتماعية، وأن 45 بالمائة من المرضى بأمراض مزمنة لم يتمكنوا من الوصول الى المستشفيات في ظل تسخير كل الإمكانيات لمواجهة جائحة كورونا، و34 بالمائة من الأطفال لم يتمكنوا من تلقي لقاحاتهم في اطار برنامج التلقيح الوطني لوزارة الصحة.

وقدم الرئيس النقيب حسن وهبي رئيس سابق لجمعية هيئات المحامين بالمغرب ونقيب سابق لهيئة المحامين لدى محاكم الاستئناف بأكادير والعيون وكلميم وعضو مجلس الهيئة، مداخلته حول موضوع: “مهنة المحاماة تحت وطأة كورونا دروس وعبر”، وقف فيها على حجم الاكراهات التي واجهت مهنة المحاماة خلال جائحة كوفيد 19، داعيا الجميع الى وقفة لتقييم واقع المهنة واستلهام الدروس والعبر منها بعد الخروج من جائحة كورونا.

أشغال الندوة عرفت أيضا عقد جلسة ثانية مسائية شارك فيها الأستاذ محمد أغناج محام بهيئة الدار البيضاء وعضو سابق بمجلس الهيئة، بتقديم عرض يحمل عنوان: “حتى لا يتكرر ما وقع”، كما قدمت حنان رحاب عضو المكتب الوطني للنقابة الوطنية للصحافة  المغربية موضوع حرية الصحافة وجائحة كورونا، وقدم الأستاذ عز الدين بولنيت المدير الجهوي السابق للثقافة وأستاذ جامعي مداخلة حول موضوع: “أزمة كورونا وضحالة السياسات الثقافية بالمغرب-هشاشة الحقوق وهشاشة الحلم”، بينما قدمت الأستاذة مريم وابي الناشطة الجمعوية في مجال الهجرة مداخلة حول حقوق المهاجرين في زمن الجائحة.

Related posts

Top