دينامية الأنشطة الرقمية…

يسجل المتابعون تعدد الأنشطة الثقافية والسياسية والندوات التفاعلية متنوعة المواضيع والاهتمامات، التي يجري تنظيمها عبر المنصات الرقمية، ويشارك فيها عدد من المواطنات والمواطنين، وخصوصا الشباب، كما تحضى بالمتابعة، وهذه الدينامية الإشعاعية والتنشيطية لم تتحها فقط ليالي وأيام رمضان الجاري، ولكن بروز هذه البدائل الرقمية في تنظيم الأنشطة والتظاهرات المختلفة حفزها زمن»كورونا»منذ بدايته العام الماضي، ومنحنا ذلك درسا مهما يتمثل في إقبال فئات من شعبنا على القراءة أو المشاركة في النقاشات العمومية  أو متابعة أعمال فنية، وذلك بواسطة التيكنولوجيات الرقمية والتواصلية الحديثة.
برغم تجليات فردية لمثل هذا التحول، وعدم انتظامية مؤشراته ليصير ظاهرة مكتملة يمكن البناء عليها، فمع ذلك يجدر التمعن في هذا الذي يجري حوالينا وأمام أعيننا عن طريق الهواتف والحواسيب واللوحات الإلكترونية، ومن خلال المواقع ومنصات التواصل وتطبيقات المحادثات، ودراسة ما توفره اليوم التكنولوجيات الرقمية الحديثة من فرص لإغناء الممارسة الحزبية والجمعوية، ومختلف أنشطة التأطير والتكوين والتعليم، وتبعا لذلك ملاءمة منظومة تفكيرنا وسلوكنا التنظيمي العام على ضوء ذلك.
من جهة ثانية، وبغض النظر عن  أي ملاحظة تتصل بمستويات هذه الأنشطة الرقمية التفاعلية ومضامينها وامتداداتها،  فإن تناميها يحيل على وجود اهتمام واضح وسط شعبنا وشبابنا، وامتلاكه طاقات لا بد من ايجاد المخارج والحلول لاستثمارها وتثمينها وتطويرها مستقبلا..
أما التحدي الآخر، فيبقى هو الحفاظ على دينامية هذه الأنشطة ما بعد انتهاء حالة الطوارئ الصحية، والانتقال بها إلى الميدان، بعيدا عن عوالم المنصات التواصلية، وأن تعود الحياة الإشعاعية والتأطيرية، من خلالها،  إلى مقرات الأحزاب والنقابات والجمعيات ودور الشباب والمراكز الثقافية والمسارح ودور السينما وغيرها.
ويقتضي كسب هذا التحدي، تقوية الاهتمام بالتواصل الرقمي وعدم التفريط فيه، وأيضا تطوير التخطيط العام للبرمجة وملامسة مواضيع الاهتمام وأشكال التأطير، أي الاجتهاد في التخطيط والبرمجة، وفِي المنطلقات والآليات التنظيمية، وفِي الهدفية العامة وأشكال الوصول إليها.
ومقابل ما سبق، يتضح أنه بجانب دينامية متصاعدة وواضحة يشهدها الحوار السياسي والثقافي العمومي عبر المنصات الرقمية، هناك تجاهل كبير لذلك من طرف الإعلام السمعي البصري العمومي، وعدم التقاط أي إشارة من هذا الزخم، وأيضا عدم الاقتراب منه لاستثماره والسعي تدريجيا للمساهمة في تحويله إلى اهتمام مجتمعي فعلي وحقيقي  بقضايا البلاد.
إن زمن»كورونا»يمنحنا دروسا لا بد أن نتمعن فيها وأن نقرأها جيدا، وأن نبني عليها لصياغة مداخل للمستقبل، وألا  ندع الفرص تضيع وتعود حليمة لعاداتها السلبية القديمة.

<محتات‭ ‬الرقاص

[email protected]

Related posts

Top